لجنة رفيعة المستوى تحقق في اتهامات العبيدي لرئيس البرلمان العراقي ونواب بالفساد

الجبوري يرفض قرار العبادي بمنعه من السفر ويؤكد أن القضاء هو المختص

لجنة رفيعة المستوى تحقق في اتهامات العبيدي لرئيس البرلمان العراقي ونواب بالفساد
TT

لجنة رفيعة المستوى تحقق في اتهامات العبيدي لرئيس البرلمان العراقي ونواب بالفساد

لجنة رفيعة المستوى تحقق في اتهامات العبيدي لرئيس البرلمان العراقي ونواب بالفساد

فيما أعلن رئيس اللجنة العليا للتحقيق في اتهامات الفساد، التي وجهها وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي، إلى رئيس البرلمان سليم الجبوري وعدد من النواب، بدء عملها من اليوم، رفض الجبوري قرارًا اتخذه رئيس الوزراء حيدر العبادي، بمنع من وردت أسماؤهم في اتهامات العبيدي من السفر مؤقتًا، لحين إكمال التحقيقات معهم.
وقال طلال الزوبعي رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، ورئيس لجنة التحقيق العليا في اتهامات العبيدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة التي تشكلت للتحقيق فيما ورد من اتهامات بحق عدد من الشخصيات البارزة يتصدرها رئيس البرلمان نفسه سليم الجبوري خلال استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي، ليست لجنة برلمانية فقط، بل لجنة وطنية تضم ممثلين عن رئاستي الجمهورية والوزراء، وكذلك وزارة الدفاع وعدد من النقابات، مثل نقابتي المحامين والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن عدد من لجان البرلمان، مثل القانونية والأمن والدفاع والمالية، وذلك لكون ما ورد من اتهامات خطيرة، لم تعد تمثل جهة معينة بذاتها، بل أصبحت قضية وطنية تتطلب مشاركة الجميع من أجل الاطلاع على الحقائق والوقائع، التي سوف نتعامل معها فقط، ولن نتعامل مع أي كلام دون أدلة».
وأضاف الزوبعي أن «خطورة ما حصل وهو ما جعلنا نحرص على اطلاع الرأي العام العراقي عليه، أنه ولأول مرة يكون البرلمان كله موضع اتهام، وبالتالي يتطلب ذلك مكاشفة صريحة وشفافة، حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود»، مبينًا أن «اللجنة ستباشر فورًا عملها بالتحقيق مع الأسماء الواردة في الاتهامات، حيث قررنا أن تكون البداية مع رئيس البرلمان نفسه (سليم الجبوري) ووزير الدفاع (خالد العبيدي)، والأخير سنطالبه بدعم ما ساقه من اتهامات بالأدلة والوثائق». وأشار إلى أن «هدفنا هو الوصول إلى الحقيقة من دون تشهير أو مساومة أو مماطلة، وسنتخذ قرارات مدروسة وقانونية بعيدًا عن أي ضغوط يمكن أن تمارس علينا».
وأوضح الزوبعي أن «عملنا سوف يستمر وأستطيع القول إنه بالقياس إلى ما تم ذكره من تهم وما بحوزتنا نحن من ملفات فساد تخص قضايا مختلفة، أستطيع القول إن مهمتنا الوطنية بدأت الآن، حيث حان وقت محاربة الفساد دون أن تأخذنا في الحق لومة لائم». وأكد الزوبعي أن «ما يجعلنا حريصين جدًا على إظهار الحقيقة أمام الناس وبأقصى سرعة، هو أن البرلمان أصبح اليوم هو المتهم أمام الشعب، وهذا أمر خطير ويتطلب منا التعامل مع هذه الاتهامات بجدية بالغة، دون أن ننسى أن هناك أحزابًا وقوى سياسية موغلة في الفساد، ولديها لجان اقتصادية وموارد مالية مفتوحة من ميادين مختلفة، بحيث لن تكون بعد اليوم، بعيدة عن كشف ملفاتها».
من جهته، أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات التي بحوزتي تشير إلى أن وزير الدفاع لديه على ما يبدو ما يثبت كلامه، وبالتالي هو لم يتحدث عن فراغ، لأنه لا يمكنه وبهذه السهولة أن يورط نفسه». وكشف الزاملي أن «العبيدي تحدث معي قبل أيام، وأكد لي أن لديه أدلة على ما سوف يتحدث به أمام البرلمان خلال جلسة استجوابه، لكني لم أطلع عليها، حيث طالبته بإرسالها إلى لجنة الأمن البرلمانية، وقد وعد بإرسالها ولكنها لم تصل حتى الآن».
إلى ذلك رفض رئيس البرلمان قرارًا بمنع السفر أصدره رئيس الوزراء بحق من وردت أسماؤهم في اتهامات العبيدي. وقال مكتب العبادي إن «رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، أصدر أمرًا بالمنع المؤقت لسفر من ورد اسمه في استجواب مجلس النواب»، أول من أمس. وأضاف أن «الأمر يأتي من أجل التحقيق بصحة الادعاءات، وذلك لخطورة التهم الواردة».
لكن مكتب الجبوري سرعان ما رد على منع العبادي بالقول وفي بيان رسمي، إن «قرار منع السفر لأي مواطن يحمل جوار السفر العراقي، هو من اختصاص القضاء العراقي حصرًا»، مبينًا أن «القضاء يلجأ لاتخاذ هكذا قرارات، عندما تكون هناك دعاوى قضائية مرفوعة ضد شخص معين، يرى القضاء ضرورة منعه من السفر لحين استكمال التحقيق». ودعا البيان إلى «احترام القضاء العراقي بموجب المادة (15) والمادة (37) من الدستور العراقي»، مشيرًا إلى أنه «لغاية الآن لم ترفع دعوى قضائية ضد أي اسم من الأسماء التي ذكرها وزير الدفاع، وبالتالي لا توجد قضية ضدهم، ولم يصدر أي قرار قضائي بمنعهم من السفر».
في السياق نفسه، أكد الخبير القانوني أحمد الجميلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بموجب فصل السلطات في العراق، وطبقًا للقانون العراقي، فإن صلاحيات رئيس الوزراء تنفيذية، ولا يحق له التدخل في صلاحيات القضاء، لأنه قد يتعرض هو نفسه للمساءلة القانونية، بسبب زحفه على صلاحيات السلطة القضائية». وأضاف أن «منع السفر من اختصاص مجلس القضاء الأعلى، وكان الأولى برئيس الوزراء الطلب من السلطة القضائية اتخاذ هذا الإجراء، لا أن يصدره هو، لأن ذلك يسبب تقاطعًا في الصلاحيات».
من جهتهم فقد تظاهر العشرات من الناشطين المدنيين وسط العاصمة بغداد، للمطالبة بالتحقيق في ملفات الفساد التي كشف عنها وزير الدفاع خالد العبيدي في البرلمان. وطالب المتظاهرون بتشكيل لجان حقيقية للتحقيق في ملفات الفساد. وعد المتظاهرون ما كشفه العبيدي، خطوة مهمة على صعيد محاربة الفساد المستشري في البلاد.
إلى ذلك، عد تحالف القوى العراقية الذي ينتمي إليه وزير الدفاع في بيان أمس الاستجواب البرلماني «واحدًا من وسائل الرقابة البرلمانية على أداء السلطة التنفيذية، وهو حق دستوري يتمتع به أعضاء مجلس النواب ما دام لديهم أدلة كافية تقتضي ذلك». واستدرك قائلاً إن ما حدث في جلسة أول من أمس خلال استجواب وزير الدفاع «كان محاولة منه لسلب المجلس حقه من خلال التشهير به وتحويل الاستجواب من ممارسة مهنية إلى استهداف سياسي بهدف الالتفاف على الاستجواب والآثار التي يمكن أن تترتب عليه». وأضاف أن «سياسة كيل الاتهامات لرئيس مجلس النواب وبعض أعضاء المجلس من تحالف القوى ومن دون أي دليل سوى الأقاويل غير المسندة بشهود أو وقائع، قد حولت الاستجواب إلى استهداف سياسي لأحد أبرز قياديينا وأعضائنا، بل وللعملية السياسية برمتها، من خلال التشهير بسلطتها التشريعية والحط من قيمتها جماهيريًا في وقت تمثل فيه الإرادة الشعبية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».