بروكسل تعلن عن إنشاء قاعدة بيانات لمواجهة دعاة التطرف

رئيس حكومة بلجيكا يدعو إلى وحدة الموقف في مواجهة جرائم الكراهية

انتشار أمني في العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس (آذار) الماضي (أ.ب)
انتشار أمني في العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس (آذار) الماضي (أ.ب)
TT

بروكسل تعلن عن إنشاء قاعدة بيانات لمواجهة دعاة التطرف

انتشار أمني في العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس (آذار) الماضي (أ.ب)
انتشار أمني في العاصمة بروكسل عقب تفجيرات مارس (آذار) الماضي (أ.ب)

في أول رد فعل على حادث تفجير لاجئ سوري نفسه في ألمانيا، قال شارل ميشال رئيس الحكومة البلجيكية، إن وحدة الموقف والقوة في مواجهة جرائم الكراهية أمور ضرورية في الوقت الحالي. رئيس الوزراء في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» صباح أمس، كرد فعل على قيام طالب لجوء سوري بتفجير نفسه على مقربة من مهرجان للموسيقى في إحدى المقاطعات الألمانية، مما أدى إلى جرح 12 شخصًا، شدد على ضرورة التحلي بضبط النفس، «على الرغم من أن الجراح ستأخذ وقتًا قبل أن تندمل». أما وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز، فقد أعرب عن تضامن بلاده مع الحكومة والشعب في ألمانيا في مواجهة أحداث العنف، التي ضربت البلاد خلال الأيام القليلة الماضية.
ويأتي حادث التفجير الأخير، الذي تشك السلطات الألمانية بدوافعه الإرهابية، كحلقة في سلسلة حوادث عنف ضربت البلاد، ومنها قيام مراهق ألماني من أصل إيراني بقتل أشخاص في مركز تجاري، وقيام طالب لجوء سوري بقتل امرأة وجرح شخصين آخرين. وتقول السلطات المحلية إن الحادث الأخير قد يكون جريمة على «خلفية عاطفية»، بينما لا تزال الشكوك تحوم حول الحادثين الباقيين.
وحول حادث التفجير الأخير، أظهرت التحقيقات أنّ القتيل هو منفذ الاعتداء، ويتعلق الأمر بطالب لجوء سوري في السابعة والعشرين من العمر كان في ألمانيا منذ سنتين، طلب اللجوء الذي تقدّم به رفض قبل سنة، كما كان معروفًا لدى الشرطة بعد محاولته الانتحار مرتين لتتم معالجته في أحد المستشفيات للأمراض العقلية. خواكيم هيرمان، وزير داخلية إقليم بافاريا، قال: «في الوقت الراهن، نحن لا نعرف إذا كان الجاني يريد أن ينتحر أو إذا كان هدفه هو قتل أشخاص آخرين، سوف نقوم بكل شيء ممكن لفهم خلفيات وأسباب هذه الحادثة ودوافع المهاجم». الانفجار وقع قرب أحد مطاعم أنسباخ القريبة من مدينة نورمبيرغ بإقليم بافاريا، غير بعيد عن مكان كان يقام فيه مهرجان لموسيقى البوب حضره 2500 شخص، لم يتمكن المعتدي من الدخول إليه. من جهته، قال شاهد عيان: «في البداية سمعت شائعات عن انفجار للغاز، ولكن بعد ذلك فجأة كان الناس يركضون، أحدهم قال إن حقيبة ظهر انفجرت، بالتأكيد شخص فجر نفسه». مصالح الشرطة التي بثّت التحقيق مباشرة بعد حدوث الانفجار أشارت إلى وجود مؤشرات على أنّ أجزاءً معدنية أضيفت إلى المادة المتفجرة التي استخدمها المعتدي في العملية. يأتي ذلك فيما وحد 5 وزراء اتحاديين في بلجيكا، جهودهم للمعركة ضد دعاة الكراهية، من خلال إنشاء قاعدة بيانات قد تساعد على مطاردة أو مضايقة مثيري الشغب. ومنذ وصول تنظيم الشريعة في بلجيكا، تعمل مختلف أجهزة الاستخبارات والشرطة بشكل نشط على محاربة دعاة الكراهية، ولكن المعلومة غالبًا ما تكون متناثرة في عدة مستويات وأمكنة، وبالتالي يمر كثير من الوجوه عبر الفجوات، ومن خلال تعميم مشترك، اختار كل من وزير الداخلية جان جامبون، ووزير العدل كوين جينس، ووزير الخارجية ديديه ريندرز، ووزير الدفاع ستيفن فاندنبوت، ووزير الدولة المكلف بشؤون اللجوء والهجرة تيو فرانكين نهجًا منسقًا.
وقال الوزراء الخمسة: «هناك تدفق مستمر للمعلومات بشأن دعاة الكراهية بين البلديات وأجهزة الشرطة المحلية والشرطة الفيدرالية والنيابة العامة وهيئة التنسيق، لتحليل التهديد وأجهزة الاستخبارات، مثل جهاز أمن الدولة وجهاز الهجرة وجهاز الشؤون الخارجية وغيرها». وقال تيو فرانكين: «إن هيئة التنسيق لتحليل التهديد تنسق المعركة من خلال قاعدة بيانات مركزية لدعاة الكراهية، استنادًا إلى معلومات خاصة بها ومعلومات باقي أجهزة الاستخبارات. واليوم، لا نعلم متى يقوم دعاة الكراهية بإثارة الحشود في المعارض الإسلامية ببلادنا، إلا بعد حدوث الضربة. ومع وجود قاعدة بيانات، سنتمكن من التدخل بشكل وقائي ورفض منح التأشيرة».
وفي الأسبوع الأول من مايو (أيار) الماضي، تصاعدت حدة الاحتجاجات من جانب الجالية المسلمة في بلجيكا، ضد تصريحات صدرت عن وزير الداخلية جان جامبون، وصفت بأنها مثيرة للقلق، وأثارت أيضًا جدلاً كبيرًا في الأوساط الحزبية والسياسية والدينية، بعد أن تقدمت إحدى المنظمات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المسلمين، بشكوى لمركز مكافحة العنصرية والكراهية.
من جهتها، جمعت الحركة ضد العنصرية ومعاداة السامية وكراهية الأجانب (Mrax)، وإحدى المحاميات، 53 شكوى شخصية لمواطنين ضد وزير الداخلية جان جامبون، «بتهمة التشهير والقذف والتحريض على الكراهية»، وتم تقديم هذه الشكاوى لدى مساعد المدعي العام. وتظهر هذه الشكاوى المشاعر المعرب عنها بشأن تصريحات جامبون المثيرة للجدل، التي أكد من خلالها في الصحافة أن «جزءًا كبيرًا من المجتمع المسلم رقص بمناسبة هجمات 22 مارس (آذار)». وتجمع 50 شخصًا بعد ذلك بالقرب من قصر العدالة ببروكسل، من أجل رفع شكوى ضد وزير الداخلية بشأن تصريحاته في الصحافة.
إلى ذلك، قالت المحامية سلمى بنخليفة، واحدة الموقعين على الرسالة الداعية إلى تقديم الشكاوى: «إن بلجيكا، وبروكسل بشكل خاص، أصيبت بالصدمة جراء الهجمات. وجاءت تصريحات جان جامبون ضد أقلية تعيش في هذا البلد كتحريض على الكراهية تجاه هذه الأقلية. وبعد دعوته إلى التوضيح بشأن تصريحاته أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب، لم يقدم الوزير أيًا من الإيضاحات المطلوبة. وبالنسبة لهذا الإجراء، نرغب في تذكير جان جامبون بأن التحريض على الكراهية يعتبر جريمة. حتى لو كان حزبه معتادًا على ذلك».
وقبلها بأسبوعين، تقدمت منظمة «مكافحة كراهية الإسلام في بلجيكا» بشكوى، إلى مركز مكافحة العنصرية والكراهية (اونيا) في بروكسل، احتجاجًا على تصريحات لوزير الداخلية جان جامبون قبل يومين، وقال فيها «إن جزءًا كبيرًا من المسلمين رقصوا عقب تفجيرات بروكسل». واعتبرت الجهة التي تقدمت بالشكوى أن تصريحات الوزير تحرض على الكراهية ضد المسلمين. وجاء هذا التحرك عقب انتقادات حادة من مختلف الفعاليات الحزبية، والسياسية، والدينية. وقال أحد الناشطين من أصول عربية يدعى دياب أبو جهجة إنه سيتقدم بشكوى قضائية ضد الوزير، واليوم تتقدم منظمة مكافحة الكراهية ضد الإسلام، بشكوى أمام مركز مكافحة العنصرية والكراهية في بلجيكا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».