«سولار إمبلس» تصل أبوظبي بعد أطول رحلة في العالم

«الحمد لله» باللغة العربية كانت آخر كلمات السويسري بيرتراند بيكارد قائد طائرة سولار إمبلس في المكالمة الهاتفية التي أجراها معه الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الدولة في الإمارات ورئيس مجلس إدارة «مصدر»، وذلك خلال مروره فوق الأجواء السعودية متجهًا للعاصمة الإماراتية أبوظبي، والتي وصلها في تمام الساعة 4:05 صباحًا من يوم أمس.
كان بيكارد متأثرًا في بداية المكالمة، وجاء التأثر بوصفه أن الحلم يتحقق بعد مرور عام وأربعة أشهر منذ انطلاق الرحلة من العاصمة أبوظبي، وذلك في مارس (آذار) 2015. توقفت خلالها في عدة محطات شملت دولاً مثل عُمان والهند وميانمار والصين واليابان والولايات المتحدة وإسبانيا ومصر.
وبحسب المعلومات الصادرة أمس تمكنت الطائرة في رحلتها من تحقيق 19 رقمًا قياسيًا عالميًا على الأقل، منها أطول رحلة طيران في العالم بالاعتماد على الطاقة الشمسية من ناحية الزمن (117 ساعة و52 دقيقة) ومن ناحية المسافة (8.924 كيلومتر)، كما أكملت الطائرة أكثر من 500 ساعة طيران محلقة على ارتفاع وصل إلى 9 آلاف متر وبسرعة وسطية تراوحت بين 45 و90 كيلومترًا في الساعة.
اختتمت طائرة «سولار إمبلس 2» رحلتها بهبوطها الناجح في أبوظبي أمس، وهو ما عد إنجازا جديدا في إطار المساعي نحو تعزيز عملية تبني ونشر تقنيات الطاقة النظيفة، حيث أصبحت «سولار إمبلس 2» أول طائرة تحلّق حول العالم بالاعتماد فقط على الطاقة الشمسية، وحظيت باستقبال حافل في مطار البطين الخاص بالعاصمة الإماراتية أبوظبي التي كانت الطائرة قد انطلقت منها لتبدأ مغامرتها.
وأقلعت طائرة «سولار إمبلس 2» رحلتها الأخيرة من القاهرة في الساعة 3:28 صباحًا بتوقيت أبوظبي يوم الأحد الماضي بقيادة الطيار السويسري بيرتراند بيكارد، رئيس مجلس إدارة سولار إمبلس ومؤسس المشروع.
ومنذ أن انطلقت في رحلتها لأول مرة من أبوظبي في شهر مارس من العام الماضي، بقيادة أندريه بورشبيرغ، الرئيس التنفيذي والمؤسس الشريك للمشروع، توقفت الطائرة التي تعمل بالاعتماد كليًا على الطاقة الشمسية في 16 مدينة بثماني دول وأربع قارات، تناوب الطياران خلالها التحليق بالطائرة، ضمن حملتها الرامية إلى حشد الدعم الدولي لتسريع وتيرة استخدام الطاقة الشمسية والتقنيات النظيفة.
وبالعودة إلى بيكارد الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة سولار إمبلس ومؤسس المشروع فقد قال: «تجسد سولار إمبلس روح التقنيات النظيفة من خلال إعادة تصميم وهيكلة جوانب متعددة في حياتنا لتجعلها أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، مؤكدة على إمكانية دمج الطاقة المتجددة في كل مكان بحيث تكون ذات جدوى تقنية واقتصادية. وهذا الإنجاز الذي حققته الطائرة ليس فقط الأول في تاريخ الطيران، بل إنه أيضًا وقبل كل شيء الأول في تاريخ الطاقة».
وأضاف: «أنا متأكد من أنه في غضون 10 سنوات سنرى الطائرات الكهربائية التي تقل 50 راكبًا في رحلات لمسافات قصيرة ومتوسطة، ولكن هذا لا يكفي، إذ أن التقنيات المستخدمة في سولار إمبلس، يمكن تطبيقها على أرض الواقع في حياتنا اليومية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بطريقة مجزية في عالمنا اليوم».
من جانبه قال: أندريه بورشبيرغ، الرئيس التنفيذي والمؤسس الشريك للمشروع وأحد قائدي الطائرة إن «التحليق رحلة واحدة بنوع جديد تمامًا من الطائرات يعد صعبًا، ولكن أن تحلق بتلك الطائرة حول العالم فهذا هو التحدي الحقيقي. إن هذا الإنجاز يحمل أكثر من دليل على قدرة التقنيات النظيفة، إنه تأكيد على أن هذه التقنيات يمكن الاعتماد عليها والثقة بقدراتها».
وأضاف: «الطيران بالاعتماد على التقنيات النظيفة لم يعد مسألة قابلة للتساؤل بعد الآن، إنها فقط مسألة الإقدام على التنفيذ، فسولار إمبلس باتت تشبه شبكة الطيران الذكية من خلال إنتاج وتخزين وتوزيع الطاقة بطريقة فعالة، وبما أننا تمكنا من تنفيذ ذلك في طائرة، فإننا بلا شك قادرون على العمل في مدننا ومجتمعاتنا بطريقة مماثلة».
من جهته قال الدكتور سلطان الجابر وزير الدولة في الإمارات ورئيس مجلس إدارة «مصدر» إن «هذا المشروع حظي بمتابعة ودعمٍ وتشجيعٍ كبير من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مما أسهم في اختيار أبوظبي لتكون نقطة انطلاق وختام هذه الرحلة التي سجلت علامة فارقة في تاريخ الطيران، فضلاً عن ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز عالمي للطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة والاستدامة».
وقال: «يسرنا الترحيب بعودة بيرتراند بيكارد وأندريه بورشبيرغ إلى أبوظبي بعد النجاح المميز الذي حققاه في التحليق حول العالم بالاعتماد على الطاقة الشمسية فقط، ونهنئهم على هذا الإنجاز الذي يرسخ موقعهم ضمن رواد قطاع الطيران العالميين، ويؤكد الدور المهم للطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة العالمي. وتماشيا مع التزام (مصدر) بتطوير المشاريع المبتكرة في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، فإننا حريصون على دعم مثل هذه المبادرات الطموحة التي تسهم في إلهام الأجيال الشابة والتأسيس لمستقبل أكثر استدامة».
وتابع: «لقد أضافت سولار إمبلس بُعدًا مهمًا لتطبيقات الطاقة الشمسية، فضلاً عن توفير بيانات قيّمة من شأنها إحداث تحسينات كبيرة في مجالين رئيسيين هما، تخزين الطاقة وتعزيز كفاءتها، وتتطلع (مصدر) إلى الاستمرار في تطوير تقنيات الطاقة الشمسية، ولعب دور رئيسي في دفع عجلة التقنيات الجديدة والانتقال بها إلى مزيد من التقدم».
ويعتقد الفريق القائم على التجربة أنها تضع معايير تأسيسية لإدخال تقنيات الطاقة الشمسية في تزويد الطائرات بالطاقة الشمسية، وإن كان الموضوع لا يزال طويلاً، إلا أن تجربة سولار إمبلس تفتح المجال لدراسات قادمة في هذا القطاع، والذي سيكون ضمن مجالات الطاقة النظيفة وإيجاد مصادر أكثر استدامة.

* كيف كان يأكل طاقم طائرة سولار إمبلس؟
* أبوظبي: «الشرق الأوسط»
* تم إعداد وجبات مخصصة لهذه الرحلة وفقًا لمتطلباتها، حيث لم يؤخذ بعين الاعتبار فقط الضغوط الطبيعية على الطعام ذاته بل أيضًا على الطيارين، وذلك بسبب التغييرات الكبيرة في درجات الحرارة والظروف المناخية في مقصورة غير مكيفة الضغط على ارتفاع نحو 30 ألف قدم.
وفقًا للمعلومات الصادرة أمس فإن التحليق على هذا الارتفاع العالي لفترة طويلة من الوقت يؤدي إلى التقليل من شهية الطعام، على الرغم من أن الجسم يحتاج إلى مزيد من الطاقة للعمل بشكل طبيعي، كما أنه يجعل الشخص معرضًا لفقدان الكتلة العضلية.
قامت شركة نستله العالمية بتطوير طريقة جديدة لطهي وتعقيم الأطعمة الطازجة المحضرة للطيارين، بعد أن تم وضعها في أكياس خاصة وغلقها بإحكام، وتقوم العملية بالحفاظ على نضارة وقوام الطعام لمدة تصل إلى 3 أشهر من دون الحاجة لمواد حافظة صناعية.
ونظرًا لمساحة المكان المحدودة على متن الطائرة، فقد احتاج بيرتراند وأندريه أن يكون الطعام سهل التخزين والتقديم، حيث تضم طريقة التعبئة والتغليف التي قامت «نستله» بتوفيرها، أكياسًا محكمة الغلق للشوربة والمشروبات للحد من خطر انسكابها، وأكياسا ذاتية التسخين لتسخين الطعام الموجود في الأكياس محكمة الغلق.
وقالت نستله: «لقد كان الطياران في وضع خارج عن المألوف، لكننا ننظر الآن إلى مدى إمكانية استخدام هذا الأسلوب لإعداد الطعام في المزيد من بيئات الحياة اليومية».