جدل في الجزائر بسبب مسعى لتدريس العلوم بالفرنسية.. بدل العربية

وزيرة التربية {المتفرنسة} تقف وراء المشروع

جدل في الجزائر بسبب مسعى لتدريس العلوم بالفرنسية.. بدل العربية
TT

جدل في الجزائر بسبب مسعى لتدريس العلوم بالفرنسية.. بدل العربية

جدل في الجزائر بسبب مسعى لتدريس العلوم بالفرنسية.. بدل العربية

يحتدم في الجزائر جدل حاد داخل الأوساط التعليمية والسياسية، إثر إعلان وزيرة التعليم نورية بن غبريط رمعون عن نتائج عمل ميداني، أجراه مختصون في شؤون البيداغوجيا، أهم ما فيها أن تدريس مواد العلوم باللغة الفرنسية لتلاميذ التعليم الثانوي، «أنفع» من تدريسها باللغة العربية. وتنسف هذه المعاينة جهودًا بذلت عشرات السنين، في إطار «سياسة التعريب»، التي انتهجتها السلطات مباشرة بعد خروج المستعمر الفرنسي عام 1962.
وذكرت الوزيرة مساء أول من أمس، أثناء زيارة هياكل تعليمية بمدينة تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، أن «لجنة وزارية» تشتغل منذ شهور حول اللغة الأنسب لتدريس الرياضيات والعلوم التجريبية لتلاميذ أطوار التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي. وقد تسلمت منها نتائج عملها، حسبها، وتتمثل في أن الفرنسية هي لغة التواصل الثانية بعد العربية، في أوساط غالبية الجزائريين. وقالت أيضًا، على سبيل دعم النتائج التي توصلت إليها «لجنة الخبراء»، إن الناجحين في البكالوريا، يواجهون صعوبات كبيرة في استيعاب مواد الشعب التجريبية، وخصوصًا الرياضيات والعلوم التجريبية بالجامعات والكليات، لأن تدريس هذه المواد يجري بالفرنسية، بينما درس الطلبة في الثانوية قواعد هذه المواد بالعربية.
غير أن كلام الوزيرة عن العربية والفرنسية فُهم بأن اللغة الرسمية بالجزائر ليست «لغة علوم»، وبالتالي ينبغي التخلي عنها تدريجيًا. ومعروف عن بن غبريط أنها لا تتحدث بعربية فصيحة، بحكم تكوينها المفرنس، وهي محل تنكيت وسخرية في شبكة التواصل الاجتماعي، بسبب طريقة كلامها بالعربية، بينما تجد راحة كبيرة عندما تتحدث بالفرنسية.
وقال مسؤول بوزارة التعليم لـ«الشرق الأوسط»، إن نتائج عمل «لجنة الخبراء» سترفع إلى الحكومة للمصادقة عليها، ثم تعرض على مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية للموافقة عليها، وفي مرحلة أخيرة ستعرض على غرفتي البرلمان لمناقشتها والتصويت عليها.
وأوضح نفس المسؤول، الذي رفض نشر اسمه، أن عجز نسبة كبيرة من الطلبة الجامعيين عن مواصلة الدراسة في العلوم التكنولوجية والطبية، سببه ازدواجية لغة التدريس، أي العربية في التعليم الثانوي، ثم الفرنسية في الجامعة. وتقدر هذه النسبة، حسبه، بـ50 في المائة.
وتعرضت بن غبريط لهجوم حاد من طرف خصومها في التيار الإسلامي والتيار المحافظ، وخصوصًا «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»، المدافعة عن الهوية العربية والإسلامية للجزائريين. وقالت أطر بالحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم»، في تغريداتهم على «تويتر»، إن الوزيرة «تنفذ أجندات النخبة الحاكمة التابعة إلى فرنسا». ودعا الحزب إلى «إطلاق جبهة عريضة لمواجهة مشروع تغريب المجتمع».
وكتب قيادي الحزب ناصر حمدادوش، وهو أكثر الإسلاميين تفاعلاً مع هذه القضية: «لا تزال وزيرة التربية الوطنية وفيّة لمشروعها التغريبي، بتهديد أبعاد الهويّة والثوابت الوطنية. وبعد الإشراف الفرنسي المباشر على وضع المناهج التربوية فيما سُمّي بإصلاحات الجيل الثاني، وبعد الاستفزاز بتدريس العامّية وفضيحة البكالوريا، (تسريب أوراق الامتحان قبل شهرين) جاء دور الاستهداف المباشر للمواد المتعلّقة بالهويّة، ومنها التربية الإسلامية».
واستنكر حمدادوش «إلغاء تخصّص العلوم الشّرعية في الثانوية سنة 2005، وهو ما يتعارض مع المنطق البيداغوجي بضرورة وجوده للاستمرار في التخصّص الجامعي، لوجود جامعات وكليات للعلوم الإسلامية».
أما الصحف المفرنسة فقد هاجمت أمس في مواقعها الإلكترونية «أشخاصًا في قطاع التعليم ينتمون لعصر الانحطاط»، يقفون حسبها «وراء حملة عداء ضد الوزيرة». وانتقدت دعاة تدريس العلوم بالإنجليزية، على أساس أنها لغة غريبة عن المجتمع الجزائري قياسًا إلى الفرنسية، وهي لغة سعى الاستعمار الفرنسي إلى نشرها خلال 132 سنة من الاحتلال. وقد حاول إسلاميو «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» مطلع تسعينات القرن الماضي، عندما كان هذا الحزب في أوج قوته، تعويض الفرنسية بالإنجليزية في جميع مراحل التعليم. لكن المشروع لم يتحقق بعد حل الحزب في 1992 واتهامه بـ«الإرهاب».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».