أميركا: تغطية مؤتمر الجمهوريين.. محايدة أم منحازة؟

الصحف الأوروبية تركز على إرهاب ميونيخ.. وحملة التطهير التي يقودها إردوغان

أميركا: تغطية مؤتمر الجمهوريين.. محايدة أم منحازة؟
TT

أميركا: تغطية مؤتمر الجمهوريين.. محايدة أم منحازة؟

أميركا: تغطية مؤتمر الجمهوريين.. محايدة أم منحازة؟

توزعت اهتمامات الصحف الأوروبية بين ملفات تتعلق بالتطورات في منطقة الشرق الأوسط وأخرى تتعلق بتوسيع دائرة العمليات الإرهابية في أوروبا أخيرًا لتشمل ألمانيا، بعد أن استهدفت من قبل فرنسا وبلجيكا. البداية ستكون من لندن، حيث تناولت الصحف البريطانية ملف الهجوم الذي وقع مساء الجمعة الماضي في ميونيخ الألمانية، وجاءت افتتاحية صحيفة «الديلي تلغراف» بعنوان «حملة إردوغان (التطهيرية) تحول تركيا لدولة استبدادية». وقالت الصحيفة إن فرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حالة الطوارئ في البلاد لمدة 3 شهور وتعليق بعض التزاماتها بالمعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، سيثير المخاوف حول الطرق الاستبدادية التي ينتهجها إردوغان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة. وأضافت الصحيفة أن «الأسبوع الماضي تعرض عشرات آلاف من الأتراك إما للاعتقال أو الإعفاء من مناصبهم، وشملت هذه القرارات القضاة والجنود وأساتذة الجامعات والضباط والمدرسين». وأشارت الصحيفة إلى أنه «تم اعتقال آلاف الأشخاص في خطوة للنيل من مؤيدي رجل الدين التركي الذي يعيش في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، المتهم بالتخطيط لهذا الانقلاب الفاشل». وتابعت أن «اتباع إردوغان سياسة البطش لسحق معارضيه قد يشكل بعض القلق للأتراك العلمانيين الذين يمثلون 50 في المائة من أصل 70 مليون تركي». ورأت الصحيفة أنه كلما استمر إردوغان في سياسة القمع، فستكون هناك صعوبة في تقبله حليفًا لدى الدول الغربية، خصوصًا إذا ما استمر بتودده من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقالت الصحيفة إن «وزير الخارجية الأميركي جون كيري حذر تركيا بتعليق عضويتها من حلف الناتو في حال استمر الرئيس التركي بسياسته الحالية تجاه معارضيه».
ونشرت صحيفة «آي» تحليلاً للكاتب توني باترسون يرى فيه أن هجوم ميونيخ لا بد أنه سيهز ألمانيا ويخرجها من عدم الاكتراث، الذي تتعامل به، حسب رأيه. ويقول باترسون إن ألمانيا تلقت تحذيرات وإنذارات كاذبة، ولكنها كانت بعيدة عن أي هجوم إرهابي كبير، حتى هجوم لاجئ أفغاني بخنجر على ركاب قطار، ليشعر الألمان بثقل الإرهاب. وعلى الرغم من أن الحكومة كانت دائمًا تقول إن احتمال وقوع هجوم أكبر من عدم وقوعه، وإن البلاد ليست لها مناعة، فإن الألمان لم يمروا بالتجربة قبل ذلك. ويرى الكاتب أن هذه الهجمات، إذا ثبت أنها من تدبير تنظيم داعش، فإنها ستؤثر حتمًا على السياسة في ألمانيا. فحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني، ولكنه ليس بتطرف الجبهة الوطنية في فرنسا، استغل تهديد الهجمات الإرهابية، للمطالبة بعدم استقبال المهاجرين في البلاد.
وحقق الحزب تقدمًا في انتخابات مارس (آذار) هذا العام، وهو حاليًا يسيطر على نسبة 14 في المائة من الناخبين، وينتقد سياسة المستشارة أنجيلا ميركل، التي سمحت بدخول أكثر من مليون شخص، بينهم لاجئون سوريون، إلى البلاد. ولكن الكاتب يرى أن الشعب الألماني، رغم كل ما حدث، فإنه سيبحث عن الأمن الذي توفره زعيمة مقتدرة مثل ميركل، التي تتقدم في استطلاعات الرأي، وسيلجأ إليها الشعب في الانتخابات ليجد الطمأنينة. وقبل بداية مؤتمر الحزب الجمهوري، في كليفلاند (ولاية أوهايو)، لترشيح دونالد ترامب لرئاسة الجمهورية، كان واضحا أن أغلبية المعلقين الصحافيين والإعلاميين لا يؤيدون ترامب، سواء كانوا يعارضونه معارضة قوية، أو يحتقرونه. لهذا، ترقب الجميع التغطية الصحافية للمؤتمر.. هل كانت نزيهة أم منحازة؟
قالت صحيفة «جورنال» في بروفيدنس (ولاية نيوهامبشير): «كانت التغطية منحازة بصورة واضحة ضد ترامب. لهذا، لم تنصف التغطية القارئ أو المشاهد الذي يريد صحافة محايدة».وقالت صحيفة «نيويورك تايمز»: «لا يمكن القول إن تغطية مؤتمر الجمهوريين كانت معادية لأن الصحافيين أبرزوا حقيقة أن ميلانيا، زوجة ترامب، سرقت فقرات من خطاب ميشيل أوباما في مؤتمر الحزب الديمقراطي، عام 2008». وقال موقع «كومون دريمز»: «انحياز ضد الجمهوريين، أو انحياز مع الجمهوريين، كان مؤتمر كليفلاند مؤتمر الصحافيين.. هم الذين سيطروا عليه.. وسيفعلون الشيء نفسه في مؤتمر الحزب الديمقراطي». وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال»: «توقع كثير من الصحافيين مظاهرات صاخبة، إذا لم تكن عنيفة، في مؤتمر الحزب الجمهوري. لكن، لم يحدث ذلك. كانت هناك مظاهرات، لكنها كانت قليلة العدد، وكانت سلمية». واهتمت صحيفة «واشنطن بوست»، في زاوية منتظمة عن «اختبار الحقائق»، بما جاء في عدد من الخطابات التي ألقيت في المؤتمر. وقالت إن «حقائق كثيرة» زورت. ودافعت الصحيفة عن هذه الزاوية المنتظمة (بسبب انتقادات جمهوريين لها). وقالت الصحيفة إنها ستفعل الشيء نفسه في مؤتمر الديمقراطيين. وقال موقع «بلومبيرغ» إن الإعلام كان فظا نحو ميلانيا (زوجة ترامب) بسبب نقلها فقرات من خطاب ميشيل أوباما. وأشار الموقع إلى تصريحات زوجها بأن «الذنب ليس ذنب ميلانيا»، وإلى اعتذار ميرديث ماكايفر التي كتبت خطاب ميلانيا. (في الحقيقة، كررت ماكايفر الاعتذار مرات كثيرة، وذلك لأن الصحافيين لاحقوها، وسألوها أسئلة حرجة. وقالت إنها قدمت استقالتها إلى ترامب).

وقال موقع «بلومبيرغ» إن ترامب دافع عن ماكايفر. وأمام أسئلة متكررة من صحافيين لاحقوه عن إذا ما كان سيفصلها، قال إنه لن يفعل ذلك.
وقالت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» إن حملة ترامب الانتخابية راجعت خطاب ترامب نفسه حتى لا يقع في خطأ زوجته نفسه، وحتى لا يثور عليه الإعلام.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».