«بوكيمون» وسيلة السوريين لجذب أنظار العالم لمأساة أطفالهم

ابتكر لاجئ سوري فيديو يحاكي لعبة «سوبر ماريو بروس» والرحلة الخطيرة للهروب

«أنا من سوريا. ساعدوني».. واحدة من الصور التي استفادت من «بوكيمون» للفت الانتباه إلى الوضع المأساوي لأطفال سوريا (إعلام قوى الثورة)
«أنا من سوريا. ساعدوني».. واحدة من الصور التي استفادت من «بوكيمون» للفت الانتباه إلى الوضع المأساوي لأطفال سوريا (إعلام قوى الثورة)
TT

«بوكيمون» وسيلة السوريين لجذب أنظار العالم لمأساة أطفالهم

«أنا من سوريا. ساعدوني».. واحدة من الصور التي استفادت من «بوكيمون» للفت الانتباه إلى الوضع المأساوي لأطفال سوريا (إعلام قوى الثورة)
«أنا من سوريا. ساعدوني».. واحدة من الصور التي استفادت من «بوكيمون» للفت الانتباه إلى الوضع المأساوي لأطفال سوريا (إعلام قوى الثورة)

في الوقت الذي تجتاح فيه العالم صيحة لعبة «بوكيمون»، تستعر الحرب في سوريا، حيث جاء أكثر من 3.7 مليون طفل إلى العالم في خضم أحداث العنف. وقد عمد نشطاء سوريون إلى استغلال الشعبية الجارفة التي حققتها لعبة «بوكيمون غو»، في جذب انتباه العالم لمأساة الأطفال المحاصرين داخل أتون الصراع الدائر.
كان حساب «إعلام قوى الثورة» قد انطلق في نشر صور عبر موقع «تويتر» تحمل صورًا لـ«بوكيمون»، وبجانبها تعليقات تحمل أسماء مواقع في سوريا ومناشدات بالتدخل لإنقاذهم، في إشارة إلى كيف أنه يتعين على لاعبي «بوكيمون غو» الوصول فعليًا إلى الموقع الذي يوجد به «بوكيمون»، كي يتمكنوا من الإمساك به. ويذكر أن «إعلام قوى الثورة» عبارة عن وكالة لصحافيين نشطاء و«منصة للقوى الثورية العاملة على الأرض» ضد الرئيس السوري بشار الأسد.
وهناك صور أخرى جرى تعديلها رقميًا، بحيث تُظهر «بوكيمون» ضخمًا على خلفية كومة من الدمار والأطلال. ويظهر بإحدى الصور طفل سوري يسير فوق كومة من الحصى باتجاه إحدى شخصيات «بوكيمون». وإلى جواره عبارة بحروف بارزة تقول: «أنا في سوريا. أنقذني». ويظهر في صورة أخرى طفل يجلس على أعتاب مبنى منهار وبجواره شخصية أخرى لـ«بوكيمون» بوجه باكٍ.
من جانبه، تفتق ذهن سيف الدين طحان، مصمم غرافيك وناشط مقيم في الدنمارك، عن فكرة مشابهة. في الأسبوع الماضي، نشر عبر صفحته على موقع «فيسبوك» محاكاة للعبة «بوكيمون غو» بعنوان «سوريا غو»، حيث يبحث اللاعب عن عناصر لا تمثل كائنات خيالية، وإنما عناصر ضرورية مثل إمدادات طبية ومنزل.
جدير بالذكر أن طحان لاجئ سوري سافر بقارب إلى أوروبا، وفي تصريحات لشبكة «سي إن إن»، قال إنه عمد إلى محاكاة العنصر الذي يمكّن لاعبي «بوكيمون غو» من مشاهدة «بوكيمون» في العالم الحقيقي، المطابخ والمطاعم والمكتبات. وشرح طحان أنه بالنسبة للسوريين، تبدو الأماكن مختلفة تمامًا.
وأضاف: «يتحدث الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي طوال الوقت عن (بوكيمون)، لذا فكرت في ابتكار هذه الصور، لجذب الانتباه إلى معاناة من يعيشون تحت وطأة الحرب وما يبحث عنه السوريون حقًا. ويمكنني أن أؤكد لكم أن (بوكيمون) ليس هو ما يبحث عنه الشعب السوري».
بمرور الوقت، أصبحت الرسائل الواردة من سوريا مألوفة. على سبيل المثال، انتشرت في سبتمبر (أيلول) الماضي وعلى نطاق واسع صورة لجثمان الطفل إيلان كردي البالغ من العمر 3 سنوات، التي أثارت موجة عارمة من الصدمة والغضب. كان إيلان قد تعرض للغرق أثناء استقلاله قاربًا من تركيا إلى اليونان، حيث كانت تأمل أسرته في الفرار من الدمار الذي لحق بسوريا. ومع انتشار صور جسد الطفل الذي ألقت به الأمواج على الشاطئ، وعد سياسيون بمحاولة تناول الأزمة بسرعة وإلحاح. إلا أنه بعد شهور، شكت أسرة إيلان من أن مأساته ومأساة الملايين الآخرين من المشردين السوريين قد طواها النسيان بالفعل.
ويبقى التساؤل هنا: هل بمقدور ألعاب الفيديو والشخصيات الكرتونية المعاونة حقًا في رأب الفجوة بين اللاجئين وأولئك الآمنين بعيدًا عن الصراع؟ يذكر أنه خلال فترة قصيرة من انتشار صورة الطفل إيلان، ابتكر سمير المفتي، لاجئ سوري في تركيا، فيديو يحاكي لعبة «سوبر ماريو بروس»، تظهر خلالها الشخصية الإيطالية الشهيرة في شكل سوري يمر برحلة خطيرة للفرار إلى خارج وطنه.
وهناك شخص واحد على الأقل يحارب الإرهاب ويلعب «بوكيمون غو» في الوقت ذاته، وهو لويس بارك، 26 عامًا، الذي كان من جنود البحرية الأميركية وتطوع الآن للقتال مع جماعة محلية تحارب «داعش» بالعراق. وفي تصريحات لـ«بازفيد نيوز»، قال إنه معجب للغاية باللعبة الجديدة، مضيفًا عبر صفحته على «فيسبوك»: «كان أول (بوكيمون) أتمكن من إمساكه على خط المواجهة بالموصل». وقد نشر صورة من شاشة اللعبة ويتضح بجوارها سلاحه. وكتب يقول: «(داعش)، تعالوا وتحدوني في معركة (بوكيمون)».
*خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.