البشير وكير يناقشان القضايا العالقة ويغضان الطرف عن «استفتاء أبيي»

مسؤول الملف لـ {الشرق الأوسط}: أبناء المنطقة سيفرضون إرادتهم في التصويت

الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفاكير أثناء النشيد الوطني للبلدين  لدى وصول البشير إلى مطار جوبا أمس (أ.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفاكير أثناء النشيد الوطني للبلدين لدى وصول البشير إلى مطار جوبا أمس (أ.ب)
TT

البشير وكير يناقشان القضايا العالقة ويغضان الطرف عن «استفتاء أبيي»

الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفاكير أثناء النشيد الوطني للبلدين  لدى وصول البشير إلى مطار جوبا أمس (أ.ب)
الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفاكير أثناء النشيد الوطني للبلدين لدى وصول البشير إلى مطار جوبا أمس (أ.ب)

جدد رئيسا السودان وجنوب السودان اتفاقهما باستكمال تشكيل السلطة الإدارية والمجلس التشريعي لمنطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين، والتأكيد على نسبة 2% من متأخرات عائدات نفط المنطقة، ولكنهما غضا الطرف عن الترتيبات الجارية حول الاستفتاء التي تقوم بها قبيلة «دينكا نقوك» من طرف واحد، وأكدا على وضع آليات لضبط حركة متمردي البلدين.. في وقت وصف فيه مسؤول في اللجنة القومية لدعم استفتاء أبيي زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى جوبا بـ«الاستنجادية» لما يواجهه من معارضة قوية في بلاده، وقال إن أبناء أبيي سيفرضون إرادتهم في نهاية الشهر بالتصويت على حق تقرير مصيرهم.
وقال رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره السوداني، إن البلدين ناقشا القضايا العالقة بينهما، مؤكدا وجود صعوبات فيها. لكنه عاد وقال إن بلاده جاهزة للمضي قدما في تحقيق السلام الدائم مع السودان، مشيرا إلى أن أكبر قضية وأعقدها هي الأزمة في أبيي. وقال كير إن «أكثر قضية ذات حساسية عالية بيننا هي موضوع أبيي، التي تطرقنا إليها في هذه المباحثات، وسوف نستمر في التواصل مع البشير حتى نتوصل إلى حل نهائي»، وأضاف: «مستعدون للقيام بأي شيء في سبيل مساعدة السودان»، معربا عن شكره وتقديره للبشير، ووصفه بالأخ الأكبر للمساعدات الإنسانية التي قدمها للمتأثرين بالسيول والفيضانات في جنوب السودان.
من جانبه، وصف البشير في المؤتمر الصحافي ذاته المباحثات التي أجراها مع كير بـ«المثمرة والصادقة والأخوية والجادة»، وقال إنه اتفق مع نظيره حول تنفيذ الاتفاقيات التي سبق أن وقعا عليها، معتبرا أن ما يربط البلدين أكثر عمقا وتجذرا من الاتفاقيات التي توقع على الورق، وقال إن أثر تبادل الزيارات بينه وبين رئيس جنوب السودان كان كبيرا على شعبي البلدين، مجددا تأكيد التزامه بتنفيذ كل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.
وكان كير والبشير، الذي وصل إلى جوبا أمس وسط إجراءات أمنية مشددة لم تشهدها عاصمة الجنوب من قبل، عقدا اجتماعا ثنائيا مغلقا فور وصوله، ومن ثم عقدا اجتماعا آخر ضم وزراء الجانبين، تناولا خلالهما كل القضايا العالقة بين البلدين، التي تركزت على فتح المعابر الحدودية والترتيبات الأمنية.
من جهته، قال المتحدث باسم اللجنة القومية لدعم استفتاء أبيي، أتيم سايمون لـ«الشرق الأوسط» إن البشير كان يسعى لإيقاف إجراء عملية الاستفتاء التي بدأها أبناء «دينكا نقوك»، بحضور رئيس اللجنة العليا للاستفتاء دينق ألور، الذي فضل عدم الحضور إلى جوبا. وتابع سايمون: «لذلك تمخضت قمة الرئيسين فولدت فأرا.. والرابح الأكبر فيها هو البشير الذي جاء إلى جوبا لحل مشكلاته الداخلية وتخفيف الضغط عليه والخروج من محنته التي هو فيها». وأضاف سايمون: «أخشى أن تكون الزيارة استنجادا من قبل البشير لتثبيت كرسيه على حساب قضية الجنوب الأساسية، وهو إجراء الاستفتاء في أبيي»، مشيرا إلى أن القمة لم تكن لديها أجندة واضحة سوى القضايا الاقتصادية المرتبطة بمصالح الخرطوم وليس جوبا.
وأكد سايمون استمرار أبناء «دينكا نقوك» في إجراءات الاستفتاء، وأن مرجعيتهم المقترح الذي قدمته آلية الاتحاد الأفريقي قبل عام. وقال إن أبناء أبيي لن يفرطوا هذه المرة في إجراء الاستفتاء، لا سيما بعد انتهاء قمة البشير وكير دون التوصل إلى اتفاق حقيقي حول الاستفتاء وتحديد مواعيد قاطعة. وأضاف أن حكومة كير ستجد نفسها محرجة أمام شعبها وستواجه بضغوط كبيرة من كل أبناء جنوب السودان، وقال إنه «بعد نتيجة الاستفتاء سنرى جدية حكومتنا في التعاطي مع هذا الأمر الواقع، لأننا سنجد الاعتراف من شعب جنوب السودان، وسنعمل للضغط لنيل الاعتراف المستحق من قبل المجتمع الدولي».
وأكد السودان وجنوب السودان في محضر اجتماعاتهما على الشروع في تشكيل الأجهزة الإدارية والمجلس التشريعي والوحدات الشرطية لمنطقة أبيي، وجددا اتفاقهما على نسبة 20% من عائدات النفط المنتج في المنطقة - بما فيها المتأخرات - على أن تدفع للسلطة الإدارية للمنطقة. ولم يعلن الجانبان رأيهما للإعلام حول الإجراءات التي بدأتها قبيلة «دينكا نقوك» في عملية الاستفتاء بالمنطقة من طرف واحد.
واتفق الجانبان وفق محضر الاجتماع على تحديد نقطة الصفر على الحدود بين البلدين، ووضع آليات لضبط حركة «متمردي» البلدين ضد البلد الآخر قبل منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتفعيل الإجراءات الإدارية لضمان حرية حركة مواطني البلدين وتسهيل وتنظيم حركتهم بعد تحديد النقطة الصفرية. وجدد البلدان تأكيدهما على إلغاء تأشيرات الدخول بينهما لحاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة، كما أعلنا عن عقد مؤتمرات للولايات الحدودية بينهما منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل لتبادل الخبرات ورفع القدرات فيما يتعلق بأمن الحدود.
وفي الجانب الاقتصادي، اتفقت الخرطوم وجوبا على تفعيل عمل اللجنة المشتركة بينهما لمراقبة تصدير النفط، وأكدا على الاستمرار في تفعيل جهود البلدين الساعية إلى رفع العقوبات وإلغاء ديون السودان البالغة أكثر من 43 مليار دولار، حيث ستسهم جوبا في دفع ما يناهز 3.8 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، إلى جانب تفعيل التعاون بين البنكين المركزيين في البلدين والقطاع المصرفي وتسهيل الرقابة البنكية. وأكدا على ضرورة أن يلعب البنكان المركزيان في الخرطوم وجوبا دور الوسيط في التجارة والتحويلات المالية. إلى ذلك وصف ستيفن ديو داو، وزير نفط دولة جنوب السودان، نتائج اجتماع اللجنة المشتركة بين الوزارتين بأنها «إيجابية ومثمرة وبناءة»، لافتا إلى أنه لا توجد مشكلات كبيرة في مجال النفط وتدفقه. وقال إن الطرفين اتفقا على تفعيل اللجان المشتركة، وتوقع رفع إنتاج حقلي «عدراييل والوحدة» قبل نهاية العام ليصل إلى نحو 300 ألف برميل.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».