اليابان: وزيرة الدفاع الجديدة تباشر مهامها بانتقادات حادة لبيونغ يانغ وبكين

خلفياتها القومية أثارت جدلاً حول تعيينها

وزيرة الدفاع اليابانية الجديدة تومومي إينادا تقوم بجولة في الوزارة في مقرها بطوكيو أمس (رويترز)
وزيرة الدفاع اليابانية الجديدة تومومي إينادا تقوم بجولة في الوزارة في مقرها بطوكيو أمس (رويترز)
TT

اليابان: وزيرة الدفاع الجديدة تباشر مهامها بانتقادات حادة لبيونغ يانغ وبكين

وزيرة الدفاع اليابانية الجديدة تومومي إينادا تقوم بجولة في الوزارة في مقرها بطوكيو أمس (رويترز)
وزيرة الدفاع اليابانية الجديدة تومومي إينادا تقوم بجولة في الوزارة في مقرها بطوكيو أمس (رويترز)

حملت وزيرة الدفاع اليابانية الجديدة تومومي إينادا، في أول يوم لها في منصبها أمس، على كوريا الشمالية بسبب «الاستفزازات»، والصين التي اتهمتها بالسعي إلى «تغيير الوضع القائم» في المنطقة بـ«القوة».
وعين رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الأربعاء، إينادا القومية البالغة 57 عاما وزيرة للدفاع، فـ«استقبلت» بصاروخ كوري شمالي، بحسب ما قالت أمس. وأوضحت إينادا خلال تفقدها القوات للمرة الأولى أن «كوريا الشمالية استأنفت أعمالها العسكرية الاستفزازية، كتجاربها النووية وعمليات إطلاق صواريخ باليستية».
وجاء تعيين إينادا بعيد نشر التقرير الياباني السنوي حول الدفاع في بداية الأسبوع، الذي تضمن خصوصا انتقادات للصين؛ بسبب موقفها العدائي حيال النزاعات في بحر الصين الجنوبي. واعتبرت وزيرة الدفاع اليابانية، أمس، أن «الصين سرعان ما أصبحت ناشطة في المياه والمجال الجوي المحيطين (باليابان)، وتواصل سعيها إلى تغيير الوضع القائم بالقوة».
والمعروف أن إينادا تؤيد، على غرار آبي، تعديلا للدستور السلمي الذي كتبه الأميركيون بعد الحرب العالمية الثانية، الذي لا يسمح لليابان، في حال النزاع المسلح، إلا بـ«قوات دفاع عن النفس». وسبق أن كتبت إينادا في العام 2011 أنه على اليابان، الدولة الوحيدة التي تعرضت لهجوم نووي، السعي إلى الحصول على أسلحة نووية، لكن حين سألها صحافيون عن الموضوع، الأربعاء، قالت إن «الوقت ليس مناسبا».
وإينادا هي ثاني امرأة تتسلم حقيبة الدفاع في اليابان، سبقتها إلى هذا المنصب يوريكو كوئيكي التي تسلمت منصب عمدة العاصمة اليابانية طوكيو منذ أيام. وإينادا تعد من القوميين في اليابان وزارت مرارا معبد ياسوكوني الذي يحتضن رفات ضحايا الحروب، بمن فيهم عدد من مجرمي الحرب العالمية الثانية، وهو أمر يغضب جيران اليابان الذين يتهمون حكام طوكيو بمحاولة تبييض صفحة طوكيو، وإنكار المآسي التي جلبها احتلالها لمساحات شاسعة في آسيا لغاية نهاية الحرب العالمية الثانية.
من جانبه، يمضي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون قدما في تطوير البرنامج الصاروخي لنظامه رغم القرارات الأممية والحظر الاقتصادي الذي تفرضه الأمم المتحدة وتدعمه الولايات المتحدة واليابان بشكل أساسي. كما تزداد الصواريخ استفزازا في مساراتها ومواقع سقوطها، حيث سقط الصاروخ الأخير من طراز رودونغ على بعد مائتين وخمسين كيلومترا من خليج أكيتا شمال الأرخبيل الياباني، في المنطقة الاقتصادية الخاصة باليابان، وعلى بعد بسيط من مياهها الإقليمية. وتعد تلك سابقة من نوعها رغم أن عددا من الصواريخ الكورية الشمالية كان قد عبر أجواء اليابان وسقط في المحيط الهادئ في مناسبات سابقة.
ومع حلول شهر أغسطس (آب) واقتراب الذكرى السنوية لانتهاء الحرب العالمية الثانية في آسيا والمحيط الهادئ، تعود المنطقة للدخول في أجواء استرجاع تاريخها الأليم في القرن الماضي، التي تبلغ ذروتها يوم الخامس عشر من الشهر الحالي في ذكرى استسلام اليابان ونهاية الحرب بشكل رسمي.
ولم يتبين لغاية الآن ما إذا كانت وزيرة الدفاع الجديدة إينادا ستزور المعبد كما كانت تفعل قبل تسلم هذا المنصب الحساس أم لا. وهي بدأت عملها على رأس وزارة الدفاع بتجنب الأسئلة المتعلقة بنظرتها لتاريخ المنطقة في مؤتمر صحافي أقيم في أول أيام عملها الجديد، إذ سألها صحافيون عما إذا كانت تعتبر الحروب اليابانية في آسيا حروب استعمار أم حروب تحرير، فأجابت أن ذلك يعتمد على وجهة نظر، وأنها تعتقد أنه من غير المناسب لوزير دفاع أن يعبر عن رأيه الشخصي.



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.