انقلاب تركيا.. «العلمانية» هي الحل!

انقلاب تركيا.. «العلمانية» هي الحل!
TT

انقلاب تركيا.. «العلمانية» هي الحل!

انقلاب تركيا.. «العلمانية» هي الحل!

إذا صدق الرواة، فإن مرّة بن شيبان، زعيم البكريين في حرب البسوس ووالد جسّاس قاتل ابن عمه كليب بن ربيعة التغلبي، تنبأ قبيل نشوب الحرب بمآلاتها السوداء. قال موبخًا من زَعَمَ أن حرب الحَييْن؛ بني بكر وتغلب، ليست سوى «مناوشة قصيرة» بين أبناء العمومة، قائلاً: لا تُخطئ، فالأيام علمتني أن حرب بني العمومة أشدُ فتكًا وأكثر ضراوة وأطول باعًا..
يحمل الانقلاب الخامس والأخير في سلسلة الانقلابات التي شهدتها تركيا منذ عام 1960، صفة «انقلاب عسكري»، لكن النواة الصلبة للمؤسسة العسكرية كانت أسعد الناس بنتائج هذا الانقلاب. لأن «المحدلة» التي اعتلاها رجب طيب إردوغان لسحق كل ما يمت بغريمه الإسلامي الداعية فتح الله غولن، أظهرت للسطح طبيعة تنافس الجماعات الدينية على الحكم. كان أول مرسوم وقعه إردوغان بعد الانقلاب وإعلان حالة الطوارئ، الأمر بإغلاق 1043 مدرسة خاصة، و1229 مؤسسة وجمعية خيرية، و19 نقابة عمالية، و15 جامعة، و35 مؤسسة طبية، للاشتباه في صلتها بغولن، كما أمر باعتقال 42 صحافيا، ومئات من موظفي شركة الطيران، وآلاف الموظفين المدنيين.
لأول مرّة الصراع في تركيا ليس بين العسكر والحكم المدني، ولا بين الأحزاب العلمانية والدينية، ولكنه صراع إسلامي - إسلامي. يرأس إردوغان حزبًا إسلاميًا رسّخ وجوده مستفيدًا من النظام الديمقراطي، ويرأس منافسه فتح الله غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية، جماعة دينية دعوية تسمى «حركة غولن» أو «حركة الخدمة» وتسعى بكل مثابرة وصبر للوصول للسلطة، وتوغلت عبر ما يسميه إردوغان «الكيان الموازي» للنفوذ في مفاصل الدولة والمجتمع والحياة العامة، ثّم قامت بالانقلاب عليها.. والآخر لم يقصّر في استخدم الديمقراطية كدبابة تسحق خصومه دون رحمة.
حتى الآن، فإن الصراع في تركيا «عاقل»، وما يمنع انحداره للعنف والدمار كما يحدث بين الأحزاب الإسلامية في سوريا ولبنان والعراق ومصر والجزائر.. وغيرها، ليس التراث الأخلاقي للأحزاب الدينية، وإنما هي «العلمانية» التركية التي لها الفضل في ترسيخ «قواعد اشتباك» سلمية حالت دون الحرب. وفقًا لهذه القواعد، كان غولن يبني مؤسسات تعليم وطبابة وإعلام ليخترق المجتمع، بينما في دول أخرى يسعى الحزبيون للوصول للسلطة ببناء ميليشيات وتهريب سلاح وتفخيخ العقول.
نجت تركيا من الانزلاق لحرب أهلية، والفضل للعقل السياسي العلماني، الذي نضج في الألفية الجديدة بما يكفي ليفتح الباب أمام أدوات سلمية للتغيير، حتى وإن كانت غير محصنة من استغلالها للانقلاب على السلطة، كما فعل غولن.
في جوار تركيا، الإسلاميون يتناحرون، ويدمرون بلدانهم، وبلدانًا ابتليت بهم، لا يتورعون حتى عن ذبح الأطفال وسبي النساء وحرق الأسرى وتهجير الناس. لكن في تركيا أمكن بسهولة إعادة الصراع داخل إطاره المدني، وهذه - مرة أخرى - من أفضال الديمقراطية وحسناتها.
من دون تلك الأعراف، لا شيء يردع الأحزاب الدينية الأفغانية (مثلاً) عن الاقتتال حتى لو وقعت سلامها بجوار الكعبة، أو ينفع الأحزاب الدينية العراقية (مثلاً) التي جاءت للسلطة باسم الدين، وتقاسمت كعكة الحكم، وقضمتها بشراهة وسلطوية وفساد قلّ نظيره في العالم، وقدمت تجربة مخيبة وفاشلة ومحبطة.
من حسن حظ الإسلاميين في تركيا أنهم في تركيا العلمانية، لو كانوا في بلد آخر لمزق بعضهم بعضًا تمزيقًا، وأغرقوا البلاد في بحور الدماء.



إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة
TT

إعلان القائمة الطويلة لـ«بوكر» العربية

أغلفة روايات القائمة الطويلة
أغلفة روايات القائمة الطويلة

أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية الروايات المرشّحة للقائمة الطويلة بدورتها عام 2025؛ إذ تتضمّن القائمة 16 رواية. وكانت قد ترشحت للجائزة في هذه الدورة 124 رواية، وجرى اختيار القائمة الطويلة من قِبل لجنة تحكيم مكوّنة من خمسة أعضاء، برئاسة الأكاديمية المصرية منى بيكر، وعضوية كل من بلال الأرفه لي أكاديمي وباحث لبناني، وسامبسا بلتونن مترجم فنلندي، وسعيد بنكراد أكاديمي وناقد مغربي، ومريم الهاشمي ناقدة وأكاديمية إماراتية.

وشهدت الدورة المذكورة وصول كتّاب للمرّة الأولى إلى القائمة الطويلة، عن رواياتهم: «دانشمند» لأحمد فال الدين من موريتانيا، و«أحلام سعيدة» لأحمد الملواني من مصر، و«المشعلجي» لأيمن رجب طاهر من مصر، و«هوّارية» لإنعام بيوض من الجزائر، و«أُغنيات للعتمة» لإيمان حميدان من لبنان، و«الأسير الفرنسي» لجان دوست من سوريا، و«الرواية المسروقة» لحسن كمال من مصر، و«ميثاق النساء» لحنين الصايغ من لبنان، و«الآن بدأت حياتي» لسومر شحادة من سوريا، و«البكّاؤون» لعقيل الموسوي من البحرين، و«صلاة القلق» لمحمد سمير ندا من مصر، و«ملمس الضوء» لنادية النجار من الإمارات.

كما شهدت ترشيح كتّاب إلى القائمة الطويلة وصلوا إلى المراحل الأخيرة للجائزة سابقاً، وهم: «المسيح الأندلسي» لتيسير خلف (القائمة الطويلة في 2017)، و«وارثة المفاتيح» لسوسن جميل حسن (القائمة الطويلة في 2023)، و«ما رأت زينة وما لم ترَ» لرشيد الضعيف (القائمة الطويلة في 2012 و2024)، و«وادي الفراشات» لأزهر جرجيس (القائمة الطويلة في 2020، والقائمة القصيرة في 2023).

في إطار تعليقها على القائمة الطويلة، قالت رئيسة لجنة التحكيم، منى بيكر: «تتميّز الروايات الستّ عشرة التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة هذا العام بتنوّع موضوعاتها وقوالبها الأدبية التي عُولجت بها. هناك روايات تعالج كفاح المرأة لتحقيق شيءٍ من أحلامها في مجتمع ذكوريّ يحرمها بدرجات متفاوتة من ممارسة حياتها، وأخرى تُدخلنا إلى عوالم دينيّة وطائفيّة يتقاطع فيها التطرّف والتعنّت المُغالى به مع جوانب إنسانيّة جميلة ومؤثّرة».

وأضافت: «كما تناولت الكثير من الروايات موضوع السلطة الغاشمة وقدرتها على تحطيم آمال الناس وحيواتهم، وقد استطاع بعض الروائيين معالجة هذا الموضوع بنفَسٍ مأساوي مغرقٍ في السوداوية، وتناوله آخرون بسخرية وفكاهة تَحُدّان من قسوة الواقع وتمكّنان القارئ من التفاعل معه بشكل فاعل».

وتابعت: «أمّا من ناحية القوالب الأدبيّة فتضمّنت القائمة عدّة روايات تاريخيّة، تناول بعضها التاريخ الحديث، في حين عاد بنا البعض الآخر إلى العهد العبّاسيّ أو إلى فترة محاكم التفتيش واضطهاد المسلمين في الأندلس. كما تضمّنت القائمة أعمالاً أقرب إلى السيرة الذاتيّة، وأخرى تشابه القصص البوليسيّة إلى حدّ كبير».

من جانبه، قال رئيس مجلس الأمناء، ياسر سليمان: «يواصل بعض روايات القائمة الطويلة لهذه الدورة توجّهاً عهدناه في الدورات السابقة، يتمثّل بالعودة إلى الماضي للغوص في أعماق الحاضر. لهذا التوجّه دلالاته السوسيولوجية، فهو يحكي عن قساوة الحاضر الذي يدفع الروائي إلى قراءة العالم الذي يحيط به من زاوية تبدو عالمة معرفياً، أو زاوية ترى أن التطور الاجتماعي ليس إلّا مُسمّى لحالة تنضبط بقانون (مكانك سر). ومع ذلك فإنّ الكشف أمل وتفاؤل، على الرغم من الميل الذي يرافقهما أحياناً في النبش عن الهشاشة وعن ضراوة العيش في أزمان تسيطر فيها قوى البشر على البشر غير آبهة بنتائج أفعالها. إن مشاركة أصوات جديدة في فيالق الرواية العربية من خلفيات علمية مختلفة، منها الطبيب والمهندس وغير ذلك، دليل على قوّة الجذب التي تستقطب أهل الثقافة إلى هذا النوع الأدبي، على تباين خلفياتهم العمرية والجندرية والقطرية والإثنية والشتاتية». وسيتم اختيار القائمة القصيرة من قِبل لجنة التحكيم من بين الروايات المدرجة في القائمة الطويلة، وإعلانها من مكتبة الإسكندرية في مصر، وذلك في 19 فبراير (شباط) 2025، وفي 24 أبريل (نيسان) 2025 سيتم إعلان الرواية الفائزة.

ويشهد هذا العام إطلاق ورشة للمحررين الأدبيين تنظّمها الجائزة لأول مرة. تهدف الورشة إلى تطوير مهارات المحررين المحترفين ورفع مستوى تحرير الروايات العربية، وتُعقد في الفترة بين 18 و22 من هذا الشهر في مؤسسة «عبد الحميد شومان» بالأردن.