30 ألف تركي في ألمانيا هتفوا ضد الانقلاب تأييدًا لإردوغان

الخطباء تجاهلوا الإشارة إلى حملة «التطهير»

شارك نحو 30 ألف شخص في مسيرة في كولون غالبيتهم من «القوميين الأتراك» والمتعاطفين مع الحكومة التركية والرئيس إردوغان.. وكانت المسيرة أمس تحت عنوان: «نعم للديمقراطية ولا لقلب نظام الحكم» (أ.ب)
شارك نحو 30 ألف شخص في مسيرة في كولون غالبيتهم من «القوميين الأتراك» والمتعاطفين مع الحكومة التركية والرئيس إردوغان.. وكانت المسيرة أمس تحت عنوان: «نعم للديمقراطية ولا لقلب نظام الحكم» (أ.ب)
TT

30 ألف تركي في ألمانيا هتفوا ضد الانقلاب تأييدًا لإردوغان

شارك نحو 30 ألف شخص في مسيرة في كولون غالبيتهم من «القوميين الأتراك» والمتعاطفين مع الحكومة التركية والرئيس إردوغان.. وكانت المسيرة أمس تحت عنوان: «نعم للديمقراطية ولا لقلب نظام الحكم» (أ.ب)
شارك نحو 30 ألف شخص في مسيرة في كولون غالبيتهم من «القوميين الأتراك» والمتعاطفين مع الحكومة التركية والرئيس إردوغان.. وكانت المسيرة أمس تحت عنوان: «نعم للديمقراطية ولا لقلب نظام الحكم» (أ.ب)

بدت الأجواء في كولون هادئة، رغم 5 مظاهرات متضادة في وسط المدينة، ولم يعكر صفوها أي حوادث أمنية تذكر. بل إن الشرطة حظرت أمس الأحد، لأسباب أمنية، انفجارًا «سينمائيًا» قرب البوابة الخلفية من محطة قطارات كولون يجري ضمن تصوير حلقات «كوبرا 11» التلفزيونية البوليسية.
وذكر يورغن ماتيز، رئيس شرطة المدينة، أن الحالة بقيت هادئة في المدينة، وخصوصًا بعد حل مظاهرة اليمين المتطرف بعد بلوغها المحطة الرئيسية للقطارات قرب الكاتدرائية. وأضاف أنه حصلت مشادات بسيطة بين أكراد وأتراك قوميين هنا وهناك، لكن الشرطة سيطرت على الوضع في الحال.
وتحدثت مصادر الشرطة عن أكثر من 30 ألف مشارك في المظاهرة التي نظمها اتحاد الأتراك الأوروبيين الديمقراطيين، الذي يعتبر الذراع الطولى للرئيس رجب طيب إردوغان في ألمانيا. وجاءت المظاهرة أقل من توقعات المنظمين الذين تحدثوا عن 50 ألف مشارك من ألمانيا وبلدان أوروبا القريبة. ورفعت الشرطة سقف توقعاتها لعدد المشاركين من 15 ألفًا إلى 30 ألفًا يوم السبت بعد أن رصدت تأجير مئات الحافلات من قبل اتحاد الجمعيات الإسلامية التركية(له 900 فرع ومسجد في ألمانيا) لنقل المتظاهرين من المدن القريبة إلى كولون.
ويعود الفضل في الهدوء الذي ساد المظاهرات، رغم شمولها اليمين المتطرف واليسار، إلى إجراءات شرطة كولون، التي نقلت المظاهرة التركية من المدينة القديمة إلى الضفة الثانية من نهر الراين في دويتز. كما منعت الشرطة مظاهرة تنظيم «برو نوردراين فيستفالن» اليمينية المتطرفة من المسير على جسر دويتز الذي يطل على المساحة الخضراء التي خصصت للمظاهرة التركية على ضفة النهر.
وقطعت الشرطة جسر دويتز في ثلاثة أماكن وحظرت مرور السيارات والأفراد، كما أنها أوقفت حركة 3 ترامات تتحرك على الجسر بين جزئي المدينة. ونشرت الشرطة نحو 3000 شرطي تدعمهم كاسحات الحواجز وقاذفات الماء والكلاب المدربة. وبينما كانت شرطة الشغب تراقب الأمور من على الجسر، لوحظ قاربان للشرطة مقابل مكان المظاهرة، كما كانت المروحيات تدور في سماء المدينة.
ورفضت محكمة الدستور العليا طلبًا عاجلاً لمنظمي المظاهرة (مساء السبت) بالسماح بنقل خطاب الرئيس التركي إردوغان إلى المتظاهرين على شاشة إلكترونية كبيرة. وكان رئيس شرطة المدينة غونتر ماتيز رفض السماح بنقل خطبة إردوغان مباشرة من أنقرة على الشاشة الإلكترونية بدعوى الخشية من تصعيد المشاعر القومية بشكل يهدد الأمن الداخلي. ووصف إبراهيم كالين، المتحدث الرسمي باسم الرئيس إردوغان، موقف المحكمة على أنه يتناقض مع القيم الديمقراطية و«غير مقبول».
وقال عاكف كاغاتيم كيليتش، وزير الشباب والرياضة التركي الذي شارك في المظاهرة، إن المظاهرة تعبر عن الإجماع على رفض الانقلاب. وأضاف: «نحن هنا، لأن مواطنينا في ألمانيا يقفون ضد الانقلاب، إن تركيا بكل أحزابها ومنظماتها غير الحكومية تدافع عن الديمقراطية».
وكان منظمو المظاهرة الموالية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكدوا على الطابع الديمقراطي والسلمي للمظاهرة التي بدأت في الساعة الثالثة من بعد الظهر. وقال بولينت بيلجي الأمين العام لاتحاد الديمقراطيين الأوروبيين - الأتراك إنه لن يتم التظاهر ضد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا فحسب، ولكن سيتم التظاهر أيضا لتأييد الديمقراطية. وأضاف قائلا: «إن الأمر يتعلق اليوم بتوفير تعايش سلمي ومتوائم واحترام متبادل».
وعلى من يصل إلى المظاهرة التركية أن يخضع لتفتيش الشرطة الألمانية أولاً، ثم إلى تفتيش منظمي المظاهرة ثانيا. وكانت أكثر الهتافات التي ترددت هي: «الله أكبر» و«تركيا.. تركيا»، أما الشعارات فتنوعت بين «إردوغان بطل الديمقراطية»، و«إردوغان حامي حقوق الإنسان»، و«ما يديره غولن ليس مؤسسة دينية وإنما منظمة إرهابية»، و«دولة الدستور تنتصر». وبين غابة الأعلام التركية الحمراء كانت قلة «خجولة» من الأعلام الألمانية الصغيرة تظهر هنا وهناك، ولكن الرايات التي تحمل ثلاثة أهلّة كانت أكثر من الألمانية، ويقال إنها شعار أنصار الإمبراطورية العثمانية.
وتوزعت المظاهرات المتضادة بين ضفتي المدينة، فكانت المظاهرة اليمينية في المنطقة القريبة من معرض كولون الدولي في دويتز وثلاث مظاهرات يسارية في الجهة اليسرى من المدينة قرب منطقة الكاتدرائية الشهيرة(الدوم). والملاحظ أن حي دويتز، وخصوصًا الشارع التجاري المعروف «دويتزر فرايهايت» بقي أمس خاليًا من رواده، بل إن سلسلة الأبنية على ضفة النهر من حي دويتز أغلقت نوافذها، وخلت بلكوناتها من سكانها الألمان. وقالت سيدة تقف في نافذة بيتها إن معظم السكان في الحي قرروا البقاء في بيوتهم خشية حصول أعمال عنف. بدأ الحفل الخطابي الطويل، الذي ينتظر أن يستمر لساعات، بعزف السلامين الجمهوريين التركي والألماني، والوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا الإرهاب في باريس ونيس وفورتزبورغ وبروكسل وإسطنبول. وركزت الكلمات التي ألقيت من على المسرح الكبير على إدانة الانقلاب والانتصار للديمقراطية وتأييد موقف الرئيس التركي إردوغان، لكن لم تشر أي خطبة، وخصوصًا خطبة وزير الشباب والرياضة، إلى إجراءات التطهير ومصير المعتقلين.
ووصف مراسل إذاعة راديو الغرب (في دي آر) التجمع التركي الكبير على أنه أشبه ما يكون بكونسيرت فرقة هارد روك، يزعق فيها الخطباء بالهتافات، ويرد عليهم المتظاهرون بهتافات أعلى. إلا أن انقلاب الجو فجأة في المدينة، وسقوط زخات مطر قوية رافقتها ريح قوية، لم تبرد حماس المتظاهرين الذين هتفوا ضد الانقلاب الفاشل في تركيا. وبثت شرطة كولون بياناتها على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» باللغتين الألمانية والتركية خلال المظاهرات الموالية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان والمناهضة له. وجاء في البيان الأول الذي بثته الشرطة باللغتين: «نأمل للجميع في مدينة كولونيا اليوم مسارًا سلميًا للتجمعات». وقالت متحدثة باسم الشرطة: «إنه أمر بديهي بالطبع في مثل هذا الموقف أن يتم إطلاع جميع المشاركين (في المظاهرات) الذين يتحدث كثير منهم باللغة التركية، على المعلومات جيدا». وأضافت أنه يتم الاستعانة بالكثير من أفراد الشرطة الذين يتحدثون اللغة التركية أيضًا.
وكانت هانلوره كرافت، رئيسة وزراء نورد راين فيستفالن دعت سكان الولاية الأتراك إلى الاعتدال والسلمية. وقالت إن من حق الجميع التظاهر من أجل معتقداته، لكن الرجاء أن لا تنقلوا خلافاتكم في تركيا إلى ولايتكم في ألمانيا.
وتفاقم التوتر في أوساط الجالية التركية في ألمانيا بعد الانقلاب الفاشل في 15 يوليو (تموز) الذي نفذه عناصر في الجيش وتلته حملات تطهير واسعة النطاق أجرتها أنقرة في أهم قطاعات البلاد. ودفعت هذه الحال الكثير من المسؤولين الألمان إلى المناشدة بعدم استيراد النزاعات الجارية في تركيا إلى بلدهم.
فقال وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير لصحيفة «سودويتشه تسايتونغ» إن «نقل الاضطرابات السياسية الداخلية التركية إلى بلدنا (...) وتخويف الذين لديهم قناعات سياسة أخرى (أمر) لا يجوز».
أما نائب المستشارة سيغمار غبريال فعبر على صفحته في موقع «فيسبوك» عن «أمله» في أن يتمكن «الذين يختلفون فكريًا من التلاقي وسط الاحترام. فحتى الخلافات الجوهرية في الرأي يجب ألا تدفعنا إلى الانقسام».
من جهته اعتبر أحد رئيسي حزب الخضر الألماني جم أوزدمير التركي الأصل، في مقابلة نشرتها الصحف الألمانية أن «أنصار إردوغان الذين يريدون تخويف الآخرين يجب معاقبتهم بكل الصرامة التي يتضمنها القانون».
كما نبه رالف ياغر، وزير داخلية ولاية نورد رايتن فيستفاليا إلى أن «الشرطة ستتدخل بطريقة قاسية إذا صدرت دعوات إلى العنف»، فيما تحدث معارضو إردوغان في ألمانيا عن التعرض لتهديدات وشتائم. والخميس أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن قلقها حيال تأثير الاضطرابات في تركيا على الأتراك في الشتات، ودعت أنقرة إلى «الحرص على أن يكون ردها متعقلاً» إزاء الانقلاب الفاشل.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟