طائرة «سولار إمبالس 2» تنهي في أبوظبي رحلتها التاريخية حول العالم

بدأت رحلة غير مسبوقة حول العالم من دون قطرة وقود استمرت 16 شهرًا، تقترب طائرة «سولار إمبالس 2» العاملة بالطاقة الشمسية من أبوظبي، حيث من المقرر أن تحط فجر اليوم الثلاثاء، منهية جولتها.
ويتوقع أن تهبط الطائرة في مطار البطين بالعاصمة الإماراتية، نقطة انطلاقها التي كانت في التاسع من مارس (آذار) 2015، لتنهي رحلة حول العالم قطعت خلالها أكثر من 42 ألف كيلومتر مقسمة على 17 مرحلة.
وكانت الطائرة التي يقودها السويسري برتران بيكار، تعبر شمال الرياض في اتجاه أبوظبي، قادمة من القاهرة التي أقلعت منها فجر الأحد.
وتناوب بيكار ومواطنه أندريه بورشبرغ خلال المراحل السبع عشرة، على الجلوس في القمرة الصغيرة التي تتسع لشخص واحد، وقيادة الطائرة التي لا يتجاوز وزنها 1,5 طن، ويوازي باع جناحيها باع جناحي طائرة «بوينغ 747». والطائرة المزودة بسبعة عشر ألف لوح شمسي وأربعة محركات تغذيها بطاريات تخزن الطاقة، تهدف إلى الترويج للطاقة المتجددة، وإثبات القدرة على استخدامها مستقبلاً في مجال الطيران.
وحققت الطائرة خلال رحلتها إنجازات غير مسبوقة، منها رقم قياسي جديد سجله بورشبرغ (63 عامًا) لأطول رحلة طيران من دون توقف (نحو 118 ساعة بين اليابان وهاواي). كما كانت «سولار إمبالس 2» أول طائرة عاملة بالطاقة الشمسية تعبر المحيط الأطلسي، في رحلة بين نيويورك وإشبيلية قادها بيكار (58 عامًا) في يونيو (حزيران).
وقال بيكار سابقًا: «أطلقنا مشروع (سولار إمبالس) عام 2003 لتوجيه رسالة أن التكنولوجيات النظيفة يمكن أن تحقق المستحيل».
ولم تخل هذه الرحلة من العقبات، فعند انطلاقها في العام الماضي، كان من المتوقع أن تستغرق خمسة أشهر فقط، إلا أنها امتدت على 16 شهرًا. واضطرت الطائرة للبقاء على الأرض زهاء عشرة أشهر صيف العام الماضي للصيانة والتصليح، بعدما تسببت الرحلة الأطول من دون توقف (بين اليابان وهاواي) بارتفاع حرارة بطارياتها. كما تسببت الظروف المناخية في تأخير البدء في بعض الرحلات.
بعد انطلاقها من أبوظبي العام الماضي، تنقلت «سولار إمبالس 2» بين أربع قارات، وعبرت المحيطين الهادئ والأطلسي. وخلال المراحل المختلفة، كان الربان يتواصل مع فريق تحكم مقره موناكو، يضم الكثير من المهندسين والمراقبين والمتخصصين في الأحوال الجوية.
وقال بيكار لصحافيين في القاهرة مساء السبت قبيل انطلاق المرحلة الأخيرة: «هذا مشروع من أجل الطاقة، من أجل عالم أفضل».
وتوقع أن تكون الرحلة «صعبة»، مضيفًا: «هذه منطقة حارة جدًا جدًا.. والرحلة ستكون مرهقة».
ويعد المناخ، خصوصًا الصحراوي في منطقة الخليج، من أبرز التحديات التي واجهت «سولار إمبالس 2»، إذ تضطرها الحرارة إلى التحليق على ارتفاعات أعلى من المعتاد، ما يؤدي إلى استهلاك المزيد من الطاقة، ويرغم الربان على وضع قناع للأوكسجين، كون قمرة القيادة غير مضغوطة وتتأثر بعوامل المناخ.
وبحسب الموقع الإلكتروني لـ«سولار إمبالس 2»، حلقت الطائرة الأحد فوق السعودية عند مستويات تخطت 30 ألف قدم.
وحطت الطائرة في القاهرة في 13 يوليو (تموز) قادمة من إشبيلية، وكان من المقرر أن تعاود التحليق باتجاه أبوظبي في 16 منه. إلا أن الإقلاع أرجئ بسبب توعك بيكار وعوامل مناخية.
وقال بورشبرغ السبت قبيل انطلاق زميله: «كنا قلقين بعض الشيء من الأحوال الجوية وخصوصًا الحرارة في هذه المنطقة، والقريبة من المستوى الأقصى المحدد لهذه الطائرة». وأضاف: «لكننا على ثقة في أن الأمور تسير على خير ما يرام». وبعد ساعات من الإقلاع، بدا بيكار متحمسًا لرؤية مشروعه يقترب من دخول التاريخ.
وقال في لقاء مع «بي بي سي» من قمرة القيادة أثناء عبوره فوق البحر الأحمر الأحد: «إنها لحظة رائعة لأنها المرحلة الأخيرة من الرحلة حول العالم.. إنها لحظة مؤثرة». ووصف بيكار «سولار إمبالس 2» بأنها «مختبر طائر».
أضاف: «نحن نختبر كل هذه التقنيات الجديدة، النظيفة، والحديثة من أجل أن نحلق بقدرة تحمل غير محدودة»، مشيرًا إلى أن الكثير من التقنيات المستخدمة في الطائرة يمكن البدء باستخدامها على الأرض، ما سيؤدي إلى «خفض استهلاك الطاقة إلى النصف، وبالتالي (تقليص) انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم». واعتبر أن المشروع «ثورة كاملة في مجال حماية البيئة».
وعلى رغم من إيمانهما بما حققته «سولار إمبالس 2» والمجالات التي قد تمهد لها، يبدي بيكار وبورشبرغ قناعتيهما بأن تطوير طائرات تجارية عاملة بالطاقة الشمسية أمر يحتاج إلى وقت طويل.
وشكلت الرحلات التي قادها السويسريان، تحديًا نفسيًا وجسديًا. فقمرة القيادة مساحتها 3,8 أمتار مربعة فقط، وليس فيها أي مكيف للهواء أو تدفئة، وهي تغطى بعازل محدود يخفف بعضًا من الظروف المناخية التي قد تمر بها، حيث يمكن لدرجات الحرارة أن تراوح ما بين أربعين درجة تحت الصفر وأربعين درجة فوق الصفر. وقال بورشبرغ إن هذه الرحلات «تحدٍ إنساني أكثر منه تقني».