المدنيون في خطر مع اشتداد حصار حلب

منظمة دولية: على روسيا والولايات المتحدة عدم انتظار صور جديدة لجائعين للتحرك

متطوعون يحملون رجلا مصابا من تحت أنقاض المبنى الذي دمر خلال هجوم ببرميل متفجر لطيران الأسد على حي المشهد بحلب أمس (أ.ف.ب)
متطوعون يحملون رجلا مصابا من تحت أنقاض المبنى الذي دمر خلال هجوم ببرميل متفجر لطيران الأسد على حي المشهد بحلب أمس (أ.ف.ب)
TT

المدنيون في خطر مع اشتداد حصار حلب

متطوعون يحملون رجلا مصابا من تحت أنقاض المبنى الذي دمر خلال هجوم ببرميل متفجر لطيران الأسد على حي المشهد بحلب أمس (أ.ف.ب)
متطوعون يحملون رجلا مصابا من تحت أنقاض المبنى الذي دمر خلال هجوم ببرميل متفجر لطيران الأسد على حي المشهد بحلب أمس (أ.ف.ب)

حذرت منظمتان دوليتان من الوضع الإنساني المتدهور في شرق حلب، بعد قصف مراكز طبية وقطع طريق الكاستيلو، الطريق الوحيد الذي يصل المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة بالعالم، مما يهدد بمجاعة وانهيار الخدمات الطبية.
وقال بيان لمنظمة اليونيسيف المعنية بالأطفال في العالم، إن أربعة مستشفيات في شرق مدينة حلب – الدقاق، والبيان، والحكيم، والزهراء – تعرضت للقصف المتكرّر يومي 23 و24 يوليو (تموز) الحالي، مما عطّل الخدمات الصحية المنقذة للأرواح لآلاف المدنيين.
وأفادت التقارير بأنه قد توفي طفل رضيع لا يتجاوز اليومين من عمره في حاضنته نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي الذي سبّبه القصف على مستشفى «الحكيم» للأطفال المدعوم من اليونيسف، والذي تعرض لضربتين خلال 12 ساعة.
وتابع البيان أن «جميع المستشفيات التي وقعت تحت القصف خلال الثماني والأربعين ساعة المذكورة، تقع في حي الشعّار الذي تكثر فيه المنشآت الصحية الواقعة على مقربة بعضها من بعض. وتشكّل هذه المستشفيات نصف المنشآت الصحية العاملة في المنطقة».
واعتبرت المنظمة أن الهجمات على المنشآت الصحية تشكل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي، وقد تُعتبر جرائم حرب. وأنه «لا يجوز أن تتعرّض المنشآت الصحية للهجوم أو الضرر على الإطلاق. كما يجب السماح لعاملي الصحة بتأمين العلاج والخدمات الطبيّة لكل من هم بحاجة إليها أينما وُجدوا داخل سوريا».
في السياق، طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أول من أمس، الحكومة السورية وقوات التحالف بالسماح فورا بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة شرق حلب.
وأخبر سكان شرق حلب وعمال إغاثة، «هيومان رايتس ووتش»، عن طريق الهاتف، باشتداد حصار الحكومة السورية منذ 11 يوليو الحالي، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وانخفاض الإمدادات الطبية إلى مستويات تنذر بالخطر.
وقال نديم حوري، نائب مدير قسم الشرق الأوسط: «تكرر القوات الحكومة السورية استخدام تكتيك الحصار الخانق في شرق حلب المكتظة بالسكان، كما فعلت مع مدنيين في بلدات سورية أخرى. على السلطات السورية السماح بوصول المساعدات، والسماح للمدنيين بالخروج من المنطقة بأمان».
وقالت «هيومان رايتس ووتش» إن على «المجموعة الدولية لدعم سوريا»، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا، استخدام نفوذها للضغط على الحكومة السورية وباقي الأطراف المتحاربة، للسماح بوصول المساعدات دون عوائق إلى جميع المناطق التي يصعب الوصول إليها والمحاصَرة في البلاد.
وتُقدر الأمم المتحدة اعتماد ثلث سكان الجزء الشرقي من المدينة، بين 250 ألفا و300 ألف شخص، على المساعدات المقدمة عبر طريق الكاستيلو. وأخبر عمال إغاثة دوليون «هيومان رايتس ووتش» أن بعض السكان سيواجهون مشكلات صحية وتغذية في غضون أسبوعين. ومرت 3 أسابيع على تلقي المنطقة آخر دفعة مساعدات.
وأشار السكان إلى قيام بعض التجار بإخفاء المواد الغذائية بسبب ارتفاع الأسعار. واختفت الفاكهة والخضراوات الطازجة من الرفوف منذ أشهر. وقال عمال إغاثة أيضا إن الوقود يكفي لعمل المولدات والمخابز والمستشفيات لشهر واحد فقط.
وقال فراس بدوي، صحافي في شرق حلب، لـ«هيومان رايتس ووتش»، إن الوضع الإنساني داخل المدينة يزداد سوءا يوما بعد يوم.. «حوصرنا منذ 11 يوليو على الأقل. اختفت المواد من المحلات التجارية بسرعة كبيرة. سعر لتر المازوت 10 دولارات، ولتر البنزين 20 دولارا، إن وُجد. تأتينا الكهرباء 4 ساعات فقط كل 24 ساعة. الخضراوات مفقودة منذ أسابيع، والغارات الجوية لا تتوقف؛ منها ما سقط على السقف المجاور لمنزلي. الشوارع فارغة والناس لا يخرجون إلا عند الحاجة. ينام معظمهم في ملاجئ أو أقبية تحت منازلهم. هناك خوف كبير».
وقال إبراهيم أبو ليث، متطوع مع الدفاع المدني السوري في حلب، الذي يعمل في مناطق المعارضة في سوريا: «الوضع حرج في مدينتنا. كل الجرحى الذين يحتاجون للخروج للحصول على علاج متخصص، عالقون في المدينة».
وحذر الدكتور عبد الباسط الشيوخي، طبيب في شرق حلب، في حديث لـ«هيومان رايتس ووتش» من أن الوضع الطبي يمكن أن يتدهور بسرعة، وقال: «لدينا بعض الأدوية واللوازم في مستودعاتنا الطبية، لكن هناك نقص في علاج الأمراض المتخصصة مثل أمراض القلب والأمراض المزمنة والمعدات الجراحية. هناك أيضا نقص في كادر العمل. هناك بعض الأطباء والممرضات والمختصون، لكن عددهم لا يكفي لتلبية احتياجات المدينة. سيصبح الوضع كارثيا إذا استمر الحصار. ندعو لفتح قناة إنسانية لإخراج الجرحى والمصابين من المدينة؛ مدنيين وعسكريين».
وقال حوري إنه على روسيا والولايات المتحدة عدم انتظار صور جديدة لمدنيين جائعين للضغط على النظام والفصائل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.