جلسة ساخنة في مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سوريا.. وباريس تدعو للتهدئة في حلب

تقرير الأمين العام قال إن قرابة 600 ألف شخص يعيشون في مناطق محاصرة

صبية من بلدة الأتارب بريف حلب يحملون بضائع من موقع تعرض لاستهداف غارات جوية أمس (رويترز)
صبية من بلدة الأتارب بريف حلب يحملون بضائع من موقع تعرض لاستهداف غارات جوية أمس (رويترز)
TT

جلسة ساخنة في مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سوريا.. وباريس تدعو للتهدئة في حلب

صبية من بلدة الأتارب بريف حلب يحملون بضائع من موقع تعرض لاستهداف غارات جوية أمس (رويترز)
صبية من بلدة الأتارب بريف حلب يحملون بضائع من موقع تعرض لاستهداف غارات جوية أمس (رويترز)

ناقش مجلس الأمن بجلسة علنية الوضع الإنساني في سوريا، ولا سيما في حلب التي كانت محط اهتمام كلمات أعضاء المجلس جميعًا، حيث كانت جلسة ساخنة تبادل فيها أعضاء المجلس ولا سيما، الأميركي والروسي، كلمات الرد وحق الرد على موقيفهما من الأزمة السورية.
وفي الوقت الذي طالبت فيه فرنسا بإقرار هدنة في المدينة التي وصفتها بـ«المحاصرة المنكوبة». فقد أعلن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، أمس، أن بلاده دعت إلى إقرار تهدئة إنسانية فورية في مدينة حلب السورية، إثر القصف الذي أدى إلى توقف 4 مشافٍ عن العمل. وقال السفير الفرنسي فرنسوا دولاتر إن «مجلس الأمن لا يمكن أن يوافق على تكرار جرائم الحرب هذه، نعم جرائم الحرب»، مشبهًا وضع حلب بوضع مدينة ساراييفو خلال حرب البوسنة.
واستمع المجلس إلى إحاطة عن الوضع الإنساني من رئيس الشؤون الإنسانية، ستيفان أوبراين، حول الوضع في مدينة حلب، حيث القتال الدائر هناك أدى إلى تشريد وقتل المدنيين. وأعرب أوبراين عن القلق البالغ إزاء التطورات الأخيرة في شرق حلب وما حولها، حيث توقفت حركة المدنيين وعمال الإغاثة والنشاط التجاري منذ إغلاق طريق الكاستيلو، وهو المنفذ الوحيد المتبقي للمنطقة.
وقال إن ما يتراوح بين مائتي وثلاثمائة ألف شخص يتعرضون لخطر الحصار، مضيفًا: «تم إطلاق مئات قذائف الهاون والصواريخ والمقذوفات على شرق وغرب حلب خلال الأسابيع الماضية، ما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات. مضيفًا: «منذ السابع من يوليو (تموز) توقفت حركة المدنيين والأنشطة الإنسانية والتجارية من وإلى حلب. بسبب القتال أغلق طريق الكاستيلو، وهو الوحيد المتبقي المؤدي إلى شرق المدينة، كما أبلغتكم في إفادتين سابقتين، حيث يوجد ما يتراوح بين مائتين وخمسين ومائتين وخمسة وسبعين ألف شخص».
وتأثرت المستشفيات وغيرها من البنية الأساسية المدنية بالقتال. وفيما يوجد لدى الأمم المتحدة وشركائها بعض المخزون للاستجابة للاحتياجات الإنسانية، إلا أن الغذاء في شرق حلب من المتوقع أن ينفد بمنتصف الشهر المقبل.
وحث أوبراين الأطراف، ومن يتمتعون بالنفوذ، على التحرك الآن لفرض هدنة إنسانية لمدة ثمان وأربعين ساعة في شرق مدينة حلب لتتمكن الأمم المتحدة وشركاؤها من الوصول بشكل آمن ومنتظم إلى نحو ربع مليون شخص عالقين وراء الخطوط الأمامية.
وشدد أوبراين على ضرورة أن تأتي تلك الدعوة من مجلس الأمن الدولي، أيضًا، مشيرًا إلى الوضع المتدهور في مضايا والفوعة والزبداني وكفرايا، وشدد أيضًا «على ضرورة استعادة قرار وقف الأعمال العدائية، وإنهاء الهجمات العشوائية، واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان الوصول الإنساني الآمن والدائم ودون شروط.
كما دعا إلى الإنهاء الفوري للحصار، الذي يعاقب بشكل جماعي مئات الآلاف من المدنيين دون رحمة، مجددًا القول بأن الأزمة السورية يجب أن تنتهي بحل سياسي لا بانتصار عسكري.
وناقش المجلس أيضًا تقرير الأمين العام حول الوضع في سوريا بأكملها، حيث وصف الحالة هناك بأنها قاتمة ويسودها الموت والدمار، إلا أن التقرير أشار إلى أن عمليات إيصال المساعدات عبر الحدود استمرت خلال الفترة المشمولة بالتقرير. ففي شهر يونيو (حزيران)، عبرت الحدود متجهة إلى الجمهورية العربية السورية 14 قافلة مؤلفة من 558 شاحنة مقبلةً من تركيا والأردن، إلا أنه لفت إلى أن الحكومة الأردنية أوقفت الشحنات المقبلة من الأردن عن طريق معبر الرمثا، بسبب الحالة الأمنية على طول الحدود السورية - الأردنية.
وقال التقرير إن «القتال أدى أيضًا إلى تعطيل خطوط إمداد المساعدات الإنسانية إلى المجتمعات المحلية المعرضة للخطر. فعلى سبيل المثال، أفضت الحالة الأمنية على طول طريق الكاستيلو في مدينة حلب إلى تعليق عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى الجزء الشرقي من المدينة منذ منتصف شهر يونيو. وأدت الحالة الأمنية السائدة أيضًا إلى عرقلة حملة التطعيم التي يستفيد منها آلاف الأطفال في مدينة حلب. وفي الوقت نفسه، قامت جماعات المعارضة المسلحة غير التابعة لدول في الخامس من الشهر نفسه، بشن هجوم على الطريق الواصل بين حمص والسلمية عند حاجز سنيدة، وأَغلقت الطريق مؤقتًا، مما أثر سلبا في بعثات الأمم المتحدة إلى حماة وحلب.
وحدد تقرير الأمين العام عدد الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي حددتها الأمم المتحدة بوصفها «مناطق محاصرة» حاليًا، بـ590 ألفًا و200 شخص. ولا تزال الأحوال الإنسانية في المناطق المحاصرة عسيرة. فقد ظل تدفق الإمدادات التجارية إلى المناطق المحاصرة عبر الطرق الرسمية معطلاً في أغلبه، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تصل إلى المناطق المحاصرة عبر خطوط الإمداد غير الرسمية وغير المنتظمة. وظلّت حرية التنقل مقيدةً بشدة، وإن كان يسمح بين الفينة والأخرى لعدد محدود من الأشخاص بالخروج من بعض المناطق المحاصرة والعودة إليها.
وعلى الصعيد السياسي، فلن يستمع المجلس اليوم من المبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا حول المسار السياسي، وتم تأجيل الاستماع إلى الشهر المقبل لعدم وجود «أي تحديث يذكر».
وخلص تقرير الأمين العام إلى أنه وعلى غرار الحال منذ الانطلاق الرسمي لعملية الفريق الدولي لدعم سوريا، ما زال النهج الثلاثي المسارات المتمثل في وقف الأعمال العدائية، وتحسين وصول المساعدات الإنسانية، والعملية السياسية، مترابطًا حتمًا، واستعدادًا لجولة جديدة من المحادثات الرسمية.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.