لا نصاب لجلسة تشريعية سادسة في البرلمان اللبناني منذ تمديد ولايته نتيجة مقاطعة «المستقبل»

مصادر بري لـ {الشرق الأوسط} : لا مجال لعقدها بغياب طائفة أساسية

الرئيس ميشال سليمان و نجيب ميقاتي
الرئيس ميشال سليمان و نجيب ميقاتي
TT

لا نصاب لجلسة تشريعية سادسة في البرلمان اللبناني منذ تمديد ولايته نتيجة مقاطعة «المستقبل»

الرئيس ميشال سليمان و نجيب ميقاتي
الرئيس ميشال سليمان و نجيب ميقاتي

لن يختلف مصير الجلسة التشريعية التي دعا إليها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري اليوم عن مصير الجلسات الخمس السابقة، أي التأجيل لتعذر اكتمال النصاب القانوني نتيجة مقاطعة كتلة نواب «14 آذار»، ليفشل بذلك البرلمان اللبناني للمرة السادسة على التوالي في الانعقاد بعد تمديد النواب لأنفسهم نهاية شهر مايو (أيار) الماضي.
ومع أن المجلس النيابي يعد حكما في حالة من الانعقاد، بسبب بدء العقد العادي الثاني، الذي تشير المادة 32 من الدستور اللبناني إلى بدئه يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، فإن ذلك لن يسهل إمكانية التئام الجلسة في ظل إصرار كتلة «14 آذار» على مقاطعة الجلسة، انطلاقا من تمسكها بأن جدول أعمال الجلسة المؤلف من 45 بندا «فضفاض» ولا يمكن للبرلمان التشريع بغياب الحكومة وخلال عقد نيابي استثنائي إلا في حال وجود بنود «ملحة» أو «ضرورية»، وهو ما لا تعده متوفرا.
ولئن كانت صفة العقد الاستثنائي قد أزيلت مع بدء العقد الثاني فإن الاعتراض ما زال قائما على جدول الأعمال والتشريع في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، وهو ما أكده رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، رئيس كتلة المستقبل النيابية، بقوله أمس بعد لقاء بري في المجلس النيابي: «لن نحضر جلسة مجلس النواب (اليوم) لأسباب دستورية». وجاء موقف السنيورة بعد رفض بري اقتراحا عرضته «14 آذار» وينص على دعوة هيئة المجلس النيابي إلى عقد اجتماع لتغيير جدول الأعمال.
وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان قد استبق موعد الجلسة بدعوة الفرقاء السياسيين إلى «تشكيل حكومة جديدة وإعادة الروح إلى مجلس النواب». وقال في تصريح له أمس: «علينا أن نكون أوفياء لديمقراطيتنا وأن نحترم الاستحقاقات الدستورية وأولها الاستحقاق الرئاسي المقبل وإجراء الانتخابات النيابية وفق قاعدة المناصفة».
يذكر أن خمس جلسات تشريعية سابقة (ثلاث جلسات خلال شهر يوليو - تموز، وجلستان في كل من أغسطس ( آب) وسبتمبر - أيلول) كان مصيرها التأجيل بسبب مقاطعة كل من كتلة «14 آذار» وكتلة النائب ميشال عون. وانطلقت الأخيرة في مقاطعتها من مبدأ رفضها التمديد للنواب وللقادة الأمنيين من خلال بند رفع سن التقاعد للقادة الأمنيين والعسكريين، المدرج على جدول الأعمال.
ولكن في حين أبدت كتلة عون النيابية أمس ليونة في موقفها من الجلسة، لناحية إمكانية المشاركة انطلاقا من مبدأ فصلها بين الاصطفافات السياسية والعمل التشريعي، علما بأن من شأن مشاركة نوابها تأمين النصاب القانوني عدديا للجلسة - أكدت مصادر رئيس البرلمان اللبناني لـ«الشرق الأوسط» أن «انعقاد الجلسة اليوم رهن تأمين النصاب، وليس مرتبطا بحضور فلان أو علان، بمعنى أنه إذا تأمن النصاب تعقد الجلسة وإذا لم يؤمن تؤجل». لكن المصادر ذاتها استدركت بالإشارة إلى أن «الرئيس بري يؤكد أنه في حال غياب ممثلي إحدى الطوائف الكبرى (في إشارة إلى ممثلي الطائفة السنية أي تيار «المستقبل»)، بما يصيب ميثاقية الجلسة، فهو مستعد لصرف النظر عن عقدها وتأجيلها مجددا».
وتلتقي تصريحات مصادر بري مع ما جاء أمس على لسان كل من معاون بري السياسي، وزير الصحة العامة علي حسن خليل، وأمين سر تكتل عون النائب إبراهيم كنعان لناحية تأكيد حرص بري على «ميثاقية» الجلسة لعقدها.
وأكد حسن خليل في هذا السياق أن «القاعدة عندنا أن لا يكون هناك مس بالدستور»، مشيرا إلى «حرص بري بشكل دائم على الحفاظ على الروح الميثاقية بالجلسات».
وقال معاون بري في معرض رده على إعلان السنيورة مقاطعة جلسة اليوم ومطالبة نواب في «14 آذار» بتغيير جدول أعمال الجلسة إن «مواقف بري تنطلق من التمسك بالدستور والأصول ولا نية لتغيير جدول الأعمال»، معتبرا أن «الحضور هو مسؤولية الجميع والحديث عن لا دستورية الجلسة لا أساس له».
من ناحيته، شدد كنعان على «حرص بري على ميثاقية الجلسة»، وأوضح أن موقف كتلته واضح لناحية «دعوة الجميع إلى بذل كل الجهود لإطلاق موضوع التشريع».
وعد «كلام السنيورة» «طير» الجلسة، مؤكدا أن «التشريع في ظل حكومة مستقيلة ممكن دستوريا وهناك سوابق حصلت في الماضي وهناك الكثير من الاجتهادات الواضحة في هذا المجال».
وكان مقر البرلمان اللبناني شهد أمس سلسلة لقاءات تناولت الوضع السياسي المتأزم ومواقف الكتل من حضور الجلسة التشريعية، على هامش جلسة ترأسها بري لانتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان النيابية ورؤسائها ومقرريها السابقين الذين فازوا جميعا بالتزكية. ونوه بري، الذي التقى إلى السنيورة ووفد نواب عون، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بجهود اللجان التي تجتمع ولا سيما لجنة الإدارة والعدل النيابية. وطالبها بأن «تعطي حيزا لصياغة قانون انتخابات جديد، لعل وعسى نصل إلى قانون جديد وأن ننتهي لوضع هذا القانون؛ لأنه لا يجوز إبقاء الوضع على ما هو عليه اليوم».
وفي إطار أبرز المواقف الصادرة عن نواب «14 آذار»، قال النائب في كتلة القوات جورج عدوان: «لن نحضر الجلسة ونتمنى على كل الأفرقاء وبالتحديد على الرئيس بري العودة إلى الدستور»، مقترحا «عقد جلسة حصريا لتفسير الدستور، وليأت كل من يريد أن يدلي بدلوه، عندها نلتزم بما يقرره أكثرية النواب بالنسبة لتفسير الدستور».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».