بعد قرار العبادي.. القضاء العراقي يمنع الجبوري من السفر

رئيس الوزراء كان ضد استجواب العبيدي.. والزوبعي يؤكد: سنحقق مع الجميع

رئيس مجلس النواب سليم الجبوري متحدثا في ندوة صحفية سابقة  في البرلمان العراقي (غيتي)
رئيس مجلس النواب سليم الجبوري متحدثا في ندوة صحفية سابقة في البرلمان العراقي (غيتي)
TT

بعد قرار العبادي.. القضاء العراقي يمنع الجبوري من السفر

رئيس مجلس النواب سليم الجبوري متحدثا في ندوة صحفية سابقة  في البرلمان العراقي (غيتي)
رئيس مجلس النواب سليم الجبوري متحدثا في ندوة صحفية سابقة في البرلمان العراقي (غيتي)

أصدرت الهيئة القضائية التحقيقية أمرا بمنع سفر رئيس البرلمان سليم الجبوري وعدد من النواب والتجار والشخصيات الذين وردت أسماؤهم بإفادة وزير الدفاع خالد العبيدي كإجراء احترازي قانوني.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية عبد الستار البيرقدار في بيان أمس الخميس أن «الهيئة القضائية التحقيقية المشكلة من قبل مجلس القضاء للتحقيق فيما جاء على لسان وزير الدفاع خلال جلسة استجوابه قررت منع سفر الأشخاص الذين وردت أسمائهم على لسان وزير الدفاع خلال جلسة استجوابه». وأضاف أن «الأسماء الممنوعين من السفر هم كل من رئيس مجلس النواب سليم الجبوري والنائبين محمد الكربولي وطالب المعماري والنائب السابق حيدر الملا والمدعوين إياد الجبوري، وهيثم قاسم شغاتي فضلا عن مثنى عبد الصمد السامرائي، كإجراء احترازي وفق القانون»، ولفت إلى أن «الهيئة التحقيقية قررت الاستماع إلى شهادة مسؤولين حاليين وسابقين أكد وزير الدفاع في إفادته أن لهم شهادة مهمة».
ويأتي قرار السلطة القضائية بمنع الجبوري من السفر بعد يوم من قرار مماثل اتخذه رئيس الوزراء حيدر العبادي وأثار لغطا في الأوساط السياسية لجهة عدم صلاحية العبادي منع رئيس البرلمان من السفر وهو ما أدى إلى تراجع رئيس الوزراء. وكان الجبوري أكد أمس الخميس على هامش تقديمه شهادته أمام لجنة النزاهة البرلمانية أن «الطريق القانوني هو خيارنا في حسم ملف التهم التي أطلقها العبيدي تجاه عدد من النواب»، معربا عن ثقته «بقدرة القضاء وأعضاء اللجان التحقيقية على كشف الحقيقة وإعادة الحقوق إلى أهلها».
وشدد الجبوري على ضرورة «منح السلطة القضائية والنيابية كافة الصلاحيات لإتمام التحقيق في الادعاءات التي أطلقها وزير الدفاع خلال جلسة استجوابه»، مؤكدا على أهمية «تعاون كافة الأطراف السياسية لقطع الطريق أمام ما قام به البعض من تطاول وتجاوز على السلطة التشريعية وأعضاء البرلمان لأنه في النهاية لن يصب في صالح العراق».
في السياق نفسه أعلنت السلطة القضائية الاتحادية عن حضور وزير الدفاع خالد العبيدي أمام الهيئة القضائية التحقيقية لتدوين أقواله بشأن ما ورد في جلسة استجوابه داخل قبة البرلمان الاثنين الماضي. وقال المتحدث باسم السلطة القضائية عبد الستار بيرقدار في بيان له إن «وزير الدفاع حضر أمام الهيئة القضائية التحقيقية المشكلة من قبل مجلس القضاء الأعلى في المحكمة المختصة لتدوين أقواله بشأن ما ورد على لسانه خلال جلسة استجوابه من قبل قضاة التحقيق».
من جانبه أكد رئيس لجنة التحقيقية طلال الزوبعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اللجنة ماضية في عملها لاستضافة المشمولين بالأمر بعد رئيس البرلمان سليم الجبوري الذي مثل أمام اللجنة وتم توجيه عشرة أسئلة إليه تتعلق بملف القضية طبقا لما أدلى به وزير الدفاع خلال جلسة استجوابه الاثنين الماضي».
وأشار إلى أن «اللجنة سوف تستضيف كل من ورد اسمه لاستكمال الملف وتقديمه للقضاء».
إلى ذلك أكد رئيس الوزراء حيدر العبادي أنه كان بالأصل ضد استجواب العبيدي، واصفا ما ورد على لسانه ضد رئيس البرلمان بأنها مزاعم خطيرة يمكن أن تمس بالأمن الوطني للبلاد.
وقال بيان للعبادي إن «القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي انطلاقا من صلاحياته الدستورية ومسؤولياته الوطنية فقد وجه هيئة النزاهة باتخاذ إجراءات عاجلة لفتح تحقيق موسع في الادعاءات والاتهامات بالفساد التي ذكرت في جلسة استجواب وزير الدفاع، كونها مزاعم خطيرة تمس الأمن الوطني العراقي لارتباطها بسير العمل في وزارة من أهم الوزارات ألا وهي وزارة الدفاع وكذلك خصوصية وحساسية الوضع، حيث إن هذه المزاعم التي وردت بخصوص المؤسسة العسكرية العراقية بما تمثله هذه المؤسسة من أهمية قصوى للعراق في ظل الظروف الحالية ممثلة بالتحديات الأمنية ومتطلبات الحرب ضد الإرهاب».
وقد ضاعف من أهمية الموضوع أن اتهامات الفساد وجهت إلى أعضاء في السلطة التشريعية، وهذا الوضع يحتم على رئيس مجلس الوزراء الدكتور حيدر العبادي أن يبادر إلى القيام بإجراءات ضرورية لضمان كشف الحقائق بصدد الادعاءات التي قدمت في جلسة الاستجواب ولملاحقة أي شبهة فساد وردت بصدد هذا الموضوع.
وقال بيان العبادي: «نحن نشدد على أهمية تعاون جميع الأطراف المعنية مع الجهات التحقيقية لضمان إنجاز التحقيق بأقرب وقت ممكن والوصول إلى الحقائق بصدد هذه القضية».
في السياق نفسه أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية صلاح الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «القادة السنة سوف يبدأون خلال يومي الأحد والاثنين القادمين سلسلة اجتماعات لمراجعة الأوضاع التي آلت إليها الأمور في الجبهة السنية»، مشيرا إلى أن «هناك وقفة جادة على هذا الصعيد لإعادة الثقة داخل مكونات تحالف القوى العراقية». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هناك حراك باتجاه تغيير رئيس البرلمان سليم الجبوري قال الجبوري إن «الأمر لم يطرح داخل قيادات تحالف القوى ولم تجر مناقشة مثل هذه المسألة في الوقت الحاضر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.