مستثمرو الكويت يتابعون تطورات سوق العقار التركية عن كثب

خبراء يحذرون من «البيع تحت الضغط».. وتوقعات بعودة الإقبال خلال 3 أشهر

أحد المشروعات السكنية في الشطر الآسيوي لمدينة إسطنبول التركية (رويترز)
أحد المشروعات السكنية في الشطر الآسيوي لمدينة إسطنبول التركية (رويترز)
TT

مستثمرو الكويت يتابعون تطورات سوق العقار التركية عن كثب

أحد المشروعات السكنية في الشطر الآسيوي لمدينة إسطنبول التركية (رويترز)
أحد المشروعات السكنية في الشطر الآسيوي لمدينة إسطنبول التركية (رويترز)

اتجه الكثير من الكويتيين إلى الاستثمار العقاري في الخارج؛ نظرا لأن أسعار العقارات خارج الكويت تتوافق بشكل أكبر مع دخل المواطن الكويتي، على عكس أسعارها المتضخمة في الداخل بسبب ندرتها والطلب المرتفع عليها، هذا بالإضافة إلى رغبة المواطنين في توفير ملاذ آمن لهم تحسبا لأي ظرف طارئ في ظل الوضع الإقليمي غير المستقر بالمنطقة.
إلا أن الكويتي، الشغوف بشراء العقارات في الخارج، يتابع هذه الأيام التطورات الأمنية الأخيرة في العالم، وبالأخص في تركيا بعد فشل الانقلاب العسكري هناك.
فبحسب آخر بيانات إحصائية تركية، أظهرت النتائج أن الكويتيين جاءوا في المرتبة الثانية من حيث شراء الأجانب للعقارات بتركيا في أبريل (نيسان) الماضي.
وأوضحت البيانات التي أصدرتها مؤسسة الإحصاء التركية، أن المواطنين الكويتيين اشتروا 172 عقارا في أبريل الماضي، ليحتلوا المرتبة الثانية بعد العراقيين الذين تصدروا قائمة الترتيب بشراء 276 عقارا، في حين جاء السعوديون ثالثا بشراء 165 عقارا، ثم الأفغان في المرتبة الرابعة بشراء 115 عقارا، وفي المركز الخامس كان الروس، بشراء 96 عقارا.
وأشارت البيانات إلى أن مبيعات العقارات للأجانب بشكل عام في تركيا سجلت انخفاضا في أبريل الماضي بنسبة 14.4 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، مبينة أن العدد الإجمالي للمبيعات بلغ 1581 عقارا.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن حجم الاستثمارات الخليجية في تركيا قد تضاعف خلال السنوات القليلة الماضية، وجاء على رأس القطاعات الجاذبة القطاع العقاري، الذي تشير التقديرات إلى تجاوزه مبلغ 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة. بينما توضح أرقام صادرة عن اتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، إلى أن حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة من دول المجلس إلى تركيا بلغ نحو 8.2 مليار دولار ما بين عامي 2010 و2014. موضحة أن الغالبية العظمى من تلك الاستثمارات تعود إلى القطاع الخاص، في حين أن حجم مشروعات الإنشاء التي تنفذها شركات تركية في دول الخليج بلغ 40 مليار دولار عام 2014.
وبحسب إحصاءات رسمية تركية، فقد شكل المستثمرون العرب ما يقرب من نصف عدد المستثمرين الأجانب في مجال الاستثمار العقاري في تركيا، وذلك بشراء ما يناهز 11 ألف وحدة عقارية، من مجموع نحو 23 ألف وحدة عقارية تم بيعها في أنحاء تركيا عام 2015.. فيما تشير الأرقام المعلنة من غرفة التجارة الكويتية إلى أن حجم الاستثمارات الكويتية العامة والخاصة في تركيا يتجاوز 5 مليارات دولار.

رؤوس الأموال
ويقول نائب رئيس مجلس إدارة شركة «بلوبرينت للاستشارات العقارية»، المهندس مشعل الملحم: إن ما يدفع الكويتيين إلى الشراء في تركيا يرجع إلى مشاعر التفاؤل العام بالإصلاحات الاقتصادية الإيجابية التي كرسها النظام الحاكم في تركيا عبر سنوات حكمه، التي قفز خلالها بمعدلات نمو الناتج القومي إلى مستويات الـ5 في المائة سنويا، مقارنة بأرقام صفرية في ألمانيا وفرنسا». مشيرا إلى كاريزما الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي حولت تركيا من دولة هامشية في منطقة الشرق الأوسط إلى لاعب أساسي، وأن هذا من شأنه تعزيز الثقة في مكانة الدولة وقوتها واستقرارها.
وحول تأثير ما حدث من اضطرابات في العقار بتركيا، أشار الملحم إلى أن رؤوس الأموال تتجه إلى حيث المناخ الآمن، موضحا أن كثرة القلاقل الداخلية والعمليات الإرهابية والخلافات السياسية في سدة الحكم والمخاطر التي تواجه تركيا من خلافها المعلن مع جيرانها، ستؤثر كلها في صناع القرارات الاستثمارية، وستجعلهم يترددون في الخوض في استثمارات حالية. مضيفا أن هناك مجموعة كبيرة من المستثمرين ترى أن العوائد التي تحققت في السنوات السابقة قابلة للتحقق على مدى السنوات المقبلة، وأن المخاطر مرتبطة طرديا بالعوائد.
وحول وجود تأمين ضد الحروب أو النزاعات تتضمنه العقود العقارية، قال الملحم: إن شركات التأمين أبدعت في إخراج حلول تأمينية مبتكرة، ولكن المشكلة تكمن في تعريف «الأزمة» و«الضرر الناتج منها»، وتأثيره في رأس المال، ونوع التعويض المستحق وكميته.. وفي حالة تحديد هذه المعطيات يصبح من السهل التأمين على الاستثمار.
ونصح الملحم كل من يفكر في شراء عقار بتركيا، قائلا: «النمو المبالغ فيه لأسعار العقارات التركية لا بد له أن يتوقف؛ بل من المتوقع أن يتجه عكسيا. وسياسة البنك المركزي التركي تكشف رغبتها في دعم السيولة في السوق الداخلية؛ إذ إنها ما زالت تواصل خفضها لأسعار الفائدة مرة بعد مرة؛ مما جعل الأموال تخرج من مكامنها الآمنة إلى السوق. كما أن الإقراض العقاري أصبح أقل كلفة. ومما لا شك فيه أن هذا الوضع الإيجابي سيتعرض لهزة آجلا أم عاجلا، ولا أملك تقدير حجم هذه الهزة».

استثمار طويل الأجل
من جهته، قال فؤاد العمر، رئيس مجلس إدارة شركة «مينا العقارية» التي تمتلك استثمارات في تركيا: إن «استثمار الشركات العقارية عادة ما يكون طويل الأجل»، مشيرا إلى أن السوق التركية ستشهد في المرحلة المقبلة عرضا أكثر من الطلب على العقارات، ومبينا أنه لا تزال هناك رغبة لبعض المستثمرين الكويتيين والسياح الخليجيين في أماكن معينة في تركيا ليكون لهم سكن ثان هناك.
وتوقع العمر، في حال استقرار الوضع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، أن يعود الإقبال بشكل أكبر على العقارات التركية، منوها إلى أن هذا الأمر مرهون بكيفية معالجة الحكومة للأزمة، وما تصوراتها لوضع الاقتصاد في المرحلة المقبلة. مشيرا إلى أنه «إذا استمرت تركيا على النهج الاقتصادي السابق نفسه، فهذا يعني استمرار التطور الاقتصادي.. لكن إذا تم وضع قيود اقتصادية ومالية، سيختلف الوضع، وهو ما يترقبه الاقتصاديون».
وأشار العمر إلى أنه في مثل هذه الظروف، يتجه البعض إلى بيع العقار، ويطلق على تلك العملية مسمى «البيع تحت الضغط»، والمستثمر أو المالك بذاك ينوي عدم الرجوع إلى تركيا بسبب ضبابية الأوضاع، وحتما سيتعرض إلى خسارة. ولكن من ليس لديه ظروف تستدعي أن يبيع، فعليه الانتظار إلى حين تحسن الأوضاع مستقبلا.
وأوضح العمر، أن «عقارات الأفراد» عادة لا تتضمن تأمينا ضد الحروب أو التغيرات لسياسة الدولة التي تم الاستثمار فيها، إلا أن هناك مؤسسات لضمان الاستثمار في دول الخليج، والتي تقدم ضمانات ضد الحروب الأهلية لمؤسسات كبرى تستثمر في تركيا أو غيرها.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».