بعد الانتهاء من الجيش.. تركيا تتجه إلى هيكلة المخابرات

هيئة الشؤون الدينية تطالب بالانضمام للرئاسة

أعضاء من حزب الوطن يرفعون أعلام بلادهم أمام السفارة الأميركية قبل ساعات من لقاء رئيس الأركان الأميركي جوزيف دانفورد برئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس (أ.ف.ب)
أعضاء من حزب الوطن يرفعون أعلام بلادهم أمام السفارة الأميركية قبل ساعات من لقاء رئيس الأركان الأميركي جوزيف دانفورد برئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس (أ.ف.ب)
TT

بعد الانتهاء من الجيش.. تركيا تتجه إلى هيكلة المخابرات

أعضاء من حزب الوطن يرفعون أعلام بلادهم أمام السفارة الأميركية قبل ساعات من لقاء رئيس الأركان الأميركي جوزيف دانفورد برئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس (أ.ف.ب)
أعضاء من حزب الوطن يرفعون أعلام بلادهم أمام السفارة الأميركية قبل ساعات من لقاء رئيس الأركان الأميركي جوزيف دانفورد برئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة التركية أن جهاز المخابرات الوطنية التركي ستعاد هيكلته، وذلك في خطوة تأتي بعد أن أعيدت هيكلة الجيش، ووضعه تحت السيطرة المدنية. وقال نائب رئيس الوزراء التركي المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتولموش، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي، أمس (الاثنين): «إعادة هيكلة المخابرات الوطنية مطروحة على أجندة الحكومة مثلما حدث مع الجيش».
وتأتي هذه التصريحات بعد أن سرحت تركيا نحو 1400 فرد من قواتها المسلحة، وضمت وزراء بالحكومة إلى مجلس الشورى العسكري الأعلى، ونقلت تبعية قادة القوات المسلحة إلى وزارة الدفاع، ومستشفياتها إلى وزارة الصحة، كما أغلقت جميع المدارس العسكرية، وقررت إنشاء جامعة للدفاع الوطني يعين رئيسها من قبل رئيس الجمهورية، وأعطت رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء صلاحية إعطاء أوامر مباشرة للقادة العسكريين، في إجراءات لإحكام السيطرة على الجيش، في إطار حالة الطوارئ بعد محاولة الانقلاب.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مقابلة تلفزيونية مساء السبت، أنه يريد وضع الجيش التركي وجهاز المخابرات تحت سلطة رئاسة الجمهورية. وفي سياق مواز، قال رئيس هيئة الشؤون الدينية محمد جورماز إنه يجب إلحاق رئاسة هيئة الشؤون الدينية برئاسة الجمهورية، أسوة بما سيحدث مع رئاسة هيئة أركان الجيش. ولفت جورماز، في تصريحات صحافية، إلى أن رئاسة هيئة الأركان العامة للجيش ووزارة الشؤون الدينية تأسستا بالقانون نفسه بتاريخ 4 مارس (آذار) 1924، فيجب تطبيق القرار المطبق على رئاسة الأركان العامة للجيش، وإلحاق هيئة الشؤون الدينية (وزارة الشؤون الدينية سابقا) برئاسة الجمهورية. وكان قد تم إلحاق هيئة الشؤون الدينية برئاسة مجلس الوزراء، في فترة رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو.
وعلى صعيد آخر، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوويش أوغلو إن أنقرة طلبت من واشنطن، بشكل مبدئي، احتجاز فتح الله غولن، الذي تتهمه السلطات التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) الماضي.
وأضاف تشاوويش أوغلو، في لقاء مع صحيفة فرانكفورتر الألمانية: «ليس لدي أدنى شك في وقوف (منظمة فتح الله غولن) وراء محاولة الانقلاب. لقد وجدنا قوائم بأسماء الأشخاص الذين كانوا سيتولون مناصبنا في حال نجح الانقلاب، وهؤلاء على ارتباط بمنظمة غولن، وسنشارك الولايات المتحدة كل هذه المعلومات، لكننا طلبنا مبدئيا من الولايات المتحدة احتجاز غولن مؤقتا، ويجب على الأميركيين منع فرار غولن إلى دولة أخرى». ولفت جاويش أوغلو إلى أن الشخص الذي احتجز رئيس أركان الجيش التركي، خلوصي أكار، أراد أن يجري لقاءً بين الأخير وغولن، مضيفا: «حددنا ارتباط الانقلابيين مع المنظمة، ولدينا اعترافاتهم، كما شارك في محاولة الانقلاب بعض عناصر الشرطة السابقين الذين تم إبعادهم من وظائفهم لارتباطهم بالمنظمة المذكورة، وتم إلقاء القبض على أحدهم ليلة الانقلاب داخل إحدى الدبابات»، في إشارة إلى مدير أمن إسطنبول السابق مدحت أيناجي.
وردا على سؤال حول علم أجهزة الاستخبارات الأميركية مسبقا بمحاولة الانقلاب الفاشلة، أوضح تشاوويش أوغلو أنه من الخطأ استخلاص علم أجهزة استخبارات بالولايات المتحدة أو دول أخرى بالتحضير للانقلاب، وعدم مشاركة تلك المعلومات مع تركيا، قبل امتلاك أدلة قاطعة وكافية.
وأضاف: «في الحالات العادية، تشارك الدول الصديقة معلوماتها الاستخباراتية مع بعضها البعض، ورغم أن محاولة الانقلاب نفذتها مجموعة صغيرة داخل القوات المسلحة التركية، إلا أن عدم علم أجهزة الاستخبارات بالتحضير لمحاولة الانقلاب مسبقا، يظهر وجود ضعف استخباراتي كبير في تركيا».
وعن الاعتقالات وحالة الطوارئ، قال: «نحن مستعدون للحوار مع أوروبا والمجتمع الدولي، وسنستمر في التواصل معهم، والإجابة على كل أسئلتهم واستفساراتهم، لأننا نهدف لتعاون وثيق، لكن يجب أن لا تكن لدى الأوروبيين أحكام مسبقة، ويجب عليهم أن يبتعدوا عن شرعنة الانقلابيين بطريقة غير مباشرة، أو إظهارهم على أنهم أبرياء». وعما إذا كانت محاكمة الانقلابيين ستكون علنية أم مغلقة، قال تشاوويش أوغلو: «كوزارة العدل ووزارة الخارجية، سنبذل قصارى جهدنا من أجل أن تكون عملية المحاكمة شفافة».
وفي سياق آخر، قال تشاوويش أوغلو إن أنقرة ستضطر للتراجع عن اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي بشأن وقف تدفق المهاجرين إلى دوله، إذا لم يمنح الاتحاد المواطنين الأتراك حق السفر إليها دون تأشيرة.
وتعرض السماح بدخول الأتراك إلى دول الاتحاد دون تأشيرة إلى التأجيل أكثر من مرة بسبب خلاف بشأن تشريع تركي لمكافحة الإرهاب، وحملة أنقرة ضد المعارضين في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال تشاوويش أوغلو إن الاتفاق بشأن وقف تدفق اللاجئين كان فعالا بسبب «إجراءات مهمة للغاية» اتخذتها أنقرة.
وأضاف: «لكن كل ذلك يعتمد على إلغاء شرط التأشيرة لمواطنينا الذي هو أحد بنود اتفاق 18 مارس الماضي بشأن اللاجئين، وأن الحكومة التركية بانتظار تحديد موعد دقيق لإلغاء شرط التأشيرة.. قد يكون ذلك في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) أو منتصفه، لكننا بانتظار موعد محدد». وفي وقت سابق، قال جونتر أوتينجر، مفوض الاتحاد الأوروبي، إنه لا يرى أن يمنح الاتحاد الأوروبي الأتراك حق السفر دون تأشيرة هذا العام بسبب حملة أنقرة التي تلت المحاولة الانقلابية. وفيما تبذل أنقرة جهودا كبيرة لملاحقة غولن، أعلنت كازاخستان أنها لن تغلق المدارس التركية - الكازاخستانية الموجودة داخل أراضيها، لتنضم بذلك إلى الولايات المتحدة وألمانيا والسنغال وإندونيسيا وقيرغيزستان التي رفضت طلب السلطات التركية إغلاق مدارس حركة «خدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن، الذي يتهمه إردوغان بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تركيا منتصف يوليو الماضي.
وكان سفير تركيا لدى كازاخستان نوزات أويانك قد أعلن، في مؤتمر صحافي، الخميس الماضي، أن المدارس التركية – الكازاخستانية الموجودة داخل كازاخستان لا علاقة لها بتركيا، ليعقب هذه التصريحات بيانا من وزارة التعليم الكازاخستانية، أمس، وجهت فيه سؤالا إلى السلطات التركية، قائلة: «إذا كانت هذه المدارس لا علاقة لها بتركيا، فلماذا تطالب السلطات التركية بإغلاقها؟»، مشددة على أن المدارس ستواصل عملها.
كما طالبت الوزارة، في بيانها، طلاب المؤسسات التعليمية التابعة لها، وأولياء أمورهم، بعدم القلق، قائلة: «ستواصل هذه المدارس عملها بالطريقة نفسها التي اتبعتها حتى هذه اللحظة، ولا داعي لأن يقلق الطلاب وأولياء أمورهم، ولا تبحثوا عن مدارس أخرى». وذكرت الوزارة في بيانها أن هذه المدارس تابعة لوزارة التعليم الكازاخستانية، وتعمل وفقا للمعايير الدولية.
وقالت الوزارة في بيانها إن 91.7 في المائة من موظفي هذه المدارس هم مواطنون كازاخستانيون، وإن 8.9 في المائة فقط مواطنون أتراك، مشيرة إلى أن التعليم داخل هذه المدارس يتم باللغة الكازاخستانية، وأن هذه المدارس ضمن أفضل 100 مدرسة في امتحانات القبول بالجامعات. وأفادت الوزارة، في ختام بيانها، بأن المدارس التركية - الكازاختسانيية تتمتع بمكانة خاصة في المجتمع الكازاخستاني، وأنه من الخطأ ربطها بأي أحداث سياسية في تركيا، مؤكدة أنه ليس من حق أحد الضغط على كازاخستان لإغلاق هذه المدارس، وأن هذه المدارس ملك لكازاخستان وشعبها. في الوقت نفسه، قال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش إن حزب العدالة والتنمية الحاكم قد يتضمن في صفوفه بعض المنتمين إلى ما يسمى بـ «منظمة فتح الله غولن» أو (الكيان الموازي) المتهمة في محاولة الانقلاب في تركيا.
وأضاف أنه إذا ثبتت صلة هؤلاء بمنظمة غولن، فإنه سيتم التعامل معهم مثلما تم التعامل مع جميع المنتمين، أو من تربطهم صلة بها، وسيتم فصلهم من الحزب. وبدوره، كشف رئيس بلدية أنقرة مليح جوكتشيك عن أن المرحلة القادمة قد تشهد محاولات لاغتيال مسؤولين كبار في تركيا، قائلا إن «منظمة غولن» أعادت تركيا إلى ما قبل حقبة رئيس الوزراء بولنت أجاويد، في سبعينات القرن الماضي، من خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، التي يتهم غولن بالوقوف وراءها.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.