روسيا تعيق بيانا أمميا قدمته بريطانيا يدين مجلس الانقلابيين السياسي

مصادر يمنية تكشف حقيقة مزاعم «خاطئة وقديمة» عن ترشيح نائب جديد لهادي

إسماعيل ولد الشيخ أثناء عودة المفاوضات بالكويت في 16 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ أثناء عودة المفاوضات بالكويت في 16 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

روسيا تعيق بيانا أمميا قدمته بريطانيا يدين مجلس الانقلابيين السياسي

إسماعيل ولد الشيخ أثناء عودة المفاوضات بالكويت في 16 يوليو الماضي (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ أثناء عودة المفاوضات بالكويت في 16 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

أكدت مصادر يمنية مقربة من مشاورات السلام في دولة الكويت لـ«الشرق الأوسط» أن وفد الانقلابيين يواصل رفضه للتوقيع على مشروع الاتفاق الذي تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والذي وافق ووقع عليه وفد الحكومة اليمنية الشرعية، قبل مغادرته للكويت، وأوضحت المصادر أنه وحتى مساء أمس، ظلت الضغوط مستمرة من قبل سفراء الدول الـ18 الراعية لعملية السلام في اليمن، على الوفد الانقلابي بالمشروع والتوقيع عليه، وذكرت المصادر أن «المجتمع الدولي يؤكد لوفد الانقلابيين بأنه لا يمكن الحديث عن أي نقاط سياسية أو الانتقال إلى نقاط أخرى، قبل التوقيع على المشروع والبدء في تنفيذه».
يأتي ذلك في الوقت الذي قالت فيه وكالات أنباء إن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد أفاد مجلس الأمن في جلسة مغلقة أمس، بمواصلة وفد الحوثيين رفض التوقيع على وثيقة الحل الأخيرة.
وقال المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله المعلمي لـ«الشرق الأوسط»، إن روسيا أعاقت مشروع بيان صحافي يعرب خلاله أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم إزاء إعلان المجلس السياسي للانقلابيين، ويؤكدون فيه أن «ذلك يتعارض مع التزامات دعم عملية السلام التي تسيرها الأمم المتحدة».
وتجدد الرفض الروسي، بحسب السفير المعلمي، وهو ما حال دون الموافقة بالإجماع على نص المشروع، وقالت مصادر إن روسيا تحججت بالمطالبة بمزيد من التوضيحات من ولد الشيخ بشأن التطورات حول محادثات السلام، وهو ما تم أمس.
وحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط}، فإن ولد الشيخ طلب دعم مجلس الأمن في بيان يؤكد أهمية العملية السلمية في الكويت وعلى دعم مجلس الأمن لها إضافة إلى فقرة تنص على اعتبار تشكيل ما يسمى «المجلس السياسي» لإدارة البلاد من قبل الحوثيين وصالح «خطوة غير بناءة ولا تخدم السلام في اليمن}.
وعلمت «الشرق الأوسط}، أن روسيا عارضت ما كان سيدلي به رئيس المجلس لهذا الشهر، السفير الماليزي إبراهيم رملي للصحافة، بعد أن تعنت السفير الروسي، لعدم شمول النص على {حكومة الوحدة الوطنية} التي يطالب بها الانقلابيون.
وكان ولد الشيخ اعتبر خطوة الحوثيين وصالح بإنشاء مجلس الحكم خطوة أحادية ولا تنسجم مع الدستور اليمني والقرارات الدولية.
وقال مسؤول في وفد الحكومة إن وفد الانقلابيين لم يقدم أي ملاحظات على مشروع الوسيط الأممي، وذكر محمد العمراني، مسؤول التنسيق والاتصال في وفد الحكومة الشرعية، لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين «يرفضون الفكرة (المشروع) من الأساس، ما لم يتضمن الحديث عن الجانب السياسي، ويقصدون بالجانب السياسي تشكيل حكومة وما يسمونه بمجلس رئاسي»، واستطرد العمراني حول ما يمكن أن يحدث في حال أصر وفد الانقلابيين على رفض التوقيع وانتهت فترة المشاورات (أيام متبقية)، بأنه «سيكون على الأمم المتحدة، أولا، أن تعرفهم كمعرقلين»، إضافة إلى أنه «سيكون على المجتمع الدولي السعي لتنفيذ القرار تحت البند السابع، وسيكون على الشعب اليمني أن يحدد خياراته الواضحة في مقاومة الانقلاب حتى تحرير كل اليمن ابتداء بصنعاء وانتهاء بصعدة».
وفي حين لم تعلن بنود مشروع الاتفاق الذي تقدمت به الأمم المتحدة، بشكل رسمي، فإن مصادر «الشرق الأوسط» أكدت أن وفد الحكومة اليمنية اشترط، عند التوقيع، أن يكون الاتفاق لاغيا في حال لم يوقع عليه وفد الانقلابيين حتى الـ7 من أغسطس (آب) الحالي، الموعد المحدد لانتهاء الجولة الثانية من المشاورات التي مددت لأسبوع.
وقال مستشار رئيس اليمن عضو الفريق الحكومي في مشاورات الكويت نصر طه مصطفى، إن الأسبوع الإضافي للمشاورات هو آخر أسبوع لهذه الجولة وإنه لم يعد هناك رغبة في التمديد رغم قناعتنا أن الانقلابيين استمرأوا أسلوب المماطلة وتضييع الوقت ثم إلقاء طعم في نهايات كل جولة.
وأضاف مصطفى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الوفد الحكومي لم يعد لديه ما يقدمه بعد موافقته على الاتفاق المقدم من الأمم المتحدة لإنهاء النزاع وإقرار السلام ولذلك تم استدعاؤه من القيادة السياسية للتشاور حول مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق في حال وافق الانقلابيون عليه. وأكد أن جماعة الانقلاب لا ترغب في السلام وأنها لا ترغب سوى في الحصول على اعتراف دولي بانقلابها كما أنهم لن يتخلوا عن رغبتهم في الحرب والدمار.
وأورد نصر أن المخرج الناجح للأزمة في اليمن ضمن القرار الدولي 2216، لأنه قرار تناول بالتفصيل كل جوانب الحل السلمي العادل والمنصف، «بل إنه ضمن للانقلابيين حق الاستمرار كشركاء سياسيين عقب إنهاء الانقلاب. القرار رغم صدوره تحت الفصل السابع إلا أنه ليس قرار حرب بل قرار بناء للسلام ومع ذلك رفضه الانقلابيون. وحتى لو تحقق حسم عسكري فلا بد في النهاية من الجلوس على طاولة حوار سياسي فلماذا لا يعقل ذلك هؤلاء المتمردون ويجنحون للسلم من الآن؟».
ودعا مستشار الرئيس اليمني المجتمع الدولي إلى الضغط وبقوة على الانقلابيين للموافقة على الاتفاق كما جاء من الأمم المتحدة، وإلا فإن المشاورات ستعود من نقطة الصفر.
وكانت الجولة الثانية من مشاورات السلام اليمنية - اليمنية انطلقت في الكويت في الـ16 من الشهر الماضي، وحدد سقفها الزمني بأسبوعين، قبل أن يمدد لها أسبوعا آخر، ووفقا للاتفاق الذي أبرم بين المبعوث الأممي ووفد الحكومة الشرعية، في ضوء التزام مبعوث الأمم المتحدة، فإن المشاورات ترتكز على النقاط الخمس المحددة من ولد الشيخ وهي: «وقف إطلاق النار وتعزيز دور لجان التهدئة، تشكيل اللجنة الأمنية التي ستشرف على الانسحابات وتسليم السلاح، فتح الممرات الآمنة للمدن، إطلاق الأسرى والمعتقلين، الاتفاق على مواصلة المشاورات في جولة قادمة».
وقال الدكتور محمد السعدي وزير التجارة اليمني لـ«الشرق الأوسط»: «كان الانقلابيون يتوقعون حصول اعتراض من الجانب الحكومي على مقترحات الأمم المتحدة لكن الحكومة الشرعية وبالتشاور مع التحالف رأوا أن القبول بهذه المبادرة ضروري للوصول إلى الأهداف المرجوة والخروج من أجواء الحرب، أما رفض الانقلابيين فهو أمر محتمل جدًا لأنهم عودونا على رفض كل ما من شأنه خدمة الشعب اليمني ورفع المعاناة عنه».
إلى ذلك، استبعدت مصادر حكومية إجراء أي تعديلات على مؤسسة الرئاسة اليمنية لتشمل بعض المناصب الهامة، واعتبرت تلك المصادر الحديث عن تعيين بديل لنائب الرئيس، الفريق علي محسن الأحمر، مسألة «غير مطروحة على الإطلاق في الوقت الراهن»، وأشارت المصادر إلى أن هذه النقطة طرحت في مراحل سابقة من المشاورات، وإلى أنها لم تطرح أو تناقش في الجولة الحالية «بتاتا»، وأكدت أن الانقلابيين يتجاوزون هذه المسألة بالذهاب نحو «نسف الشرعية كاملة والمتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي واستبدال مجلس رئاسي به».
من ناحيتها، دعت منظمة التعاون الإسلامي الأطراف اليمنية إلى مواصلة محادثات السلام التي تستضيفها مشكورة دولة الكويت بإشراف المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن. وأعربت المنظمة عن تأييدها لبيان مجموعة السفراء المعتمدين لدى اليمن بشأن محادثات السلام اليمنية، الذي طالب وفد الحكومة بالاستمرار في المحادثات وأثنى على استعداده بقبول المقترح الأخير الذي قدمه المبعوث الخاص بهدف تحقيق اتفاق ينهي الأزمة اليمنية، وطالبه بالاستمرار في المحادثات.
وعن دور إيراني محتمل في عرقلة مشاورات الكويت وتوجيه الحوثيين بتعطيل أي اتفاق محتمل لوقف الحرب، أكد السعدي أن التدخل الإيراني في الشأن اليمني لا يكمن في الجانب السياسي فقط، بل تعداه للتدخل على الأرض عبر الدعم العسكري المباشر منذ فترة طويلة، وتابع: «التدخلات الإيرانية واضحة وحذرت الحكومة ورئيس الجمهورية منها منذ وقت مبكر، وما زالت هذه التدخلات قائمة وللأسف ليس هناك إحساس بالمسؤولية وإدراك بأهمية الوصول إلى حلول سياسية وسلمية، ولا يوجد أي تقدير للدول الـ18 الراعية لهذه الحلول السلمية وما زال الانقلابيون متعنتين كما شهدنا في الكويت».
وبحسب وزير التجارة اليمني، فقد أكدت الدول الراعية الثماني عشرة في اجتماع لهم في الكويت أول من أمس دعمها للشرعية، وطالبت الانقلابيين بالامتثال للقرارات الدولية بشكل واضح وجلي، وأردف: «لا شك أن هذه الدول قادرة على تصعيد مواقفها والالتزام بتنفيذ قرارات المجتمع الدولي». وفي سؤال عن الضمانات التي تلقتها الحكومة الشرعية في حال وافق الانقلابيون على اتفاق الكويت وتنفيذهم لها على أرض الواقع، بيّن الدكتور السعدي أن أي توقيع هو عبارة عن 5 في المائة فقط من إنجاز المهمة، فيما 95 في المائة تعتمد على الالتزام بتنفيذ الاتفاق في الميدان، وأضاف: «علينا أن نكون متفائلين إذا تم التوقيع، والنوايا الحسنة والاتجاه الصحيح هو ما سيؤدي إلى نتيجة إيجابية، أما في حال لم يتم التوقيع يعني أن هناك تعنتًا في كل شيء حتى الأمور الواضحة التي تصب في مصلحة جميع الأطراف».
وفي تعليق الوزير على اتفاق أطراف الانقلاب، اعتبر ذلك ضجيجًا إعلاميًا، مشيرًا إلى أن المخلوع صالح اعتاد البحث عن الإثارة وإصدار الزوبعة المزعجة حتى لو تحدث الناس عنه بسلبية، لافتًا إلى أن التجانس بين طرفي الانقلاب ليس سوى في الحروب والقتل، لكن في بناء الدولة غير موجود ومنعدم لدى الطرفين.
وأضاف الدكتور محمد السعدي أن ترتيبات تجري حاليًا لاستخدام فروع الوزارات الحكومية في كل من عدن والمكلا وتهيئة الظروف المناسبة لعودة العمل بشكل مناسب.
في هذه الأثناء، توقع مراقبون يمنيون حدوث تباينات داخل حزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه المخلوع صالح وبين الحوثيين، ولا يتوقع الباحث السياسي اليمني، بليغ المخلافي أن «ترقى تلك التباينات إلى الخلاف»، وأكد المخلافي لـ«الشرق الأوسط» أن التعويل على الخلافات «في هذه المرحلة يجب أن يكون على صمود الحكومة الشرعية في المناطق المحررة وتقديم نموذج يحفز المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين، كما يجب أن يتم العمل على مسألة إفقاد الحوثيين وصالح للموارد الاقتصادية من خلال نقل البنك المركزي إلى عدن واستكمال تحرير تعز والحديدة».
من جهته، نفى الرئيس اليمني الجنوبي الأسبق، علي ناصر محمد، الأنباء والتسريبات التي تحدثت عن أنه مرشح لرئاسة ما سمي «المجلس السياسي» للانقلابيين، وقال الرئيس ناصر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا الأمر لم يطرح عليه، مضيفا أنه لا يبحث عن السلطة، «بل أبحث عن حل لمشاكل اليمن شمالا وجنوبا»، وكان علي ناصر تولى الرئاسة في جنوب اليمن بين عامي 1980 و1986.
ورغم الحديث عن ضغوط دولية على الانقلابيين وحليفهم صالح، لوقف إجراءاتهم في المضي في تشكيل ما سمي «المجلس السياسي لإدارة البلاد»، وفي ظل الحديث عن خلافات بين شريكي الانقلاب بخصوص هذا الموضوع، فإن مصادر مطلعة أكدت لـ«الشرق الأوسط استمرار الانقلابيين وفي مقدمتهم المخلوع علي عبد الله صالح في بحث أسماء أعضاء المجلس العشرة الذين سيعينون في المجلس (بالتساوي بين المخلوع والحوثي)، إلا أن المصادر رجحت أن الضغوط الخارجية أعاقت إعلان الانقلابيين لتشكيلة مجلس السياسي.



لماذا يبدأ انقلابيو اليمن العام الدراسي بالتزامن مع فصل الصيف؟

مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
TT

لماذا يبدأ انقلابيو اليمن العام الدراسي بالتزامن مع فصل الصيف؟

مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)
مقرّ وزارة التربية والتعليم في صنعاء تحت سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

قوبل إعلان الجماعة الحوثية عن بدء العام الدراسي في مناطق سيطرتها، بالتزامن مع بداية فصل الصيف بتذمر السكان ودعوة المعلمين إلى الإضراب للمطالبة برواتبهم، في حين تؤكد أوساط تربوية وشعبية أن الجماعة تسعى من خلال التقوم الدراسي الجديد إلى خدمة أهدافها وأغراضها الطائفية والسياسية.

وأعلنت الجماعة، الأسبوع الماضي، عن بدء العام الدراسي الجديد لجميع المراحل الدراسية وفي المدارس العمومية والخاصة، في الـ13 من الشهر الحالي، لينتهي في منتصف فبراير (شباط) من العام المقبل، حيث تبدأ الاختبارات النهائية للعام الدراسي، وهو التوقيت الذي تكون الجماعة قد أتمت فيه استعداداتها لبدء مراكز الاستقطاب والتجنيد.

عدد من منتسبي المعسكرات الصيفية التابعة للجماعة الحوثية خلال الربيع الماضي (غيتي)

ويتزامن بدء العام الدراسي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية مع بداية فصل الصيف الذي يرتبط في أغلب مناطق البلاد بالحرارة الشديدة، والمصحوبة خلال السنوات الأخيرة بظواهر مناخية متطرفة كالأمطار الغزيرة والفيضانات؛ وهو ما يدفع السكان للقلق على سلامة أبنائهم وصحتهم وقدرتهم على التحصيل العلمي.

ويفسّر أنس مانع، وهو باحث في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض) لـ«الشرق الأوسط» إصرار الجماعة الحوثية على بدء العام الدراسي في فصل الصيف شديد الحرارة والقسوة، يأتي ضمن مساعيها لدفع الطلاب والأهالي إلى الإحجام عن التعليم والاكتفاء بما يتلقونه في المراكز الصيفية.

وأكد مانع أن الجماعة الحوثية تهدف إلى استبدال التعليم بالمراكز الصيفية التي تستخدمها لاستقطاب الطلاب طائفياً وتجنيدهم للقتال في صفوفها، وبتغيير التقويم الدراسي وبدء المراكز الصيفية عقب انتهاء العام الدراسي مباشرة، حيث تسهل المشاركة في هذه المراكز نظراً لانعقادها في فصل الربيع الذي يشهد اعتدالاً في درجات الحرارة وهدوء الأحوال الجوية في عموم اليمن. ويبيّن أن العام الدراسي وفق التقويم الذي وضعته الجماعة الحوثية يقع معظمه بين فصلي الصيف والشتاء شديدي القسوة، مقابل فصل الربيع الذي يكون الجو فيه لطيفاً ومناسباً لمختلف الأنشطة البشرية.

أغراض سياسية

تستخدم الجماعة الحوثية التقويم الهجري في مختلف أنشطتها وتدير به مختلف المؤسسات تحت سيطرتها، وتتذرع به في مواجهة رفض بدء العام الدراسي في فصل الصيف؛ وهو ما يمنح فرصة لإنهائه قبل نهاية فصل الشتاء، لتنطلق حينها المراكز الصيفية مع بداية فصل الربيع، التي توفر لها الجماعة إمكانيات وميزانية هائلة، مقابل إهمال واضح للعملية التعليمية الرسمية.

قرار الجماعة الحوثية ببدء العام الدراسي بعد أقل من شهر من بدء فصل الصيف (إعلام حوثي)

ويرى الخبير في قضايا التعليم عبد الواسع الفاتكي أن الجماعة الحوثية تذهب بمثل هذه الإجراءات والقرارات إلى تحقيق أهداف سياسية، منها مخالفة التقويم المدرسي المعمول به من الحكومة الشرعية، كمحاولة إثبات استقلاليتها كسلطة قائمة بذاتها ومخالفتها هذه الحكومة وعدم اعترافها بها، إلى جانب عدم اهتمامها بصحة الطلاب وسلامتهم وحياتهم.

ونوّه الفاتكي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن فصل الصيف في اليمن يرتبط بأكثر المواسم الزراعية نشاطاً، بسبب هطول الأمطار الموسمية؛ ما يدفع العائلات الريفية، إلى الاستعانة بأبنائها وبناتها في الفلاحة والرعي والأعمال المنزلية، إلى جانب توفر فرص عمل بالأجر اليومي خلال هذا الفصل، وهو ما لا تراعيه الجماعة الحوثية التي تهتم بتحقيق مشروعها الطائفي فقط.

ويشير الفاتكي إلى سقوط عدد من الطلاب ضحايا لحوادث الفيضانات في السنوات الماضية بسبب تزامن العملية التعليمية مع مواسم الأمطار الغزيرة، إلى جانب ارتفاع درجة الحرارة، خصوصاً في المناطق السهلية والساحلية؛ ما يجعل العملية التعليمية في غاية الصعوبة، ويحدّ كثيراً من إمكانية التحصيل العلمي، وهي أشياء لا تهتم بها الجماعة الحوثية، حسب رأيه.

طلاب يمنيون في صنعاء استقطبتهم الجماعة الحوثية لتأييد عملياتها في البحر الأحمر (رويترز)

ويتهكم شرف مقبل، وهو أب لثلاثة أطفال في مراحل دراسية مختلفة، في تعليق لـ«الشرق الأوسط» على إجراءات الجماعة الحوثية لبدء العام الدراسي مبكراً بأنها تحاول أن توصل رسالة للجميع أنها أكثر تقدماً لدرجة أن الطلاب في مناطق سيطرتها يدرسون متقدمين على جميع طلاب العالم بشهرين.

إضراب مستمر

تشهد العملية التعليمية تراجعاً شديداً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، حيث تحجم الكثير من العائلات عن إلحاق أطفالها بالمدارس خوفاً من المناهج الطائفية وممارسات الاستقطاب التي تلجأ إليها الجماعة الحوثية.

من جانبه، دعا نادي المعلمين اليمنيين، أعضاءه والمعلمين والتربويين والموجهين والإداريين في قطاع التربية والتعليم تحت سيطرة الجماعة الحوثية، إلى إضراب شامل عن التعليم والعملية التعليمية؛ للضغط على الجماعة من أجل صرف المرتبات المنقطعة منذ ثماني سنوات.

وهدّد النادي في بيان له بالاستمرار في الإضراب الذي بدأه العام الماضي للمطالبة برواتب المعلمين، وتعرّض بسببه عدد من قادة النادي لانتهاكات وإجراءات عقابية.

وورد في البيان أنه إذا لم يتم الانتظام بدفع وتسليم الرواتب للتربويين والبتّ في الرواتب السابقة مع العلاوات والتسويات والعوض العادل؛ فإن النادي يدعو إلى الإضراب الشامل، وفقاً لما يقرّه قانون المعلم والمهن التعليمية.

أطفال نازحون في مدرسة مؤقتة يديرها متطوعون في محافظة الحديدة الساحلية غرب اليمن (أ.ف.ب)

وطالب النادي بمحاسبة القيادي الحوثي شمس الدين شرف الدين الذي منحته الجماعة صفة مفتي اليمن، والتحقيق معه بتهمة تأييد نهب مرتبات الموظفين وأموال الناس بالباطل، وتحريضه ضد المطالبين بمرتباتهم واتهامهم بفساد عقيدتهم.

وأفرجت ميليشيا الحوثي في أبريل (نيسان) الماضي عن رئيس نادي المعلمين اليمنيين أبو زيد الكميم الذي اختطفته لمدة ستة أشهر، على خلفية قيادة النادي المطالب بصرف رواتب المعلمين اليمنيين، وجاء الإفراج عنه عقب أيام من وفاة التربوي صبري الحكيمي في سجن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي بصنعاء بعد أشهر من اعتقاله.

وتشكو العائلات من عدم حصول أبنائها على التعليم الملائم، والنقص الشديد في الموارد التعليمية من الكتب والمستلزمات، إلى جانب إضراب المعلمين، واهتمام القائمين على العملية التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بالترويج للنهج الطائفي وإغراق المقررات الدراسية بمواد وتعاليم مذهبية تؤثر على تفكير الأطفال وتدفعهم إلى التطرف.