النيابة العامة في تركيا: غولن يعمل بأوامر من «سي آي إيه»

إغلاق أكثر من ألف مدرسة تابعة لجماعته بأول مرسوم لإردوغان

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يحيي أنصاره بعد جلسة للبرلمان في أنقرة أمس (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يحيي أنصاره بعد جلسة للبرلمان في أنقرة أمس (أ.ب)
TT

النيابة العامة في تركيا: غولن يعمل بأوامر من «سي آي إيه»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يحيي أنصاره بعد جلسة للبرلمان في أنقرة أمس (أ.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يحيي أنصاره بعد جلسة للبرلمان في أنقرة أمس (أ.ب)

قبلت محكمة الجزاء الرابعة في العاصمة التركية أنقرة لائحة اتهام أعدتها النيابة العامة ضد منظمة الكيان الموازي بزعامة فتح الله غولن، جاء فيها أن المنظمة وزعيمها يعملان تحت إمرة الولايات المتحدة ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).
ومن المقرر أن تعقد أولى جلسات المحاكمة في إطار هذه القضية في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وورد في اللائحة، التي أعدتها النيابة العامة بحق 73 مشتبهًا بينهم غولن، المتهم بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا الجمعة قبل الماضي، أن «عملاء من CIA يعملون على التغلغل داخل دول مختلفة حول العالم، وجمع معلومات استخباراتية تحت ستار مدارس تابعة للمنظمة الإرهابية في تلك الدول». وجاء في اللائحة أن «فتح الله غولن لا يمكنه البقاء في ولاية بنسلفانيا، دون رعاية من أميركا التي لا تسمح لزعيم المنظمة الإرهابية بالبقاء داخل أراضيها، إذا لم تكن لديها مصالح وراء ذلك». وذكرت اللائحة أن «المنظمة الإرهابية (الكيان الموازي) تقوم بجمع أموال من المواطنين في تركيا عبر خداعهم باسم الله والدين، ثم تتبرع بتلك الأموال لدعم الكنائس والانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة الأميركية». وأشارت اللائحة إلى «امتلاك المنظمة الإرهابية آلاف القضاة والمدعين العامين داخل السلك القضائي التركي، لاتخاذ قرارات مخالفة للقانون عند الحاجة، واستغلال السلطة العامة للدولة لتحقيق منافع شخصية، وعرقلة القرارات التي تستهدفها بشكل مباشر».
وحمّلت لائحة الاتهام، كل الحكومات السابقة، والمعارضة، والجماعات الدينية الأخرى، والمؤسسات العامة، ومنظمات المجتمع المدني، والجامعات، والجيش، وكل فئات المجتمع، «مسؤولية نمو منظمة فتح الله غولن، وتغلغلها في الدولة».
وجاء في اللائحة، أن «فتح الله غولن، وجماعته، قاموا بمحاولة انقلابية حقيقية، للسيطرة على الدولة التركية، بهدف إدارتها من خلف الستار، عبر استخدام السلاح».
وتضمنت اللائحة إشارة إلى أن إفادات الشهود أثبتت أن منظمة «فتح الله غولن - الكيان الموازي» لها صلات برؤساء اللوبي الأرميني، واليهودي، والمحفل الماسوني، وأن غولن تبادل الهدايا معهم. كما تضمنت اللائحة أن الكيان الموازي تنصت بشكل غير قانوني، من خلال عناصره المتغلغلين في السلك الأمني، على كبار المسؤولين الحكوميين، حيث استخدموا رمز «ديكان» لرئيس الجمهورية السابق عبد الله غل، ورمز «مكير» لوزير الداخلية الأسبق بشير أطلاي، ورمز «دورصون» لوزير الداخلية السابق إدريس نعيم شاهين، ورمز «أوزان» لرئيس الوزراء خلال تلك الفترة رجب طيب إردوغان. وأوضحت اللائحة أن «هيكلية جماعة غولن في تركيا، هي نموذج جديد للوصاية، تفرضها على الشعب والدولة عبر كيان موازٍ»، مشيرة إلى أن «المنظمة فعلت كل الإجراءات غير القانونية من خلال امتدادها في الشرطة، والقضاء، وضمن المدعين العامين في المحاكم الخاصة». وذكرت أن فتح الله غولن بات يدير بشكل فعلي تنظيم الكيان الموازي، الذي أصبح لجماعته سيادة خاصة دون شروط في الكيان الذي تم تنظيمه بشكل أفقي داخل الدولة، وأن منظمة غولن لم تترك منظمات المجتمع المدني، بل حولتها إلى مؤسسات مرتبطة بها لخدمتها، حيث تمكنوا عبر تغلغلهم في صفوف السلك القضائي، والجيش، والأمن، والوزارات، من أن يجعلوا سلطة إنفاذ القانون تحت إشراف المنظمة. وأضافت أن فتح الله غولن أسّس علاقة صداقة مع رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية الأسبق مورتون أبراموفيتش، وأجرى لقاءات معه ما بين عامي 1983 و1990، ورئيس رابطة مكافحة التشهير اليهودية أبراهام فوكسمان، وأجرى لقاءات أيضًا مع بابا الكنيسة الكاثوليكية يوحنا بولس الثاني. وكشفت لائحة الادعاء أن «غولن وجماعته يتحكمون بثروة في تركيا والعالم تُقدر بـ150 مليار دولار، حيث تضم تلك الثروة بنوكًا، وجامعات، ومدارس، ودور سكن للطلبة، ومعاهد للدروس الخاصة، ومؤسسات إعلامية، ومطابع، ودور نشر، وشركات شحن، وشركات أخرى».
وأصدر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أول من أمس مرسومًا في ظل حالة الطوارئ التي بدأ سريانها في تركيا منذ صباح يوم الخميس الماضي، والتي تخوله ورئيس الحكومة إصدار قرارات دون الرجوع للبرلمان.
وتضمن المرسوم أمرًا بإغلاق أكثر من ألف مدرسة خاصة تابعة لحركة الخدمة التي تسمى حاليًا «منظمة فتح الله غولن الإرهابية» أو الكيان الموازي.
كما تضمن المرسوم تمديد الفترة المسموح بها لاحتجاز المشتبه بهم من دون اتهامات.
وقالت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية إن أول مرسوم يوقعه إردوغان يأمر بإغلاق 1043 مدرسة خاصة و1229 جمعية ومؤسسة خيرية و19 نقابة عمالية و15 جامعة و35 مؤسسة طبية، يشتبه في أن لها علاقة بالداعية التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، الذي يتهمه الرئيس التركي بتدبير الانقلاب الفاشل ضده في 15 يوليو (تموز) الحالي.
في السياق نفسه، عثرت الشرطة التركية، على أوراق نقدية من فئة 1 دولار، تُليت عليها أدعية، ووزعت على عدد من المتهمين بالتورط في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في تركيا. كما أعلن عن العثور على بعض الملابس العسكرية في إحدى المدارس التابعة لحركة الخدمة في أنقرة.
وذكرت مصادر أمنية لوكالة الأناضول، فضلت عدم كشف هويتها، أنَّها لاحظت وجود عملات نقدية من فئة دولار ذات أرقام تسلسلية قريبة من بعضها بعضًا، بحوزة بعض المتهمين، موضحة أن «الدولار يستخدم بين الانقلابيين كشفرة».
وأشارت المصادر، إلى وجود ادعاءات، تبين أن، زعيم منظمة الكيان الموازي، فتح الله غولن، أرسل هذه الدولارات إلى أتباعه بعد تلاوة أدعية عليها، من أجل «التوفيق والسداد» في المخطط الانقلابي الفاشل.
في الوقت نفسه، قال السفير التركي لدى الولايات المتحدة سردار كليج إن بلاده قدمت لواشنطن، بشكل رسمي، جميع الوثائق اللازمة، لإعادة فتح الله غولن، زعيم منظمة الكيان الموازي إلى البلاد.
وأضاف السفير التركي أن وزيري العدل التركي والأميركي يعملان معًا في هذا الإطار، قائلاً إن الأدلة الكاملة تشير إلى ضلوع الكيان الموازي في محاولة الانقلاب الفاشلة، فضلاً عن اعترافات الانقلابيين بذلك. وأكد أن المتهمين سيحاكمون وفق النظام القانوني التركي بشكل عادل، نافيًا نية الحكومة التركية القيام بتصفية حسابات في هذا الصدد. ودعا كليج، الإعلام الأميركي، إلى عدم تصديق أي ادعاءات مغايرة لحقائق الأمور فيما يخص ما يجري في تركيا، والوقوف إلى جانب الشعب التركي، وديمقراطيته.
كان المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست قال الثلاثاء الماضي إن «الإدارة الأميركية تلقت طلبًا تركيًا رسميًا لتسليم غولن بموجب اتفاقية تبادل المطلوبين بين البلدين الموقعة قبل 30 عامًا. ومن المتوقع أن يتوجه وزيرا العدل والداخلية التركيان بكير بوزداغ وأفكان آلا إلى واشنطن خلال أيام قليلة لبحث ملف تسليم غولن بعد أن سلمت أنقرة للسلطات الأميركية 4 ملفات تحوي أدلة إدانة له، كما تعد لإرسال ملف خامس».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.