رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في واشنطن لبحث المساعدات الأميركية لتل أبيب

رئيس الوزراء الإسرائيلي يتعهد بعدم مطالبة الكونغرس بإقرار مساعدات إضافية

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في واشنطن لبحث المساعدات الأميركية لتل أبيب
TT

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في واشنطن لبحث المساعدات الأميركية لتل أبيب

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في واشنطن لبحث المساعدات الأميركية لتل أبيب

في وقت أكدت فيه مصادر إسرائيلية وأميركية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تراجع عن «شروطه المتبجحة لقبول المساعدات الأميركية البالغ قيمتها 35 مليار دولار للسنوات العشر المقبلة»، استقبل قادة الجيش ووزارة الدفاع في الولايات المتحدة، أمس، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت، في زيارة وصفت بأنها «للعمل والتنسيق» لمدة أربعة أيام.
وباشر آيزنكوت لقاءاته وأبحاثه في مواضيع شتى، أبرزها «التحديات الأمنية المشتركة للبلدين، والأوضاع الإقليمية والأمنية في الشرق الأوسط، وأوجه التعاون العسكري بين البلدين». ويحل آيزنكوت خلال زيارته التي تمتد لبضعة أيام ضيفا على رئيس الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، ويعقد لقاءات عمل مع جهات عسكرية وأمنية أميركية أخرى.
ومع أن المصادر الإسرائيلية حاولت استبعاد قضية المساعدات الأميركية لإسرائيل في السنوات العشر المقبلة، باعتبارها تخص نتنياهو مباشرة، لكنَّ مصادر إعلامية مطلعة أكدت في تل أبيب أن آيزنكوت سيضمنها في مباحثاته، رغم ما يعتريها من إشكاليات، كما سيزور آيزنكوت مقر التدريبات العملية على طائرة «إف 35» في فلوريدا.
من جهة ثانية، غادر يعقوب نيغل، القائم بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، صباح أمس إلى واشنطن، في محاولة لإنهاء المفاوضات على صفقة المساعدات الأمنية الأميركية للسنوات العشر المقبلة (2018 - 2027)، التي تعتبر من أقسى وأسوأ مفاوضات بين البلدين، علما بأن الولايات المتحدة تقوم بدعم إسرائيل بقيمة 30 مليار دولار كل عشر سنوات، وذلك منذ سنة 1978، تشجيعا لها على دخولها في سلام مع مصر. ومع توقيع الاتفاق النووي الإيراني طالب نتنياهو برفع المبلغ إلى 45 - 50 مليار دولار، باعتبار أن الاتفاق يفرض على إسرائيل تحديات أكبر وأخطر من السابق. وعندما ناقشته إدارة البيت الأبيض وأبدت خلافها معه، لجأ إلى منافسي الرئيس باراك أوباما في الكونغرس، وراح يحرض على إدارة البيت الأبيض وامتنع عن توقيع الاتفاق، وبدأ يلمح بأنه سينتظر الرئيس المقبل للولايات المتحدة ليوقع معه.
ويجمع المراقبون الإسرائيليون على أن هذا التمنع من نتنياهو يرتد عليه وعلى إسرائيل، ويعتقدون بأن «البيت الأبيض لم ينس ولم يصفح، ويصر على أن يدفع نتنياهو ثمن خطاياه»، مشيرين إلى أنه منذ قيام إسرائيل لم يسبق وأن ارتكب زعيم إسرائيلي أخطاء كهذه بحق رئيس أميركي.
وفي حين كان نتنياهو يعلن أنه يطلب 50 مليارا لكي يحصل على 40 – 45 مليارا، يبدو أن الإدارة الأميركية حددت مبلغا أقل، وهو (3.5 - 3.7 مليار دولار).
وكانت الإدارة الأميركية أوضحت لنتنياهو بأن فرصته لزيادة المبلغ قد فاتت، وتحدته أن ينتظر الرئيس المقبل، وحذرت جهات كثيرة في واشنطن إسرائيل، بينها نائب الرئيس جو بايدن، بأنه يخاطر بالفشل، لكنه أصر على رأيه. ووصل الصراع إلى قمته في 25 أبريل (نيسان)، عندما وقع 83 عضوا في مجلس الشيوخ على رسالة تدعم زيادة المساعدات، وكتبوا في رسالتهم أنه «على خلفية الارتفاع الدراماتيكي في التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل، فإننا على استعداد لدعم اتفاق يزيد حجم المساعدات، ويوفر لإسرائيل الموارد المطلوبة للدفاع عن نفسها والحفاظ على تفوقها النوعي»، لكن البيت الأبيض رد بشكل قاسٍ، حيث تم رفض رسالة أعضاء مجلس الشيوخ نهائيا، وعلى الملأ.
وجرت محاولة أخرى لم يتم النشر عنها، حيث نقل ديوان نتنياهو رسالة إلى البيت الأبيض، جاء فيها أن مبادرة أعضاء مجلس الشيوخ لم تتم بمعرفة إسرائيل، ولا بمعرفة نتنياهو ولا حتى السفير الإسرائيلي لدى واشنطن، رون دريمر. وردا على ذلك طالب البيت الأبيض قادة الموقعين على الرسالة، العضو الجمهوري ليندزي أبراهام، والعضو الديمقراطي كريس كونس، الإعلان على الملأ بأنهما كتبوا الرسالة من دون معرفة الحكومة الإسرائيلية.
وحتى يوم أمس لم يصدر بيان كهذا. كما طلب البيت الأبيض بأن يجري تحويل كل المساعدات الأميركية لشراء المعدات والأسلحة من الولايات المتحدة، حسب المتبع، لكن إسرائيل ادعت أن هذا يعني فرض عقوبة الموت على الصناعات الأمنية الإسرائيلية، وأنه سيتم فصل عشرات آلاف العمال. وبعد ذلك وافقت الولايات المتحدة على السماح لإسرائيل خلال السنوات الخمس الأولى من فترة الاتفاق بمواصلة الشراء من الصناعات الإسرائيلية بواسطة جزء من المساعدات الأميركية، ولكن بعد ذلك ستقلص الولايات المتحدة الميزانية بشكل تدريجي حتى الصفر (باستثناء المشاريع المشتركة، كمشاريع الصواريخ).
وكان الكونغرس قد قرر منح إسرائيل مبلغ 600 مليون دولار أخرى خلال السنة المالية 2017 دعما لمشروع الصواريخ، لكن الإدارة غضبت، فأصدر نتنياهو بيانا عشية سفر نيغل، يعلن فيه التزامه بعدم طلب أي مساعدة في سنة 2017.



منظمة دولية: الحوثيون يعرّضون المساعدات الإنسانية للخطر

يمني يحمل حصة المساعدات التي حصل عليها في طريقه إلى منزله (إعلام محلي)
يمني يحمل حصة المساعدات التي حصل عليها في طريقه إلى منزله (إعلام محلي)
TT

منظمة دولية: الحوثيون يعرّضون المساعدات الإنسانية للخطر

يمني يحمل حصة المساعدات التي حصل عليها في طريقه إلى منزله (إعلام محلي)
يمني يحمل حصة المساعدات التي حصل عليها في طريقه إلى منزله (إعلام محلي)

اتهمت منظمة حقوقية دولية بارزة الجماعة الحوثية بقمع المجتمع المدني، وتعريض المساعدات الإنسانية للخطر، وقالت إنهم مستمرون في احتجاز وإخفاء موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية. كما انتقدت الهجمات الإسرائيلية على موانئ الحديدة، واستهداف الحوثيين إسرائيل.

ووفق التقرير العالمي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» عن عام 2025، فإن الأطراف المتحاربة في اليمن، وخاصة الحوثيين، قمعت المجتمع المدني بشكل أكبر، وعرقلت تقديم المساعدات الإنسانية وعرَّضتها للخطر في عام 2024. كما احتجز الحوثيون وأخفوا تعسفياً العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني.

وقالت نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين بالمنظمة: «إن الحوثيين أظهروا نفاقاً حقيقياً، حيث قالوا إنهم يقفون مع الفلسطينيين الذين يواجهون القمع الإسرائيلي، بينما هم أنفسهم يضطهدون المجتمع المدني اليمني».

وطالبت الباحثة الحكومات والأمم المتحدة بالضغط على الجماعة للإفراج عن جميع الأفراد المعتقلين تعسفياً، وإدانة جميع الجهات الفاعلة التي تهدد المجال المدني والمساعدات الإنسانية باليمن، بما في ذلك إسرائيل.

الهجمات الإسرائيلية تهدد وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن لجهة استهدافها الموانئ (إكس)

ومع تأكيد المنظمة أن الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة؛ وهو نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية، تُهدد توفير المساعدات، وقد ترقى إلى جرائم حرب، قالت إن الهجمات العشوائية التي شنها الحوثيون، والتي أصابت سفناً مدنية في البحر الأحمر وأسفرت عن مقتل مدنيين، وأصابت أهدافاً مدنية في إسرائيل، قد ترقى أيضاً إلى جرائم حرب.

اعتقالات وقيود

وفق التقرير، فإنه، ومنذ 31 مايو (أيار) 2024، اعتقل الحوثيون وأخفوا قسراً عشرات الأشخاص، بما في ذلك ما لا يقل عن 17 موظفاً في وكالات الأمم المتحدة وعدد من موظفي المنظمات غير الحكومية والسفارات الأجنبية والشركات الخاصة العاملة بالأراضي التي يسيطرون عليها.

كما أدت عرقلة الحوثيين للعمليات الإنسانية وقطع المعلومات داخل أراضيهم، إلى تفاقم تفشي الكوليرا الذي انتشر في جميع أنحاء اليمن وتسبَّب في وفاة 258 شخصاً من بين 95000 حالة مشتبه بها.

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)

واتهمت المنظمة جميع الأطراف اليمنية المتحاربة بفرض مزيد من القيود على حرية حركة النساء، وفي كثير من الحالات طلب منهن عند السفر ضرورة مرافقة أحد الأقارب من الذكور (المحرم). وذكرت أنه وفي 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، استولى الحوثيون على السفينة التجارية «جالكسي ليدر»، واحتجزوا طاقمها المكون من 25 فرداً تعسفياً.

وأكد تقرير المنظمة أن الحوثيين هاجموا عدة سفن تجارية، وأطلقوا صواريخ عشوائية على إسرائيل، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب محتملة. وقالت إنه يتعين عليهم وعلى جميع الأطراف المتحاربة الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين تعسفياً، والتوقف عن الاحتجاز التعسفي للأشخاص.

انتقاد الضربات الإسرائيلية

وفي تقرير آخر، انتقدت المنظمة الدولية قصف الجيش الإسرائيلي ميناءيْ رأس عيسى والحديدة، بالإضافة إلى محطة توليد كهرباء حزيز في صنعاء، وكلها تقع في مناطق سيطرة الحوثيين. وهي موانئ ضرورية لنقل الغذاء وغيره من احتياجات السكان الذين يعتمدون على الاستيراد، فنحو 70 في المائة من الواردات التجارية، و80 في المائة من المساعدات الإنسانية، يمر بهذين الميناءين.

ونقلت المنظمة عن أوكي لوتسما، الممثل المقيم لـ«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، القول إنها موانئ «بالغة الأهمية للأنشطة التجارية والإنسانية». في حين تصف روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، هذه الموانئ بأنها «خط الحياة لملايين البشر»، وأنها يجب أن تبقى «مفتوحة وتعمل». كما أن محطة توليد كهرباء حزيز هي المحطة المركزية في صنعاء، وتؤمِّن الكهرباء لسكان المدينة.

الهجمات الإسرائيلية استهدفت أعياناً مدنية في اليمن (إكس)

وأكدت المنظمة أن الهجمات المتعمَّدة على أعيان لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة هي جرائم حرب، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل بنى تحتية مهمة في اليمن.

فمنذ يوليو (تموز) 2024، هاجم الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف ومحطات توليد الكهرباء في البلاد. وقُتل ستة مدنيين على الأقل، وأُصيب 80 آخرون جراء الهجوم في 20 يوليو على ميناء الحديدة وحده. ورأت المنظمة أن هذا الهجوم يرقى، على الأرجح، إلى مستوى جريمة حرب.

وقالت «هيومن رايتس ووتش» إنه إذا كانت هجمات الحوثيين بالطائرات المُسيّرة والصواريخ على إسرائيل تستهدف مدنيين أو أعياناً مدنية بشكل متعمَّد أو عشوائي، فقد ترقى هي أيضاً إلى مستوى جرائم حرب. وقالت إنه على السلطات الإسرائيلية والحوثية أن تُنهي فوراً جميع هجماتها غير القانونية، بما فيها تلك التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية المدنية.