لبنان: الجلسة الأولى للحوار تنتهي إلى تفاهم على مبدأ «سلة تتصدرها الرئاسة»

بروجردي التقى نصر الله ونفى أن تكون إيران تشجع مرشحًا معينًا

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام مستقبلا رئيس لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي في بيروت أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام مستقبلا رئيس لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

لبنان: الجلسة الأولى للحوار تنتهي إلى تفاهم على مبدأ «سلة تتصدرها الرئاسة»

رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام مستقبلا رئيس لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي في بيروت أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام مستقبلا رئيس لجنة الأمن الوطني والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي في بيروت أمس (أ.ف.ب)

انطلقت يوم أمس الثلاثاء أولى جلسات الحوار الوطني الـ3 التي أرادها رئيس المجلس النيابي نبيه بري متلاحقة ويومية، عساها تختلف عن سابقاتها التي لم تؤد طوال الأشهر الماضية إلى أي خرق يُذكر في جدار الأزمات اللبنانية المتفاقمة، وعلى رأسها الأزمة الرئاسية. إلا أن الأجواء التي رافقت هذه الجلسة لم توح بكثير من الإيجابيات التي اقتصرت على تفاهمات عامة، حول أولوية إتمام الانتخابات الرئاسية والتمسك باتفاق الطائف.
وبحسب أحد الأقطاب المسيحيين الذين يشاركون بهيئة الحوار فإن النقاشات التي شهدتها الجلسة يوم أمس والتي بدت كجلسة «تمهيدية»، أظهرت مدى تمسك كل فريق بمواقفه السابقة من الملف الرئاسي، وعدم استعداده لتقديم أي تنازل يُسهم بملاقاة الفريق الآخر عند منتصف الطريق، لافتًا إلى أن ذلك يعود لـ«اقتناع كل الأطراف بأن الظروف والأرضية الإقليمية التي تتيح انتخاب رئيس للبنان لم تنضج بعد، على الرغم من إصرار الدول المعنية على التأكيد بأن الملف الرئاسي لبناني صرف». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ضد جلسات الحوار المفتوحة إلى أجل غير مسمّى، وسنتمنى على الرئيس بري أن يحدد سقفًا زمنيًا لها وإلا تحولت لهيئة دائمة تتعدى على صلاحيات مؤسسات الدولة».
وإذ رجّح القطب أن تقتصر نتائج «ثلاثية الحوار» التي تنتهي الخميس على «توصيات عامة غير ملزمة»، استبعد كليا أن يكون هناك «من يدفع باتجاه مؤتمر تأسيسي، أو أن تكون هذه الطاولة تمهّد لتغيير النظام اللبناني القائم».
وبحسب النائب عاطف مجدلاني الذي يشارك في الحوار إلى جانب رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة ممثلين تيار «المستقبل»، فقد تم خلال جلسة يوم أمس التفاهم على أمرين أساسيين، التمسك باتفاق الطائف، وإعطاء الأولوية للانتخابات الرئاسية على ما عداها من استحقاقات أخرى، في حال تم التفاهم على سلة متكاملة، مؤكدًا أن كل الفرقاء أعلنوا موافقتهم على هذين البندين. وقال مجدلاني لـ«الشرق الأوسط» إنّه وبما يتعلق بالملف الرئاسي فلم يتم تحقيق أي تقدم يُذكر على أن يتم البحث في جلسة اليوم الأربعاء بموضوع قانون الانتخاب. وفيما عبّر عن تشاؤمه بشكل عام من إمكانية نجاح «ثلاثية الحوار» بتحقيق النتائج المرجوة، اعتبر مجدلاني أن هناك من الفرقاء من لا يزال ينتظر إشارة خارجية للتعاطي بجدية مع الملفات المطروحة.
ولم يقدّم بري، وبخلاف ما كان يتوقع عدد من الفرقاء باعتبار أنّه عرّاب الحوار، أي مبادرة جاهزة للحل أو أي طرح من شأنه أن يقرّب وجهات النظر بين الفرقاء، وهو اكتفى بالتشديد في مستهل الجلسة على أن «الوضع خطير ويفرض علينا الاتفاق»، مسوقًا لـ«دوحة لبنانية» تبدأ بالرئاسة، ومشددًا على أن «السلة هي أساسًا بجدول أعمال الحوار».
وتزامن انعقاد جلسة الحوار مع استكمال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي جولته على المسؤولين اللبنانيين، وهو أعرب عن أمله بعد لقائه بري بأن يؤدي الحوار بين الأطراف إلى حل لكل الملفات العالقة في لبنان، مؤكدًا أن الاستحقاق الرئاسي هو أمر داخلي لبناني. وردًا على سؤال عمّا إذا كانت إيران تشجع مرشحًا معينًا قال: «أكيد لا أكيد لا». والتقى بروجردي أيضًا رئيس الحكومة تمام سلام وأمين عام ما يسمى بـ«حزب الله» حسن نصر الله.
ولم توح التصريحات التي أدلى بها المشاركون بالحوار بعيد انتهاء الجلسة الأولى بعقدهم الكثير من الآمال على النتائج التي ستنتهي إليها الاجتماعات اليومية المستمرة حتى يوم الخميس. ففيما أشار رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى بعض العراقيل، معتبرًا أن «الأمور تحتاج إلى القليل من الصبر»، قال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل إنّه لن يقبل بقانون انتخابات «ليس له قاعدة واضحة ومعيار واحد، ولا بقانون مقسم ومفصل على قياس كل فريق». وأضاف: «أقول ذلك كي لا نهدر وقتنا على نقاش لا جدوى منه». أما عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، فأشار إلى أن جلسة الحوار «لم تأت بجديد من حيث النتائج رغم جديتها»، ولفت إلى أنه «تم التأكيد على اتفاق الطائف، وعلى أن أي اتفاق مهما كانت طبيعته من الناحية العملية يجب أن يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية».
من جهته، كشف وزير الاتصالات بطرس حرب بعد خروجه من جلسة الحوار أن النائب سليمان فرنجية «أبدى استعداده للانسحاب في حال تم التوافق على مرشح آخر»، وقال: «أما أن ينسحب لفرض شخص آخر فلن يفعل». وأشار حرب إلى أن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، اقترح طرح 3 أسماء لرئاسة الجمهورية على أن يتم اختيار أحدها، لكن لم يتم السير به.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».