منظمة أميركية: الـ«هاكرز» الإيراني ينضم للصراع في سوريا

بياناتها اشارت إلى مطور تولى إدارة موقع برمجيات خبيثة مسجل بمدينة شيراز

الزوجان السوريان نورا الأمير وبحر عبد الرزاق في إسطنبول.. نورا تقول إن فترة تعرضها للقرصنة أثارت بداخلها ذعرًا فاق فترة احتجازها لدى أمن النظام (أ.ب)
الزوجان السوريان نورا الأمير وبحر عبد الرزاق في إسطنبول.. نورا تقول إن فترة تعرضها للقرصنة أثارت بداخلها ذعرًا فاق فترة احتجازها لدى أمن النظام (أ.ب)
TT

منظمة أميركية: الـ«هاكرز» الإيراني ينضم للصراع في سوريا

الزوجان السوريان نورا الأمير وبحر عبد الرزاق في إسطنبول.. نورا تقول إن فترة تعرضها للقرصنة أثارت بداخلها ذعرًا فاق فترة احتجازها لدى أمن النظام (أ.ب)
الزوجان السوريان نورا الأمير وبحر عبد الرزاق في إسطنبول.. نورا تقول إن فترة تعرضها للقرصنة أثارت بداخلها ذعرًا فاق فترة احتجازها لدى أمن النظام (أ.ب)

كانت الناشطة المعارضة السورية نورا الأمير تستعرض الرسائل الواردة إلى بريدها الإلكتروني في إحدى الليالي عندما وقعت عيناها على إحدى الرسائل. وكان المرسل يحمل اسم «أسد كرايمز» (جرائم الأسد)، ووعدها بإرسال مزيد من المعلومات إليها بشأن التدخل الإيراني في الشرق الأوسط. إلا أن الرسالة بدت غريبة بعض الشيء، وتبين لاحقًا أنها ملغمة لاختراق خصوصية جهاز الكمبيوتر الخاص بها، مصدره إيران.
وعليه، لجأت الأمير لزوجها المتخصص في الأمن السيبري، بحر عبد الرزاق، داخل منزلهما الصغير بمدينة عنتاب التركية. وسألت الأمير زوجها: «هل سمعت عن هذه الجماعة من قبل؟»، وأجاب بالنفي، لكنه استطرد قائلاً: «لكن دعيني ألقي نظرة على الرسالة».
وسرعان ما تمكن عبد الرزاق، الزميل لدى مجموعة «سيتيزين لاب» المعنية بمراقبة الإنترنت، من الجزم بأن الجماعة المرسلة وهمية. واقع الأمر أن الرسالة التي أرسلت في 3 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، لم تكن سوى فخ إلكتروني، واحدة من مئات الرسائل الخبيثة التي تدفقت ذهابًا وإيابًا مع احتدام القتال بين المعارضة المسلحة ونظام بشار الأسد في سوريا. وهدفت هذه الرسالة على وجه التحديد للإيقاع بالأمير، حيث حمل الموقع الإلكتروني الذي سجله الـ«هاكرز»، اسمها، ما يوحي بمحاولة لسرقة هويتها.
ونورا الأمير من الشخصيات المعارضة المعروفة، (كانت ناشطة في حمص بداية الثورة واعتقلت. ثم انتخبت نائبة لرئيس الائتلاف الوطني السوري قبل انتهاء مدة ولايتها)، وكان من الممكن أن تشكل سرقة هويتها نقطة انطلاق لمهاجمة سوريين آخرين داخل وخارج البلاد.
وبينما سعى عبد الرزاق وزملاؤه لاقتفاء أثر الـ«هاكرز»، عثروا على سلسلة من الدلائل الرقمية التي أدت لإيران. وقد جرى نشر القصة بالتفصيل في تقرير نشرته مجموعة «سيتيزين لاب»، علاوة على مقابلة مع الزوجين وعدد من خبراء مستقلين. وتثير هذه الحادثة إمكانية أن تكون طهران قد تحركت لما هو أبعد عن مجرد بعث رجال ومواد لقلب الموازين داخل سوريا لصالح الأسد.
وتوحي الحادثة بأن الـ«هاكرز» الإيرانيين ربما انضموا للصراع أيضًا. من جانبها، قالت الأمير، 29 عامًا، والتي قضت ستة أشهر محتجزة من جانب النظام السوري قبل أن تنتقل إلى تركيا عام 2013: «هذه ليست صدمة بالنسبة لي، إنهم يقاتلون شعبنا على الأرض. وأعتقد أنه من الطبيعي لأي جانب يقاتلك على الأرض أن يقاتلك عبر الإنترنت».
وقد أشار تقرير يقع في 56 صفحة صادر عن «سيتيزين لاب» إلى أدلة بوجود صلة إيرانية بالأمر. جدير بالذكر أن هذه المجموعة يوجد مقرها داخل «مونك سكول أوف غلوبال أيرز» التابعة لجامعة تورنتو. وقد تخصصت المجموعة في اقتفاء أثر الـ«هاكرز» الذين يستهدفون أعضاء المعارضة السورية، الأمر الذي دفع الكاتب البارز جون سكوت ريلتون للقول بأن الأمر تحول «إلى ما يشبه نموذجًا يجمع عناصر التهديد داخل الشرق الأوسط».
وأوضح التقرير أن من يقفون وراء موقع «أسد كرايمز» كشفوا عن غير قصد عن سجلات موقعهم، ما كشف أدلة تشير إلى أن من أنشأوا الموقع دخلوا إليه جزئيًا من الفضاء الإلكتروني الإيراني، علاوة على أن سلسلة من البيانات التي جرت استعادتها من كود رديء جرى استغلاله في استهداف الأمير، تشير على ما يبدو إلى مطور تولى إدارة موقع برمجيات خبيثة مسجل بمدينة شيراز الإيرانية.
من جهته، قال سكوت ريلتون إن الدلائل «تدفعنا للتفكير في إمكانية وقوف مجموعة تعمل من داخل إيران وراء الأمر». إلا أنه نبه إلى أن الأدلة ليست جازمة، علاوة على أنها لا تكشف الكثير بخصوص الجهة المحتملة التي ترعى المجموعة، بمعنى ما إذا كانت حكومية أو غير ذلك.
وقد أقر خبيران من خارج «سيتيزين لاب» التقرير الذي أصدرته، من بينهما جون هولكويست، من مجموعة «فاير آي»، والذي قال إن محاولة التجسس السيبري الفاشلة «تتماشى مع النشاطات الإيرانية التي سبق وأن لاحظناها، في ما يتعلق بأمن العمليات والهندسة الاجتماعية والتعقيد الفني».
وعلى ما يبدو، فإن الـ«هاكرز» في حالة الأمير وقعوا ببعض الأخطاء، لكن سكوت ريلتون أوضح أن من يستهدفون نشطاء المعارضة السوريين الموزعين بمناطق شتى، ليسوا على مستوى كبير من التعقيد. والملاحظ أن الكثير من المجموعات العاملة بالمنطقة، بما في ذلك «الجيش الإلكتروني السوري» الموالي للأسد، استخدمت أدوات شديدة البساطة وحيل متكررة في مهاجمة أهدافها.
أما الأمير فقالت إن فترة تعرضها للقرصنة أثارت بداخلها خوفًا وذعرًا فاق ما تعرضت له خلال فترة احتجازها وتعذيبها على أيدي قوات الأمن التابعة للأسد.
وقالت: «عندما ألقوا القبض علي، كنت حريصة على أن أخبرهم بما أرغب في الإفصاح عنه فحسب. أما عندما يتعرض المرء للقرصنة، فإنهم يعلمون كل شيء من دون أن يلحقوا بك أذى بدني. وفي حالتنا، فإن هذا أخطر من إلقاء القبض علينا. والخلاصة أننا لسنا آمنين، سواء داخل سوريا أو خارجها».
*خدمة واشنطن بوست
خاص بـ«الشرق الأوسط»



المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.