الشامي لـ «الشرق الأوسط» : المعارضة رفضت عرضًا ماليًا لإعادة جثث الروس

البرلماني السابق قال إن إطلاق موسكو مفاوضات غير مباشرة يعني عدم اللجوء إلى عمل عسكري

رئيس العمليات الرئيسية الروسية في الأركان العامة سيرجي رودسكوي لحظة وصوله إلى مركز إدارة الدفاع الوطني الروسي في موسكو لتقديم معلومات عن سقوط المروحية الروسية شمال غربي سوريا (إ.ب.أ)
رئيس العمليات الرئيسية الروسية في الأركان العامة سيرجي رودسكوي لحظة وصوله إلى مركز إدارة الدفاع الوطني الروسي في موسكو لتقديم معلومات عن سقوط المروحية الروسية شمال غربي سوريا (إ.ب.أ)
TT

الشامي لـ «الشرق الأوسط» : المعارضة رفضت عرضًا ماليًا لإعادة جثث الروس

رئيس العمليات الرئيسية الروسية في الأركان العامة سيرجي رودسكوي لحظة وصوله إلى مركز إدارة الدفاع الوطني الروسي في موسكو لتقديم معلومات عن سقوط المروحية الروسية شمال غربي سوريا (إ.ب.أ)
رئيس العمليات الرئيسية الروسية في الأركان العامة سيرجي رودسكوي لحظة وصوله إلى مركز إدارة الدفاع الوطني الروسي في موسكو لتقديم معلومات عن سقوط المروحية الروسية شمال غربي سوريا (إ.ب.أ)

أكد أنس الشامي، البرلماني السوري السابق، أن الفصائل المسلحة التي تحتجز جثث العسكريين الروس الخمسة الذين لقوا حتفهم نتيجة إسقاط مروحيتهم في بلدة سراقب بريف إدلب شمال سوريا قبل أيام، رفضت عرضا ماليًا مقابل إعادة الجثث لروسيا.
وبعد تأكيده أن ما يقوم به ليست «مهمة» بمعنى أنه مكلف بها، بل «وساطة» بين الجانبين الروسي وفصائل المعارضة المسلحة في موضوع استعادة الجثث، قال الشامي لـ«الشرق الأوسط» إنه تواصل مع بعض تلك الفصائل في ريفي حلب وإدلب «التي تحتجز جثث العسكريين الروس». وأكد علمه بالمؤسسة الجديدة التي ظهرت، أمس، واسمها «المؤسسة العامة لشؤون الأسرى»، لافتًا إلى أن هذه المؤسسة «كما فهمت تم تشكيلها خلال اجتماع عقدته الفصائل المسلحة المعنية بالموضوع»، وأضاف أنه «لم يتم التواصل بشكل مباشر بعد مع تلك المؤسسة، لكنهم خاطبوني أمس، وسيكون هناك موعد للتواصل بيننا لاحقًا لبحث حقيقة وجود جثث العسكريين الروس لديهم وفق ما يؤكدون». واستدرك الشامي قائلاً: «في حدود معرفتي فإن الجثث لم تزل بأيدي من نقلها من منطقة سقوط المروحية الروسية خشية المداهمة»، ولم يذكر الوسيط السوري أسماء الفصائل التي تواصل معها حتى الآن، مبررا ذلك بحرصه على عدم الكشف عن معلومات في هذه المجال «ريثما تنجز الأمور»، خشية «حدوث مضايقات بين الفصائل»، مشددا على أن «أكثر من فصيل على علاقة بالموضوع»، و«الأفضل التريث إلى أن تتفق على موقف موحد بشأن طلباتهم». غير أن الشامي كشف لوكالة الصحافة الألمانية، أمس، أنه تواصل مع «غرفة عمليات فتح حلب ومع حركة أحرار الشام وفتح الشام، وأن الأمور في بدايتها وننتظر ردود فصائل المعارضة وما هي طلباتهم لأجل تسليم جثث الطيارين الروس».
وفي سياق الشروط التي تضعها فصائل المعارضة المسلحة لتسليم الجثث إلى الجانب الروسي، أشار الشامي إلى أن «تلك الفصائل تدرس حاليا شروطها»، موضحا أنه بحث معهم في موضوع الأموال، فقالوا إنهم ليسوا بحاجة إلى المال، وإنما سيجتمعون مع الفصائل الأخرى من ثم سيقدمون شروطهم، مضيفًا أن الذين تواصل معهم من الفصائل «تحدثوا عن موضوع المعتقلين السياسيين وجوانب أخرى»، وختم بالقول إنه «بانتظار أن تتفق تلك الفصائل على موقف موحد وأن تعرض شروطها الواضحة لمواصلة المفاوضات».
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت يوم الاثنين، أن طائرة مروحية تتبع لسلاح الجو الروسي من طراز «مي 8» قد سقطت في ريف إدلب في سوريا بعد استهدافها بسلاح من الأرض، بالإضافة إلى مقتل طاقمها المكون من ثلاثة أفراد وضابطين كانوا تابعين لمركز المصالحة في قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري.
ويأتي الكشف عن انطلاق مفاوضات استرجاع جثث العسكريين الروس بعد أربعة أيام لم يغب فيها الحديث عن «انتقام روسي»، إن كان عبر وسائل الإعلام الروسية، أو عبر «خبراء ومحللين» وحتى مسؤولين في النظام السوري. وذكرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية في عددها، أول من أمس، نقلا عن مصدر من وزارة الدفاع الروسية، أنه «تم وضع مهمة أمام القيادة في قاعدة حميميم وفي القوات الحكومية، بالعثور على جثث العسكريين الروس، وإحضارها إلى القاعدة حميميم». وفي شأن الرد الروسي تقول الصحيفة بناء على «معلومات متوفرة لديها»، إن «القوات الروسية تدرس مجددًا احتمال مشاركة القاذفات الاستراتيجية بعيدة المدى، لا لتوجه ضربات لمدينة حلب، بل للمناطق حولها حيث تنتشر مواقع المجموعات المسلحة»، لافتة إلى أن «القرار النهائي سيتم اتخاذه خلال المشاورات في الهيئة العامة للأركان»، حسب الصحيفة الروسية. وبما أن المفاوضات عبر وسيط قد انطلقت في هذا الشأن، فإن روسيا قد قررت على ما يبدو أن تعمل على استعادة جثث عسكرييها من دون اللجوء إلى عمل عسكري عقابي أو عملية عسكرية خاصة لاستعادتهم.
إلى ذلك، قال مصدر عسكري أميركي تحدث لـCNN مشترطا عدم ذكر اسمه، إن الولايات المتحدة «ليست مستعدة بعد» لإطلاق صفة «الهجمات الكيماوية» على عملية القصف التي شهدتها مدينة سراقب بعد إسقاط الطائرة الروسية ومقتل خمسة عناصر كانوا على متنها، ولكنه أضاف أن الأدلة بهذا الاتجاه تتزايد.
وتابع المصدر العسكري بالقول إن الأدلة تشير إلى استخدام الكلور في الهجوم، والثقة تتزايد بوقوع القصف فعليا، مضيفا أن أصابع الاتهام تتجه نحو نظام الرئيس السوري بشار الأسد، باعتبار أن قوات المعارضة لا تمتلك طائرات تسمح لها بتنفيذ عملية من هذا النوع.
من جانبه، قال ديمتري بيسكوف، الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ردا على سؤال حول الأنباء عن قصف مدينة سراقب التي جرى إسقاط المروحية الروسية بالقرب منها، بـ«براميل الكلور»، إن تلك المعلومات «مجرد فبركات إعلامية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.