«الشرعية» توقف زحف الميليشيات إلى طريق تعز ـ عدن.. وتعيد تنظيم صفوفها في حيفان

انضمام متطوعين من «الحجرية» إلى المقاومة.. وتشكيل لجنة تحقيق في تفجير ضريح شيخ صوفي

يمني يحمل ابنته لتجاوز بركة مياه بعد أن داهمت أمطار غزيرة مدينة صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمني يحمل ابنته لتجاوز بركة مياه بعد أن داهمت أمطار غزيرة مدينة صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

«الشرعية» توقف زحف الميليشيات إلى طريق تعز ـ عدن.. وتعيد تنظيم صفوفها في حيفان

يمني يحمل ابنته لتجاوز بركة مياه بعد أن داهمت أمطار غزيرة مدينة صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمني يحمل ابنته لتجاوز بركة مياه بعد أن داهمت أمطار غزيرة مدينة صنعاء أمس (إ.ب.أ)

شهدت جبهات القتال في محافظة تعز مواجهات عنيفة بين قوات الشرعية (الجيش الوطني والمقاومة الشعبية) من جهة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، من جهة أخرى، ورافقها القصف العنيف على الأحياء السكنية في مدينة تعز وقرى وأرياف المحافظة بمختلف أنواع الأسلحة من قبل الميليشيات الانقلابية، وسقط على إثرها قتلى وجرحى من المدنيين، في وقت احتدمت المواجهات في مناطق ثعبات وكلابة وشارع الأربعين، شرق المدينة، ومحيط اللواء 35 مدرع، والسجن المركزي غرب المدينة.
جاء ذلك في وقت، التحق المئات من أبناء قضاء الحجرية، أكبر قضاء في تعز، إلى صفوف المقاومة الشعبية لمواجهة الميليشيات الانقلابية التي تحاول التقدم إلى قرى الحجرية، والوصول إلى الخط الواصل بين محافظتي تعز وعدن؛ ليتسنى لها إحكام سيطرتها الكاملة على جميع مداخل محافظة تعز، ودفعت كافة الجبهات القتالية لقوات الشرعية في تعز بتعزيزات عسكرية إلى المناطق المحاذية لمديرية حيفان، في محاولة لاستعادة المواقع التي سقطت بيد الميليشيات الانقلابية، قالت مصادر محلية: إن «القيادي في المقاومة الشعبية، نبيل الأديمي٬ وصل على رأس تعزيزات عسكرية إلى المناطق المحاذية لمديرية حيفان لقيادة المعارك ضد الميليشيات الانقلابية التي تحاول وبشكل مستميت الوصول إلى (هيجة العبد) الطريق الوحيدة المتبقية بين محافظتي تعز وعدن، ليتسنى لها بعد ذلك الوصول إلى مديرية التربة، إحدى مديرية قضاء الحُجرية»، وتعتبر منطقة الهيجة هي الطريق المهم والاستراتيجي الذي يزود مدينة تعز، عبر طرق وعرة وطرق تهريب، بالمواد الغذائية والصحية وغيرها من المستلزمات، بعدما أحكمت الميليشيات حصارها المطبق على جميع منافذ المدينة منذ ما يقارب العام.
وأكد العقيد الركن وليد الذبحاني، قائد جبهة حيفان، جنوب مدينة تعز، وقائد كتيبة الشهيد عبد الرقيب عبد الوهاب في اللواء 35 مدرع، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تراجع عناصر المقاومة الشعبية والجيش الوطني من جبهات القتال في جبهة حيفان جراء «ضغط العدو، الميليشيات الانقلابية؛ الأمر الذي مكنهم بعد ذلك من السيطرة على كافة المواقع التي كانت خاضعة لقوات الشرعية»، وقال: إن «هناك أسبابا عدة أدت إلى سقوط المواقع بيد الميليشيات الانقلابية، ومنها نقص الذخائر والأسلحة»، ودعا العقيد الذبحاني «جميع فصائل المقاومة من الأطياف كافة وفي كل جبهات القتال إلى لملمة صفوفها لدحر الميليشيات الانقلابية من محافظة تعز».
في السياق ذاته، رتبت قوات الشرعية صفوفها في القرى والجبال المحاذية لمديرية حيفان ومديرية التربة، للتصدي لمحاولات الميليشيات الانقلابية التسلل إلى القرى والجبال، في الوقت الذي أكد قيادي في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط» أن «أبطال المقاومة الشعبية والجيش الوطني أوقفوا زحف الميليشيات الانقلابية من منطقة حيفان باتجاه الأحكوم في الحجرية، بعدما تمكنت من السيطرة على ما تبقى من مناطق وتلال كانت خاضعة لسيطرة المقاومة الشعبية في حيفان». وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري في العقيد، منصور الحساني، إنه تم «معالجة الموقف في مديرية حيفان وترتيب الأوضاع، ووصول تعزيزات نوعية من أبطال المقاومة». وأكد الحساني في بيان، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الميليشيات الانقلابية «أقدمت على الانتحار وسعت إلى حتفها بيدها، ولم تعتبر بنهايتها التي لحقت بها في جبل صبر والمسراخ، جنوب تعز، لكن يبدو أنها حكمة الله ودعوة المظلومين»، مشيرا إلى أنه «ستكون نهاية هذه الميليشيات الانقلابية بين جبال ومرتفعات ووديان محافظة تعز على يد أبنائها الذين عزموا أمرهم على مواجهة هذا المشروع وتحقيق النصر مهما كانت التكلفة».
في المقابل، أدانت أحزاب اللقاء المشترك في محافظة تعز، الأعمال التي تستهدف الآثار والمساجد والمعالم التاريخية في المدينة القديمة أو سواها. وقالت إن «ذلك عمل همجي يمثل اعتداء على تعز وإنسانها وتاريخها وثقافتها المدنية، وهو عمل تحركه أيادي الانقلابيين بصورة مباشرة أو غير مباشرة، والذين يحاولون الانتقام من تعز بشتى الأساليب بعد أن وجدوا أنفسهم في حالة انتحار وتخبط على أسوار المدينة الصامدة».
وشدت الأحزاب على عزيمة أبناء تعز واستمرارهم في معركتهم الوطنية حتى النصر واستعادة الدولة من الميليشيات الانقلابية، وضرورة التصدي للمؤامرات التي تحاك ضد نضال أبناء تعز ومقاومته الوطنية الشريفة بآليات الحوثي وصالح الناعمة وأدواتهما التي تستخدم أجهزة الدولة المخابراتية المختطفة لإحداث اختراقات داخل المحافظة، وافتعال أحداث من شأنها إشغال المقاومة عن معركتها الأساسية وجرها إلى معارك جانبية أو تلك التي توظف لتشويه صورة تعز المدنية المسالمة وروحها الإسلامية الوسطية والمتسامحة.
كما دعت الأحزاب أبناء تعز بأطيافهم السياسية والاجتماعية كافة وفصائل المقاومة الشعبية وقوى المجتمع الحية إلى «رفع وتيرة الفعل الثوري والعمل المقاوم، وتجديد الروح المناضلة، والحذر من التحركات الهادفة إلى تمييع أو إرباك الموقف الموحد والصلب لأبناء تعز ضد قوى الانقلاب والاستعلاء العنصري، ومواصلة مشوار المجد الذي دفع الشهداء من أجله دماءهم الزكية، والوحدة والتعاون وتعميم مبدأ التسامح والاعتداء». منوهة إلى ضرورة إدراك «خطورة الظرف النضالي الذي تمر فيه المحافظة».
على الصعيد ذاته، شكل مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في تعز لجنة خاصة للتحقيق في حادث التفجير الذي طال ضريح وقبة جامع الشاعر وشيخ الصوفية عبد الهادي السويدي، أحد الأئمة الصوفيين واحد المعالم الأثرية التي مضى على بنائها قرون عدة، في شرق مدينة تعز، نهاية الشهر الماضي. وقال المجلس: إن ذلك يُعد «عملا يتنافي مع الوعي والثقافة، ولا يراعي قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فضلا عن الوعي بآداب وأخلاق الدعوة إلى الله». ووجه دعوته إلى ضرورة تجنب كل ما يؤدي إلى إثارة المجتمع ويؤثر في وحدته واستقراره، وتعاون الجميع في حماية الآثار والحفاظ عليها. كما أهاب المجلس بالسلطة المحلية والأمنية القيام بواجباتها في تحقيق الأمن والاستقرار وردع مثل تلك الأعمال المسيئة للمدينة وحضارتها.
وتزامن تشكيل اللجنة مع وقفة احتجاجية للعشرات من شباب تعز للاستنكار ورفض الممارسات التي يقوم بها بعض المتطرفين من أعمال بشعة واستباحته الآثار التاريخية في محافظة تعز. وطالب المشاركون في الوقفة، إدارة الأمن ومجلس تنسيق المقامة والمجلس العسكري في تعز، العمل على وقف ومحاسبة من قاموا بالهجمة على الأماكن التاريخية في المدينة. وقالوا إن تلك الأعمال «لا تخدم أبدا قضية التي خرجوا من أجلها في تحرير المحافظة من الميليشيات الانقلابية وفك الحصار عن المدينة، ولا تمت إطلاقا للإسلام، لا من قريب ولا من بعيد».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.