إسرائيل تتهم أحد أكبر المشروعات الخيرية الأميركية بتمويل نشاطات حماس في غزة

تعتقل مدير «وورلد فيجن» وتنشر اعترافاته بتحويل 60 % من ميزانية جناحها العسكري

إسرائيل تتهم أحد أكبر المشروعات الخيرية الأميركية بتمويل نشاطات حماس في غزة
TT

إسرائيل تتهم أحد أكبر المشروعات الخيرية الأميركية بتمويل نشاطات حماس في غزة

إسرائيل تتهم أحد أكبر المشروعات الخيرية الأميركية بتمويل نشاطات حماس في غزة

اتهمت إسرائيل منظمة المشاريع الخيرية الأميركية «وورلد فيجن»، بالمساهمة في تمويل الجناح العسكري لحركة حماس في قطاع غزة. وكشفت أن جهاز الأمن العام فيها (الشاباك)، بمساعدة الجيش الإسرائيلي والشرطة، اعتقلوا مدير المنظمة الفلسطيني في القطاع، محمد حلبي (38 عاما)، فأدلى باعترافات تدينه بالتهمة.
وقال الناطق بلسان ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، أوفير جندلمان، في بيان رسمي له، أمس، إن حلبي اعتقل في يوم 15 يونيو (حزيران) 2016 عندما كان عائدا إلى غزة عبر حاجز «إيرز» (بيت حانون)، واعترف خلال التحقيق معه أنه عمل بالفعل لصالح الجناح العسكري لحركة حماس واستغل أموال منظمة «وورلد فيجن» ومواردها لصالح ولمصلحة حماس.
وقال البيان، إن حلبي، الذي يسكن في قرية جباليا في قطاع غزة، اعترف بأنه كان عضوا فاعلا في الجناح العسكري لحركة حماس، وأنه التحق في صفوفها وهو لا يزال شابا. وأنه تلقى تدريبات تنظيمية وعسكرية في أوائل عام 2000. بل اعترف بأن حماس هي التي دسته في صفوف المنظمة الأميركية في عام 2005. وذلك باستغلال حقيقة أن والده كان يعمل في منظمة تابعة للأمم المتحدة وفي برنامج التطوير التابع للأمم المتحدة (UNDP). وقد ساعد حلبي حماس وقتها من خلال تشغيل «مزارعين» في المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية، لمراقبة قوات الجيش الإسرائيلي لصالح حماس. وارتقى حلبي في الهيكل التنظيمي لمنظمة «وورلد فيجن» حتى تم تعيينه مديرا لفرعها في قطاع غزة، وفي إطار عمله كانت له سيطرة كاملة على ميزانية المنظمة ومواردها وطرود المساعدات الإنسانية التي توزعها، حيث يقدم حجم تلك الأموال بعشرات الملايين من الدولارات.
وحسب البيان الإسرائيلي، كشف حلبي في أثناء التحقيق معه، تفاصيل حول وجود آلية ممنهجة لتحويل الأموال إلى حماس، وأنه بهذه الآلية حرص على تحويل نحو 60 في المائة من ميزانية «وورلد فيجن» السنوية لها. ومن أجل القيام بذلك، بادر حلبي إلى تنفيذ مشاريع إنسانية وأقام جمعيات زراعية وهمية، كانت عبارة عن غطاء لتحويل الأموال إلى حماس ومحفز لزيادة المبالغ المالية التي حولت إلى فرع «وورلد فيجن» في قطاع غزة. ومن ضمن المشاريع والجمعيات التي أقامها حلبي، كان مشروع إقامة دفيئات للمزارعين، ومشروع ترميم الأراضي الزراعية، ومشروع تقديم المساعدة النفسية والصحية لسكان قطاع غزة، ومشروع دعم للصيادين، ومشروع دعم للمكفوفين وجمعيات للمزارعين.. إلخ. وشكلت جميع تلك المشاريع والجمعيات غطاء لتحويل أموال إلى حماس، حسب الاتهام.
ومن الطرق التي استخدمها، تسجيل كاذب لعناصر حماس باعتبارهم موظفي المنظمة، وإصدار فواتير مزورة، حيث تم تحويل تلك الأموال نقدا إلى حماس. كما تم تحويل شيكات أصدرتها المنظمة الخيرية إلى عناصر حماس. كما أنه جند شركات فلسطينية رست عليها مناقصات المشاريع، مع اتفاق مسبق أن تحول 60 في المائة من قيمة المشروع إلى حماس.
وقال حلبي في التحقيق، حسب البيان الإسرائيلي، إن الأموال التي قام بتحويلها إلى حماس كانت مخصصة إلى حد كبير إلى تعزيز الجناح العسكري لحركة حماس، بما في ذلك حفر الأنفاق وإنشاء مواقع عسكرية، وعلى شراء الأسلحة، وأنه استخدم بعض الأموال لدفع رواتب عناصر حماس، وفي بعض الحالات استولى قادة كبار في الجناح العسكري للحركة على مبالغ مالية كبيرة لأغراضهم الشخصية. كما حول حلبي بشكل ممنهج إلى حماس معدات زراعية كانت مخصصة لمنظمة «وورلد فيجن». وشملت تلك المعدات الحديد وآليات الحفر والمواسير ومواد البناء التي تم استخدامها في إنشاء مواقع حماس وفي حفر أنفاقها. كما استخدم مشاريع إنسانية لتحويل الأموال إلى حماس، مثل مشروع إنشاء الدافئات الزراعية الذي بادر إليه، فاستخدمه لإخفاء مواقع حفر الأنفاق، ومشروع تقديم دعم للصيادين مكنه من تزويد حماس بزوارق وبدلات غوص لوحدة الكوماندوز البحرية التابعة لحماس.
وقال حلبي إن المعونات الإنسانية التي أرسلت إلى سكان قطاع غزة أعطيت بشكل شبه حصري إلى عناصر حماس وعائلاتهم، حيث سكان قطاع غزة الذين لا ينتمون إلى حماس لم يتلقوا أي معونات رغم أوضاعهم الصعبة، وذلك خلافا لإجراءات المنظمات الإنسانية التي تعمل في قطاع غزة. وزود حلبي بواسطة منظمة «وورلد فيجن» عناصر الجناح العسكري لحركة حماس وذويهم شهريا بآلاف طرود الطعام والمعدات الطبية.
وقال بيان الحكومة الإسرائيلية، إنه برزت خلال التحقيق معلومات كثيرة حول أشخاص آخرين في قطاع غزة استغلوا عملهم في منظمات إنسانية ومؤسسات تابعة للأمم المتحدة، من أجل العمل لصالح حماس. وكشف حلبي أن مؤسسات الأمم المتحدة في قطاع غزة تخضع لسيطرة حماس.
يذكر أن منظمة «وورلد فيجن» هي منظمة أميركية غير حكومية، تعتبر من كبرى المنظمات الخيرية في العالم، وأغلبية الدعم المالي لها يأتي من الدول الغربية والأمم المتحدة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.