جبل لبنان يحيي اليوم ذكرى المصالحة.. وجنبلاط يسعى لإبقائه بعيدًا عن الانقسامات

النائب طعمة: جهود رئيس «الاشتراكي» ترتكز على الإسراع بانتخاب رئيس في ظل المتغيرات بالمنطقة

جبل لبنان يحيي اليوم ذكرى المصالحة.. وجنبلاط يسعى لإبقائه بعيدًا عن الانقسامات
TT

جبل لبنان يحيي اليوم ذكرى المصالحة.. وجنبلاط يسعى لإبقائه بعيدًا عن الانقسامات

جبل لبنان يحيي اليوم ذكرى المصالحة.. وجنبلاط يسعى لإبقائه بعيدًا عن الانقسامات

يحيي الحزب التقدمي الاشتراكي اليوم السبت الذكرى الـ15 لمصالحة الجبل في المختارة، في منطقة الشوف، وذلك في احتفال من المتوقع أن يطلق خلاله رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط مواقف مهمة، إضافة إلى الكلمة التي يلقيها البطريرك بشارة الراعي في القداس الذي سيترأسه خلال تدشين كنيسة السيدة الخازنية.
وتشير أوساط سياسية على صلة بالحراك الذي يقوم به جنبلاط مع عدد من الشخصيات، وهو الذي كان قد زار قبل أيام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وقبل ذلك اجتمع برئيس حزب القوات سمير جعجع والبطريرك الراعي، إلى أن رئيس «الاشتراكي» «يسعى لإقناع كل الأطراف السياسية بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية قبل الوصول إلى الخراب في ظل الأجواء غير المريحة في المنطقة، خصوصا الحرب السورية وتداعياتها اليومية على الداخل اللبناني؛ ما يستوجب تمتين وتحصين الجبهة اللبنانية الداخلية لمواجهة هذه التطورات». وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» «بأن جنبلاط لم يطرح تسمية أي مرشح رئاسي أمام البطريرك، بل كان التركيز على ضرورة التوصل إلى تسوية تقضي بانتخاب الرئيس بعيدًا عن الغرق في التسميات».
وترى المصادر أن حراك جنبلاط إنما يأتي في ظل معلومات وأجواء في حوزته تقلقه حيال ما يجري في سوريا والمنطقة بشكل عام من خلال اتصالاته الإقليمية والدولية ومتابعته ما يحصل في الإقليم، وهذا يدفعه إلى تحصين الجبل لمواجهة هذه التطورات والمتغيرات، ومن هذا المنطلق فإن إنجاز بناء وترميم كنيسة السيدة يصب في هذا الإطار بمعنى التقارب المسيحي – الدرزي، ناهيك عن معلومات عن قرب إنجاز تدشين الجامع؛ إذ سبق لجنبلاط أن أكد أنه بصدد بناء «جامع» في المختارة، الذي أيضا له رمزيته الإسلامية وبالمحصلة كل ذلك يهدف إلى إبقاء الجبل بمنأى عن هذه الصراعات والانقسامات الطائفية والمذهبية، مع حرصه على مواصلة الحوار مهما كانت الخلافات ووجهات النظر المتباينة.
وعلم أن دعوات ذكرى المصالحة وجهت لزعامات وقيادات سياسية من معظم الأطراف اللبنانية، وتحديدًا لقيادات في 14 آذار كان لها دور في المشاركة في المصالحة في الجبل؛ إذ يهدف النائب جنبلاط جرّاء هذا الاحتفال إلى التأكيد على المصالحة وتماسكها، وسيتطرق إلى أمور وطنية؛ إذ لا تستبعد جهات معنية أن يكون هذا الاحتفال مشابها للمصالحة المشهودة التي حصلت في المختارة برعاية وحضور البطريرك مار نصر الله بطرس صفير في عام 2001.
بدوره، يؤكد عضو اللقاء الديمقراطي النائب اللبناني نعمة طعمة، لـ«لشرق الأوسط»، أن الجهود التي يبذلها جنبلاط ترتكز على الإسراع في انتخاب رئيس، وهو ما شدّد عليه خلال اللقاء الذي جمعه مع البطريرك الماروني، داعيا إياه إلى تكثيف الاتصالات والمساعي وحض الجميع على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية دون النظر إلى الأسماء، أي بعيدًا عن التسميات والترشيحات، ومردّ ذلك كما يشير النائب طعمة إلى هواجسه وقلقه من استمرار الفراغ الرئاسي، الذي بدأ ينذر بعواقب وخيمة على كل المستويات، وخصوصًا أن لدى رئيس الحزب الاشتراكي مخاوفه وقراءته لمسار الأوضاع في المنطقة في ظل التحولات والمتغيرات المتسارعة.
من هذا المنطلق، يدعو طعمة جميع القوى السياسية إلى السعي الحثيث لأجل انتخاب الرئيس العتيد اليوم قبل الغد على اعتبار أننا نعيش مرحلة استثنائية والحروب حولنا، وهذا ما يستدعي الحفاظ على السلم الأهلي، أي «اتفاق الطائف».
ويبدي طعمة ارتياحه للأجواء السائدة في الجبل من خلال هذا التعايش بين كل الشرائح والعائلات الروحية من خلال التمسك بمصالحة الجبل التاريخية التي أرساها النائب جنبلاط والبطريرك الماروني السابق مار نصر الله بطرس صفير، التي يدعمها البطريرك الراعي، وبالتالي فإن إعادة بناء وترميم كنيسة السيدة التاريخية في المختارة من قبل جنبلاط إنما له رمزيته التعايشية والوطنية في هذه الظروف الاستثنائية في لبنان والمنطقة، خصوصًا أن ذلك يتزامن مع الذكرى الخامسة عشرة لإنجاز مصالحة الجبل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.