«إرهابي إنسباخ» شارك في القتال بالعراق وسوريا

خبراء ألمان يستبعدون نظرية «الذئاب المنفردة».. ويرجحون وجود شبكة «داعشية» في بافاريا

الشرطة الألمانية تؤمّن مركز استقبال للاجئين انفجرت فيه حقيبة سفر دون إسقاط ضحايا في زيندورف أمس (أ.ف.ب)
الشرطة الألمانية تؤمّن مركز استقبال للاجئين انفجرت فيه حقيبة سفر دون إسقاط ضحايا في زيندورف أمس (أ.ف.ب)
TT

«إرهابي إنسباخ» شارك في القتال بالعراق وسوريا

الشرطة الألمانية تؤمّن مركز استقبال للاجئين انفجرت فيه حقيبة سفر دون إسقاط ضحايا في زيندورف أمس (أ.ف.ب)
الشرطة الألمانية تؤمّن مركز استقبال للاجئين انفجرت فيه حقيبة سفر دون إسقاط ضحايا في زيندورف أمس (أ.ف.ب)

بعد حوادث أنسباخ وميونيخ وويرزبرغ، ذكرت الشرطة الألمانية أن حقيبة سفر انفجرت أمام مركز لاستقبال المهاجرين في جنوب ألمانيا أمس، إلا أنها استبعدت «أي مؤشر» على وجود قنبلة بداخلها، مؤكدة أن أحدا لم يصب بأذى.
ووقع الانفجار على بعد نحو 200 متر من المركز في بلدة زيرندورف في مقاطعة بافاريا الذي توجد حوله الشرطة. وقالت الشرطة في بيان: «لا يوجد مؤشر في الوقت الحالي على انفجار قنبلة في الحقيبة (..) ويحتمل أن تكون علبة بخاخ انفجرت داخلها. ولم يبلغ عن إصابة أحد». ووقع الحادث في بافاريا، حيث أعلنت حالة التأهب بعد أن شهدت ثلاث هجمات خلال أسبوع واحد.
ويأتي ذلك بعد أن فجر طالب لجوء يشتبه بارتباطه بتنظيم داعش نفسه قرب موقع مهرجان للموسيقى في مدينة أنسباخ، ما أدى إلى إصابة 15 شخصا. وذكرت نشرة أسبوعية صادرة عن تنظيم داعش أن طالب اللجوء السوري الذي فجر نفسه في مدينة أنسباخ في جنوب ألمانيا له ماض متطرف، إذ قاتل في صفوف «داعش» في العراق ثم في «جبهة النصرة» في سوريا.
وذكرت أسبوعية «النبأ» في عددها الأربعين الذي تم تناقله على الإنترنت الأربعاء أن محمد دليل أو «أبو يوسف الكرار» الذي أعلن مبايعته للتنظيم الإرهابي قبل تفجير نفسه في أنسباخ، التحق بـ«داعش» التي بقي فيها لبضعة أشهر قبل أن يعود إلى مسقط رأسه في مدينة حلب في شمال سوريا.
وفي حلب، شكل دليل (27 عاما) «مع بعض رفاقه خلية إرهابية تخصصت بإلقاء القنابل والزجاجات الحارقة» على مواقع لقوات النظام السوري، بحسب النشرة.
ومع انفصال فرعي تنظيم القاعدة في العراق وسوريا وانطلاق «جبهة النصرة» في سوريا، انضم أبو يوسف كرار إليها. وقاتل في مدينة حلب إلى أن اضطر للخروج منها لتلقي العلاج بعد إصابته بشظية قذيفة هاون.
وقالت السلطات الألمانية إن الرجل سجل شريط فيديو قبل تفجير نفسه قال فيه إنه يتحرك «ردا على الجرائم التي قام بها التحالف بالاشتراك مع ألمانيا من قصف وقتل للرجال والنساء والأطفال» في سوريا. لكنها أشارت إلى أنه مضطرب نفسيا وحاول الانتحار مرتين في الماضي وأدخل إلى عيادة للأمراض النفسية.
كما قتل تسعة أشخاص في مركز للتسوق في ميونيخ بنيران مسلح، فيما أصيب أربعة ركاب في قطار واحد المارة في هجوم بفاس في ويرزبرغ.
وكانت مقاطعة بافاريا بوابة تدفق المهاجرين واللاجئين إلى ألمانيا التي شهدت وصول 1.1 مليون شخص العام الماضي.
من جانب آخر على هامش الاجتماع الوزاري المصغر لوزارة ولاية بافاريا يوم أمس الأربعاء، أكد وزير الداخلية يواخيم هيرمان وجود علاقات للانتحاري السوري محمد دلال (27 سنة) بأطراف أخرى.
وتحدث الوزير عن مكالمة قام بها الانتحاري مع شخص لم تعرفه قبل فترة وجيزة من تنفيذه العملية الانتحارية في أنسباخ، كما كشفت المعطيات المستخلصة من كومبيوتره المحمول عن علاقة له في غرف التواصل الاجتماعي مع محاور مجهول لعب دورًا حاسما في تنفيذ العملية.
وقال الوزير إنه لا يستطيع في هذه المرحلة من التحقيق، القول ما إذا كان دلال على علاقة بتنظيم داعش أم لا، وأضاف أن عنوان الشخص الذي كان يحاور دلال على الإنترنت مجهول لدى المحققين.
رغم ذلك، لم يستبعد الوزير احتمال «الانتحار» بالنظر للحالة النفسية الدقيقة التي كان دلال يمر بها، ومحاولتي انتحار سابقتين له، إذ أعلنت دائرة اللجوء الاتحادية أن دلال لم يكن له ما يخسره بعد أن فقد زوجته وابنه البالغ 6 أشهر من العمر في سوريا.
من ناحية أخرى، حذر يواخيم كراوزه، رئيس معهد السياسة الأمنية في جامعة كيل الألمانية، من احتمال وجود شبكة سرية لتنظيم داعش تنشط في شمال غربي بافاريا. وذكر كراوزه لمجلة «فوكوس» أن بعض الحقائق تشي بوجود شبكة تنظيمية وراء عمليتي فورتزبورغ وأنسباخ. وربط كراوزه ذلك بالعملية التي نفذها الأفغاني رياض خان أحمدزاي (16 سنة) بالفأس بعد صعوده إلى القطار في محطة أوكسنفورت (قرب فورتزبورغ)، وبالسوري الانتحاري محمد دلال (27 سنة) الذي كان يعيش في فندق للاجئين في أوكسنفورت أيضًا، واستنتج أنه من المحتمل وجود شبكة تنظيمية لـ«داعش» في المنطقة خططت ورتبت للهجومين.
وهاجم الأفغاني رياض خان أحمدزاي ركاب القطار المحلي، بعد صعوده في محطة أوكسنفورت، بفأس وأصاب ثلاثة سياح من هونغ كونغ بجروح خطيرة في 18 من الشهر الحالي. وفي ليلة الأحد 23 من الشهر نفسه، فجر محمد دلال نفسه قرب حفل موسيقي على الهواء الطلق وأصاب كثيرين بجروح. وأعلن الاثنان انتماءهما إلى تنظيم داعش في أفلام فيديو تركاها على الكومبيوتر وأجهزة الجوال، كما تبنى التنظيم الإرهابي العمليتين على صفحة «أعماق» التي تتحدث باسمه.
ورغم نفي وزير الداخلية البافاري يواخيم هيرمان وجود صلة مباشرة للشابين بتنظيم داعش، وعدم وجود صلة بين الاثنين، فإن الخبير في الإرهاب يواخيم كراوزه توقع أن تكشف الأيام التالية وجود شبكة تنظيمية في بافاريا تقف وراء العمليتين. وقال كراوزه إن السرعة في تبني العمليتين، وأفلام الفيديو المعدة مسبقًا من قبل الشابين، تكشف وجود صلة للاثنين بالتنظيم، ثم إن الإعلان عنها على شبكة «أعماق»، التي لا تجازف في صناعة الشكوك حول «مصداقيتها»، يشي من جديد بوجود شبكة تنظم عملهما.
والمهم أن أحمدزاي، الذي يعيش كقاصر في كنف عائلة ألمانية في محيط فورتزبورغ وغادرها قبل أيام من العملية، نفذ عمليته في أوكسنفورت التي لا تبعد سوى 50 كلم عن موقع العملية الانتحارية التي نفذها دلال، الذي عاش في أوكسنفورت في أنسباخ. وتقع كل المدن الثلاث في شمال غربي ولاية بافاريا.
وسبق لدائرة حماية الدستور في بافاريا (الأمن العامة) أن حذرت قبل أشهر من محاولات المتشددين المقيمين في ألمانيا، كسب الشباب المسلم في معسكرات اللاجئين. وأعلنت الدائرة أنها رصدت كثيرا من هذه المحاولات، بحسب تصريح كراوزه. ويرجح الخبير في الإرهاب، على هذا الأساس، أن أحمدزاي ودلال تم كسبهما هنا في ألمانيا إلى التنظيم الإرهابي بواسطة شبكة سرية للتنظيم خططت للعمليتين.
وأشار كراوزه إلى أن الشرطة الفرنسية ظنت في البداية أنها تتعامل مع «ذئب منفرد» في عملية نيس، لكن عدد المشتبه بتورطهم في العملية ارتفع الآن إلى سبعة، وربما تكشف الأيام القادمة عن وجود شبكة للتنظيم الإرهابي في فرنسا أيضًا. واعتبر كراوزه ألمانيا محظوظة حتى الآن، لأن تنظيم داعش أرسل أفرادًا كلفهم بالعمليات الإرهابية التي نفذت هناك، في حين أن منفذي العمليات هنا عبارة عن أفراد تطرفوا بفعل الدعاية الإرهابية على الإنترنت، أو أفراد تم تجنيدهم في ألمانيا.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «فرنكفورتر الجمانيه» أن مرتكب مجزرة ميونيخ في أسواق أولمبيا، الإيراني الأصل علي سنبل (18 سنة)، كان يمنيًا متطرفًا بميول نازية. ونقلت الصحيفة عن دوائر أمنية عليا أن ذلك يفسر سبب كون معظم ضحاياه التسعة من أصول أجنبية. وكانت الشرطة في ميونيخ تعاملت في البداية مع هوية الضحايا كـ«صدفة».
وكان سنبل معجبا بأدولف هتلر، وفخورًا بأنه ولد في يوم ميلاد هتلر في 20 أبريل (نيسان). ويشعر سنبل بنفسه آريًا، وكان يشعر بالفخر لأنه إيراني وألماني آري، ويعتبر إيران وطن الآريين. وليس صدفة أيضًا أنه اختار يوم 22 يوليو (تموز) لتنفيذ جريمته، لأنه اليوم الذي يؤرخ مرور5 سنوات على المجزرة التي نفذها اليميني المتطرف أندرس بيرنغ برايفك في النرويج وراح ضحيتها 77 شخصًا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».