سعد المجرّد يبهر الجماهير في مهرجانات «أعياد بيروت»

في أول لقاء لـ«المعلّم» مع الجمهور اللبناني كانت المفاجأة ملحم زين

مع الفنان ملحم زين يغني سعد المجرّد «الساعة سبعة» - سعد المجرّد على المسرح يؤدّي أغنية «المعلّم»
مع الفنان ملحم زين يغني سعد المجرّد «الساعة سبعة» - سعد المجرّد على المسرح يؤدّي أغنية «المعلّم»
TT

سعد المجرّد يبهر الجماهير في مهرجانات «أعياد بيروت»

مع الفنان ملحم زين يغني سعد المجرّد «الساعة سبعة» - سعد المجرّد على المسرح يؤدّي أغنية «المعلّم»
مع الفنان ملحم زين يغني سعد المجرّد «الساعة سبعة» - سعد المجرّد على المسرح يؤدّي أغنية «المعلّم»

ليس بالصدفة استطاع المغني المغربي الشاب سعد المجرّد أن يحصد شهرة توّجته صاحب الـ400 مليون مشاهد لواحدة من أغانيه. فالحفلة التي أحياها ضمن مهرجانات «أعياد بيروت»، وحضرها الآلاف من اللبنانيين ولا سيما من الشباب عشّاق فنّه، كانت بمثابة دليل قاطع على تميّزه في أدائه الاستعراضي الغنائي في العالم العربي والذي كرّسه «المعلّم».
في هذه السهرة التي قدّمها المجرّد على مسرح (بيال) وسط بيروت، زحفت الحشود من معجبيه ومعظمهم في عمر الشباب، وقد خصّص لهم منظمو الحفل مساحة شاسعة ليحيطوا بالمسرح وقوفا فيستطيعون التفاعل معه عن قرب، وأخرى يجلسون فيها على المدرّج ليستمتعوا بلوحاته الغنائية ولو من بعيد. وليطلّ بعدها الفنان الذي تعرّف إليه الناس لأول مرة من خلال برنامج «سوبر ستار» في عام 2007، وهو يرتدي بنطال جينز أسود وقميصًا أبيض، وليشدو بصوته أولى أغاني برنامجه الفنّي «مال حبيبي» ضمن لوحة غنائية زخرفها بأداء مسرحي ممتع، سرق فيها انتباه الحضور منذ اللحظة الأولى. فغنى ورقص وقفز واستلقى على الأرض، وعاد ليقف مع فريق من الراقصين التحقوا به على الخشبة، وليقدّم لوحة فنيّة مبهرة، تمايل فيها بجسمه المطواع مع إيقاع الموسيقى المغربية المرافقة للأغنية. وعلى وقع تصفيق الجمهور الحار توجّه إليه بالقول: «أشكر حضوركم وأخصّ بالذكر مدينة بيروت وأهلها، الذين أحمل لهم سلامًا حارًا من بلدي المغرب»، وليكمل صارخًا بالإنجليزية «بيروت آي لوف يو».
وبعد تقديمه «الشمعة» و«أنت» شدا بصوته ذو البحّة الجارحة «سالينا»، وليصرخ الجمهور حماسا وهو يشاركه فيها الغناء. وليخاطب الحضور بعدها بالقول: «اسمحولي أن أرحب بفنان أنا شخصيًا معجب بصوته، وقد لبّى طلبي في مشاركتي الغناء هنا دون تردد». فأطلّ الفنان ملحم زين على وقع الصفير والصراخ وفرحة الجمهور بإطلالته هذه غير المندرجة في البرنامج المعلن سابقا للحفلة. وهنا قال سعد المجرّد: «هي تحيّة من لبنان إلى المغرب أفتخر بها، فأشاركه أداء واحدة من أغانيه التي أحبها». وليردّ عليه الفنان اللبناني قائلاً: «سأغني أنا أيضًا واحدة من أغانيك». ولينطلق الاثنان في أداء «الساعة سبعة وسبع دقائق»، كلّ على طريقته وبأسلوبه الغنائي الخاصين به. فشكلا ثنائيا متناغما لم يكتف خلاله سعد المجرّد أن يشدو بصوته «عاللبناني»، بل أن يؤدي أيضا بعض خطوات الدبكة. وعند انتهاء هذه الوصلة الموسيقية التي اجتمع فيها قطبان فنيّان من لبنان والمغرب، استلم ملحم زين الغناء للحظات وليصدح صوته بالأغنية «المليونية» (حققّت متابعة من قبل 400 مليون مشاهد على مواقع التواصل الاجتماعية) لسعد المجرّد التي صنّفته فنان العصر وهي «أنت المعلّم». وليعلّق بعدها الفنان المغربي «لقد كانت مفاجأة جميلة لكم أليس كذلك؟». ولم يكد الجمهور يستوعب وقع المفاجأة هذه عليه، حتى بدأت الفرقة الموسيقية تعزف لحن أغنية «أنت المعلّم»، ولتسود أجواء الصالة حالة من الهستيريا الحقيقية بين الناس، الذين راحوا يقفزون يصرخون حماسا وفرحًا وقد رمي بعض الشبان بينهم بقبعاتهم وقمصانهم نحو المسرح، إضافة إلى الطرابيش الحمراء التي زيّنت رؤوسهم إشارة إلى الزي المغربي التقليدي. واشتعلت الأجواء بهذه اللوحة الغنائية لدقائق، وقد تلوّنت بإضاءة حمراء متحرّكة على المسرح، وبديكورات غرافيكية غطّت أنحاؤه مرفقة بلوحة راقصة مستوحاة من بلاد الهند.
لم يتعب سعد المجرّد الذي أجمع الحاضرون على تمتّعه بنسبة عالية من الطاقة والديناميكية اللافتتين في أدائه، من التجوال والتنقّل والقفز على طول المسرح طيلة مدة الحفلة (نحو 75 دقيقة)، بحيث كان من الصعب أن تلحق به كاميرات التصوير لسرعة خطواته المتتالية. وكان قريبا من جمهوره بحيث سلّم على المئات من الذين ازدحموا أمام المسرح، وهم يمدّون له أياديهم ليردّ لهم التحيّة. ورقص مع العلم المغربي مرات، ومع الطربوش الفولكلوري المغربي مرات أخرى، وأدار فريقه الموسيقي بإشارات محددة منه للتخفيف من حدّة الموسيقى تارة، ولإيقافها تمامًا بهدف الاستماع إلى أداء الحضور تارة أخرى. كما لم يتوان أيضا عن التقاط الصور التذكارية مع محبّيه، رغم حالة من التعرّق الشديدة كانت قد بلّلته من رأسه حتى أخمص قدميه لحيويته اللامتناهية على الخشبة.
وأراد الفنان المغربي في منتصف برنامجه الغنائي أن يحيي الشعب اللبناني على طريقته كما قال، منشدًا موالاً للراحل وديع الصافي أولاً، وليلحقه بعدها وبصوت حنون ورومانسي بأغنية «على بابي واقف قمرين» للموسيقار ملحم بركات، معبّرًا بذلك عن امتنانه للجمهور اللبناني، الذي رافقه منذ بداية مشواره في برنامج الهواة «سوبر ستار»، عندما أطلق عليه إلياس الرحباني يومها لقب «خوليو العرب».
ومن ثمّ قدّم أغنية «ماشي ساهل» مهديًا إياها لوالده البشير عبدو، وهو مغنٍ معروف في المغرب.
لاقى الجمهور أحيانًا صعوبة في فهم العبارات المغناة من قبل سعد المجرّد بالمغربية، إلا أن ذلك لم يشكّل له عائقًا للتناغم مع أدائه والتصفيق له إعجابا بصوته. وخاطب الفنان المغربي جمهوره باللغات الثلاث (العربية والفرنسية والإنجليزية) أكثر من مرة، ليتيح للجميع التواصل معه دون أي حواجز لغوية. وبأكسسواراته اللافتة (قلادة علّقها على صدره وخواتم نحاسية وفضّية بيديه وحذاء ذهبي خفيف)، اختتم سعد المجرّد حفلته هذه ومرة جديدة مع أغنيته الشهيرة «أنت المعلّم»، شاكرًا الجميع على حضوره وهاتفا باسم «ستّ الدنيا» بيروت مرات متتالية.
حالة فنيّة خاصة عاشها الجمهور اللبناني في حفلة سعد المجرّد، التي أجاد فيها تقديم موسيقى «الراي» الحديثة تارة، والمواويل الفولكلورية المغربية واللبنانية تارة أخرى. كما برع في جذب انتباهه في استعراضات غنائية راقصة لم يسلم منها حتى فريقه الموسيقي أحيانًا. فنجح في إثبات مكانته في لبنان، الذي كان وراء سطوع نجمه لأول مرة في العالم العربي. أما حفاظه على طاقته وديناميكيته طيلة وقت الحفلة، فقد كان بمثابة جرعات من الأدرينالين زوّد بها جمهوره، مما خوّله أن يبقى يقظًا ومتفاعلاً معه حتى اللحظة الأخيرة من الحفل.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)