«الأطلسي» يدرس خيارات عملية لطمأنة أعضائه المتوجسين من موسكو

«الناتو» قال إن روسيا قادرة على التوغل في أوكرانيا خلال ثلاثة أيام

راسموسن يرد على أسئلة الصحافيين في بروكسل أمس (رويترز)
راسموسن يرد على أسئلة الصحافيين في بروكسل أمس (رويترز)
TT

«الأطلسي» يدرس خيارات عملية لطمأنة أعضائه المتوجسين من موسكو

راسموسن يرد على أسئلة الصحافيين في بروكسل أمس (رويترز)
راسموسن يرد على أسئلة الصحافيين في بروكسل أمس (رويترز)

أعلن قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا أمس أنه جرى تكليفه من قبل اجتماع وزراء خارجية دول الحلف الذين اجتمعوا على مدى اليوميين الماضيين في بروكسل، بوضع سلسلة إجراءات لطمأنة دول الحلف الواقعة في شرق أوروبا والغاضبين من ضم روسيا لمنطقة القرم بحلول 15 أبريل (نيسان) الحالي. وأوضح الجنرال فيليب بريدلاف الجنرال بسلاح الجو الأميركي، في مقابلة مع وكالة «رويترز» وصحيفة «وول ستريت جورنال» أن الإجراءات المرتقب اتخاذها تشمل تعزيزات برية وجوية وبحرية. وبدوره، قال مسؤول عسكري إن الجنرال الأميركي يدرس خيارات من بينها إرسال سفينة حربية أميركية إلى البحر الأسود وتعزيز المناورات المقررة لحلف شمال الأطلسي ردا على ضم روسيا منطقة القرم إلى أراضيها. وقد يتوجه أيضا فريق صغير من نحو 10 جنود من لواء بالجيش إلى أوروبا «قريبا جدا» لتحسين الاستعداد لنشر قوة أكبر في فصل الصيف في إطار قوة للرد تابعة لحلف الأطلسي. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه «هذا الفريق القتالي من المقرر فعلا أن يكون جزءا من قوة حلف الأطلسي للرد التي ستذهب في فصل الصيف». وقال قائد قوات الأطلسي في أوروبا من ناحية أخرى أمس، إن لدى روسيا كل ما تحتاجه من قوات على الحدود الأوكرانية إذا اتخذت قرارا «بالتوغل» في البلاد وأن بإمكانها تحقيق هدفها خلال ما بين ثلاثة وخمسة أيام. وأضاف الجنرال بريدلاف أن الحلف رصد علامات على تحرك جزء صغير جدا من قوات روسية الليلة قبل الماضية لكن لا يوجد دليل على أنها كانت عائدة إلى ثكناتها ووصف الوضع على الحدود بأنه «مقلق بشكل لا يصدق».
وتزامنا مع هذا التطور، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فو راسموسن أمس إن مزيدا من التدخل الروسي في أوكرانيا بعد ضمها القرم سيكون «خطأ تاريخيا» من شأنه تعميق عزلة روسيا الدولية. وقال في مؤتمر صحافي عقب اجتماع وزراء خارجية الحلف «إذا تدخلت روسيا بصورة أكبر في أوكرانيا، فإنني لن أتردد في وصف ذلك بأنه خطأ تاريخي. سيؤدي ذلك إلى مزيد من العزلة الدولية لروسيا. وستكون لتلك الخطوة عواقب مؤثرة بالنسبة للعلاقات بين روسيا والعالم الغربي. وسيكون ذلك سوء تقدير له تداعيات استراتيجية».
وكان حلف شمال الأطلسي أعلن أول من أمس أنه سيوقف «كل التعاون المدني والعسكري» مع روسيا بسبب احتلال موسكو لمنطقة القرم الأوكرانية وضمها. ولم يحدد حلف الأطلسي البرامج التي يطالها حد التعاون مع روسيا لكنه تدارك أنه لن يتم المساس بتلك المتصلة بأفغانستان أو مكافحة تهريب المخدرات.
وردا على تلك الخطوة، عبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قلقه لوزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس. وقالت وزارة الخارجية الروسية بأن الوزيرين بحثا أيضا احتمالات التعاون الدولي في الأزمة بشأن أوكرانيا لكنها لم تذكر تفاصيل. ووصفت روسيا أمس قرار الحلف تعليق التعاون بأنه عودة إلى لغة الحرب الباردة مضيفة أن الجانبين لن يستفيدا من هذه الخطوة. وقال الكسندر لوكاشفيتش المتحدث باسم وزارة الخارجية في بيان «لغة البيانات تشبه التراشق اللفظي في حقبة الحرب الباردة». وأضاف أن في المرة الأخيرة التي اتخذ فيها الحلف هذا القرار بسبب حرب روسيا مع جورجيا التي استمرت خمسة أيام عام 2008 استأنف التعاون فيما بعد باختياره. ومضى يقول: «ليس صعبا تصور من سيكسب من تعليق التعاون بين روسيا وحلف شمال الأطلسي على صعيد مواجهة التهديدات الحديثة والتحديات للأمن الدولي والأوروبي خاصة في مجالات مثل مكافحة الإرهاب. في كل الأحوال فإن من المؤكد أنها لن تكون روسيا أو الدول أعضاء حلف شمال الأطلسي».
من جهتها، خطت الحكومة الأوكرانية أمس أولى خطواتها نحو منح المناطق صلاحيات أوسع لتحقق بذلك رغبة الدول الغربية، فيما تطالبها روسيا بنظام فيدرالي كامل. وأعلنت الحكومة الأوكرانية الجديدة والموالية للغرب أنها ستعمل على إلغاء النظام الحالي الذي يمنح الرئيس صلاحية تعيين المحافظين المحليين لتتحول نحو نظام انتخابي. ولم تشر الحكومة إلى منح المناطق حق وضع سياسات تجارية خاصة أو إقامة علاقات خاصة مع دول أجنبية. وقالت الحكومة في بيان على موقعها الإلكتروني بأن الهدف الأساسي من «اعتماد هذا المبدأ هو إلغاء المركزية في البلاد وتوسيع سلطة المجموعات المحلية بشكل ملحوظ».
وتعرضت الحكومة الانتقالية في كييف لضغوطات من موسكو لإجراء إصلاحات جذرية على الدستور بعد احتجاجات انتهت بالإطاحة بالنظام الموالي لروسيا في فبراير (شباط) الماضي. ويريد الكرملين أن تتحول أوكرانيا إلى دولة فيدرالية، على اعتبار أن ذلك من شأنه الحد من اعتداءات القوميين المتشددين ضد المواطنين الروس في أوكرانيا.
في المقابل تخشى الدول الغربية من أن تكون روسيا تستخدم حجة الفيدرالية لتقسيم أوكرانيا أكثر عبر منح الكرملين حق التدخل في سياسات كييف الداخلية. ودعا المسؤولون الأميركيون السلطات في كييف لاعتماد إصلاحات معينة للرد على حجج بوتين بضرورة إرسال قواته إلى المناطق الناطقة بالروسية في جنوب شرقي أوكرانيا.
وفي واشنطن تبنى الكونغرس مساء أول من أمس، خطة لمساعدة أوكرانيا تتضمن أيضا فرض عقوبات على موسكو. وهذه الخطة التي تلحظ ضمانات قروض حتى مليار دولار ستوفر لأوكرانيا «السبل الأساسية لإعادة الاستقرار الاقتصادي وعودة النمو والازدهار»، وفق ما أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما. وإضافة إلى تشديد العقوبات، تلحظ الرزمة 150 مليون دولار من أجل المساعدة في إرساء الديمقراطية وتعزيز التعاون.



زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
TT

زيلينسكي يرى أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بعد 11 يوماً فقط مع تنصيب ترمب

فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)
فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «مجموعة الاتصال» (أ.ب)

عدَّ الرئيس الأوكراني أنه من الواضح أن فصلاً جديداً يبدأ لأوروبا والعالم بأسره بعد 11 يوماً فقط من الآن، أي 20 يناير (كانون الثاني) الحالي يوم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، قائلاً: «هو الوقت الذي يتعين علينا فيه التعاون بشكل أكبر»، و«الاعتماد على بعضنا بعضاً بشكل أكبر، وتحقيق نتائج أعظم معاً... أرى هذا وقتاً للفرص».

الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك (أ.ب)

وقال فولوديمير زيلينسكي إن النشر المحتمل لقوات الدول الشريكة في أوكرانيا «هو من أفضل الأدوات» لإجبار روسيا على السلام، مطالباً في كلمة خلال اجتماع الخميس في ألمانيا لـ«مجموعة الاتصال» التي تضم أبرز حلفاء كييف في قاعدة رامشتاين العسكرية في ألمانيا: «دعونا نكن أكثر عملية في تحقيق ذلك».

وعدّ زيلينسكي أن انتشار قوات غربية في أوكرانيا سيساعد «في إرغام روسيا على السلام»، ورأى أيضاً أن أوروبا تدخل «فصلاً جديداً» من التعاون وستتاح لها «فرص جديدة» مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في وقت لاحق من هذا الشهر، في حين أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، حزمة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار خلال الاجتماع.

زيلينسكي مع وزير الدفاع الألماني (أ.ب)

ولم يحدد زيلينسكي ما إذا كان يتحدث عن إرسال الغرب قوات قتالية أو قوات حفظ سلام جزءاً من أي تسوية لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات.

ومنذ أسابيع، تكثر التكهنات حول شروط مفاوضات سلام في المستقبل، إذ إن دونالد ترمب وعد بوضع حد للحرب «في غضون 24 ساعة» من دون أن يحدد كيفية القيام بذلك. إلا أن الرئيس الأميركي المنتخب عاد وعدل من توقعاته لإنهاء الحرب قائلاً إنه يأمل أن يتم ذلك خلال ستة أشهر من تنصيبه رئيسا في 20 يناير الحالي.

وفي ظل هذه الأوضاع، تكبَّدت أوكرانيا ضربة جديدة، الاثنين، مع تصريحات صادرة عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا الأوكرانيين «إلى مناقشات واقعية حول المسائل المتعلقة بالأراضي» لإيجاد تسوية للنزاع، محذراً من عدم وجود «حل سريع وسهل». حتى بولندا الداعم الكبير لكييف، فتحت الباب على لسان وزير خارجيتها أمام احتمال حصول تنازلات عن أراضٍ «بمبادرة من أوكرانيا».

وتطالب موسكو أن تتخلى كييف عن أربع مناطق تسيطر عليها روسيا جزئياً. فضلاً عن القرم التي ضمتها في 2014، وأن تعزف عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وهي شروط يعدّها زيلينسكي غير مقبولة.

وما زالت تسيطر روسيا على نحو 20 في المائة من الأراضي الأوكرانية حتى الآن في حين سرعت تقدمها في شرقها في الأشهر الأخيرة.

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الخميس، حزمة مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا. وأوضح أوستن أن الحزمة تتضمن «صواريخ إضافية لسلاح الجو الأوكراني ومزيداً من الذخائر، وذخائر أرض - جو وعتاداً آخر لدعم طائرات (إف - 16) الأوكرانية». وشدد على أن «القتال في أوكرانيا يعنينا جميعاً».

فولوديمير زيلينسكي مع لويد أوستن (أ.ب)

في ظل إدارة جو بايدن، شكلت الولايات المتحدة الداعم الأكبر لكييف في تصديها للغزو الروسي موفرة مساعدة عسكرية تزيد قيمتها عن 65 مليار دولار منذ فبراير (شباط) 2022. وتلي واشنطن في هذا المجال، ألمانيا الداعم الثاني لكييف مع 28 مليار يورو. لكن ذلك، لم يكن كافياً لكي تحسم أوكرانيا الوضع الميداني بل هي تواجه صعوبة في صد الجيش الروسي الأكثر عدداً، لا سيما في الجزء الشرقي من البلاد.

وأكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الخميس، أن الاتحاد الأوروبي «مستعد» لقيادة جهود الدعم العسكري لأوكرانيا «في حال لا تريد الولايات المتحدة القيام بذلك». وشددت كالاس كذلك قبل اجتماع المجموعة على أنها «على ثقة» بأن واشنطن «ستواصل دعمها لأوكرانيا». وأضافت: «مهما كانت هوية رئيس الولايات المتحدة ليس من مصلحة أميركا أن تكون روسيا القوة العظمى الأكبر في العالم». وتابعت كالاس: «الاتحاد الأوروبي مستعد أيضاً لتولي هذه القيادة إذا لم تكن الولايات المتحدة مستعدة للقيام بذلك».

وفي حديثها للصحافيين، كما نقلت عنها وكالات عدّة، قالت إنه في هذه المرحلة «لا ينبغي لنا حقاً التكهن» بشأن الدعم الأميركي المستقبلي، لافتة إلى أن الولايات المتحدة لديها مصالح كبيرة في أوروبا. وأصرت كالاس: «أنا متأكدة من أنه (عندما) تتولى القيادة منصبها، فإنها تستطيع أيضاً رؤية الصورة الأكبر».

كما استغل زيلينسكي اللقاء «لحث» حلفاء أوكرانيا على مساعدة كييف في بناء «ترسانة من الطائرات المسيّرة» لاستخدامها ضد القوات الروسية على الخطوط الأمامية وخارجها. وشدد على أن «الطائرات المسيّرة هي أمر غير بالفعل طبيعة الحرب (...) المسيّرات تردع العدو، تبقيه على مسافة».

جاءت هذا التصريحات بعد إعلان الجيش الأوكراني الأربعاء أنه ضرب ليلاً مخزن وقود في روسيا يقع على بعد 500 كيلومتر من الحدود بين البلدين، قال إن سلاح الجو يستخدمه لقصف أوكرانيا.

كما وصف زيلينسكي هجوم قواته على منطقة كورسك الغربية في روسيا بأنه أحد «أكبر انتصارات أوكرانيا، ليس فقط في العام الماضي، لكن طوال الحرب».

وأعلنت موسكو نهاية الأسبوع أنها صدت هجوماً أوكرانياً جديداً في منطقة كورسك الروسية الحدودية، حيث تسيطر القوات الأوكرانية على مئات الكيلومترات المربّعة منذ الهجوم الذي شنّته في أغسطس (آب) 2024. ولم يعلق زيلينسكي على ذلك.

أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الخميس، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت 46 من أصل 70 طائرة مسيَّرة معادية أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية الليلة الماضية.

أعلن إيفان فيديروف، حاكم مدينة زابوريجيا الأوكرانية، الخميس، أن 113 شخصاً على الأقل أصيبوا في هجوم روسي بالقنابل الانزلاقية على المدينة الواقعة بجنوب أوكرانيا. وأضاف فيديروف عبر تطبيق «تلغرام» أن 59 شخصاً يعالَجون في المستشفى بعد الهجوم الذي وقع عصر الأربعاء، وخلف 13 قتيلاً.

وبحسب السلطات الأوكرانية، نفذ الهجوم باستخدام قنبلتين تزنان 500 كيلوغرام واستهدف موقعاً صناعياً. وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو دماراً عند مصنع «موتور سيش» لمحركات الطائرات الذي ينتج أيضا مسيَّرات للجيش الأوكراني.

وقالت السلطات إن أضراراً لحقت بأربعة مبانٍ إدارية ونحو 30 سيارة إلى جانب ترام. وتقع المدينة على مسافة 30 كيلومتراً فقط من خط الجبهة بين القوات الروسية والأوكرانية.

وتسقط المقاتلات الروسية القنابل الانزلاقية على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا على مسافة آمنة من الدفاعات الجوية الأوكرانية ثم يتم توجيهها لهدفها. والأهداف ليس لديها تقريباً أي دفاع ضدها.