«إعلان نواكشوط» يشدد على أهمية التضامن العربي لتجاوز الخلافات

يركز على الهوية العربية.. وإعطاء الشباب الفرص كي يأخذوا مواقعهم

«إعلان نواكشوط» يشدد على أهمية التضامن العربي لتجاوز الخلافات
TT

«إعلان نواكشوط» يشدد على أهمية التضامن العربي لتجاوز الخلافات

«إعلان نواكشوط» يشدد على أهمية التضامن العربي لتجاوز الخلافات

تنطلق اليوم أعمال القمة العربية في العاصمة الموريتانية نواكشوط، برئاسة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، ومشاركة رؤساء الوفود العربية وحضور رئيس الاتحاد الأفريقي الرئيس التشادي إدريس ديبي، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الخاص لليمن، ورئيس منظمة التعاون الإسلامي إياد مدني.
وخلال الجلسة الافتتاحية سيلقي رئيس القمة السابقة رئيس الوفد المصري كلمته، بالإضافة إلى الرئيس الحالي للقمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، كما يتحدث ضيوف القمة وبعض رؤساء الوفود، وسيناقش القادة العرب جدول أعمال القمة والتوصيات التي رفعها الاجتماع التمهيدي الوزاري.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن إعلان نواكشوط سوف يتضمن عناصر مهمة تتحدث عن أهمية التضامن العربي، وتنقية الأجواء وبناء علاقات عربية – عربية على أسس جديدة للحفاظ على المبادئ المشتركة، وتجاوز الخلافات والظروف الاستثنائية، والحفاظ على الهوية العربية والارتقاء باللغة العربية، وفتح المجال أمام الشباب كي يأخذ موقعه، إضافة إلى إعطاء دور للمرأة في تنمية المجتمع، وتشجيع المسار الديمقراطي، واستكمال المشاريع الاقتصادية الكبرى، وإزالة المعوقات، وفتح المجال أمام العمالة العربية، ودعم اقتصادات الدول المحدودة الموارد والإمكانات، بالإضافة إلى دعم التعاون العربي - الأفريقي.
كما يتضمن الإعلان تفاصيل تتحدث عن كيفية التحرك العربي الجديد في الملف السياسي الخاص بكل من ليبيا والسودان والعراق واليمن وسوريا.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر رفيعة بأن المبعوث الدولي الخاص بسوريا ستيفان دى ميستورا أرسل تقريرا مفصلا عن تطورات المسار السياسي إلى اجتماعات وزراء الخارجية العرب لتقييم الموقف، وتحديد آلية جديدة للتحرك، بحيث لا يترك الملف لكل من روسيا وأميركا فقط، وفي سياق محاولة إعادة الحل إلى الجانب العربي، على أن يكون الموقف الخارجي مجرد عامل مساعد.
وفى تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» قال وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة بخصوص الأزمة السورية، إنه يتمنى أن يكون الحل عربيا، بدلا من الحديث عن المقعد، معتبرا قمة نواكشوط انطلاقة عربية متجددة ستؤدي إلى تنسيق عربي نحو العمل المشترك. كما طالب بضرورة طرح مبادرات عربية لتسوية الأزمات المشتعلة في المنطقة.
وبخصوص مكافحة الإرهاب، أكد العمامرة على التنسيق والتعاون بين الدول، مشيرا إلى تجربة 11 دولة أفريقية في هذا المجال لمحاصرة كل العناصر المتطرفة، التي تحاول تقوية وجودها في المغرب العربي وشمال أفريقيا.
وذكرت مصادر رفيعة أن مشاورات اليوم ستجمع بين رؤساء الوفود، حيث تضم خيمة القمة قاعات للاجتماعات، وقاعة كبرى للاجتماع للجلستين الافتتاحية والختامية، التي من المتوقع أن تنتهي اليوم نظرا للتوافق حول القرارات الصادرة عنها، إضافة للتفاهم حول إعلان نواكشوط.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.