الانقسامات داخل «تيار عون» تتفاقم.. وتحذيرات من انعكاسها على الملف الرئاسي

معارضو باسيل يدفعون باتجاه تغيير النظام الداخلي.. وتحرك واسع خارج لبنان

وزير الخارجية اللبناني لدى استقباله رئيس لجنة الأمن الوطني في البرلمان الإيراني في بيروت أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اللبناني لدى استقباله رئيس لجنة الأمن الوطني في البرلمان الإيراني في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

الانقسامات داخل «تيار عون» تتفاقم.. وتحذيرات من انعكاسها على الملف الرئاسي

وزير الخارجية اللبناني لدى استقباله رئيس لجنة الأمن الوطني في البرلمان الإيراني في بيروت أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اللبناني لدى استقباله رئيس لجنة الأمن الوطني في البرلمان الإيراني في بيروت أمس (أ.ف.ب)

كما كان متوقعا، فاقمت الانتخابات التمهيدية التي نظمها «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه العماد ميشال عون ويترأسه حاليا صهره، وزير الخارجية جبران باسيل من الانقسامات داخل التيار بعد خوض معارضي الأخير الاستحقاق وفوز محسوبين عليهم في أكثر من دائرة انتخابية، وتحضيرهم لمرحلة مقبلة من المواجهة ستشمل «العونيين» الموجودين خارج لبنان، وهي تحركات تهدد برأي مقربين من باسيل، حظوظ عون برئاسة الجمهورية.
وان كانت العملية الانتخابية التي شارك فيها مئات الحزبيين يوم الأحد الماضي لاختيار المرشحين العونيين الذين سيخوضون الاستحقاق النيابي في مايو (أيار) المقبل، تجربة فريدة وغير مسبوقة في الأحزاب اللبنانية، إلا أن تزامنها مع قرار حزبي بفصل 4 من القياديين والمناضلين القدامى، أثار خيبة عارمة لدى قسم كبير من جمهور التيار الذي صوّت بإطار «رد الفعل»، وهو ما ظهر جليا بعدد الأصوات الـ170 التي نالها زياد عبس، المفصول حديثا من التيار، مقابل 184 صوتا نالها منافسه الأبرز الوزير السابق نقولا صحناوي في دائرة بيروت الأولى.
وأصدر المجلس التحكيمي في «التيار الوطني الحر» قبل ساعات من موعد الانتخابات التمهيدية، أربعة قرارات، قضت بفصل كل من نعيم عون، ابن أخي العماد عون، وزياد عبس، وأنطوان نصرالله وبول أبي حيدر، مستندا، كما قال، على أحكام المادة 2 من النظام الداخلي، «لثبوت ارتكابهم بشكل علني وفاضح، مخالفات متكررة ومتمادية تتناقض مع أبسط قواعد الانضباط الحزبي، وتشكل إخلالا قصديا بالموجبات، التي يفرضها ميثاق التيار ونظامه، رغم التنبيهات المتكررة الصادرة سابقا بهذا الخصوص».
وكان المجلس التحكيمي تحرك انطلاقا من قرار عبس وناشطين آخرين التمرد على القرار الحزبي في الانتخابات البلدية الأخيرة وبالتحديد في دائرة بيروت ودعم مرشحين لا يؤيدهم التيار، مؤكدين أن ما قاموا به من صلاحياتهم ما دام أنّه لم تتم استشارتهم بالقرارات التي اتخذت وأدت لدعم لائحة ترفضها معظم القاعدة العونية في المنطقة، على حد قولهم.
وبحسب مصادر «المعارضة العونية» التي يقودها وبشكل أساسي نعيم عون، والقياديون السابقون في التيار انطوان مخيبر وطوني نصرالله ورمزي كنج وزياد عبس، فإن «ما كان قبل الانتخابات التمهيدية لن يكون كما بعدها باعتبار أن الجمهور العوني قال كلمته وأثبت أن الأرض لا تميل لباسيل وللقيادة الحالية، والنتائج الكبيرة التي حققنا في معظم الدوائر أصدق دليل على ذلك»، لافتة إلى أنّهم سعوا جاهدين لوقف «حركة اعتراضية كبيرة داخل التيار عشية الانتخابات التمهيدية كانت ستتخذ شكل تقديم استقالات بالجملة وخاصة في منطقتي بعبدا وجبيل بعد عملية فصل المناضلين الـ4». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «خطة العمل لا تزال تلحظ العمل بشكل متواز من داخل وخارج التيار. هناك عدد من النواب الحاليين في صفنا والذين باتوا معروفين تماما كما أعداد كبيرة من المحازبين الذين سيضغطون باتجاه تغيير النظام الداخلي الحالي المتبع وإعادته إلى ما كان عليه قبل التعديلات التي أدخلها باسيل وبالتحديد بملفات صلاحيات الرئيس والمكتب السياسي والمجلس التحكيمي». كما تضغط المعارضة، وبعد إعادة النظر بالنظام، باتجاه إجراء الانتخابات الحزبية الرئاسية من جديد وكل الاستحقاقات التي تلتها.
وبعد مرحلة من انقطاع التواصل كليا بين معارضي باسيل والعماد عون، كشفت المصادر أنّه «تم في الساعات الماضية فتح قناة اتصال مع زعيم التيار لم تحقق أي تقدم يُذكر ويبدو أنّها تسعى لإرساء نوع من التهدئة». وأضافت: «إلا أننا كنا واضحين لجهة أننا لم نكن نحن من فتح المعركة بل فريق باسيل من قام بذلك، لكن لا شك أنّه لن يكون قادرا على إغلاقها باعتبار أننا بدأنا بتطبيق خطة عمل تلحظ التواصل مع الناشطين بكل المناطق كما مع العونيين في الانتشار، حيث سيكون لنا تحرك واسع وزيارات قريبة إلى خارج لبنان لإيصال وجهة نظرنا مما يحصل».
وتستهجن «المعارضة العونية» ما ورد من مقربين من باسيل لجهة أن التحرك المعارض يهدد حظوظ العماد عون برئاسة الجمهورية، مشددة على أن «الرئاسة، وكما الكل يعلم وبنسبة 100 في المائة ذات بعد خارجي ولا تأثير داخليا على الإطلاق عليها».
وبدأت الأزمة داخل «التيار الوطني الحر» الصيف الماضي جراء الضغوط التي مورست على الراغبين بالترشح لمنصب رئيس التيار وأبرزهم النائبين آلان عون وزياد أسود، لتخلو الساحة لصهر عون، وزير الخارجية الحالي جبران باسيل، الذي اعتبر معارضوه أنّه تم تعيينه لا انتخابه ديمقراطيا. ويسعى الأخير ومنذ تسلم رئاسة التيار في أغسطس (آب) الماضي لإقصاء معارضيه، ومعظمهم ممن يعرفون بـ«القدامى والمؤسسين» الذين يعترضون على السياسة التي يتبعها عون وصهره بإعطاء الدور الأبرز لـ«المتمولين» خاصة حين يتعلق الأمر بالتوزير، باعتبار أن قسما كبيرا من الوزراء الذين سمّاهم عون في الحكومات المتعاقبة، كان حتى وقت ليس ببعيد لا ينتمي للتيار بل إلى تيارات وأحزاب أخرى.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.