أعطى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم مؤشرات على طبيعة الجيش التركي في مرحلة ما بعد محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا، التي وقعت في الخامس عشر من يوليو (تموز) الحالي.
وقال يلدريم في لقاء مع قناتين تلفزيونيتين بث بشكل مشترك مساء أول من أمس إن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة هيكلة الجيش، بحيث يتماشى مع الدول العصرية وسنقطع صلته بالسياسة.
وأضاف يلدريم أن السلطات التركية ستحل الحرس الجمهوري، وذلك بعد توقيف نحو 300 من عناصره إثر محاولة الانقلاب، قائلاً: «لن يكون هناك حرس جمهوري، ليس هناك سبب لوجوده ولسنا بحاجة إليه». ولفت رئيس الوزراء التركي إلى أن عناصر من الحرس الجمهوري كانوا بين أعضاء مجموعة دخلت مبنى التلفزيون الرسمي التركي (تي آر تي)، خلال محاولة الانقلاب الأسبوع الماضي. وأجبرت هذه المجموعة مذيعة على قراءة بيان يعلن الأحكام العرفية وفرض حظر التجول. وأضاف يلدريم: «إذا تورط الجيش بالسياسة في دولة ما، فإن ذلك سيشكل وبالاً عليها، ومن أهم أسباب سقوط الدولة العثمانية هو تدخل الجيش بالسياسة في سنواتها الأخيرة. على كل شخص استخدام الصلاحيات الممنوحة له وفق القانون، وإن تم استخدام السلطات خارج هذه الصلاحيات، فسيتحول الأمر إلى فوضى، وهذا لا يليق بالديمقراطية».
وتابع: «نحن نعرف ما سنفعله على المستوى السياسي، والإجراءات في الدول الأخرى في هذا الخصوص واضحة، ووضع الجيش والسياسة واضح أيضًا، سنعيد دراسة كل هذه الأشياء، ونطبق أفضل الإجراءات بما يليق مع وطننا». وعن الاجتماع المقبل لمجلس الشورى العسكري الأعلى في تركيا، أوضح يلدريم أنه سيعقد الخميس المقبل، في مقر رئاسة الوزراء بقصر تشانكايا في أنقرة للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
وكان الاجتماع يعقد من قبل بمقر رئاسة هيئة أركان الجيش ويذهب رئيس الوزراء لترؤسه هناك.
وأكد أن «عقد الاجتماع بمقر رئاسة الوزراء، ليس لدواعٍ أمنية، بل لترأس رئاسة الوزراء الاجتماع»، موضحًا أنه «سيكون اجتماعًا مختلفًا عن الاجتماعات السابقة، لأنه لن يكتفي بتناول مسائل تتعلق بالترقيات والتعيينات فحسب».
وأضاف: «سنبحث خلال الاجتماع، وبالتفصيل، أسباب ونتائج محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو»، مؤكدًا: «حاجة القوات المسلحة، إلى إصلاحات لمنع تغلغل عناصر منظمة فتح الله غولن (الإرهابية) فيها». وحول وجود توجه لإغلاق الثانويات العسكرية، كأحد التدابير التي ستتخذها الحكومة، أكد يلدريم أن «كل الاحتمالات واردة، ليس على صعيد المؤسسة العسكرية، فحسب، بل ستشمل جميع مؤسسات الدولة، والحكومة ستتخذ تدابير تحول دون تسلط منظمة غولن على الدولة والشعب».
وتطرق يلدريم إلى ذهاب بعض قيادات الجيش إلى حفل زفاف، رغم تلقي رئاسة الأركان العامة معلومات استخباراتية تفيد بوجود محاولة انقلاب في ليلة الانقلاب الفاشل، مشددًا على أن «السلطات ستحقق في أدق التفاصيل لمعرفة المقصرين».
وبشأن إمكانية أن يتسبب توقيف عدد كبير من الجنرالات في إضعاف الجيش التركي، لفت يلدريم إلى أن «هناك تدابير تم اتخاذها في هذا الشأن»، معربًا عن اعتقاده بـ«عدم حاجة الجيش لعودة الجنرالات السابقين».
وكرر يلدريم، ما سبق أن أعلنه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أول من أمس، من أن الانقلابيين عرضوا على رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي الجنرال خلوصي أكار التحدث إلى زعيمهم فتح الله غولن ورفضه هذا الأمر.
وشدد على أن «هناك حاجة ماسة لإعادة هيكلة الجيش، فالكيان الموازي (منظمة فتح الله غولن) وكيانات أخرى كمنظمتي أرجينكون والمطرقة الانقلابيتين، ظهرتا بكل أسف داخل الجيش، وفي الدول العصرية المتقدمة لا يمكن للجيش أن يشكل مصدر تهديد لشعبه ووطنه، ومن ثم وجبت إزالة هذه التهديدات، سواء من خلال إصلاحات أو إعادة هيكلة من جديد».
ومنظمة أرجينكون هي منظمة سرية يُرجح أنها تأسست عام 1999، وزعمت أن أهدافها كانت المحافظة على علمانية الدولة التركية، واتهمت بالقيام باغتيالات وتفجيرات في عدد من المدن التركية، ومحاولة الانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية بين عامي 2003 - 2004.
واعتبر القضاء التركي، «أرجينكون»، منظمة إرهابية بعد تحقيقات استمرت 6 أعوام وشهرين، إثر اكتشاف 27 قنبلة يدوية في أحد المنازل في القسم الآسيوي من مدينة إسطنبول في يونيو (حزيران) 2007، ثم أفرج عن جميع المتهمين فيها، ومن بينهم رئيس الأركان الأسبق يشار بويوك آنيت عام 2014، بدعوى تعرضهم لمؤامرة.
وتتلخص قضية «المطرقة» في مخطط لعدد من كبار جنرالات الجيش يستهدف الإطاحة بحكومة العدالة والتنمية، كُشف النقاب عنه في جريدة «وطن» التركية مطلع عام 2010، وكان يتضمن اجتماعًا لعدد من كبار الضباط في قيادة الجيش، في مارس (آذار) 2003، بهدف وضع خطة انقلابية ضد حكومة رئيس الوزراء آنذاك، رجب طيب إردوغان الأولى، من خلال تفجير أهم مسجدين مكتظين في إسطنبول، مما يجبر الحكومة على إعلان حالة الطوارئ، ومن بعدها تعمد إسقاط طائرة تركية فوق الأجواء اليونانية، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في البلاد وتأليب الرأي العام الداخلي ضد الحكومة وغيرها من السيناريوهات المخططة. وحول المؤسسات والمدارس والجامعات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التابعة لما يسمى «الكيان الموازي»، التي وضعت الدولة التركية وصاية قانونية عليها، أكد يلدريم أن «الوزارات التركية ستشرف عليها، بما يضمن استمرار عملها، وستتم تسميتها بأسماء الشهداء الذين سقطوا في مواجهة المحاولة الانقلابية الفاشلة».
ولفت إلى إصدار الحكومة قانونًا تعتبر من خلالها المدنيين الذين سقطوا في مواجهة الانقلابيين بمثابة شهداء من الدرجة الأولى، موضحًا أن عددهم بلغ 246 شهيدًا.
وقال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم: «لن نسمح مرة أخرى، بمحاولات حمقاء تستهدف أمن البلاد وسلامة المواطنين»، بينما تحارب الدولة منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية، مؤكدًا اتخاذهم سلسلة من التدابير في هذا الصدد. وأعلن يلدريم أن وزيري الخارجية والعدل التركيين سيتوجهان إلى واشنطن خلال الأيام المقبلة، لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأميركيين حول تسليم غولن لتركيا.
وقال يلدريم إن تركيا لا تعتزم تمديد حالة الطوارئ بعد انقضاء الأشهر الثلاثة المقررة لها إثر محاولة انقلاب فاشلة، لكنها ستفعل ذلك إذا اقتضى الأمر. موضحًا: «هدفنا هو ألا تمد، ولكن إذا اقتضت الحاجة فبالطبع ستمد».
وتابع: «سنتخذ كل التدابير التي لا تشكل تهديدًا للشعب، وسنطبق جميع أنواع آليات المراقبة، فهذه المرحلة مرحلة اكتشاف الأخطاء ونقاط الضعف، والتدابير التي ستتخذ ستكون لمواجهتها».
في إطار هيكلة الجيش.. تركيا تلغي الحرس الجمهوري
تقديم اجتماع المجلس العسكري إلى الخميس وعقده في رئاسة مجلس الوزراء
في إطار هيكلة الجيش.. تركيا تلغي الحرس الجمهوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة