مبعوث الأمم المتحدة: الحملات الانتخابية تعزز الانقسام في العراق

ملادينوف حذر من توجه الأحزاب إلى قواعدها الطائفية والعشائرية

نيكولاي ملادينوف
نيكولاي ملادينوف
TT

مبعوث الأمم المتحدة: الحملات الانتخابية تعزز الانقسام في العراق

نيكولاي ملادينوف
نيكولاي ملادينوف

حذر مبعوث الأمم المتحدة في العراق من أن الحملات الدعائية لانتخابات 30 أبريل (نيسان) الحالي تشكل عامل انقسام جديدا بسبب توجه الأحزاب إلى قواعدها الطائفية والعشائرية، بينما تعاني البلاد من أعمال عنف غير مسبوقة. من جهة أخرى، دعا نيكولاي ملادينوف القادة السياسيين إلى تمرير الموازنة السنوية التي تعطل إقرارها طويلا في غضون الأسبوعين المقبلين، منبها إلى أن تأخير إقرار القانون سيؤثر سلبا على الكثير من الأعمال والاستثمارات في البلاد.
وتزامنت تصريحات المسؤول الدولي لوكالة الصحافة الفرنسية مع انطلاق حملة الانتخابات التشريعية العراقية بصورة رسمية التي يخوضها رئيس الوزراء نوري المالكي للفوز بولاية ثالثة. وقال ملادينوف في مكتبه الواقع داخل المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مباني الحكومة وسفارتي الولايات المتحدة وبريطانيا وسط بغداد، إن «الحملات الدعائية ستكون عامل انقسام كبيرا». وأضاف أن «الجميع صعد في انتقاداته إلى درجة عالية (..) حتى قبل انطلاق الحملة الدعائية بصورة رسمية».
وأعرب ملادينوف الذي شغل منصبي وزير الخارجية والدفاع في بلغاريا في السابق، عن أمله أن «يكون التنافس حول قضايا عامة وكيفية التعامل مع التحديات، لكنها حتى اللحظة لا تتعدى الخصومات الشخصية». وأضاف أن «الجهود الرامية لتجاوز الانقسام الطائفي ضعيفة جدا». ورفض ملادينوف اتهام جهة محددة، لكنه اتهم «جميع الأحزاب السياسية باتباع النهج نفسه»، معبرا عن أسفه لعدم بذل جهود كافية للتقريب بين المجموعات المختلفة.
ودعا ملادينوف أعضاء البرلمان العراقي إلى أن يمرروا بسرعة الموازنة السنوية التي لا تزال عالقة في إدراج البرلمان إثر خلافات بين حكومة المركزية وإقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. ولا تزال حكومة الإقليم ترفض تسليم النفط المنتج من أراضيها إلى حكومة بغداد، في حين تطالب بحصة كاملة من الموازنة. وتتهم بغداد أربيل التي تنتج حاليا 400 ألف برميل يوميا بتهريب النفط وبيعه بسعر بخس عبر تركيا وإيران. وأعلنت حكومة أربيل من جهتها، موافقتها على تصدير 100 ألف برميل عبر أنابيب التصدير العراقية رغم عدم البدء بذلك. وقال ملادينوف بهذا الصدد «أعتقد أن فرصة مناقشة الموازنة تغلق خلال الأسبوعين المقبلين»، مشددا على أن «أي إطالة في إقرارها ينطوي على مخاطر تحويل مشروع القانون إلى مادة للتنافس الانتخابي، وهذا ما قد يعقد المحادثات». وأضاف: «ما نعمل عليها الآن بشكل مكثف للغاية هو إيجاد تسوية ممكنة تسمح بإقرار الموازنة في البرلمان قبل الانتخابات أو بعدها مباشرة». وتابع أنه «بقي أسبوعان تقريبا» لدى البرلمانيين لإقرار الموازنة وإلا فإنها يمكن أن تتحول إلى رهان انتخابي ما يزيد من تعقيد المفاوضات.
وردا على سؤال عن تأثير تأجيل الموازنة لفترة أطول أو احتمال عدم التوصل إلى اتفاق حيالها خلال هذا العام، قال ملادينوف: «إنه أمر سيئ لمناخ الأعمال بشكل لا يمكن التنبؤ به لأنه سيؤدي إلى توقف المشاريع».
ويع التوتر بين بغداد وأربيل أحد أبرز المخاطر التي تهدد استقرار البلاد على المدى الطويل.
وبالإضافة إلى القضايا المتعلقة بتصدير النفط، فإن أربيل تطالب بضم أراض شاسعة إلى إقليمها تمتد من الأراضي إلى الإيرانية إلى الحدود السورية، الأمر الذي تعارضه بغداد بشدة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.