بينما أكدت دار الإفتاء المصرية أن فتوى تنظيم «داعش» الإرهابي بجواز تقليد الماركات العالمية وعرضها في الأسواق حرام شرعا، قالت إن «الدعوات والمنشورات والفعاليات التي أضحت تنظم بشكل متكرر تنادي بطرد المسلمين من أوروبا وأميركا، وإرسالهم إلى الدول الإسلامية للعيش هناك، هو مسلك شديد الخطورة وينبئ باحتمال وقوع صدامات أهلية، وربما حرب أهلية بين المسلمين وغير المسلمين هناك».
وأفتى تنظيم «داعش» مؤخرا بجواز تقليد الماركات العالمية وعرضها في السوق باسم الماركة نفسها، وقالت الإفتاء إن «حقوق الملكية الفكرية والأدبية والفنية وبراءات الاختراع والأسماء والعلامات والتراخيص التجارية - التي اصطلح على تسميتها بالحقوق الذهنية - هي من الحقوق الثابتة لأصحابها شرعا وعرفا»، مضيفة: «حاصل قول جمهور الفقهاء في ضابط (المال) أنه: ما له قيمة بين الناس بسبب إمكان الانتفاع به ولزم متلفه الضمان. ووافقهم على ذلك متأخرو الحنفية».
وأضافت دار الإفتاء في تقرير أعده مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، أن المال في اللغة يعني «كل ما ملكته من جميع الأشياء»، وظاهر هذا أنه يشمل ما كان أعيانا أو منافع أو حقوقا.
وأشار إلى أنه «لما كان الإنتاج الفكري ومثله العلامة التجارية (الماركة) مما يقطع بمنفعته بحيث يحصل به الاختصاص الحاجز ويجري فيه التقويم والتداول عرفا ويتخذ محلا للتعامل والمعاوضة بين الناس، ويثبت فيه حق المطالبة القضائية في العرف القانوني ولا معارض لذلك في الشرع؛ فإن هذا يجعل لمثل هذه الحقوق حكم المالية في تملك أصحابها لها واختصاصهم بها اختصاصًا يحجز غيرهم عن الانتفاع بها من دون إذنهم».
وأكد مرصد الإفتاء أن «الشرع قد جاء بتحري الأمانة في إسناد الأقوال والجهود ونسبتها إلى أصحابها؛ فحرم انتحال الشخص قولا أو جهدا أو إنتاجا لغيره على أنه هو الذي قاله، أو إسناده إلى غير من صدر منه، تضييعا لحق قائله، وجعل هذا من الكذب الذي يستحق عليه صاحبه العقاب؛ وقد روى الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب كذابا».
وأشارت دار الإفتاء إلى أن التعدي على هذه الحقوق الفكرية والتربح منها يعد من باب أكل أموال الناس بالباطل؛ والله تعالى يقول: «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم»، موضحة أنه يضاف إلى ذلك ما قد يكون في ذلك من الغش للمشترين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من غش فليس مني».
في غضون ذلك، أكد «مرصد الإسلاموفوبيا» التابع لدار الإفتاء المصرية، أن «تنظيم داعش الإرهابي يسعى بشكل حثيث إلى إثارة النعرات والصراعات الأهلية في المجتمعات الغربية عبر عملياته التي تستهدف المجتمعات هناك، وتصدر الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، وتدفع الكثير من مواطني الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية من غير المسلمين إلى تبني مواقف عدائية ضد المواطنين المسلمين هناك».
وقال المرصد إن «الشرطة البلجيكية قد فتحت تحقيقا بشأن منشورات معادية للإسلام بدأت تنتشر بكثافة في بروكسل، التي كتب في أحدها: (بالنسبة للبلجيكيين القاطنين بآندرلخت وفي كل مكان من بلجيكا، يجب أن نظل يقظين، وأن نصبح - بحكم الضرورة - خائفين من الإسلام، إذا كنتم تعتقدون أنه يجب علينا إقناع المسلمين بالعودة إلى بلدانهم الأصلية، فعليكم التوقيع على هذه العريضة»، وحملت المنشورات شعارات أخرى وعبارات شديدة اللهجة من بينها: «أوقفوا الإسلام» و: «على المسلمين العودة إلى ديارهم».
وأوضح المرصد أن خطورة تلك المنشورات تأتي من أنها تعمل على تجييش المجتمع ضد فئة معينة منه تدين بالإسلام، وتحملها مسؤولية كل العمليات الإرهابية التي تقع في الغرب، وتعتبرها مصدر التهديد والخطر المحدق بالمجتمع، وتطالبها بالخروج من البلاد إلى دول إسلامية أخرى تشترك معها في المعتقد، و«هو خطاب فاشي عنصري يهدد تماسك وتنوع المجتمعات الغربية، بل وقد يدفع هذا الخطاب الكثير من مسلمي الغرب إلى تبني مواقف عدائية ضد المجتمع الذي ينتمي إليه، بعد أن يتملكه الشعور بأنه أضحى غريبًا عن وطنه».
وتبنى «داعش» عدة هجمات في فرنسا وبلجيكا وأميركا مؤخرا، أوقعت قتلى ومصابين، مما دعا بعض القوى في الغرب لتصعيد اللغة ضد المسلمين هناك.
ولفتت «الإفتاء» إلى أن «حالة الاغتراب والتمييز السلبي التي يواجهها بعض المسلمين في أوروبا تجعل منهم لقمة سائغة للتنظيمات المتطرفة والعنيفة التي توظف هذا الشعور في تنفيذ عمليات إرهابية في عمق تلك الدول».
وتابعت بقولها: «ومن ثم وجب على المجتمعات الأوروبية أن تعمل على مواجهة هذا الخطاب العنصري والاضطهاد الممارس ضد بعض المسلمين، وتبني سياسات وبرامج تساهم في دمج أكثر فعالية للمسلمين هناك، والتأكيد على أن مسلمي أوروبا وأميركا هم جزء لا يتجزأ من المجتمع الغربي، ولا يمكن بحال من الأحوال القبول بالتمييز ضدهم أو اعتبارهم مصدر تهديد على المجتمع وأمنه، بل على النقيض تمامًا ينبغي التأكيد على أن المسلمين عنصر فاعل ومفيد للمجتمع الأوروبي المتنوع بطبعه، وله دور كبير في بناء الحضارة وتقدم البلدان، وهم في نفس الخندق مع أقرانهم من مواطني الغرب في مواجهة التنظيمات المتطرفة والإرهابية».
وأكدت «الإفتاء المصرية» أن ترسيخ الأفكار المُعادية للمسلمين بالغرب عموما، والتأكيد على أنهم لا ينتمون إلى البلدان التي يعيشون فيها، وأنهم مصدر تهديد دائم ومستمر للمواطن الغربي، «لهو التهديد الحقيقي للمجتمعات الأوروبية، وزيادة موجة الإرهاب، ودفع المزيد نحو بؤر التطرف والعنف، وهو أمر لا يخدم المصالح والسياسات الأوروبية ولا يحقق أهدافها، ويجب أن تتخذ إجراءات سريعة وقوية لمواجهة هذا الخطاب العنصري، وهذه الدعوات المتزايدة».
8:58 دقيقه
«الإفتاء المصرية»: فتوى «داعش» بجواز تقليد الماركات العالمية وعرضها بالأسواق «حرام شرعًا»
https://aawsat.com/home/article/703361/%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%AA%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9%C2%BB-%D9%81%D8%AA%D9%88%D9%89-%C2%AB%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4%C2%BB-%D8%A8%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%B2-%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B9%D8%B1%D8%B6%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%82-
«الإفتاء المصرية»: فتوى «داعش» بجواز تقليد الماركات العالمية وعرضها بالأسواق «حرام شرعًا»
الدعوات والمنشورات التي تنادي بطرد المسلمين من أوروبا وأميركا تنبئ بوقوع صدامات أهلية
- القاهرة: ولید عبد الرحمن
- القاهرة: ولید عبد الرحمن
«الإفتاء المصرية»: فتوى «داعش» بجواز تقليد الماركات العالمية وعرضها بالأسواق «حرام شرعًا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة



