«هيكلة الجيش» تفجر التوتر بين أنقرة وواشنطن

جاويش أوغلو: سيصبح أكثر قوة.. والصحف تتهم واشنطن بالضلوع في الانقلاب الفاشل

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله رئيس الأركان خلوصي عكار وقادة وجنرالات الجيش في العاصمة أنقرة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله رئيس الأركان خلوصي عكار وقادة وجنرالات الجيش في العاصمة أنقرة أمس (إ.ب.أ)
TT

«هيكلة الجيش» تفجر التوتر بين أنقرة وواشنطن

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله رئيس الأركان خلوصي عكار وقادة وجنرالات الجيش في العاصمة أنقرة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى استقباله رئيس الأركان خلوصي عكار وقادة وجنرالات الجيش في العاصمة أنقرة أمس (إ.ب.أ)

أحدثت حركة التغييرات الواسعة في صفوف الجيش التركي تجاذبا واسعا بين أنقرة وواشنطن نتيجة الإطاحة بعشرات الجنرالات التي كانت تعتبرهم واشنطن بمثابة حلفاء داخل الجيش التركي، مبدية قلقها من أن يؤثر التغيير الهيكلي في الجيش التركي على حرب التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وفي هذا السياق، انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشكل حاد جنرالا أميركيا ومسؤولا بمجلس الأمن القومي الأميركي كانا قد أشارا إلى أن المحاورين الرئيسيين في تركيا إما تم تطهيرهم أو سجنهم عقب محاولة الانقلاب الفاشلة. وتساءل إردوغان الذي كان يتحدث أمس من مقر أمني في أنقرة تضرر بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو (تموز) الحالي، بغضب: «من أنتما؟»، وأضاف: «يجب أن تعرفا حجمكما».
واتهم إردوغان أيضا المسؤولين الأميركيين «بالتحيز للانقلابين».
وفي الوقت نفسه، عبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن أسفه لتعليقات رئيس المخابرات الأميركية «سي آي إيه» التي قال فيها إن عمليات التطهير في الجيش التركي بعد محاولة الانقلاب تضر بالتعاون في قتال تنظيم داعش الإرهابي.
وقال جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي أمس الجمعة: «إذا كانوا (الأميركيون) يسألون إن كانت المعركة ضد داعش قد ضعفت بسبب تطهير الجيش فإننا نقول: على العكس، عندما يتم تطهير الجيش سيصبح أجدر بالثقة وأكثر فاعلية في المعركة».
وسعى جاويش أوغلو إلى التهوين من مخاوف الغرب حيال بوادر التقارب بين تركيا وروسيا بعد فترة سادها التوتر، قائلا إن العلاقات ليست بديلا عن حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي.
وكان جيمس كلابر مدير المخابرات الأميركية «سي آي إيه» قال إنه «جرى إبعاد أو إقالة عدد كبير من المسؤولين العسكريين الأتراك»، مشيرا إلى «احتمال أن يعرقل ذلك التعاون التركي الأميركي في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي».
وعبر كلابر في كلمة أمام منتدى أسبن الأمني، بولاية كولورادو الأميركية، عن قلقه من قيام الحكومة التركية بإبعاد الكثير من ضباط القوات المسلحة التركية من وظائفهم معتبرا أن له «تأثيرا لأنه أثر على كل مكونات هيكل الأمن الوطني في تركيا».
وقال كلابر: «جرى استبعاد أو سجن الكثير من المسؤولين في الجيش التركي ممن كنا نتعامل معهم»، ملمحا إلى إمكانية حدوث مشاكل في مجال التعاون مع تركيا بشأن قضايا أمنية مشتركة.
من جانبه، أشار قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال جوزيف فوتيل، في المنتدى ذاته، إلى سجن بعض القادة الذين كان يعملون معهم، قائلا إنه من الطبيعي بروز مشاكل أو تداعيات لمحاولة انقلابية نفذتها منظمة إرهابية، مضيفا: «نسعى للقضاء على هذه المشاكل في الوقت الراهن».
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو «إن حصر القدرة العسكرية التركية بهؤلاء فقط (الانقلابيون)، ينم عن جهل، إن لم يكن ينطوي على سوء نية»، مشيرًا إلى أن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية ستخلق جيشًا أكثر قوة وكفاءة.
ووصف ادعاءات المسؤولين الأميركيين بأن إقالة الجنرالات الانقلابيين ستضر بالعمليات الحالية لمكافحة تنظيم داعش، بـ«الهُراء»، وأضاف: «الجيش التركي ليس عبارة عن انقلابيين مندسين في بزات عسكرية».
وتابع: «ليس أولئك وحدهم من كانوا يمتلكون القدرة والكفاءة على محاربة تنظيمات إرهابية مثل منظمة حزب العمال الكردستاني وداعش. إذا كانوا يريدون القول إن المنتمين للكيان الموازي هم وحدهم من يحاربون داعش، فإننا من جهتنا نرفض ما يذهبون إليه بشدة، ولا نرى أن هذه التقييمات صحيحة».
وشدد على أن الدولة التركية عندما تنتهي من تطهير تلك العناصر «المتعفنة» التي لا شغل لها سوى التخطيط لتنفيذ انقلابات على الحكومات الشرعية، ستصبح البلاد تمتلك جيشًا أكثر موثوقية وديناميكية وأنظف وأكثر كفاءة.
ولفت جاويش أوغلو إلى أن تركيا اتخذت خطوات مشتركة مع الولايات المتحدة على صعيد محاربة «داعش»، ولم تتصرف في أي وقت من الأوقات، خلافًا للاتفاقات المعقودة بين البلدين.
وفي السياق ذاته أبدت الصحف التركية اهتماما واسعا بتصريحات قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط جوزيف فوتيل التي أقر فيها بأن كثيرا من الضباط الذين اعتقلوا في تركيا أو أوقفوا عن العمل حلفاء لبلاده، ورأت في تلك التصريحات اعترافا ضمنيا بتورط الولايات المتحدة في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا يوم 15 يوليو الحالي.
ونقلت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية، عن فوتيل تحذيره من أن يؤدي «الضعف المقلق» في علاقات واشنطن بأنقرة بعد محاولة الانقلاب إلى تراجع القدرة العملياتية للقوات الأميركية التي تنشط في منطقة الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة إن فوتيل أرجع ضعف العلاقات التركية الأميركية بعد الانقلاب الفاشل إلى اعتقال عدد كبير من جنرالات الجيش التركي الحلفاء أو المقربين من الولايات المتحدة، ومن بينهم أعضاء في المجلس العسكري الأعلى، وتسريحهم من مراكزهم على خلفية اتهامهم بالضلوع في محاولة الانقلاب.
وأعادت الصحيفة التذكير بتقرير نشرته الثلاثاء الماضي وأوردت فيه ما قالت إنها أدلة على تورط قائد قوات «إيساف» في قاعدة إنجيرليك بتركيا الجنرال الأميركي جون بيل في الإشراف على محاولة الانقلاب بتمويل من المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه).
ونشرت صحيفة «ميللي جازيتا»، المعبرة عن حزب السعادة الإسلامي الذي أسسه رئيس الوراء الراحل نجم الدين أربكان، صورا لمتظاهرين أتراك يرفعون لافتات كتب عليها عبارة «الموت لأميركا»، وقالت إن هؤلاء المتظاهرين كانوا يحتشدون في مدينة أضنة جنوب تركيا على بعد عدة كيلومترات من قاعدة إنجيرليك مطالبين بإغلاقها ردا على «تورط» واشنطن في محاولة الانقلاب. وقالت الصحيفة إن أولئك المتظاهرين يمثلون شريحة كبيرة من الشعب التركي لديها قناعات بأن الانقلاب صنع في أميركا لصالح إسرائيل التي أعلنت أنه لم يعد بالإمكان بناء شراكة استراتيجية مع تركيا.
واعتبرت الصحيفة أن أي إشارات على تورط واشنطن في خلخلة نظام الحكم بتركيا ستزيد من حالة الغضب في الشارع التركي الذي لا يكنّ كثيرا من المودة للغرب.
وبدأت الإشارات إلى «التورط الفعلي لأميركا» في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في خبر نشرته صحيفة «صباح» التركية، المقربة للرئيس رجب طيب إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، الأسبوع الماضي، وذكرت فيه أن اجتماعًا سريًا للمخابرات الأميركية عُقِد في فندق بإحدى جزر الأميرات التابعة لمدينة إسطنبول في بحر مرمرة، بالتزامن مع محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو الحالي.
وأشارت الصحيفة إلى أن ضابط المخابرات الأميركي من أصول تركية البروفسور «هنري باركي» عقد اجتماعًا مغلقًا مع سبعة عشر شخصًا أجنبيًا في فندق «سبليندد بالاس» في واحدة من جزر الأميرات.
وبحسب الصحيفة فإن الاجتماع المغلق بدأ في 15 يوليو واستمر ليومين متتاليين، وبعد فشل الانقلاب العسكري غادرت المجموعة البلاد في 19 يوليو.
واستخدم فندق سبليندد بالاس من قبل الإنجليز في عام 1919 كمقر لإدارة العمليات العسكرية إبان حربهم مع الدولة العثمانية.
ونفى رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد ما ذكرته الصحيفة التركية، قائلا إنها مزاعم «سخيفة» لا أساس لها من الصحة.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.