«داعش» يخترق المنطقة النفطية غرب كركوك في هجومين متعاقبين

التنظيم هاجم محطة لتعبئة الغاز وحقل باي حسن النفطي بمجموعة من الانتحاريين

عنصران في البيشمركة في حقل باي حسن النفطي شمال غربي كركوك بعد هجوم مسلحي تنظيم داعش عليه أمس (رويترز)
عنصران في البيشمركة في حقل باي حسن النفطي شمال غربي كركوك بعد هجوم مسلحي تنظيم داعش عليه أمس (رويترز)
TT

«داعش» يخترق المنطقة النفطية غرب كركوك في هجومين متعاقبين

عنصران في البيشمركة في حقل باي حسن النفطي شمال غربي كركوك بعد هجوم مسلحي تنظيم داعش عليه أمس (رويترز)
عنصران في البيشمركة في حقل باي حسن النفطي شمال غربي كركوك بعد هجوم مسلحي تنظيم داعش عليه أمس (رويترز)

شهدت المناطق النفطية الواقعة غرب محافظة كركوك أمس معارك ضارية بين قوات البيشمركة ومسلحي تنظيم داعش الذين شنوا هجمات انتحارية على محطة تعبئة غاز كبريت كيوان المعروفة بـ(آي بي 2) وحقل باي حسن النفطي ضمن حدود قضاء دبس التابع للمحافظة. وقتل مسلحو التنظيم أربعة من العاملين في المحطة، بينما أسفرت هجمات التنظيم والعبوات التي زرعها مسلحوه عن نشوب حرائق كبيرة في الحقل النفطي.
وقال قائد قوات البيشمركة في محور غرب كركوك، كمال كركوكي لـ«الشرق الأوسط»: «هاجمت مجموعة من إرهابيي (داعش) منتصف الليلة (قبل) الماضية محطة تعبئة الغاز المعروفة بـ(آي بي 2) في منطقة باي جوان (غرب كركوك)، وتمكنت المجموعة من دخول المحطة، وقتلت أربعة من العاملين الموجودين فيها (اثنان منهما عرب والآخران من القومية التركمانية)، وأصابت شرطيا بجروح، وبعد وصول قوات البيشمركة إلى المنطقة وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية في كركوك تمكنت من دحر الهجوم والسيطرة على الوضع».
ولم تكد معركة استعادة محطة الغاز تنتهي، حتى شن مسلحو التنظيم هجوما جديدا على حقل باي حسن النفطي الواقع غرب كركوك، لتندلع معارك استمرت عدة ساعات بينهم وبين البيشمركة والقوات الأمنية في محافظة كركوك. وقال كركوكي: «هاجم ثلاثة انتحاريين حقل باي حسن النفطي، لكن قوات البيشمركة فيها تصدت لهم، وتمكنت من قتل اثنين منهم قبل أن يفجرا نفسيهما فيما فجر الثالث نفسه داخل الحقل». وأضاف: «قواتنا أحبطت الهجوم والوضع في المنطقة تحت السيطرة لكننا نتوقع أن يكون هناك مسلحون آخرون من (داعش) مختبئين في قرى المنطقة ومنازلها وينتظرون أن تتاح لهم الفرصة لإلحاق الأذى بالمنطقة، وقواتنا بدأت بتمشيط المنطقة بحثا عنهم»، نافيا في الوقت ذاته تعرض أي بئر من آبار النفط في الحقل للتفجير، مبينا أن تفجير الانتحاري لنفسه تسبب في اندلاع حريق في خزانات نفط وإن الجهود متواصلة من قبل الفرق المتخصصة لإطفاء النيران.
مصادر أمنية مطلعة ذكرت أن مسلحي التنظيم كانوا من الخلايا النائمة في القرى القريبة بالمنطقة النفطية، واستغلوا ضعف النظام الأمني للمحطة في شن الهجوم، وبعد اقتحامهم لمحطة تعبئة الغاز، قتلوا أربعة من العاملين فيها واحتجزوا آخرين وزرعوا عددا من العبوات الناسفة في المحطة التي كانت شرطة شركة نفط الشمال تتولى حمايتها، وفور وصولها المنطقة حاصرت البيشمركة محطة الغاز واقتحمتها وتمكنت من إنقاذ الموظفين المحتجزين فيها قبل التنظيم.
في غضون ذلك، أوضح قائد شرطة الأقضية والنواحي في محافظة كركوك، العميد سرحد قادر، أنه «لدى وصولنا إلى حقل باي حسن، فجر انتحاري آخر نفسه، وأسفر الانفجار عن إصابة قائد قوات شرطة النفط والغاز التابعة لحكومة إقليم كردستان، اللواء فائق جوجاني، وثلاثة من عناصر الشرطة ومقاتل في قوات البيشمركة»، لافتا إلى أن التنظيم قتل عددا من موظفي شركة النفط في حقل باي حسن أثناء اقتحامه لها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».