المطبخ الحلبي.. معشوق المغرمين بالطعام

«قانون الشبعان» و«أربعين لقمة».. قانون حلب للأطباق الشهية

المطبخ الحلبي.. معشوق المغرمين بالطعام
TT

المطبخ الحلبي.. معشوق المغرمين بالطعام

المطبخ الحلبي.. معشوق المغرمين بالطعام

تغنى الكثير من الناس والشعراء والسفراء بمدينة حلب وجمالها، وأثنى الكثير منهم على مناخها وطبيعتها، والأهم من ذلك مطبخها الذي يشتاق إليه كل محب ومغرم بالطعام؛ إذ يمكن القول: إن المطبخ الحلبي ليس مطبخا عربيا أو سوريًا محليا فحسب، بل مطبخ عالمي من الدرجة الأولى لا يضاهيه أي مطبخ عربي آخر. فمدن العالم التي لها طابعها الموسيقي والمطبخي الخاص بها مدن قليلة حول العالم، وحلب على رأس هذه المدن. وتقول عبير حيدر في هذا المضمار: إن «حلب مدينة الطرب والعشق والموسيقى... مدينة الملذات والحواس».
يذكر أن أبا الفرج الأصبهاني أهدى كتابه «الأغاني» إلى حلب، وأن الفارابي دخل إليها من باب الموسيقى لا الفلسفة، وأن أرسطو حين أراد أن يستجم أرسله الإسكندر الكبير إلى حلب احتفاءً به. فأهل حلب لم يشتهروا بذوقهم الخاص في الموسيقى وحسب، بل تميزوا أيضًا بمطبخهم الغني والشهي وكرمهم الجميل. فحين يدعوك حلبي إلى الطعام يُصر ألا تقوم عن المائدة إلا بعد أن تلتزم بالقانون الحلبي لملذات الأكل: «قانون الشبعان، أربعين لقمة».
ويقال: إن المتنبي مدحها قائلا:
«كلما رحبت بنا الروض قلنا
حلب قصدنا وأنت السبيل
فيك مرعى جيادنا والمطايا
وإليها وجيفنا والذميل»
وقال الشيخ سعد الدين محمد ابن الشيخ محيي الدين بن العربي:
«حلب تفوق بمائها وهوائها
وبنائها والزّهر من أبنائها
ظلّت نجوم النصر من أبراجها
فبروجها تحكي بروج سمائها
والسّور، باطنه ففيه رحمة
وعذاب ظاهره على أعدائها
بلد يظلّ بها الغريب كأنه
في أهله فاسمع جميل ثنائها».
وذكر المعري في رسالة الغفران «أنه عند التحضير لإقامة مأدبة في الجنة بحث عن مهرة الطباخين في حلب لبراعتهم في فن الطبخ». كما تغزل ابن الرومي بزلابية المدينة وسبل تحضيرها التي أحبها كل من زارها ومكث بها.
و«كثيرا ما يروي الحلبيون أسطورة تناقلوها عبر الأجيال تفيد بأن سيدنا إبراهيم الخليل لدى مكوثه في حلب في طريقه من أور العراقية التي نزح عنها متوجها إلى بلاد كنعان (فلسطين) استقر في أحد مرتفعات المدينة (القلعة حاليا) وكان لديه بقرة شهباء اللون يحلبها كل صباح ليطعم الأهلين الذين يستبشرون بأنه (حلب الشهباء)، وبعد ذلك قامت المدينة التي حملت الاسم».
وجاء ذكر المدينة العظيمة منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، ووردت في «الوثائق الحثية والفرعونية والأكادية والكلدانية».
هناك عوامل كثيرة ساهمت في إيجاد المطبخ الحلبي، ويصعب فهم كيفية تكونه من دون إلقاء نظرة مفصلة على تاريخ المدينة الطويل والعريق؛ فهي بشكل عام من أقدم مدن الشرق والعالم وبسبب موقعها الجغرافي الفريد كانت ولا تزال ملتقى حضارات شتى، ولهذا عاش فيها خليط لا يستهان به من مختلف الإثنيات والجنسيات عبر التاريخ. ومن شأن هذه العوامل الهام بلورة واحد من أعرق المطابخ وأشهاها في العالم.
ويقول موقع «حلب أصل حضارة» في هذا المضمار: إنه «على ضفة نهر كان يضج بالحركة والحيوية ويتدفق خصبا وخيرا، وفي عهد مغرق في القدم، اختارت جماعة ساميّة موقعا لسكنها، وفي هذا الموقع بدأت الحياة.... بدأت الزراعة في الأرض الخصبة، وقام السكان بحفر كهوف في مرتفعات الموقع الطباشيرية الكلسية لتشكل هذه الكهوف أول تجمع سكاني إنساني في الجنوب الغربي من مدينة حلب الحالية».
ومن المعروف أن حلب تتمتع بمناخ متوسطي معتدل ذي شتاء بارد ورطب وقصير وصيف حار، جاف وطويل؛ ونظرا لبعد المدينة عن الساحل و«اتساع الفروق الحرارية بين الليل والنهار وبين الصيف والشتاء» فإنها «تتمتع بصفات المناخ القاري أيضا».
ولا عجب إذن أن حاز المطبخ الحلبي في عام 2007 على جائزة الطهي والتذوق من الأكاديمية العالمية للطهي في فرنسا «The International Academy of Gastronomy in France» في عام 2007.
وتحت رعاية الأكاديمية العالمية للذواقة والأكاديمية السورية للذواقة، تم إصدار كتاب رائع قبل سنوات لمارلين مطر بعنوان «مائدة مارلين من حلب» يضم ما لا يقل عن 217 وصفة من المطبخ الحلبي مرفوقة بمئات الصور الملونة لأطباق مختلفة. ويعتبر الكتاب أول كتاب شامل وموثق عن المطبخ الحلبي الرائع.. وقد جمعت مطر في «كتابها هذا باقة من تراث المائدة الحلبية الشهيرة ووضعتها في إطار جميل من الصور والوصف الدقيق والشامل، فالمحاشي والكبب اللتان تشتهر بهما حلب تأخذان حيزا من الكتاب، وهناك المقبلات والحساء والأطباق النباتية وغيرها، كما الوصفات الرئيسية لكيفية تحضير دبس الرمان ودبس الفليفلة ودبس الطماطم واستعمالها بتوازن دقيق مع السماق والتمر الهندي والتوابل الحلبية».
وفي مقدمة الكتاب، يقول رجا جورج مطر: إن حلب لعبت ومنذ «أكثر من 3000 سنة وخلال العصور دورا مهما في تاريخ المنطقة كأهم ممر لتقاطع الطرق التجارية والحضارية بين الصين ووسط آسيا عبر ما كان يعرف بطريق الحرير. وكانت الحراير والبهارات والعطورات وسلع مختلفة أخرى تصل إلى حلب التي كانت المركز الرئيس لتوزيع هذه السلع، ومنها إلى جميع المناطق المجاورة، توسعت هذه التجارة بعد ذلك لتشمل أوروبا فأسفرت عن تأسيس 75 قنصلية وملاحق تجارية».
وقد أدى «موقع حلب وأهميتها بوصفها مركزا محوريا لتجارة في نطاقها المحلي والخارجي، وإلى الاختلاط بين سكان حلب الأتراك والأرمن واليونانيين والأوروبيين والفرس المقيمين في حلب والمارين بها، إلى تبادل وإغناء الثقافات. وكان المطبخ الحلبي متأثرا بها ومتفاعلا معها. ولكن التأثير الأكبر والأهم كان المطبخ الفارسي كما المطبخ التركي والأرمني»، على ما يقول رجا مطر.
فقد حمل هؤلاء معهم من كل حدب وصوب ما لذ وطاب من الأطباق، ومنحوا المطبخ الحلبي المحلي تنوعه الغزير، وساعد ذلك مراعي ولاية حلب الغنية وأراضيها الطيبة وترابها الخصب، كما سبق وذكرنا.
ويضيف رجا مطر قائلا: «وانعكس كل هذا بشكل ملموس على المطبخ الحلبي؛ فسميت بعض الأطباق الحلبية بمكان منشئها. «برزولات ملفوفة» مثلا مأخوذة من الإيطالية «بيزاولا» ، وتحضر «المورتاديلا» «مع بعض التغيير في المقادير وطريقة التحضير. أما «الهيطلية» فهي من أصول صينية، وقد انتقل هذا النوع من الحلوى عبر قوافل طريق الحرير، ولا تزال تقدم إلى اليوم بأكواب وملاعق صينية. كما أن بعض الأطباق التي تستعمل فيها الفاكهة وذات نكهة حلوة وحامضة كالطبق الشهير «كباب كرز» وطبق «كبة سفرجلية» فهما صينيا المنشأ، حيث اشتهر الصينيون بإضافة السكر والفواكه إلى أطعمتهن. تقدم حلب أيضا الكثير من الأطباق ذات الأصول التركية والأرمنية واليونانية والفارسية، وقد قاربها المطبخ الحلبي باستعمال ثمار حلب وموادها الأولية.
ويشير كاتب المقدمة إلى نقطة أساسية في ماهية المطبخ الحلبي، وهي أن الحلبيين يهتمون بـ«بنكهة المادة الأساسية في طعامهم ويستعملون التوابل لإذكائها، ولا يحبذون أن تخفي الأعشاب العطرية، مثل الكزبرة الخضراء والكرفس والطرخون هذا الطعم، فلديهم مجموعتهم الخاصة من التوابل تسمى (الدقة) وبالعامية (بهار) التي يتنافسون في صنعها وتحضير أفضلها». ولا يزال الكثير من الناس والكثير من مطابخ سوريا وفلسطين ولبنان تستخدم كلمة الدقة لتوصيف خلطات البهارات والأعشاب حتى الآن.
وفي مجال التفنن والتميز والخاصية، يصعب تجاهل «دبس الفليفلة الذي يضفي على الأطباق ذلك الطعم المميز واللون الأرجواني الجميل» وهناك أيضا «الفليفلة الحمراء المطحونة» التي «تتفوق بمراحل على البابريكا من حيث اللون والطعم والشذا والملمس» ويحبذ استعمالها في الكثير من الأطباق للنكهة وللتزيين. والأهم من هذا «دبس الرمان، ذلك السائل الكثيف بلون العقيق» الذي يختص به أهل حلب الكرماء.
ويقول محمد غريب على موقع «فوود» إن من أطباق المطبخ الحلبي المعروفة والمشهورة جدا، هي: «الملوخية، اللحم بالعجين، عش البلبل، شيخ المحشي، فتة اللسانات، فتة المقادم، القباوات، اليالانجي، مكمور الكوسا، مكمور الباذنجان، الأرز بالكماية، الأرمان، الخروف المحشي، سندوانات، أقراص النعناع، الشيشبرك، السمبوسة (السمبوسك)، الأرضي شوكي وغيرها». والأهم من هذا أن حلب هي الأشهر في العالم في مجالي المحاشي والكبب.
وعلى صعيد ذكر المحاشي، هناك لائحة رائعة وطويلة من الأطباق، وعلى رأسها كما جاء في كتاب مارلين مطر:
- عجور محشي: ويحشى العجور باللحم المفروم والأرز والبهات أحيانا بالربرغل والفريك (البرغل المصنوع من القمح القاسي). والعجور هو خضراوات يقع بين فصيلتي الكوسا والخيار، كما هو الحال مع رائحته، وهو من الأطباق المحبوبة في حلب، وهناك أمثال فيه يتبادلها الناس كـ«قلبي من العجور منجور» و«العجورة بالجورة (أي أن كل شيء جيد إذا كان العجور في القدر)».
- باذنجان بالبرغل: وهذا الطبق من أجمل وأروع أطباق حلب، وهو طبق كردي الأصل، وعادة ما يحشى الباذنجان بالبرغل والخضراوات واللحم المفروم وصلصات الليمون والطماطم والرومان، ويمكن إضافة الحمص المسلوق إلى الحشوة مع تخفيف كمية الخضراوات.
- باذنجان بمسقعة البندور: مع اللحم المفروم والبندورة، ويمكن تقديمه إلى جانب الرز بصفته طبقا رئيسيا.
- باذنجان محشي: مع لحم العجل أو الضأن المفروم الخشن والرز.
- جزر محشي: ويستخدم الجزر الأسود، وهو أيضا طبق مطبوخ بحشوة الرز باللحم والبهارات وصلصات الطماطم والرمان والنعناع وغيره.
- حب العب: هذا الطبق يشمل نوعين من الخضراوات اللوبياء والكوسا للتعبير عن الرابط القوي بين محبين. أنها قصة حب محرم بين شاب وفتاة يلتقون في الحقول في الخفاء، حيث يتظاهر واحدهم بقطف اللوبياء، والآخر بقطف الكوسا، وفي أحد الأيام اختفى الحبيبان ولم يجد أهل الضيعة أي إثر لهما، بل وجد ثيابهما في الحقل في لفتين من الصرر واحدة تحتوي على اللوبياء والأخرى على الكوسا. ولا يزال اختفاء الحبيبين دون حل إلى وقتنا هذا، ولا يزال أهل حلب على خلاف ما إذا كان إحدى الصرر تحتوي على الكوسا أم الباذنجان.
- كارنياك: واسم هذا الطبق المشابه لطبق الموساكا اليوناني المعروف، هو كلمة تركية تعني البطن المشقوق أو المفلوق، إشارة إلى الباذنجان الذي يشق لتحضير هذا الطبق المؤلف من الباذنجان بحشوة الأرز واللحم المخبوز بالفرن بصلصة الطماطم.
وأضف إلى ذلك أطباق: كوسا محشي - كوسا شيخ المحشي (حشوة لحم من دون رز - محشي مشكل - ملفوف محشي - قرع محشي - سلق محشي - سندمانات أو ايبيوات (الفوارغ - أمعاء الخروف المحشية باللحم والأرز) - اليبرق أو ورق العريش أو ورق العنب الذي يوصف أحيانا بأصابع الجنة تيمنا بأصابع البقلاوة. ويسميه البعض عصى المحكمة - طبق بندورة محشية بالفرن - باذنجان محشي - جزر محشي.
. ومن أطباق الكبة هناك نوعان: الكبة المشوية أو المخبوزة أو المقلية أو المسلوقة أو النية، ومنها، كبة على السيخ، كبة بالفرن، كبة الدراويش، كبة مبرومة، كبة نية، والكبة بالمرق ككبة بهميس وكبة لبنية وكبة سفرجلية وكبة الكشك وكبة رمانية.
ويضم المطبخ الحلبي لائحة رائعة من اليخاني والمقبلات الباردة، أطباق اللحوم، الأطباق النباتية، الحلويات، الزعتر، والصلصات التي يصعب حصرها في مقال واحد.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».