الخردل.. قبل التوابل

رمز الفحولة والهيبة والحظ السعيد

الخردل.. قبل التوابل
TT

الخردل.. قبل التوابل

الخردل.. قبل التوابل

عثر على حبوب الخردل الصفراء الصغيرة في الكثير من التجمعات السكنية القديمة والعصر الحجري في أوروبا والعالم. وجاء ذكر الخردل في الكثير من الأمثال الأجنبية للترميز إلى المال والطيبة والتحدي وغيره. وللخردل رمزيات كثيرة في الحضارات القديمة؛ فقد كان الفراعنة يعتبرونه رمزا لحسن الحظ؛ ولذا وضعوه في قبور الملوك، مثل قبر توت عنخ آمون.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن زراعة حبوب الخردل بدأت في الهند في عام 300 قبل الميلاد، أي ما قبل خمسة آلاف سنة تقريبا.
وقد درج العبرانيون على استخدام الخردل في الطبخ، وكان الخليل إبراهيم يستخدمه في تحضير طبق لسان البقر. كما استخدمه الإغريق في الطبخ ولغايات طبية أيضا، كما هو الحال مع الكثير من المواد والتوابل. ووصفه الفيلسوف فيثاغوروس لعلاج لسعة العقرب، واستخدمه أبقراطوس في صناعة الكمادات. ومن الإشارات المبكرة للدلالة على طبيعة بذور الخردل القوية، كانت في أحد التبادلات بين ملك الفرس داريوس والإسكندر المقدوني، حيث أرسل داريوس إلى الإسكندر كيسا من حبوب السمسم للدلالة على عدد جنوده الرهيب، رد الإسكندر بكيس من حبوب الخردل للدلالة على العدد والطبيعة الحارقة لجنوده.
ورغم أن الرومان بشكل عام كانوا يفضلون صلصة السمك المخثر، فإن الأغنياء منهم، وكما كان يفعل السومريون في العراق من قبلهم، كانوا يطحنون حب الخردل الطازج في صحونهم على مائدة الطعام ويضيفون إليه عصير العنب أو الحصرم المعروف بالـ«مست» - must لتحضير العصير الحارق (المز القوي الطعم) - burning must أو - mustum ardens، ومن هناك جاء الاسم بالإنجليزية ماسترد - Mustard. وكلمة mustarde الإنجليزية التي تتدرج من الفرنسية moutarde تعني التوابل. وكان الرومان يضيفون إلى خلطة الخردل بهارات الكراوية والكزبرة المحمصة، والفلفل الأسود المطحون، والزعتر والكاشم الرومي، والشبت والكرفس، والبصل والعسل، والخل وصلصة السمك والزيت.
وبشكل عام، تابع الرومان ما بدأه الإغريق مع الخردل، وقد جاء ذكر أول وصفات صناعة الخردل في كتب المؤرخ بليني الأكبر في عام 42 للميلاد. ويذكر بليني الطعم القوي للخردل المصنوع من الخل وحبوب الخردل.
وكان الخردل من المواد أو التوابل الأولى التي استخدمها الناس قديما مع اللحم، وقبل وصول البهارات والتوابل المختلفة عبر طريق الحرير، وانتشارها في أنحاء المعمورة.
لكن رهبان بلاد الغال (المناطق الأوروبية التي تقطنها الشعوب الكلتية قديما، مثل فرنسا وبلجيكا وإيطاليا) هم الذين حولوا صناعة الخردل إلى فن بحد ذاته، كما يقال، بعد أن أدخل الرومان حبوب الخردل إلى هذه المناطق أثناء غزواتهم الشهيرة بين عامي 51 و58 للميلاد، فكان الرهبان يزرعون شجر الخردل إلى جانب العنب؛ لاستخدامه في الطعام ومداواة الجروح أثناء الحروب.
وواصل الرهبان زراعته والاعتناء به في القرنين التاسع والعاشر، وبعد أن أصبح تداوله عاديا بين تجار مدينة باريس في القرن الثالث عشر، أغرم الباباوات بالخردل؛ مما عزز صناعته وطور سبل تحضيره. وتقول القصة إن البابا يوحنا الثاني والعشرين (جاك ديوز - 1244 - 1334) من سلسلة بابوات أفينيون كان يحب الخردل حبا جما، لدرجة أنه أوجد وظيفة خاصة لصانعه في الفاتيكان، وقد منح الوظيفة إلى ابن أخيه الذي كان يعيش في ديجون القريبة؛ ولهذا أصبح يعرف الخردل الفرنسي عالميا بخردل ديجون، وأصبحت ديجون عاصمة الخردل حول العالم. وقد أقر البرلمان الفرنسي قانونا خاصا عام 1634 يمنح أهالي البلدة الحق الحصري بصناعة الخردل الفرنسي.
وكان الملك الفرنسي لويس الحادي عشر يحمل معه في رحلاته الخردل؛ خوفا من عدم توافره عند مضيفه. وقامت الملكة فيكتوريا في بريطانيا أيضا بتعيين طباخ خاص بالخردل في قصرها نهاية القرن التاسع عشر؛ لغرامها الكبير به.
هناك ما لا يقل عن 40 نوعا من أنواع شجر الخردل، وأن الحبوب التي تستخدم لصناعة الخردل التجاري هي الحبوب السوداء (Brassica nigra) والبنية (Brassica juncea) والبيضاء (Sinapis alba). الحبوب البيضاء التي ينتهي لونها أصفر وتستخدم مع الـ«هوت دوغ» جاءت من مناطق البحر الأبيض المتوسط. أما الحبوب البنية التي جاءت من جبال الهملايا والهند، فهي الحبوب التي تستخدم لصناعة الخردل في أميركا وأوروبا بشكل عام، وهي التي تنتشر في المطاعم الصينية أيضا. أما الحبوب السوداء، فهي مرغوبة أكثر في بلاد المتوسط وتركيا التي زرعتها أنتجتها قديما.
* كيف يحضر الخردل؟
يتم طحن الحبوب، إن كانت صفراء أم سوداء أم بنية، حسب الرغبة خشنة أم ناعمة، ثم يضاف إلى الحبوب الماء أو عصير الحصرم، أو الخل أو الجعة، أو كلها مجتمعة مع الملح والبهارات، خصوصا الكركم الذي يمنحه لونه والقرنفل، وأحيانا يطعم أيضا بأنواع التوت وبالعسل وبالطرخون.
الدول التي تصنع معجون الخردل هي: كندا، الهند، الولايات المتحدة الأميركية، هنغاريا، بريطانيا، باكستان، نيبال، روسيا، تشيكيا، ألمانيا، الصين، فرنسا، مينمار وأوكرانيا.
* من أنواع الخردل
- MOUTARDE À L’ANCIENNE، وهو من أنواع الخردل التقليدية والقديمة والخشنة التي تطحن الحبوب بشكل كبير، وتخلطه بالنبيذ الأبيض والأعشاب والبهارات. وعادة ما يستخدم أنواع عدة من الحبوب، ويكون طعمه حلوا بعض الشيء. ويعتبره البعض مزيجا من الخردل الفرنسي والخردل الإنجليزي ويستخدم للسمك والنقانق.
- MOSTARDA or MOSTARDA DI FRUTTA، خردل إيطالي مصنوع من الفاكهة المنقوعة بالماء والسكر وزيت الخردل. وهو خردل حلو مع لذعة خاصة، وتعود أصوله إلى الإمبراطورية الرومانية القديمة. يستخدم مع اللحوم والجبنة.
- MOUTARDE DE MEAUX or WHOLE GRAIN MUSTARD، يسمى هذا الخردل بـ«ملك الخردل»، وهو نوعان غني وقوي، مصنوع من خليط من حبوب الخردل مع الخل والبهارات، ويستخدمه الطباخون منذ مئات السنين في صلصات السلطة، ودهن اللحوم والأسماك قبل الطبخ.
- WASABI MUSTARD، وهو خردل ياباني يعتمد على نبتة الوسابي الجذرية التي تشبه الفجل الأبيض الطويل.
- Sweet mustard، يصنع هذا الخردل في بافاريا في ألمانيا مع السكر وعصير التفاح أو العسل.
- Hot mustard، يستخدم الحبوب البنية الهندية وهو قاسي الطعم، يستخدم كثيرا في روسيا.
- Honey mustard، وهو من أنواع الخردل التي تستخدم العسل في الخلطة، وعادة ما يستخدم في السندويشات والدجاج. ويستخدم كثيرا مع الخل وزيت الزيتون لتحضير صلصة السلطة.
- French mustard، وهو خردل حلو ولاذع وداكن اللون ومعتدل الطعم بشكل عام، وهو من منتجات بريطانيا وشركة كولمن في الثلاثينات من القرن الماضي، ويستخدم مع شرائح اللحم.
- Dijon mustard، هذا الخردل المصنوع في بلدة ديجون الفرنسية منذ زمن طويل، وقد أعاد أمجاده جان ناجيون في منتصف القرن التاسع عشر. وعادة ما يستخدم فيه الحب البني، ويصنع حاليا خارج فرنسا.
- English mustard، الخردل الإنجليزي أقوى أنواع الخردل في العالم من ناحية الطعم، وهو عادة أصفر اللون وسميك العجينة.
- MOUTARDE À L’ANCIENNE، وهو من أنواع الخردل التقليدية والقديمة والخشنة التي تطحن الحبوب بشكل كبير، وتخلطه بالنبيذ الأبيض والأعشاب والبهارات. وعادة ما يستخدم عدة أنواع من الحبوب، ويكون طعمه حلوا بعض الشيء. ويعتبره البعض مزيجا من الخردل الفرنسي والخردل الإنجليزي ويستخدم للسمك والنقانق.
- MOSTARDA or MOSTARDA DI FRUTTA، خردل إيطالي مصنوع من الفاكهة المنقوعة في الماء والسكر وزيت الخردل، وهو خردل حلو مع لذعة خاصة، وتعود أصوله إلى الإمبراطورية الرومانية القديمة. يستخدم مع اللحوم والجبنة.
- MOUTARDE DE MEAUX or WHOLE GRAIN MUSTARD، يسمى هذا الخردل بـ«ملك الخردل» وهو نوعان غني وقوي، مصنوع من خليط من حبوب الخردل مع الخل والبهارات، ويستخدمه الطباخون منذ مئات السنين في صلصات السلطة، ودهن اللحوم والأسماك قبل الطبخ.
* معلومات حديثة عن الخردل
جاء ذكر الخردل في الكثير من الأمثال الأجنبية للترميز إلى المال والطيبة والتحدي وغيره.
فقد اعتبره الصينيون القدماء مقويا للشهوة الجنسية، وينشره بعض الناس حاليا خارج باب المنزل لطرد الأرواح الشريرة، كما هو الحال في الدانمارك والهند، وتحيكه البنات في فساتين أعراسهن للتأكيد على سلطاتهن في المنزل.
لقد جلب السفير الأميركي لدى فرنسا ببنيامين فرانكلين الخردل إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1758.
قدم الفرنسيون الخردل الأصفر الفرنسي المعروف حاليا، في عام 1904 أثناء معرض سانت لويس العالمي في فرنسا، ومن ذلك الحين وهو رفيق متواصل للـ«هوت دوغ».
يستخدم ملعب أو استاد «اليانكيز» في نيويورك 1600 غالون من الخردل، و2 مليون حزمة فردية خلال المباراة الواحدة.
يحب الأميركان الخردل المعتدل الطعم، وهم من أكثر شعوب العالم استهلاكا له؛ إذ يصل استهلاك الفرد نحو نصف كيلو في السنة. وكان شخص يدعى جورج فرنش أول من بدأ في تصنيعه وتوزيعه في أميركا. ولهذا؛ أيضا هناك يوم وطني للاحتفال بالخردل في أول يوم سبت من شهر أغسطس (آب) في ويسكونسين. ويضم متحف الخردل في ويسكونسين 5000 مرطبان خردل من 60 دولة وخمسين ولاية أميركية.
كما تشير المعلومات المتوافرة إلى أن الخردل ثاني أهم المتبلات التي يستخدمها الأميركيون بعد الفلفل الأسود.
318 مليون كيلو من الخردل المستهلك في العالم كل سنة حسب إحصاءات عام 2015، ويزداد حاليا استخدام الخردلل؛ لأنه غني بالصوديوم، ولا يحتوي على الكثير من السكر كالكاتشاب، ولا يحتوي على الكثير من الدهون كالمايونيز.



عصير القصب... مشروب شعبي في مصر يعاني «مرارة» الغلاء

إبراهيم محمد حاول التكيُّف مع ارتفاع أسعار القصب الخام (الشرق الأوسط)
إبراهيم محمد حاول التكيُّف مع ارتفاع أسعار القصب الخام (الشرق الأوسط)
TT

عصير القصب... مشروب شعبي في مصر يعاني «مرارة» الغلاء

إبراهيم محمد حاول التكيُّف مع ارتفاع أسعار القصب الخام (الشرق الأوسط)
إبراهيم محمد حاول التكيُّف مع ارتفاع أسعار القصب الخام (الشرق الأوسط)

على ناصية واسعة من شارع العشرين المكتظّ بالمصريين والسودانيين بالجيزة (غرب القاهرة)، وقف محمود السيد (41 عاماً) داخل محل العصير مُمسكاً بأعواد القصب، ويدفعها بقوة نحو المعصرة، ليستقرّ العصير في إناء يُفرَّغ في آخَر بعد التصفية من الشوائب ليكون سائغاً للشاربين.

أمامه، وقف بعض الظمأى، وقد شَخَصت أبصارهم نحو العصير المُصفَّى الذي يرفعه إلى أعلى درجة بيده اليمنى، قبل أن ينهمر مثل شلال عذب إلى الأكواب المتراصّة في خفة معهودة لا يقدر عليها إلا العاملون في مثل هذه المحالّ.

شرب الزبائن العطشى العصير بلهفة وشوق، ومع أول تمهُّل بدَت على وجوههم علامات الانتشاء، مُتمتِمين: «الله»، بصوت غير مسموع، للتعبير عن لذته ومذاقه الحلو، غير أنّ حلاوة العصير هذه تأثّرت بمرارة الغلاء التي ضربت جميع السلع والخدمات في مصر جرّاء تدهور الجنيه أمام الدولار وارتفاع نسبة التضخّم.

ويُبرّر محمود ارتفاع أسعار عصير القصب قائلاً: «كنا نشتري العام الماضي لبشة القصب بـ10 جنيهات، وحالياً نشتريها بأكثر من 30 جنيهاً (الدولار الأميركي يعادل 48 جنيهاً مصرياً)»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ ارتفاع سعر القصب في المزارع ليس السبب الوحيد وراء ارتفاع كوب العصير، بل أدّى ارتفاع سعر الوقود إلى رفع تكلفة النقل من جنوب البلاد حيث تكثُر زراعة القصب، إلى المحافظات الشمالية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والمواد البلاستيكية وأجرة العمال»، مؤكداً أنّ «أصحاب محالّ عصير القصب اضطرّوا تحت ضغط الغلاء إلى رفع سعره».

محل لبيع عصير القصب في الجيزة (الشرق الأوسط)

وارتفع سعر طنّ القصب في العام الحالي إلى مستويات قياسية؛ حيث قفز من 1500 جنيه للطنّ إلى أكثر من 4 آلاف جنيه في السوق، ما دفع كثيراً من المزارعين لزراعته مجدّداً، وأمام زيادات أسعار القصب المورَّد إلى محالّ العصير، حاولت الحكومة رفع سعره من 1100 جنيه إلى 2500 لهذا العام؛ لتوريده إلى مصانع السكر جنوب البلاد.

وبملامحها القمحية ووجهها الطفولي، دلفت آية محمود إلى محل عصير في شارع «الملك فيصل» بالجيزة، لدى عودتها من العمل في نهار صيفي حارّ، لتشتري كيسين من العصير من أصغر فئة (10 جنيهات)، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أشهُر كنتُ أشتري بمبلغ 20 جنيهاً 4 أكياس لي ولابنتَيّ وزوجي، لكن بسبب ارتفاع الأسعار أكتفي بإعطاء كيس واحد للابنتين تتشاركان فيه شرب العصير المحبَّب لقلوبنا»، مشيرةً إلى أنّ «لعصير القصب مذاقاً غير عادي، ويصعب تعويضه بأي مشروب آخر، طبيعي ويحتوي مواد كثيرة مفيدة، خصوصاً في الصيف».

عصير القصب مشروب محبَّب للمصريين (الشرق الأوسط)

ويُعَدّ قصب السكر غنياً بالنوع الجيّد من الكربوهيدرات، والبروتين والحديد والبوتاسيوم، والمواد المغذّية الأساسية الأخرى التي تجعل منه مشروب طاقة مثالياً، خصوصاً في الصيف؛ حيث يساعد كوب بارد منه في مقاومة الجفاف والتعب، وفق موقع وتطبيق «الطبي».

ويساعد أيضاً في حماية الكبد من الالتهابات؛ لاحتوائه على المواد المضادّة للأكسدة التي تحميه من العدوى، وتساعد في السيطرة على مستويات البيليروبين، كما يساعد في علاج التهابات المسالك البولية وحصى الكلى، ويحسّن حركة الأمعاء، ويخفّف الإمساك، وفق تقرير «الطبي».

أسعار العصير تتفاوت وفق كل منطقة (الشرق الأوسط)

في المقابل، يحذّر أطباء مصريون من تناول القصب من دون التأكُّد من نظافته ونظافة العصَّارة؛ إذ تحتوي بعض أعواده، وفق خبير التغذية الدكتور مجدي نزيه، على سموم فطرية بين أغلفته، لكن مصريين، من بينهم أحمد عبد الفتاح، 36 سنة، يعمل مندوب مبيعات في القاهرة، لا يعبأ بتلك التحذيرات: «سيبها على الله... منذ صغرنا ونحن نشرب عصير القصب ولم نُصَب بمكروه، هو مشروب طبيعي يردّ الروح، خصوصاً في أيام الصيف شديدة الحرارة».

محالّ العصير منتشرة بشكل لافت في جميع أنحاء مصر (الشرق الأوسط)

وتتفاوت أسعار عصير القصب في مصر وفق كل منطقة، فبينما يبلغ سعر أقل كوب عصير في المناطق الراقية 15 جنيهاً، يبلغ في المناطق الشعبية سعر أقل كوب عصير 10 جنيهات، لكن إبراهيم محمد، صاحب محل عصير قصب على ناصية بداية شارع ترعة عبد العال 1 في الجيزة، حاول التكيُّف مع موجة الغلاء، وأدخل نوعاً صغيراً من الأكواب للخدمة لبيعه بسعر 7 جنيهات فقط، مُتيحاً الفرصة لمحبّي هذا المشروب من أبناء الطبقة المتوسّطة ليشربوه.

وعلى غرار محلات البقالة والصيدليات ومتاجر بيع إكسسوارات أجهزة الهواتف المحمولة، تنتشر محالّ عصير القصب في جميع أرجاء البلاد على مسافات متقاربة، خصوصاً في الأحياء الشعبية. وإلى جانب عصير القصب تبيع هذه المحالّ مشروبات أخرى، من بينها المانغو والبرتقال والفراولة والتمر هندي والسوبيا، ويُعدّ عصير المانغو الأغلى بينها جميعاً.

إبراهيم محمد حاول التكيُّف مع ارتفاع أسعار القصب الخام (الشرق الأوسط)

ووفق إبراهيم وآخرين، فإنّ «كوب العصير الذي كان يُباع العام الماضي بـ7 جنيهات، بات سعره حالياً 20 جنيهاً، والكوب الذي بلغ سعره 6 جنيهات أصبح يباع بـ10»، مؤكداً «تراجع الإقبال على عصير المصريين المفضّل بسبب ارتفاع أسعاره بالآونة الأخيرة».

وتشهد مصر موجة كبيرة من ارتفاعات السلع الغذائية والخضراوات، من بينها الطماطم التي وصل سعرها في بعض المناطق إلى أكثر من 40 جنيهاً للكيلو؛ ما دعا رئيس الوزراء إلى تفسير سبب الأزمة، قائلاً إنها «تعود لتَضرُّر كميات كبيرة من إنتاجية محصول الطماطم بسبب ارتفاع درجات الحرارة»، كما تشهد البلاد ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار المواصلات العامة والكهرباء والاتصالات.

جانب من عملية توريد محصول القصب في صعيد مصر (الشرق الأوسط)

وتواجه زراعة قصب السكر في مصر تحدّيات كبيرة، من بينها ارتفاع أسعار الأسمدة ومشكلات الريّ، وارتفاع أجرة العمالة.

ووفق آخر إحصاء للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول إنتاج مصر من القصب الذي يعود إلى عام 2019، فإنّ الإنتاج الكلّي منه بلغ 15.91 مليون طن، ولا إحصائيات بشأن استهلاك محالّ العصير.