خنادق «داعش» على جبهة التواصل الاجتماعي تتساقط

حكومات دول غربية واصلت «قصف» حساباته على «تويتر»

«مجلة دابق»  لسان حال داعش بيد احد الموالين للتنظيم على الايباد({الشرق الاوسط})
«مجلة دابق» لسان حال داعش بيد احد الموالين للتنظيم على الايباد({الشرق الاوسط})
TT

خنادق «داعش» على جبهة التواصل الاجتماعي تتساقط

«مجلة دابق»  لسان حال داعش بيد احد الموالين للتنظيم على الايباد({الشرق الاوسط})
«مجلة دابق» لسان حال داعش بيد احد الموالين للتنظيم على الايباد({الشرق الاوسط})

في حين يفقد تنظيم داعش مزيدا من الأراضي الخاضعة لسيطرته على خطوط المواجهة في سوريا والعراق، واصلت حكومات غربية «دك» خنادق التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي. وبحسب دراسة مصرية، فقد «داعش» نحو 45 في المائة من أنشطته الدعائية على موقع «تويتر» الذي اعتمد عليه خلال السنوات الماضية لنشر أخباره، واستقطاب مزيد من الأنصار في الخطوط الخلفية لجبهات القتال.
وأكد خبراء معنيون بشؤون الحركات المتطرفة، وباحثون في مجال تكنولوجيا المعلومات، أنه يتم إغلاق الحسابات المرتبطة بـ«داعش» على مواقع التواصل الآن بشكل سريع، مقارنة بالأشهر القليلة السابقة، والمدة التي تفصل بين إنشاء الحساب والتبليغ عنه وإغلاقه باتت أقل من يومين.
يقول الخبراء إن الأنشطة التي يسعى إلى نشرها تنظيم داعش بين زوار مواقع التواصل الاجتماعي هي عمليات التفجير والقتل باستخدام سكين المطبخ، وفق استراتيجية «الذئاب المنفردة»، خصوصا في الدول الأوروبية. ومع تطور آليات ووسائل التواصل بتسارع مستمر في العصر الحديث، مما لا شك فيه أن تنظيما مثل «داعش» لم يفوت استغلال برامج التواصل الحديثة لنشر أفكاره، وتجنيد المزيد للانضمام إلى صفوفه. ومن المؤكد أن المنتديات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل «يوتيوب» و«تويتر» و«فيسبوك» و«واتساب» و«إنستغرام»، أصبحت الأداة الأهم في يد الجماعات الإرهابية لنشر أفكارها ومعتقداتها، ووضع خططها، وتنفيذ أهدافها، وتجنيد أعضائها.
ويقول المراقبون إن «80 في المائة من عمليات تجنيد المقاتلين الآن تجري عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بينما 20 في المائة فقط تجري داخل السجون أو المساجد». وهذا عكس ما كان يجري في عام 2012، حيث كانت النسبة الأعلى للتجنيد تجري في السجون، وهو ما يعكس تطورا ملحوظا في إدراك «داعش» لأهمية الوسائل الإلكترونية.
لكن الدراسة المصرية أكدت أن هذه النسبة انخفضت الآن بسبب الحملات التي شنتها حكومات الدول الغربية ضد الرسائل المتطرفة التي يبثها «داعش»، لافتة إلى أنه في مقابل كل حساب يدعم «داعش»، تم تخصيص ما يقرب من 10 حسابات تفند آراءه وأكاذيبه، فضلا عن شن هجمات قرصنة على مواقع التنظيم الإلكترونية وحساباته على موقعي التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيسبوك» لمنعه من استخدامهما في الترويج لأفكاره، وتجنيد الشباب وصغار السن، موضحة أنه لم يتعد حصول الحسابات الموالية للتنظيم حاجز الـ400 متابعة فقط، مقابل 1600 قبل عامين حين أعلن التنظيم عن نفسه، في عام 2014.
وسبق أن أعلن موقع «توتير»، في فبراير (شباط) الماضي، تعليق أكثر من 125 حسابا تابعا للتنظيم، في إطار حربه ضد «المحتوى الإرهابي» على منصته، وعلى أساس ضغوط من الحكومات للحد من الدعاية التكفيرية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لكن مراقبون أكدوا أن «الحرب الإلكترونية لـ(داعش) لن تتوقف في المستقبل، ويغذي استمرارها الحسابات الجديدة التي يدشنها التنظيم فور إغلاق أي حساب قديم، حتى يثبت للجميع أنه قادر على مواصلة حربه ضد الغرب».
كانت مجموعة من عناصر موالية للتنظيم قد هددت في وقت سابق بإسقاط موقعي «فيسبوك» و«تويتر» ورئيسيهما، إذ نشرت عناصر يطلق عليها «جيش أبناء الخلافة» مقطع فيديو مدته 25 دقيقة تظهر فيه صور لمارك زوكيربيرغ وجاك دورسي وسط النيران، أو عليهما آثار ثقوب الرصاص.
وجاء هذا المقطع ردا على جهود «فيسبوك» و«تويتر» لوقف النشاط الإرهابي على موقعهما. ويظهر مقطع في نهاية الفيديو كُتب عليه بالإنجليزية: «إلى مارك وجاك، مؤسسي (فيسبوك) و(تويتر)، وحكومتكما الصليبية – على حد تعبيرهم: تعلنون يوميا أنكم أوقفتم كثيرا من حساباتنا.. ونرد عليكم بالقول: هل هذا كل ما بوسعكم فعله؟ أنتم لستم بمستوانا.. إذا أغلقتم حسابا واحدا سنغلق 10 بالمقابل، وسنمحو أسماءكم قريبا بعد أن نحذف مواقعكم.. وإن شاء الله، نعرف أن ما نقوله صواب».
كما زعم التنظيم أنه اخترق أكثر من 10 آلاف حساب، و150 مجموعة على «فيسبوك»، وأكثر من 5 آلاف حساب على «تويتر».
ويقسم نشاط «داعش» على موقع «تويتر» إلى عدة فئات، تُعنى بمهام مختلفة، لكن رسالتها واحدة هي «قيام دولة الخلافة المزعومة»، كما تبرز حسابات غريبة بمسميات مختلفة، تهدف إلى التعريف بأنشطة «داعش»، منها: «أسود الدولة»، و«صقور دولة الإسلام»، و«أنصار الدولة الإسلام»، و«صفحة ولاية الشام». أما حسابها الرسمي المفترض على «تويتر»، فيحمل اسم «مؤسسة الاعتصام»، وشعاره: «اعتصموا». لكن سبق للقيمين على الموقع إلغاء ذلك الحساب، قبل أن يعود أخيرا، ولكن بنشاط أقل.
وقدرت دراسات غربية عدد حسابات مؤيدي «داعش» على «تويتر» بنحو أكثر من 46 ألف حساب، منها 30 ألفا لأشخاص، والباقي لبرامج معلوماتية تحاكي الإنسان، وأن غالبية التغريدات باللغة العربية، على الرغم من وجود 18 في المائة باللغة الإنجليزية، و7 في المائة باللغة الفرنسية، فيما يصل عدد حسابات التنظيم على «تويتر» - وفقا لتقديرات أخرى - إلى 90 ألفا، معظمها في سوريا والعراق، لكنها توضح أن هذه الحسابات تشمل مؤيدين غير معلنين، وعملاء استخباراتيين تابعين للتنظيم المتشدد، بالإضافة إلى حسابات لعملاء استخباراتيين مناهضين له بهدف مراقبة نشاطاته الإلكترونية.
لكن الخبير مصري في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، هشام أبو الدهب، قال إن «بعض تلك الحسابات كانت ناشطة، ولكن تم تعليقها فيما بعد»، مؤكدا أن «معظم الحسابات هذه أنشئت في عام 2014، وتحديدا في سبتمبر (أيلول)، وأن متوسط عدد التدوينات اليومية لكل حساب 7.3 تغريدة».
وقالت الدراسة المصرية التي أعدها مرصد الأزهر إن «داعش» تعرض في الآونة الأخيرة لسلسلة من الخسائر في الفضاء الإلكتروني، وكذلك على صعيد الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق من قبل قوات التحالف الدولي، موضحة أن التنظيم قد انخفض نشاطه الدعائي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، حيث كان يعتمد التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل نشر أفكاره، والتواصل مع أنصاره، واستقطاب المقاتلين، وكذلك تنظيم وتنسيق الأفعال الإجرامية التي يرتكبها، ولنشر بياناته تباعا حول الهجمات التي يرتكبها.
ولفتت الدراسة إلى تضاءل عدد الحسابات التي كانت تستخدم رسوما مرتبطة بـ«داعش»، للترويج للمحتويات الخاصة بها، من 24 ألف حساب إلى ما يقارب الـ14 ألف حساب، في الفترة الممتدة بين أغسطس (آب) عام 2015 ومارس (آذار) الماضي، مضيفة أنه يتم إغلاق الحسابات المرتبطة بـ«داعش» بشكل سريع الآن، مقارنة بالأشهر القليلة السابقة، إذ إن المدة التي تفصل بين إنشاء الحساب والتبليغ عنه وإغلاقه باتت أقل من 48 ساعة.
ويؤكد أبو الدهب أن موقع «تويتر» هو الأكثر استخداما لدى أنصار التنظيم، ويستخدم أنصاره تطبيق «أسك إف إم» للإجابة على بعض الأسئلة عن الحياة اليومية، وعن أمور عادية، إضافة لتجنيد الشباب ضمن صفوف «داعش»، كما يتجاوز مستخدمو الشبكة هذه التطبيقات إلى استخدام برامج ذات سرية أعلى، مثل برنامج «كي آي كي»، وهو تطبيق للرسائل عبر الهواتف الذكية.
وتابع الخبير المصري: فضلا عن وجود منتديات جهادية على الشبكة، حيث يتم تبادل المعلومات باستخدام برامج التشفير المتقدمة، هذه البرامج والتطبيقات ذات التغطية العالية تسمح لمؤيدي التنظيم بالتواصل مباشرة مع المجندين، وتسهيل عبورهم للحدود.
ويقول الدكتور حامد المكاوي، الأستاذ بجامعة الأزهر، إن «داعش» اعتمد في تكوين جيشه الإلكتروني الذي يفوق أعداد مقاتليه، ونشر وجوده في العالم، على الدعم الإلكتروني، وتمكن من تجنيد علماء وخبراء في كثير من المجالات، وله 130 ألف صفحة على «فيسبوك»، و40 ألف صفحة أخرى بلغات مختلفة، لتنفيذ عدة أمور، منها: تجنيد الشباب والفتيات عن طريق مجلته الشهرية الصادرة باللغة الإنجليزية «دابق» التي تتناول مختلف المواضيع، من السياسة والدين إلى صنع القنابل، وتتمتع المجلة بجودة إنتاج عالية لا تقل عن تلك الموجودة في أفضل المجلات احترافية، فضلا عن جمع التبرعات المالية، وتنسيق التحركات العسكرية للعناصر المتطرفة الموالية، وأخيرا تنفيذ الأنشطة التي تسعى إلى نشر فكر التنظيم بين زوار مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها عمليات التفجير والقتل باستخدام «سكين المطبخ»، وفق استراتيجية «الذئاب المنفردة»، خصوصا في الدول الأوروبية، والأحداث الأخيرة التي شهدتها فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة تم التخطيط لها عن طريق الإنترنت دون التواصل مباشرة مع مرتكبيها.
وتقول الدراسة المصرية إن إدارة مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا، «تويتر» و«فيسبوك» و«يوتيوب»، تقوم بحملات منظمة لحذف حسابات مؤيدي لـ«داعش» أو المروجين له، المعروفين باسم الأنصار، والرد على هذه الإجراءات تستهلك كثيرا من وقت أنصار التنظيم لإعادة إنشاء حسابات جديدة، وهم يرون في ذلك تحديا لهم، وحربا مضادة يخوضونها ضد حكومات الدول الغربية.
وسبق أن أطلقت منظمة «كويليام» البريطانية مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي «يوتيوب»، في محاولة للرد على تكتيكات تنظيم داعش المتطرفة، التي تسعى لتجنيد الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وكان هذا الفيديو بداية لحملة ضد «داعش» على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب».



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».