اتفاق مرتقب بين «داعش» والنظام والفلسطينيين لفك حصار مخيم اليرموك

يتضمن 5 نقاط أساسية بينها إيقاف إطلاق النار بأشكاله كافة

صورة أرشيفية لمدنيين في مخيم اليرموك ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية (رويترز)
صورة أرشيفية لمدنيين في مخيم اليرموك ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية (رويترز)
TT

اتفاق مرتقب بين «داعش» والنظام والفلسطينيين لفك حصار مخيم اليرموك

صورة أرشيفية لمدنيين في مخيم اليرموك ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية (رويترز)
صورة أرشيفية لمدنيين في مخيم اليرموك ينتظرون الحصول على مساعدات غذائية (رويترز)

أكدت مصادر فلسطينية، أن المشاورات اقتربت من التوصل إلى اتفاق يرمي إلى فك الحصار عن المدنيين المحاصرين داخل مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن اجتماعات بدأت تعقد منذ فترة بين ممثلين عن منظمة التحرير الفلسطينية وممثلين عن النظام السوري وممثلين عن تنظيم داعش.
ويرفض أكثر من خمسة عشر ألف مدني منذ أكثر من عامين ونصف العام مغادرة منازلهم في المخيم. وقالت المصادر: إن «مشاورات بين منظمة التحرير الفلسطينية والنظام السوري من جهة، وممثلين عن تنظيم داعش من جهة أخرى، جرت يوم أمس، وتم التوصل إلى اتفاق بعد جهد كبير وعناء طويل، ومن المنتظر الإعلان عن هذا الاتفاق في وقت قريب جدا، ويتضمن خمس نقاط أساسية تتمحور حول فك الحصار وإيقاف إطلاق النار بكافة أشكاله وتثبيته، ومنع العنف في المناطق المجاورة، بما فيها حي التضامن بدمشق. وفتح ممر آمن بمخيم اليرموك من جهة شارع فلسطين، وتسهيل دخول المساعدات بكافة أنواعها إلى داخل المخيم، وتسهيل دخول وخروج المدنيين. وعدم اعتقال أي شخص كان، تحت أي ظرف من الظروف».
ويعيش نحو خمسة عشر ألف مدني داخل المخيم المحاصر من دون كهرباء ولا ماء منذ بدء الحصار في السابع والعشرين من يوليو (تموز) 2013، حيث يعتمدون على مولدات تعمل بالوقود، في ظل شح شديد بكافة المواد الأساسية والمحروقات.
وكان فوزي حميد، رئيس المجلس المدني في مخيم اليرموك، قد كشف قبل يومين عن الاتفاق الوشيك. وقال حميد في مقابلة مع وكالة (معا) الفلسطينية، أول من أمس: إن «الاتفاق سيرى النور قريبا». وبحسب حميد، فإن «داعش» هو التنظيم الأكبر والأقوى في المخيم، ويبلغ تعداد عناصره نحو 1700 شخص، والنصرة 300 شخص، إضافة إلى عائلاتهم، وبينهم فلسطينيون وسوريون. وتحاصر قوات النظام السوري «داعش» و«النصرة»، فيما يحاصر «داعش» «جبهة النصرة». وتندلع اشتباكات بين الفينة والأخرى بين «داعش» و«النصرة» يسقط خلالها قتلى وجرحى.
وتوقع فلسطيني مهجر من المخيم وينتظر التوصل إلى اتفاق من أجل العودة إلى المخيم، أن يفضي اتفاق النظام مع «داعش» إلى تسهيل بسط سيطرة التنظيم على كامل المخيم، وطرد «جبهة النصرة» من المخيم إما سلميا عبر اتفاق، أو عسكريا بمعركة طاحنة، ومن ثم يسلم «داعش» المخيم لقوات النظام مقابل انسحاب التنظيم إلى مواقع أخرى على غرار ما جرى في تدمر.
وتجهد الأمم المتحدة ومنظمة التحرير الفلسطينية لإيصال سلال غذائية للمحاصرين في المخيم عن طريق يلدا المجاورة للمخيم، والذي يغامر ويتسلل منه بين الحين والآخر مدنيون من المخيم وإليه بصعوبة كبيرة.
وكانت منظمة التحرير قد أدخلت أول من أمس (1000) سلة غذائية إلى بلدة يلدا جنوب دمشق لإغاثة أهالي مخيم اليرموك، ليبلغ مجموع ما أدخلته المنظمة خلال الأسبوع الأخير 5 آلاف سلة غذائية، كما تم إدخال ما يقارب (6000) ربطة من الخبز خلال الأيام الماضية. بحسب مصادر فلسطينية إعلامية في دمشق.
ويأمل سكان مخيم اليرموك بالعودة إلى المخيم، وغالبيتهم فقدوا بيوتهم ومصادر رزقهم، وتفرقوا في أنحاء العاصمة وريفها، ومنهم من لجأ إلى دول الجوار، حيث يعيشون ظروفا معيشية قاسية، فيما آلاف منهم يعانون الفقر المدقع ما زلوا ينامون في الحدائق وعلى الأرصفة بانتظار يوم العودة.
الناشط مازن الشامي قال من دمشق لـ«آرا نيوز»: «بدأت الاجتماعات منذ فترة؛ إذ جرت المشاورات بعد جهد وعناء طويل أدت إلى اتفاق ربما سيعلن في الساعات المقبلة، والذي يتضمن خمسة بنود أساسية، وهدفه فك الحصار عن المخيم وإيقاف إطلاق النار فيه بكافة أشكاله».
ويشهد مخيم اليرموك اشتباكات متقطعة بين تنظيم داعش من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى، وسط قصف متبادل بين الطرفين، علما بأن المخيم يقبع تحت حصار مشترك من قبل قوات النظام وتنظيم الدولة. ويبلغ عدد سكان المخيم أكثر من عشرة آلاف نسمة، ويسيطر التنظيم على معظم أجزائه، فيما تسيطر فصائل المعارضة و«جبهة النصرة» على المساحة المتبقية. وهو محاصر من قبل قوات النظام السوري والفصائل الفلسطينية المتحالفة مع النظام، من جهة ومن تنظيم داعش الذي يسيطر على 80 في المائة من مساحة المخيم، فيما يسيطر تنظيم جبهة النصرة وفصائل فلسطينية معارضة على الـ20 في المائة من المساحة المتبقية.



دفاع يمني رسمي عن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي مع الحوثيين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في حضرموت مع ممثلي الأحزاب (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في حضرموت مع ممثلي الأحزاب (سبأ)
TT

دفاع يمني رسمي عن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي مع الحوثيين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في حضرموت مع ممثلي الأحزاب (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مجتمعاً في حضرموت مع ممثلي الأحزاب (سبأ)

على وقع الانتقادات التي وجهت للحكومة اليمنية عقب موافقتها على اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي مع الحوثيين، بما في ذلك التراجع عن قرارات البنك المركزي الضاغطة على الجماعة وما يتعلق بأزمة الخطوط الجوية اليمنية، أكدت الحكومة أنها حققت من خلال الاتفاق العديد من الأهداف التي تصب في مصلحة اليمنيين بحكم مسؤوليتها عن جميع مواطنيها.

وكان قطاع من اليمنيين الموالين للحكومة اليمنية أبدى تململه من الموافقة على اتفاق خفض التصعيد؛ إذ رأى في ذلك تقديم مكاسب للجماعة الحوثية، في حين كان يفترض المضي في إنفاذ التدابير التي اتخذها البنك المركزي لخنق الجماعة.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

ولتوضيح ملابسات الاتفاق والمكاسب التي خرجت بها الحكومة اليمنية، أكد وزير الإعلام معمر الإرياني في تصريحات رسمية، أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي اليمني في أبريل (نيسان) الماضي، مثّلت في جوهرها تحريكاً لأوراق ضغط على الميليشيا الحوثية لوقف ممارساتها التدميرية بحق القطاع المصرفي والمالي، والحد من التداعيات الكارثية لتوقف الصادرات النفطية على الاقتصاد والعملة الوطنية، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.

أهداف محققة

وأوضح وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن تدابير البنك المركزي التي تم التراجع عنها، بموجب اتفاق خفض التصعيد، حققت العديد من الأهداف، وفي مقدمها أنها جسدت المركز القانوني للدولة، وقدرة البنك على ممارسة حقوقه الحصرية في إدارة السياسة النقدية، وحماية القطاع المصرفي والمودعين، وتعزير الرقابة على البنوك وتعاملاتها الخارجية.

وأضاف أن تلك التدابير أظهرت هشاشة الحوثيين، وقدمت نموذجاً لما تستطيع الحكومة عمله في كل مؤسسات الدولة للضغط، كما أظهرت قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات يمكن أن تتسبب في تعالي صراخ الجماعة في أي وقت بصفتها الطرف الشرعي الذي يعترف به العالم.

ومن تلك الأهداف المحققة، أشار الإرياني إلى أن إجراءات البنك أكدت نجاح سياسة الحزم في الضغط على الحوثيين للاستجابة إلى مساعي التهدئة والسلام أكثر من أي ضغوط أخرى، عندما لامست نقاط الضعف الحساسة لدى الميليشيا وهو الملف الاقتصادي.

وأدت ضغوط الحكومة - وفق الإرياني - إلى إجبار الحوثيين على إلغاء القرارات غير القانونية التي اتخذتها ضد البنوك التجارية، والتوقف مستقبلاً عن أي إجراءات أحادية في الجانب الاقتصادي، بما في ذلك سك عملة مزورة.

عملة معدنية غير قانونية من فئة 100 ريال يمني سكّها الحوثيون دون إذن الحكومة الشرعية (رويترز)

وفوق ذلك، أجبرت قرارات البنك المركزي الحوثيين على الجلوس إلى طاولة التفاوض لحل كافة القضايا الاقتصادية، وهو ما مثّل - بحسب الوزير - ضربة لعنتريات الجماعة وتصريحات قادتها بعدم الذهاب لأي تفاوض اقتصادي.

وقال الإرياني إن ردود الحوثيين كشفت بوضوح عن اتجارهم بالحرب ونهبهم المليارات من الريالات اليمنية وتوجيهها لتمويل أنشطتهم الإرهابية، بدلاً من تسخيرها لدفع مرتبات الموظفين وتحسين الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرتهم.

وأضاف أن الحكومة أثبتت الحرص طيلة الفترة الماضية، على الرغم من الأوراق التي تمتلكها للضغط على الميليشيا، على تحييد الملف الاقتصادي، وتجنب المواطنين أي تبعات في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.

وبخصوص ما يتعلق بأزمة شركة الخطوط الجوية اليمنية، أوضح الإرياني أن استئناف الرحلات بين صنعاء والأردن وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند، هو امتداد للتسهيلات التي كانت الحكومة قد قدمتها في الهدنة الأممية، حرصاً على تمكين المواطنين من السفر سواء المرضى، أو الباحثون عن فرص العمل والتعليم.

انتصار أخلاقي

خلص الوزير الإرياني في معرض توضيحه إلى أنه لا رابح ولا خاسر من اتفاق التهدئة الاقتصادية الذي أعاد الأوضاع إلى مربع الهدنة الأممية، باستثناء أن الحكومة الشرعية انتصرت أخلاقياً عندما تعاملت بمسؤولية مع تداعيات الوضع الإقليمي وتجنيب اليمن مآلات الحرب الشاملة.

ولفت إلى أن من شأن الحرب مضاعفة المعاناة وتدمير ما تبقى من مقومات الحياة، ومصادر العيش للشعب اليمني، وتقويض المساعي النبيلة التي تقودها السعودية وعمان لإنهاء الحرب واستعادة مسار السلام والاستقرار والتنمية، وعمل كل ما من شأنه تخفيف العبء عن اليمنيين اقتصادياً وإنسانياً.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

وقال الإرياني إن الحكومة في بلاده أكدت حرصها على مصالح الشعب واستشعارها خطورة الوضع الاقتصادي والإنساني، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا الحوثية في ضوء المستجدات الأخيرة، وبخاصة العدوان الإسرائيلي الغاشم على ميناء الحديدة، وعدم اكتراث الميليشيا الحوثية للعواقب الوخيمة لسلوكها العدائي، وأخذها الشعب اليمني رهينة في سبيل تنفيذ الأجندة الإيرانية في المنطقة، وفق تعبيره.

ليس رضوخاً

في سياق الدفاع عن موافقة الحكومة اليمنية على خفض التصعيد مع الحوثيين اقتصادياً، أكد الإرياني أن أي تنازلات تقدمها الحكومة ليست رضوخاً لابتزاز الحوثي، وإنما لأجل الشعب اليمني، انطلاقاً من مسؤولية الحكومة عن كافة مواطنيها بمن في ذلك الواقعون تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، والحرص على عدم تعريضهم إلى مزيد من الأعباء المعيشية جراء السياسات الأحادية من جانب الميليشيا، والتزاماً بنهج الحكومة المسؤول في حماية المكتسبات الوطنية وعدم المراهنة بها في معارك صفرية مع الميليشيا.

وشدد الوزير الإرياني على أن الحكومة في بلاده ستظل مع أي مبادرات تُعلي مصلحة الشعب على أي اعتبارات أو أجندات أخرى، مؤكداً أنه لا يزال في جعبتها الكثير من أدوات الضغط.

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

ولفت الوزير إلى جهود مجلس القيادة الرئاسي في الإدارة الكفؤة لاستحقاقات السلام، وتعزيز العلاقات المتميزة مع قيادة التحالف ودول مجلس التعاون الخليجي، وتحسن موقف الدولة في امتلاك وسائل الردع، ومن ذلك سياسة الحزم الاقتصادية التي شملت قرارات البنك المركزي اليمني لحماية القطاع المصرفي ومكافحة غسل الأموال.

يشار إلى أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي كان قد أشار خلال لقائه في حضرموت، الثلاثاء، ممثلي الأحزاب السياسية، إلى ما وصفه بـ«هيمنة السرديات المحبطة في الغالب على التناولات المتعلقة بموقف المجلس الرئاسي من جهود الوساطة الإقليمية والأممية لخفض التصعيد الاقتصادي، بعدما ذهبت الميليشيات الحوثية إلى خيار خلط الأوراق في المنطقة بإيعاز من النظام الإيراني».

وقال العليمي: «الميليشيا لا تزال حتى الآن في حالة تخبط ومحاولة البحث عن ذرائع جديدة لابتزاز العالم وعسكرة البلد، ومن ذلك الإعلان من طرف واحد عن رحلات جوية إلى وجهات جديدة قبل موافقة الدول المعنية».