أوباما يريد التعاون مع روسيا بشأن الملف السوري «رغم العلاقات الصعبة»

ريابكوف يؤكد التعاون مع واشنطن في حلب.. ويشن هجومًا شرسًا على ممارساتها

طفل في أحد شوارع حلب يطالع أحد الإطارات المحترقة  ({الشرق الأوسط})
طفل في أحد شوارع حلب يطالع أحد الإطارات المحترقة ({الشرق الأوسط})
TT

أوباما يريد التعاون مع روسيا بشأن الملف السوري «رغم العلاقات الصعبة»

طفل في أحد شوارع حلب يطالع أحد الإطارات المحترقة  ({الشرق الأوسط})
طفل في أحد شوارع حلب يطالع أحد الإطارات المحترقة ({الشرق الأوسط})

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، أن الولايات المتحدة لا تزال تسعى إلى التعاون مع روسيا لإيجاد حلول دبلوماسية للنزاعين في سوريا وأوكرانيا رغم العلاقة «الصعبة» بين البلدين. في الوقت نفسه قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن بلاده «بدأت التعاون مع الولايات المتحدة في حلب».
جاء كلام أوباما خلال مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض بشأن قضية التجسس على البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي، الذي تتهم واشنطن موسكو بالوقوف وراءها، بهدف تعزيز موقع المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وردًا على سؤال بهذا الصدد تجنب أوباما الرد بشكل مباشر، مكتفيًا بالقول إن «الكثير من الدول تحاول قرصنة أعمالنا».
ووصف أوباما العلاقات مع روسيا التي تشهد فتورًا منذ عام 2012 بأنها «قاسية وصعبة»، بحسب (وكالة الصحافة الفرنسية).
وأضاف: «إلا أن هذا الأمر لن يمنعنا من محاولة البحث عن حلول عندما نستطيع ذلك، مثلا تطبيق اتفاقات مينسك (الاتفاقات الرباعية للسلام في أوكرانيا)، والعمل بشكل يدفع روسيا والانفصاليين إلى إلقاء السلاح، والتوقف عن مضايقة أوكرانيا».
وتابع أوباما: «وهذا لن يمنعنا أيضا من السعي للوصول إلى انتقال سياسي في سوريا يضع حدًا للعذاب هناك».
وكان وزير الخارجية جون كيري حث النظام السوري وروسيا ومجموعات المعارضة المسلحة الاثنين على ضبط النفس. غير أن تصريحه أثار جدلاً في المؤتمر الصحافي اليومي للمتحدث باسم الخارجية الأميركية، حيث تجادل صحافيون وجون كيربي، ظهر أمس، حول تصريحات جون كيري، وزير الخارجية، التي أطلقها يوم الاثنين، وتعلقت بانتقاده لروسيا حول الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، والعودة إلى مفاوضات جنيف.
واعترف المتحدث بأن «الوزير صار متوترا جدا بسبب الموقف الروسي». وأضاف: «كل ما يريد الوزير قوله هو أن لنا حلفاء ننسق معهم، ولهم (الروس) حلفاء ينسقون معهم. وعلى كل جانب دفع حلفائه نحو الوصول إلى اتفاق». وقال إن الروس «يجب أن يكونوا قادرين» على أن يفعلوا ذلك مع حكومة الرئيس الأسد.
وفي جدل حول موعد استئناف مفاوضات جنيف، قال المتحدث إن الأول من هذا الشهر «لم يكن موعدًا مقدسًا»، ولكنه «كان موعدا اتفق عليه، توقعا لتطورات معينة». ورفض أن يحدد موعدا جديدا للمفاوضات، واكتفى بالقول إنه سيكون «قبل نهاية هذا الشهر».
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قد حض، النظام السوري وحليفته روسيا والفصائل المعارضة، على ضبط النفس في المعارك الدائرة في هذا البلد، ولا سيما في مدينة حلب (شمال)، في ظل الأمل الضئيل في الخروج من الأزمة.
وألمح كيري إلى فشل مشروع العملية السياسية الانتقالية الذي كانت المجموعة الدولية لدعم سوريا حددت موعده في الأول من أغسطس (آب).
وقال وزير الخارجية الأميركي خلال مؤتمر صحافي، مساء الاثنين، إنه «من الضروري أن توقف روسيا ونظام الأسد الهجمات، كما هو من مسؤوليتنا حض المعارضة على ألا تكون طرفًا في هذه العمليات».
وكان الأول من أغسطس الموعد الذي حددته الدول الكبرى والإقليمية والأمم المتحدة المجتمعة في إطار المجموعة الدولية لدعم سوريا، لبدء عملية سياسية انتقالية بين نظام بشار الأسد ومجموعات المعارضة. وتنص خارطة الطريق التي تتبعها الأمم المتحدة في المفاوضات حول سوريا، على انتقال سياسي خلال ستة أشهر اعتبارًا من أغسطس، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات خلال 18 شهرًا.
وقال كيري: «حدد هذا التاريخ في سياق التوافق على أن الأطراف المعنية ستتمكن من الحضور إلى المباحثات، وستباشر التفاوض على الفور».
وأضاف: «لكن بسبب الهجمات المستمرة التي يشنها نظام الأسد وجدت المعارضة نفسها عاجزة عن الحضور إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات، في حال لم تتوقف المواجهات».
من جهة أخرى، اعترف كيري ضمنًا بفشل مشروع بدء مرحلة الانتقال السياسي في سوريا. وقال: «منذ الوقت الذي أعلن فيه هذا التاريخ وحتى اليوم، حاولنا بانتظام التوصل إلى وقف فعلي للأعمال القتالية».
وأضاف: «هذه الأيام مهمة لتحديد ما إذا كان أي من نظام الأسد أو روسيا سيحترم توصيات الأمم المتحدة أم لا»، موضحًا أن «المؤشرات حتى الآن مقلقة جدًا للجميع». وتابع: «سنرى خلال الساعات القليلة المقبلة ما إذا كان في إمكاننا تغيير هذه المعادلة».
في موسكو، قال سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، إن بلاده بدأت التعاون مع الولايات المتحدة في حلب. وفي تصريح يوم أمس لوكالة «ريا نوفوستي»، أكد الدبلوماسي الروسي أن بلاده، وفور الإعلان عن «العملية الإنسانية» في حلب، دعت الولايات المتحدة إلى التعاون، مشيرًا إلى أن «الدعوة ما زالت قائمة»، كما دعا «جميع القوى المهتمة بتخفيف معاناة سكان حلب للانضمام إلى العملية الإنسانية الروسية».
وفي إجابته عن سؤال حول إمكانية التعاون مع الولايات المتحدة في حلب بموجب تلك الدعوة، قال ريابكوف: «لقد بدأنا التعاون مع الأميركيين»، داعيا الولايات المتحدة إلى تقييم هادئ للاتفاقات التي تم التوصل إليها حول سوريا وتنفيذها ضمن أسس مقبولة للجميع، دون أن يوضح ما إذا كان يقصد الاتفاقات السابقة في إطار المجموعة الدولية لدعم سوريا والاتفاق الروسي - الأميركي حول وقف الأعمال العدائية، أم الاتفاق الذي تم وضع أطره خلال محادثات لافروف - كيري الأخيرة، ولم تعلن تفاصيله بعد.
وفي حديثه بهذا الشأن، طالب ريابكوف الولايات المتحدة «بأن تضع جانبًا التصريحات غير المقبولة نحو روسيا»، وأن «تقيم ما يجري حاليا بهدوء، وأن تقوم على أقل تقدير ضمن أسس طبيعية مقبولة للجميع، بتنفيذ ما اتفقنا عليه». حسب قول نائب وزير الخارجية الروسي الذي أبدى استياء شديدًا من تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ومطالبته روسيا بعدم مهاجمة حلب.
في هذا الشأن اتهم ريابكوف الولايات المتحدة بأنها أخذت تطلب من روسيا وقف الحرب على الإرهاب في سوريا، في الوقت الذي بدأ يظهر فيه ما قاله إنها «ملامح نقلة نوعية حقيقية بدأت تتبلور معالمها في الحرب على الإرهاب، حققتها القوات الحكومية السورية، بدعم من القوات الروسية». لكن عوضًا عن الممارسات المتسقة، أخذ الأميركيون، حسب قوله «يستخدمون أساليب لا يمكن قبولها، وأخذوا يمارسون إن لم نقل البروباغندا، النهج الذي تعتمده المجموعات المعادية لدمشق الأكثر تشددا وشراسة، ففي أقل تقديرهم (أي الأميركيون) يغطون على تلك المجموعات لفظيا وعبر البروباغندا».
وفي موضوع الشراكة بين روسيا والولايات المتحدة في الموضوع السوري، أعرب ريابكوف عن قناعته بأن هذا أمر غير ممكن في ظل استمرار الجانب الأميركي بعرض شروط إضافية في آخر لحظة قبل توقيع الاتفاقيات بيننا، موضحًا أنه «بعد نهاية كل مرحلة ناجحة من المحادثات، وبعد التوصل إلى اتفاقات محددة، تسارع واشنطن على الفور إلى عرض مطالب إضافية تؤدي إلى خلل في كل الموازين وتعرقل المضي قدمًا»، معربا عن قناعته بأنه «في ظل وضع كهذا من الصعب جدًا التعاون، ولا يمكن أن يدور الحديث حول شراكة حقيقية».
كما دافع نائب وزير الخارجية الروسي عن «العملية الإنسانية الروسية» في حلب، وأشار إلى أن فكرة فتح ممرات إنسانية لخروج المدنيين ومن يرمي السلاح من المقاتلين، ليست فكرة روسية بالأساس، وأنه تم تطبيقها سابقًا في الموصل عدة مرات وبمشاركة مباشرة من واشنطن نفسها، حسب قوله، متسائلا: «لماذا في الحالة السورية لا نفعل الأمر ذاته مع حلب؟».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.