«الجيش الحر»: شبهات حول خطط لتغيير ديموغرافي يستهدف العرب السنة

اتهم «قوات سوريا الديمقراطية» بتهجير السكان من الشرق

صيدلي يقوم بمهمة صرف الادوية لمراجعي العيادات التخصصية السعودية في مخيم الزعتري (واس)
صيدلي يقوم بمهمة صرف الادوية لمراجعي العيادات التخصصية السعودية في مخيم الزعتري (واس)
TT

«الجيش الحر»: شبهات حول خطط لتغيير ديموغرافي يستهدف العرب السنة

صيدلي يقوم بمهمة صرف الادوية لمراجعي العيادات التخصصية السعودية في مخيم الزعتري (واس)
صيدلي يقوم بمهمة صرف الادوية لمراجعي العيادات التخصصية السعودية في مخيم الزعتري (واس)

تخطى «الجيش السوري الحر» تحذيراته مما سماها عمليات «التغيير الديموغرافي» في عدة مناطق بسوريا، مع تأكيد قياديين فيه أن «شبهات قوية على هذه العمليات تجري في شرق سوريا وفي حلب وحمص وريف دمشق»، قائلا إن المسؤولين عن تلك العمليات «تتصدرهم (قوات سوريا الديمقراطية) بحلب والرقة، ويليها إيران وما يسمى (حزب الله) اللبناني في القصير والزبداني، فيما يعمل النظام على محاولات التغيير الديموغرافي في حمص».
وتصاعدت المخاوف من عمليات التغيير الديموغرافي، مع حدثين وقعا خلال الأسبوع الماضي في ريف حمص الغربي ومدينة منبج، بعد تحذيرات سابقة من محاولات إفراغ مدينة الزبداني في ريف دمشق من سكانها. وذكرت تلك المحاولات «بما قام به الإيرانيون في ريف دمشق، و(حزب الله) في مدينة القصير» بريف حمص الشمالي.
فقد أبدت فصائل الجيش السوري الحر تخوفها من أن تكون «المجازر المروعة التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها طائرات التحالف الدولي بحق المدنيين العزل في مدينة منبج وريفها بريف حلب الشرقي»، تشير إلى «وجود خطة مبيتة لتغيير التركيبة الديموغرافية السكانية، تمهيدا لتقسيم سوريا ومساعدة قوات (قسد) (قوات سوريا الديمقراطية) في مشروعها الانفصالي، الذي يعتبر من أهم الخطوط الحمراء للثورة السورية»، بحسب ما جاء بيان أصدرته الفصائل الأربعاء الماضي.
إعلان المخاوف الأخيرة لا يبدو إلا استمرارا لتحذيرات سابقة من تغيير ديموغرافي، وقال المستشار القانوني لـ«الجيش السوري الحر» أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» إن المخاوف «مبنية على وقائع وشبهات قوية»، موضحا: «قبل أشهر، كانت هناك معارك في حي الشيخ مقصود (الذي تسكنه أغلبية كردية) في حلب، فقمنا بمبادرة لفتح معابر إنسانية لإخلاء المدنيين من المنطقة، غير أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة، رفضتا المبادرة، معربتين عن مخاوفهما من تغيير ديموغرافي». وأضاف: «في المقابل، حين أطبق النظام سيطرته على المعابر المؤدية إلى حلب، الأسبوع الماضي، طرحت الأمم المتحدة مبادرة لإخلاء السكان المدنيين من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة»، معتبرا أن هناك «دعما لفكرة التغيير الديموغرافي عندما يتعلق الأمر بالعرب السنة».
أبو زيد، أضاف: «هناك 15 ألف عربي نازح من تل رفعت والقرى المحيطة فيها بعد احتلال تل رفعت من قبل (قوات سوريا الديمقراطية) التي يطغى عليها مقاتلو (بي كي كي) بدعم من الطيران الروسي قبل أشهر»، مشيرا إلى أن «هناك دعما لتهجير العرب السنة، تحت غطاء شرعي دولي، وتساهل دولي، بينما المجتمع الدولي يبدي موقفا صارما حين يتعلق الأمر بغيرهم». وأضاف: «حين طرحنا مبادرة الشيخ مقصود، كان الهدف إنسانيا، ومع ذلك كانت لهجة الرفض الدولية صارمة، بينما حين أطبق الحصار على حلب، كان الحل بنظرهم إخلاء المدنيين، علما بأن إدخال المساعدات إلى أحياء حلب أسهل بكثير من مناطق أخرى، ويحظى بغطاء دولي بموجب القرار 2154».
ورأى أبو زيد أنه «حين نشاهد قصفا همجيا على منبج تصبح الشكوك القوية مشروعة»، لافتا إلى «أننا لم نرَ أي تصريحات عن تهجير عشرات آلاف العرب السنة الذين يبدو تهجيرهم غير ذي أهمية بالنسبة إلى المجتمع الدولي».
تقدر قوات المعارضة أعداد المهجرين من سكان شرق سوريا إثر تقدم «قوات سوريا الديمقراطية»، بنحو 100 ألف شخص، لكن حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» (بي واي دي) الذي يتمتع بنفوذ واسع في شرق سوريا، وتشكل قواته قسما كبيرا من «قوات سوريا الديمقراطية»، ينفي قيامه بتهجير السكان العرب من المنطقة. وقال مسؤول هيئة إعلام الحزب في الخارج إبراهيم إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الاتهامات «سياسية، وتهدف إلى ضرب الشعب السوري، ووقف عمليات تحرير سوريا من الإرهاب»، متهما الجيش السوري الحر بأنهم «أمراء حرب ينفذون الأجندة التركية، وبمجرد انتهاء الحرب تنتهي أدوارهم».
وقال إبراهيم: «ليس هناك أي تغيير ديموغرافي. لقد سمعنا تلك الاتهامات في ربيعة وتل أبيض وغيرها. وقد أثبتت التحقيقات والتقارير الأممية والحقوقية الدولية، أن تلك الاتهامات غير صحيحة»، مشيرا إلى أن «(قوات سوريا الديمقراطية) تحمي الآن أكثر من 50 ألف مدني». وأكد أن التقدم الذي تحرزه تلك القوات ضد «داعش» «ليس نصرا كرديا، بل انتصارا سوريا تقوم بها (قوات سوريا الديمقراطية)، والمقاتلون العرب يتضاعف عددهم في صفوفها». وقال إبراهيم: «ما يفكرون فيه غير موجود في معطياتنا وتجربتنا السياسية»، مشددا على أن «عملياتنا العسكرية ضد (داعش)، هي مشروع وطني، ونرفض تحميل الموضوع على محمل مذهبي أو طائفي».
اتهامات الفصائل العسكرية للأكراد في حلب، جاءت بعد يومين على إعلان المعارضة أن أهالي قريتي قزحل وأم القصب بريف حمص الغربي يعانون أوضاعا إنسانية صعبة بعد أن أجبرتهم القوات النظامية على مغادرتهما إلى بلدة الدار الكبيرة الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف حمص الشمالي.
وقال أبو زيد إن منطقة حمص «شهدت عمليات تهجير بدءا من القصير انتهاء بالقزحل»، مشيرا إلى أن «محافظة حمص تتضمن قرى متداخلة بين السنة والعلويين، وهو ما شجع النظام على التهجير فيها»، لافتا إلى أن التهجير «بدأ منذ ما يسمى (حزب الله) في الحرب السورية وتحديدا في القصير، وقد لاحظنا آنذاك خطة لتغيير ديموغرافي بدأت في القصير وامتدت إلى المزة في دمشق بمسعى من الإيرانيين». وقال: «النظام على الجانب الآخر يقود حملة تهجير لتأمين مناطق تحت سيطرته»، لافتا إلى أن «عمليات التهجير التي قادها النظام هي أصغر من تهجير القصير وتهجير الإيرانيين في دمشق والأكراد للسكان العرب السنة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.