«الحشد» يسير على نهج «الحرس» الإيراني كجيش مواز للقوات المسلحة

مصدر عراقي لـ«الشرق الأوسط»: الخطوة ستعمق الخلافات وتجرف البلاد للمجهول

«الحشد» يسير على نهج «الحرس» الإيراني كجيش مواز للقوات المسلحة
TT

«الحشد» يسير على نهج «الحرس» الإيراني كجيش مواز للقوات المسلحة

«الحشد» يسير على نهج «الحرس» الإيراني كجيش مواز للقوات المسلحة

على خطى تأسيس الحرس الثوري الإيراني، كشفت وثيقة رسمية سربت أمس عن تحويل ميليشيات «الحشد الشعبي» إلى جيش مواز للقوات المسلحة، وحملت تلك الوثيقة توقيع رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
وقال مصدر عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن تسريب الوثيقة من قبل «الحشد الشعبي» سيعمق الخلافات العراقية، خصوصا مع قيادات «الحشد» والأحزاب العراقية الأخرى، «كما يجرف العراق إلى المجهول في ظل التقاتل والتناحر واستخدام تلك الميليشيات في علميات تصفية طائفية، مثلما حدث في الفلوجة، إضافة إلى أنه وسيلة للضغط على العبادي للتسريع بتحويل تلك الميليشيات إلى قوات موازية للجيش، خصوصا أنه أشار إلى أن الأمر الديواني لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بصفته القائد العام للقوات المسلحة، صادر في شهر فبراير (شباط) 2016، ويقضي بتحويل قوات الميليشيات إلى تشكيل عسكري مستقل يعمل وفق نموذج يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب، إلا أن الغريب في الأمر أن ذلك لم يعمم إلا أمس الثلاثاء، وفق ما أعلن من قبل قيادات في ميليشيات «الحشد الشعبي».
ووفقا للأمر، فإن هذا التشكيل يتكون من قيادة وهيئة أركان وألوية مقاتلة. كما يخضع منتسبوه للقوانين العسكرية النافذة من جميع النواحي. وطبقا للأمر، فإنه يتم تكييف منتسبي ومسؤولي وآمري هذا التشكيل وفق السياقات العسكرية؛ من ترتيبية ورواتب ومخصصات وعموم الحقوق والواجبات، وفك ارتباط منتسبي الميليشيات الذين ينضمون لهذا التشكيل بالأطر السياسية والحزبية والاجتماعية كافة، ولا يسمح بالعمل السياسي في صفوفه. وبشأن دلالات إعلان هذا الأمر في هذا الوقت رغم صدوره منذ عدة أشهر.
كما كشف مصدر عراقي آخر مطلع في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «الهدف من هذا الإعلان في هذا الوقت هو دفع رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي إلى تطبيقه بأسرع وقت، كونه لم يجر أي تفعيل لهذا القرار منذ صدوره، وهو ما جعل كثيرا من الأمور معلقة على تطبيقه، وبالتالي يكون إعلانه الآن يعني بدء عملية التطبيق الفعلي له».
وأضاف المصدر أن «هناك عدة عراقيل وصعوبات في عملية التنفيذ، من بين أبرزها أن العبادي يريد أن يخضع التشكيل الجديد لنفس مواصفات جهاز مكافحة الإرهاب، وهو أمر في غاية الصعوبة بالنسبة للغالبية العظمى من تشكيلات ميليشيات (الحشد الشعبي)؛ حيث إن شروط الانضمام إلى جهاز مكافحة الإرهاب تكاد تكون صعبة من حيث العمر (من 18 إلى 28 سنة)، والشهادة (الإعدادية)، وألا يكون محكوما بقيد جنائي، ولم يعتقل من قبل قوات التحالف الدولي، وليس عضوا في أي من الأحزاب السياسية».
وأوضح المصدر المطلع أن «هناك إشكالية تتعلق بالعدد؛ حيث إنه في الوقت الذي يجب ألا يزيد التشكيل الجديد عن فرقتين عسكريتين، أي بحدود 25 ألف عنصر، فإن ميليشيات (الحشد الشعبي) تزيد على 170 ألفا، وهو أمر يبقى ليس من السهولة إيجاد حلول له، ما عدا (الحشد) الذي دخل بموجب فتوى المرجع الديني الأعلى آية الله السيستاني؛ حيث سيعود أفراده إلى منازلهم بمجرد انتهاء المعارك ضد (داعش)، وكذلك غالبية منتسبي مجموعة مقتدى الصدر (سرايا السلام)، بينما الأمر مختلف مع قيادات أخرى في (الحشد) حيث تم الطلب من العبادي منح رتب عسكرية لكثير من قيادات الميليشيات التي شاركت في المعارك».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.