رئيس البرلمان الليبي يخرج عن صمته وينفي اعتزامه الاستقالة

تضارب حكومي حول اتفاق وشيك مع إقليم برقة لإنهاء أزمة حقول النفط المغلقة

أبو سهمين
أبو سهمين
TT

رئيس البرلمان الليبي يخرج عن صمته وينفي اعتزامه الاستقالة

أبو سهمين
أبو سهمين

دافع نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا عن مستقبله السياسي فيما يتعلق بفضيحة تسريب لقطات فيديو وهو يخضع لاستجواب وصف بأنه «مهين ومذل» من قائد سابق بإحدى الميلشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، بينما تزايد الغموض حول مصير اتفاق متوقع بين السلطات الليبية ومسلحين في شرق البلاد لإعادة فتح عدة موانئ لتصدير النفط.
وتأكيدا لما انفردت به «الشرق الأوسط» أخيرا، أكد أبو سهمين في حوار متلفز مع بعض القنوات المحلية الليبية مساء أول من أمس، أنه لا يفكر في الاستقالة من منصبه، لكنه رأى في المقابل أنه من حق المؤتمر أن ينظر في إقالته.
وأعلن أنه على استعداد كامل للمثول أمام النائب العام، والقبول بما يصدره القضاء بحقه وأنه لا يعد الحصانة الدبلوماسيّة عائقا أمام ذلك، مشيرا إلى أن الفيديو الذي ظهر على أنه تحقيق معه بواسطة هيثم التاجوري آمر التسليح السابق في كتيبة ثوار طرابلس كان مجرد دردشة وأنه لم يكن يعرف التاجوري من قبل.
وتابع: «ما حدث ليس فخا أو مكيدة غير أنه دبر من قبل من يفكر في وسائل قذرة، الشريط ممنتج وأظهر فقط ما يريدون إظهاره».
وكرر أن سبب اجتماعه مع فتاتين ليلا بمقر إقامته قبل نحو شهرين في طرابلس، كان على خلفية وجود معلومات عن مجموعة إرهابية تدربت في دولة مجاورة وتسللت إلى ليبيا، تستهدفه شخصيا.
ونفى أبو سهمين مشاركته رسميا في أي اتفاق لإنهاء أزمة حقول النفط المغلقة في شرق البلاد، وقال إن حجم الخسائر جراء إغلاق موانئ تصدير النفط منذ قرابة ثمانية أشهر بلغ حتى الآن 18 مليار دولار، محذرا من أن ليبيا على شفير الإفلاس بسبب منع تصدير النفط من قبل مسلحين منشقين عن جهاز حرس المنشآت النفطية.
وشدد على أن «الدولة لن تسمح بالتلاعب بقوت الليبيين وحقوقهم وتحت أي ضغوط أو مطالب لجماعات أو أفراد»، مضيفا «على الدولة أن تقوم بواجبها وعلى الجميع احترام سيادتها وهناك خطوط حمراء لا يجب أن يتجاوزها أحد».
لكن هيثم التاجوري المسؤول السابق في كتيبة ثوار طرابلس رد على أبو سهمين ببيان أصدره عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أوضح فيه أنه التقى أبو سهمين بعدما اختطف من قبل مجهولين واقتيد مع فتاتين لمكان غير معلوم.
وقال التاجوري بأنه «بصدد نشر تسريب فيديو جديد سيقطع كافة الشكوك»، بالتزامن مع ظهور تلفزيوني لمسؤولة إعلامية بالمؤتمر الوطني ومجموعة من منطقة فشلوم لسرد الواقعة كما حدثت.
من جهة أخرى، تزايد الغموض حول إمكانية إبرام اتفاق وشيك بين السلطات الليبية وإقليم برقة، فيما قال أعضاء في المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» بأنهم يعارضون أي تسوية من شأنها منح المسلحين الذين يطالبون بالحكم الذاتي لإقليم برقة المزيد من الصلاحيات.
وأكد عضو في المؤتمر الوطني الذي يعد أعلى سلطة دستورية وسياسية في البلاد أن غالبية الأعضاء لن يوافقوا على أي تسوية من شأنها منح إقليم برقة المزيد من الحكم الذاتي, وقال إن الاتفاق المزمع إبرامه بين الحكومة والإقليم هو بداية تقسيم ليبيا.
وعد العضو الذي طلب عدم كشف هويته، أن حكومة الثني ترتكب ما وصفه بخطأ فادح عبر السماح للمحتجين من إقليم برقة بفرض إراداتهم السياسية على الدولة الليبية.
ودفع هذا الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني إلى إصدار بيان رسمي نفت فيه ما تردد في عدد من وسائل الإعلام المحلية والعالمية عن وجود مباحثات مباشرة جرت أول من أمس بين الحكومة وعدد من حرس المنشآت النفطية التي تسيطر على الموانئ النفطية للوصول إلى اتفاق لحل أزمة الموانئ النفطية.
وأكدت الحكومة في بيان أصدرته عبر موقعها الإلكتروني بأنها ليست طرفا في هذه المباحثات. وكان متحدث باسم الثني قد أعلن أن الحكومة بصدد وضع اللمسات الأخيرة في غضون يومين إلى ثلاثة أيام على الاتفاق، مؤكدا أن المفاوضات قائمة ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق لفتح الموانئ.
وأعلن إبراهيم الجضران زعيم المجموعة المسلحة في إقليم برقة عن اتفاق لم يكشف تفاصيله، فيما قال عبد ربه البرعصي المسؤول عن حكومة الإقليم، إن جماعته ستتفق مع الحكومة خلال أيام على إنهاء حصار موانئ حيوية لتصدير النفط. وأضاف أنه جرى الاتفاق مع حكومة طرابلس على جميع القضايا، مشيرا إلى أن وفدا حكوميا سيزور إجدابيا في شرق ليبيا حيث مقر جماعته في اليومين المقبلين للاتفاق على التفاصيل.
في غضون ذلك، واصل موظفو واحد من أكبر بنوك ليبيا إضرابا عن العمل لليوم الثاني على التوالي مطالبين بمزيد من الحماية بعد مقتل زميل لهم بالرصاص أثناء أدائه لعمله.
ودخل موظفو بنك الجمهورية على مستوى البلاد في اعتصام مفتوح تنديدا بمقتل أحد زملائهم أمام فرع المصرف في سبها احتجاجا على الانتهاكات المتكررة التي يتعرض لها موظفو المصرف والعاملون فيه بصفة مستمرة في غياب تام للأمن.
ويقول موقع البنك الإلكتروني بأن عدد موظفي البنك يزيد على 5000 موظف يعملون في 146 فرعا، وهو البنك الرئيس الذي تدفع من خلاله الحكومة رواتب مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين.
ولم تتمكن الحكومة الليبية من السيطرة على الميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011 وترفض إلقاء السلاح. وإلى جانب الوضع الأمني المتدهور زاد عدد حوادث السطو على البنوك خلال الشهور القليلة الماضية.
من جهة أخرى، اجتمع طارق متري الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا مع سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في طرابلس لمناقشة تنسيق الدعم الدولي لليبيا، وفق الأولويات الليبية وفي ضوء توصيات مؤتمر روما وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وقال متري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «توقف المجتمعون عند تشديد مجلس الأمن ومؤتمر روما على أهمية الحوار الوطني الليبي الشامل بهدف الوصول إلى توافقات حول الأولويات الوطنية الكبرى بما يضمن السير في العملية الانتقالية والحفاظ على الوحدة الوطنية وتأمين الاستقرار».
وفيما بدا أنه بمثابة تراجع عن مساعيه للاستعانة بتجربة حركة النهضة التونسية بزعامة الشيخ راشد الغنوشي للتواصل إلى توافق سياسي في ليبيا، شدد متري على «أن الحوار الوطني، بمختلف أشكاله وأدواته، هو شأن وطني ليبي يقوم بدعوة ليبية وبرعاية ليبية».
من جهتها، هاجمت رابطة علماء ليبيا، بشكل ضمني الاتصالات التي يجريها الغنوشي مع بعض الأطراف السياسية الليبية برعاية بعثة الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى إجراء حوار وطني جديد. وعدت الرابطة في بيان لها أن «الليبيين يملكون الكفاءة والقدرة والخبرة لرعاية هذه المبادرات والحوارات الوطنية، وهم الأدرى بشؤونهم وواقع بلادهم».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.