المعارضة السورية تحذر من خديعة «اتفاق الممرات الآمنة» بحلب

قالت إنها ترهن انضمام «النصرة» للمعارضة بالتزامها «بيان الرياض»

المعارضة السورية تحذر من خديعة «اتفاق الممرات الآمنة» بحلب
TT

المعارضة السورية تحذر من خديعة «اتفاق الممرات الآمنة» بحلب

المعارضة السورية تحذر من خديعة «اتفاق الممرات الآمنة» بحلب

حذَّرت الهيئة العليا من وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة في حلب، متوقعة سقوط أكثر من 100 ألف قتيل من أصل 400 ألف مواطن هم عدد المدنيين في حلب حال تنفيذ ما سمته بخديعة «اتفاق الممرات الآمنة»، تمهيدا لاجتياح مرعب بحلب وإحداث مجزرة كبرى فيها.
وقال الدكتور رياض نعسان آغا، المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات، لـ«الشرق الأوسط»: «إن المعارضة تنظر إلى اتفاق (الممرات الآمنة) المزعوم، بين موسكو ودمشق، بأنه ما هو إلا تعزيز للاحتلال الروسي لسوريا، فهذا الحصار الذي تم على حلب هو تعطيل نهائي لأي حل سياسي مقبل، كما أنه بمثابة خروج على كل الاتفاقات وأهمها الاتفاقية الروسية - الأميركية، وهو ليست مجرد مخالفة وإنما نسف بالكامل لكل قرارات الأمم المتحدة».
ووفق آغا، فإن الحديث عن الممرات الإنسانية لا يخرج عن كونه تمهيدا لاجتياح مرعب لحلب، «وكل ما نخشاه أن يكرر الروس فيها ما فعلوه في المدينة الشيشانية غروزني عندما جعلوها مدينة ميتة، مطالبا المجتمع الدولي العمل على «ضمان حماية 400 ألف مواطن صاروا تحت الحصار»، منوها بأن هؤلاء سيتعرضون إلى مجزرة كبرى، متوقعا أن يفوق عدد الضحايا في حال اجتياح حلب 100 ألف ضحية.
وأوضح أن الهيئة العليا للمفاوضات، لا تعلق آمالا كبيرة، على تصريحات وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين كيري وآشتون، ولكنه يرى أن ما حدث كان لا بد أن يتنبه له المجتمع الدولي وألا يسمح به، منوها بأن موسكو تقول إنها تعتزم توفير ممرات آمنة للمدنيين، بمعنى اهربوا وأخرجوا قبل أن الاضطرار الدخول إلى بيوتهم.
وقال: «السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أين سيهرب هؤلاء الـ400 ألف مواطن، مبينا أنهم في حالة هروبهم إلى الشمال سيلتهمهم (داعش)، وإن هربوا إلى الجنوب ستصطادهم قاذفات وصواريخ الطيران الروس والنظام بزعم حربهم ضد (النصرة)»، مؤكدا أنه لا توجد منطقة آمنة حول حلب في حين أن الحدود التركية مغلقة حاليا.
وعن ردة فعل الهيئة فيما يتعلق بفك الارتباط الذي أعلنته «النصرة» عن «القاعدة» ومحاولة انضمامها للمعارضة السورية، أوضح أغا، أنه مع تفهمه إلى أن فك الارتباط يعد خطوة يمكن تقديرها بأنها أفضل من البقاء مع «القاعدة»، ولكنه يرهن قبول المعارضة بـ«النصرة»، بإحداث تغيير جذري في البنية والمنهج الفكري، وأن يتخلوا عن أجندتهم المتطرفة، ويتحدثوا بدلا من ذلك عن بناء دولة ديمقراطية مدنية، وأن ينسجموا مع المشروع العام للمعارضة وشعارات الثورة.
وتابع: «إن الهيئة تتحدث عن (دولة مدنية)، وليس عن (دولة دينية)، كما يروجون هم»، متابعا: «فإذا تركوا كل ذلك فلا بأس في القبول بانضمامهم إلينا كما حصل مع (جيش الإسلام) الذي شاركنا وتبنى معنا (بيان الرياض)».
في سياق آخر، أكد خبير عسكري سوري، أن الفصائل المعارضة في حلب استعدت لمواجهة الحصار منذ عامين، وتزودت بالسلاح والطعام، لافتا إلى أن نظام الأسد وجد في حماية الأقليات حجة لإقناع الغرب بعدم إسقاطه.
وأشار رئيس المجلس العسكري السابق في حلب العقيد عبد الجبار العكيدي، إلى أن النظام يبث الدعاية أمام المجتمع الدولي، مفادها حماية الأقليات ضد العنف الديني، لتجميل صورته المليئة بالدماء والمجازر، ومسح إرهاب البراميل المتفجرة التي دأبت طائرات الأسد على إلقائها على رؤوس المدنيين، من ذهنية العالم.
وأضاف مبينا أن ما جرى يعبر عن واقع الحال في ظل تكالب النظام والميليشيات الإيرانية وما يسمى «حزب الله» والطيران الروسي، واستخدامهم الكلور وبعض الأسلحة المحرمة دوليًا.
وشدد العكيدي لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة تقديم المساعدة والعون العاجل لـ350 ألف مدني محاصرين يواجهون خطر الموت ونقص الأدوية، في الوقت الذي دمر القصف الروسي، آخر مشافي حلب الشمالية.
وتطرق إلى أن النظام وحلفاءه يشنون حربا نفسية، لضرب معنويات مقاتلي المعارضة، نافيا التصريحات التي صدرت أخيرا عن وزير الدفاع الروسي التي أشار خلالها إلى تسليم بعض المقاتلين أسلحتهم.
وأضاف أن عزيمة الشعب السوري عالية لمواجهة تلك الأساليب، مشددا على أن الحرب كر وفر، ولا يمكن القول إن حلب في طريقها للسقوط؛ لأن مساحتها مترامية الأطراف، والتجارب السابقة أثبتت أنها عصية ومن الصعب إخضاعها.
ولفت إلى أن تنظيمات المعارضة توقعت الحصار الحالي منذ عامين، وأعدت له كل الاحتياطات، كما استعانت بمؤن كافية من الذخيرة والسلاح، مبينا أن الجيش الحر تعرض لنكسات من قبل بعض الدول التي عملت على إنهائه، بينما جاء تنظيم داعش الإرهابي، من أجل الغدر بالثورة السورية وطعنها من الخلف؛ الأمر الذي دعا الجيش الحر إلى توزيع جهده العسكري ومساعدة المناطق الشمالية في البلاد للتخلص من وباء التنظيم، ونجح في ذلك.
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات، طالبت أخيرا، مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة حول الوضع في مدينة حلب، ورفع الحصار عنها، وحماية المدنيين، والمرافق الطبية من القصف الجوي العشوائي.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.