العسكريون الأتراك الفارون إلى أثينا.. مادة دسمة للإعلام اليوناني

في ظل العلاقات المتوترة بين البلدين التي تشوبها الكثير من التحديات والخلافات

صور الجنود الأتراك تصدرت الصحف اليونانية
صور الجنود الأتراك تصدرت الصحف اليونانية
TT

العسكريون الأتراك الفارون إلى أثينا.. مادة دسمة للإعلام اليوناني

صور الجنود الأتراك تصدرت الصحف اليونانية
صور الجنود الأتراك تصدرت الصحف اليونانية

هيمنت أحداث هروب ثمانية عسكريين أتراك إلى اليونان عقب الانقلاب الفاشل يوم 15 يوليو (تموز) الحالي، على وسائل الإعلام اليونانية سواء المقروءة أو المرئية أو المسموعة، بالإضافة أيضًا إلى الصحافة الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث كان هذا الموضوع ولا يزال مادة دسمة لوسائل الإعلام المحلية هنا في اليونان، وذلك في ظل استمرار اعتقال العسكريين الثمانية في العاصمة أثينا وبالتحديد في أكبر مراكز الشرطة في القرية الأولمبية غرب العاصمة، بعد قرار السلطات اليونانية المفاجئ والذي تم بسرية تامة لنفل العسكريين من شمال البلاد.
ويأتي اهتمام الإعلام اليوناني بهذا الأمر تماشيا مع الاهتمام العالمي بالانقلاب في تركيا وهناك تجدد في الأخبار بصفة مستمرة، سواء في تركيا أو هنا على الأرض في اليونان الدولة الجارة لتركيا، وكان موضوع العسكريين الثمانية محل اهتمام يوناني وتركي وخصوصا في ظل العلاقات المتوترة بين البلدين والتي تشوبها الكثير من التحديات والخلافات وإن كان المسؤولون في الدولتين دائما يلجأون إلى الدبلوماسية في حل المشكلات العالقة بينهما.
وبالنسبة إلى آخر الأخبار التي تناولتها صحيفة «كاثيميريني» اليونانية حول هذا الموضوع وتناول تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول العسكريين الانقلابيين «الخونة» الهاربين إلى اليونان، على حد وصفه، وحديث جاويش أوغلو حول الطلب الذي قدمته تركيا لجارتها اليونان من أجل تسليم العسكريين الثمانية، مؤكدًا أن حق اللجوء السياسي لا يعطى للانقلابيين، معربًا عن أمانيه أن تُنهي اليونان الإجراءات القضائية والقانونية بحق أولئك العسكريين، وأن تسلمهم لتركيا في أقرب وقت.
وأيضًا تناولت الصحف اليونانية موضوع المسؤول التركي حول علاقات أنقرة مع الولايات المتحدة الأميركية وقوله: «إنها ستتأثر سواء شئنا أم أبينا، في حال لم تقم بتسليمنا فتح الله غولن» وتصريحات الوزير التركي بأن معارضة الشارع التركي للولايات المتحدة الأميركية شهدت زيادة كبيرة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، مشيرًا إلى أن ذلك لن يعود بالفائدة على تركيا والولايات المتحدة الأميركية والعلاقات بينهما، وأن بلاده تسعى لمنع حصول ذلك.
وأكد جاويش أوغلو أن تورط منظمة فتح الله غولن الإرهابية (الكيان الموازي) في محاولة الانقلاب جلي للغاية، مضيفًا أن «العالم بأسره يعلم ذلك، وجهله بذلك أمر غير ممكن، ومع ذلك فيجب علينا أن نُعد الوثائق القانونية بهذا الصدد».
ومنذ اللحظة الأولى لوصول العسكريين الأتراك إلى مطار ألكساندروبولي، تتناول الصحف اليونانية الحديث عن هذا الأمر وأيضًا القنوات التلفزيونية التي استضافت الكثير من المحللين وما يمثله هذا الموضوع في ظل العلاقات التركية اليونانية والتي كانت تأخذ طريقها إلى التحسن بعد التوصل لقرارات متفق عليها لحل القضية القبرصية العالقة منذ عام 1973 والتدخل العسكري التركي واحتلال شمال الجزيرة.
وفي بداية الأمر تحدثت الصحف اليونانية عن هروب ثمانية عسكريين أتراك بطائرة إلى اليونان، وتم تناول إعلان وزارة الأمن وحماية المدنيين في اليونان بأن السلطات اعتقلت ثمانية رجال كانوا على متن طائرة عسكرية تركية هبطت في شمال البلاد، حيث طلبوا اللجوء السياسي، فيما طالبت الخارجية التركية بتسليمهم إلى تركيا.
وأيضًا تم تناول الأحداث في تركيا وذكرت الصحف أن في حدود الساعة العاشرة ليلا أُغلق جسرا البوسفور والسلطان محمد الفاتح. وهو الإجراء الذي لم يعرف أسبابه حينها. وأظهرت القنوات التلفزيونية اليونانية لقطات حول عمليات تحويل السيارات والحافلات إلى مسارات أخرى.
وذكرت صحيفة «إيثنوس» أن «وزارة الأمن العام وحماية المواطنين في اليونان اعتقلت ثمانية رجال كانوا على متن طائرة هليكوبتر عسكرية تركية هبطت في مدينة أليكساندروبوليس شمال البلاد في منتصف نهار السبت 16 يوليو»، وأضافت الوزارة أن المعتقلين الثمانية طلبوا اللجوء السياسي.
وكان تلفزيون «إي آر تي» الرسمي اليوناني قد قال إن الرجال كانوا مشتركين في محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة التي وقعت في تركيا الجمعة 15 يوليو.
أما صحيفة «أفجي» ذكرت أن طائرة «بلاك هوك» هبطت بعد إرسال نداء استغاثة إلى سلطات مطار أليكساندروبوليس في شمال البلاد. وكان سبعة من الركاب يرتدون الزي العسكري ويعتقد أنهم على صلة بمحاولة الانقلاب التي أحبطت في تركيا.
في نفس الوقت، أثار الإعلام اليوناني الضغوط التركية على أثينا لتسليم العسكريين، وذكر إن أنقرة طالبت اليونان بإعادة ثمانية عسكريين من الانقلابيين هبطوا بطائرة مروحية في أراضيها. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: «طلبنا من اليونان فورًا إعادة ثمانية من العسكريين الخونة، الذين فروا إليها بمروحية.
وبمرور الوقت كانت تتناول الصحف الأمر باستمرار وبحيادية في نقل الخبر، وخصوصا عملية التحقيق مع العسكريين ومحاكمتهم، وذكرت الصحف أن «آنّا نيكيتوبولو»، النائبة العامة وفي مدينة أليكساندروبولي شمال شرقي اليونان، أجرت تحقيقًا مع 8 عسكريين أتراك فروا إلى اليونان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، وأن السلطات اليونانية نقلت الجنود الانقلابيين عقب انتهاء التحقيق إلى سجن «كفالا» لاحتجازهم هناك.
وأيضًا تم تناول تصريحات المحامين ومنهم تصريحات «مينيا بوليهروني»، وهي محامية يونانية معنية بالدفاع عن الانقلابيين، أن التهمة المشتركة التي وجّهتها السلطات اليونانية ضد الجنود هي «الدخول إلى البلاد بطريقة غير قانونية».
وأشارت المحامية إلى أن النيابة العامة في اليونان، وجّهت ضد أحد الجنود تهمة «الطيران غير القانوني»، فيما اتهمت السبعة البقية بـ«التشجيع على الطيران غير القانوني»، وقالت إن محاكمتهم ستجري على هذا الأساس.
وأوضحت المحامية أن النيابة العامة أزالت تهمة «تقويض العلاقات الودّية بين بلدين جارين» من ملف التحقيق، ورجحت المحامية أن من المحتمل «انتقال الانقلابيين إلى دولة ثالثة غير تركيا في حال رفضت السلطات اليونانية طلبهم باللجوء السياسي»، فيما ادّعت أن الجنود «لم يكونوا على علم بمحاولة الانقلاب في تركيا، وهربوا منها بعد تعرضهم لإطلاق نار، أثناء أداء مهمة صحيّة أسندت إليهم من قبل قيادتهم». وحكمت المحكمة بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ للعسكريين الأتراك.
وركزت صحيفة «تانيا» على تصريحات المحامية فاسيليكي ليليا ماريناكي أمام إحدى المحاكم التي مثل أمامها العسكريون ملثمين «إنهم يعتقدون أنهم بصورة أو بأخرى سيفقدون حياتهم (في تركيا)»، وأضافت: «بغض النظر عن فرض عقوبة الإعدام أو عدم فرضها هم يعتقدون أنهم في نهاية المطاف سيفقدون حياتهم». وقد أدين العسكريون بدخول اليونان بطريقة غير قانونية وصدرت بحقهم أحكام بالسجن لشهرين مع وقف التنفيذ.
وفي تصريح لقناة «ERT» الحكومية في اليونان، قالت المتحدثة باسم الحكومة اليونانية، أولجا جيروفاسيلي: «سنضع في عين الاعتبار التهم الموجهة للعسكريين الأتراك التي تتضمن المحاولة الانقلابية ضد الديمقراطية، والنظام الدستوري في تركيا».



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».