أميركا: اختلاف بين تغطية المؤتمرين الجمهوري والديمقراطي

الصحف الأوروبية تركز على أن تغيير اسم «جبهة النصرة» لن يمنع استمرار قصف مواقعها

أميركا: اختلاف بين تغطية المؤتمرين الجمهوري والديمقراطي
TT

أميركا: اختلاف بين تغطية المؤتمرين الجمهوري والديمقراطي

أميركا: اختلاف بين تغطية المؤتمرين الجمهوري والديمقراطي

كان الأسبوع الماضي هو أسبوع تغطية مؤتمر الحزب الديمقراطي في فيلادلفيا (ولاية بنسلفانيا)، وكان الأسبوع الذي قبله هو أسبوع تغطية مؤتمر الحزب الجمهوري في كليفلاند (ولاية أوهايو). هل كان هناك اختلاف في تغطية المؤتمرين؟
قالت مجلة «فانيتى فير» إن الشيء الهام ليس الاختلاف، ولكن التطور في التغطية. وقالت: «تحسنت التغطية كثيرًا بالمقارنة مع مؤتمرات القرن العشرين. صارت هناك تكنولوجيا جديدة، وصارت هناك وجوه شابة. لكن، زادت تغطية الأشياء التافهة والصغيرة والمثيرة، وذلك لأن كل صحيفة وكل قناة تلفزيونية تريد الفوز على غيرها».
وقالت صحيفة «فلادلفيا انكوأيارار»: «يوجد اختلاف في تغطية المؤتمرين، لأن مؤتمر الحزب الجمهوري لم تحضره شخصيات جمهورية بارزة، مثل ميت رومنى، وجون ماكين، وجون كاسيك. يخلق مسؤولو الإعلام الإعلام، وليس العكس».
وقال موقع «باسترز» اليميني: «لا يحتاج عاقل لأي جهد ليقول إن الصحافيين انحازوا نحو مؤتمر الحزب الديمقراطي أكثر من انحيازهم نحو مؤتمر الحزب الجمهوري. وأوضحت أبحاث صحافية أن نسبة الانحياز نحو مؤتمر الديمقراطيين كانت 10 إلى واحد».
وقال تلفزيون «سي إن إن» إن المرشح الجمهوري دونالد ترامب كان دعا الناس الذين يشاهدون التلفزيونات لعدم مشاهدة خطاب المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في مؤتمر الحزب الديمقراطي. وإن هذا «ربما جعل الصحافيين يحسون بأن ترامب لا يريد تغطية نزيهة لمؤتمر الديمقراطيين. وجعل الصحافيين يميلون أكثر نحو مؤتمر الديمقراطيين».
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن شخصية ترامب سيطرت على تغطية الصحافيين لمؤتمر الحزب الجمهوري. لكن، اختلف الصحافيون في طريقة تغطية ترامب: هل يتشددون في متابعة أخطائه وشتائمه؟ أو هل ينساقون وراء حماسه، وحماس مؤيديه له؟ ومن دون أن تقول الصحيفة إن الإعلام انحاز نحو كلينتون أو نحو ترامب، قالت إن أهم شيء، بالنسبة للصحافيين هو الحياد بين الاثنين.
ولاحظ موقع «بريس دوت كوم» أن تلفزيون «فوكس» هو الوحيد الذي غطى مؤتمر الجمهوريين من بدايته إلى نهايته. لكن، قدمت القنوات الأخرى الرئيسية، خصوصًا «سي إن إن» و«إي بي سي» و«سي بي إس»، تغطية مستمرة لمؤتمر الحزب الديمقراطي.
وتوزعت اهتمامات الصحف الأوروبية ما بين موضوع إعلان جبهة النصرة تغيير اسمها والانفصال عن تنظيم القاعدة وملف تطورات الأوضاع في تركيا، وكذلك السباق في الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة الأميركية، ونبدأ من العاصمة البريطانية لندن والإندبندنت التي نشرت موضوعا لمراسلها كيم سينغوبتا بعنوان «تغيير الاسم لن يمنع قصف مواقع جبهة النصرة».
ويقول إن الصحافيين سألوا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حينها عن وجهة نظر بلاده في تحديد هوية الإرهابيين فرد قائلا: «إن كان يبدو مثل الإرهابيين ويتحدث مثل الإرهابيين ويقاتل مثل الإرهابيين فإنه من الإرهابيين». ويعتبر سينغوبتا أن الخطوة الأخيرة التي أقدمت عليها الجبهة بتغيير اسمها وإعلان الانفصال عن تنظيم القاعدة لن يؤدي إلى وقف الغارات الجوية التي تشنها روسيا أو التحالف الدولي الذي تقوده أميركا على مواقعها.
ويشير أيضًا إلى أن التحالف الدولي شن غارات على مواقع لتنظيم خراسان الموالي لجبهة النصرة فور بدء العمليات الجوية ضد تنظيم داعش في سوريا وذلك قبل نحو شهرين من بدء التدخل الجوي الروسي. ويضيف سينغوبتا أن الجبهة كانت تأمل في أن يتم رفعها بعد القرار الأخير من لائحة المنظمات الإرهابية الأميركية لكن المؤشرات الأولية غير مبشرة. وينقل سينغوبتا عن المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي قوله: «إننا لا نعتقد أنه سيكون هناك تغير في أفعالهم وتوجهاتهم وأهدافهم وهم حتى الآن ضمن لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية فنحن نصنف الناس بأفعالهم لا بأسمائهم».
وننتقل إلى باريس ونتوقف عند الحوار الذي خص به رئيس الحكومة الفرنسية، مانويل فالس، صحيفة «لوموند». وشدد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس في الحديث الذي خص به صحيفة «لوموند» على أن دولة القانون «خط أحمر». تصريح فالس جاء ردا على مطالبة الرئيس السابق نيكولا السابق بمراجعة الدستور لمواجهة التهديد الإرهابي. رئيس الحكومة الفرنسية أكد أيضًا في هذا الحوار بأنه يؤيد أن يتم بشكل مؤقت تعليق تمويل المساجد في فرنسا من الخارج. كما أعرب عن أمله في فتح صفحة جديدة مع مسلمي فرنسا.
وحول الانتخابات الأميركية، صحيفة «لوموند» قالت في افتتاحيتها إن هيلاري تتموقع كمرشحة اليسار الوسطي، المعتدلة نسبيا على مستوى السياسية الخارجية وكذلك ليبرالية معتدلة اقتصاديا وراديكالية ليبرالية اجتماعيا. وأضافت الصحيفة أن هيلاري، التي وصفتها بالجدية والمثابرة ذات التجربة الكبيرة ستواجه المرشح الديماغوجي وعديم التجربة دونالد ترامب، والذي يمثل أميركا قليلة الثقة بنفسها وذات الحنين إلى الهيمنة المطلقة، في حين أن هيلاري كلينتون هي لسان حال أميركا متفائلة وواعية بتعقيدات المرحلة جيو - استراتيجيا.
أما صحيفة «لوفيغارو» توقفت عند ما يجري في تركيا من اعتقالات وتسريح على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس رجب طيب إردوغان الذي قالت الصحيفة إن تركيا باتت تحت سطوته. وأشارت لوفيغارو إلى أن النظام التركي قام بطرد ستة وستين ألف موظف من القطاع العام. وأيضًا تم اعتقال أكثر من ثمانية عشر ألف شخص بينهم أكثر من ثمانين صحافيًا، بالإضافة إلى إغلاق 16 تلفزيونا وخمسا وأربعين صحيفة ومحطات إذاعية.
وصحيفة «لوفيغارو» قالت إنه بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، فإن سياسة النظام التركي حيال سوريا قد تتغير. ولكن في أي اتجاه؟ تساءلت الصحيفة، من دون تخلي النظام التركي عن مطلبه برحيل الرئيس السوري بشار الأسد. ورأت «لوفيغارو» أنه على السلطات التركية أن تخفف من مطالبها برحيل الرئيس السوري، من أجل أن تركز جهودها الداخلية بإعادة تشكيل الجيش وتنقيته من المعارضين وحلفاء غريمه فتح الله غولن. أما خارجيا فستهتم أنقرة أكثر بأعدائها الأكراد في سوريا بحسب ما يتوقع معظم الخبراء.



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.