مصر: مساعٍ لوقف تمدد فتنة طائفية في المنيا.. والسيسي يتعهد بتطبيق القانون على الجميع

البرلمان شكّل لجنة تقصي حقائق حول الاشتباكات بين مسلمين ومسيحيين

الرئيس المصري خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة المعاهد العسكرية
الرئيس المصري خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة المعاهد العسكرية
TT

مصر: مساعٍ لوقف تمدد فتنة طائفية في المنيا.. والسيسي يتعهد بتطبيق القانون على الجميع

الرئيس المصري خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة المعاهد العسكرية
الرئيس المصري خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة المعاهد العسكرية

حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من «محاولات الوقيعة بين المصريين»، ردا على الاشتباكات الطائفية التي شهدتها محافظة المنيا بصعيد مصر مؤخرا بين مسلمين ومسيحيين، مضيفا في كلمة له خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة وكليات المعاهد العسكرية أمس: «قادرون معا على تحقيق آمال وطموحات وطننا بأبنائه وعزيمة ووعي شعبه التام بمحاولات النيل من وحدته الوطنية، وما يتربص بمصر من مخاطر الإرهاب والتطرف».
وتسعى السلطات المصرية لوقف تمدد «الفتنة الطائفية» المتكررة في محافظة المنيا، عبر إجراءات «تقليدية» لم تنجح سابقا في القضاء عليها، ومنها تسيير قوافل دعوية، وعمل جلسات عرفية للصلح بين الطرفين، فضلا عن تشديدات الوجود الأمني. ومن جانبه، قرر مجلس النواب تسيير لجنة تقصي حقائق لإيجاد حلول نهائية لمحاولات إثارة الفتنة الطائفية.
ووفقا لتقديرات غير رسمية تتراوح نسبة المسيحيين في مصر من 10 إلى 15 في المائة من عدد السكان البالغ عددهم أكثر من 90 مليون نسمة. ودائما ما تسود المحبة بين المسلمين والمسيحيين؛ لكن تطرأ بين الحين والآخر خلافات بينهما، غالبا ما تكون بسبب «علاقات غرامية» بين فتاة مسيحية وشاب مسلم أو العكس، وتتسبب في إزهاق أرواح وحرق ممتلكات.
وتأتي المنيا في صدارة المحافظات التي تشهد أزمات طائفية. وعادة ما يتهم المسيحيون السلطات المصرية بعدم حسم أي نزاع طائفي بشكل قانوني، وأنها دائما تفضل الحلول العرفية في مثل تلك الحالات.
ووقعت مؤخرا أحداث عنف في المنيا بدأت بواقعة تجريد سيدة مسيحية مسنة من ملابسها والاعتداء عليها بالضرب وحرق منازل أقباط، مرورا بقضية كوم اللوفي بسمالوط، ثم أحداث قرية أبو يعقوب، وحتى مقتل نجل كاهن في قرية طهنا الجبل، نتيجة وقوع مشاجرة بين مسلمين ومسيحيين بسبب الأطفال.
وقال الرئيس السيسي أمس: «نحن 90 مليونا.. ولو كل يوم شاهدنا حادثة وتفاعلنا معها من دون موضوعية هذا لن يكون في مصلحة الوطن»، وتعهد الرئيس بمحاسبة من يخطئ وتطبيق القانون على الجميع، قائلا: «هناك دولة اسمها دولة القانون.. ومن يخطئ يحاسب من أول رئيس الدولة وحتى أصغر مواطن».
وخلال العامين الماضيين وقعت أحداث عنف بين مسيحيين ومسلمين في محافظات مصرية، لكنها ظلت خارج دائرة الضوء، مما جعل الرئيس السيسي يتدخل عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنيا، ويشدد على أجهزة الدولة باتخاذ ما يلزم من إجراءات لحفظ النظام العام وحماية الأرواح والممتلكات في إطار سيادة القانون، ومحاسبة المتسببين في كل الأحداث وإحالتهم إلى السلطات القضائية المختصة.
من جهته، قال البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، خلال عظته الأسبوعية مساء أول من أمس بالكنيسة المعلقة بضاحية مصر القديمة، إنه «يتابع أحداث المنيا شخصيا لحظة بلحظة مع المسؤولين في الحكومة المصرية، للوصول إلى كيفية إنفاذ القانون وتحقيقه».
لكن مراقبين قالوا إن «كثيرا من الأقباط ينتقدون السلطات الأمنية في البلاد، لعدم قيامها بواجباتها في أحداث المنيا، التي تشهد أعلى وتيرة لوقائع عنف على خلفية دينية، ولا تتدخل إلا عقب انتهاء الأحداث التي دائما ما توقع قتلى ومصابين».
وقالت مصادر في مجلس النواب إن «البرلمان قرر تشكيل لجنة لتقصى الحقائق حول الأحداث التي وقعت في المنيا»، مضيفة أن «هناك مطالبات كثيرة بسرعة مناقشة قوانين تتعلق بدور العبادة يناقشها البرلمان قد تخفف من حدة الأزمة بين المسلمين والمسيحيين، فضلا عن إيجاد حلول نهائية لمحاولات إثارة الفتن الطائفية التي تطل برأسها من وقت لآخر». وقالت النائبة مارجريت عازر، عضو مجلس النواب عن محافظة المنيا، إن «نواب المنيا سوف يزورون قرية طهنا التي شهدت آخر الأزمات، لمحاولة الصلح بين الجانبين والبحث عن حلول حتى لا تتفاقم الأزمات فيما بعد».
وسبق أن قال البابا تواضروس الثاني في حادثة تجريد السيدة المسنة من ملابسها: «وطن بلا كنائس.. خير من كنائس بلا وطن»، وهو الموقف الذي وجد صدى شعبيا لدى الأقباط أنفسهم.
بينما أكد عضو البرلمان محمد سعد، أن «الأحداث الطائفية التي انتشرت مؤخرا أصبحت مزعجة، وهناك من يستغلها لضرب الوحدة الوطنية والعبث باستقرار البلاد».
من جهتها، أدانت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس النواب الأحداث المؤسفة والأليمة التي شهدتها المنيا وآخرها قرية طهنا الجبل، قائلة أمس، إنها «تدين الأحداث التي وقعت بقرية طهنا الجبل من سلوكيات مرفوضة تنافى تعاليم الإسلام الحنيف ويدينها القانون، وهي أكبر تهديد لأمن واستقرار وسلامة البلاد». وناشدت اللجنة الدينية الجميع التماسك والترابط ووحدة الصف.
في السياق ذاته، يرى مراقبون أن «الحلول العرفية وجلسات الصلح لم تعد لها دور في حال المشكلات بين المسلمين والأقباط، لكونها تخرج بمجرد توصيات لا تنفذ على أرض الواقع».
وتؤكد قيادات في «بيت العائلة المصرية» تحدثت مع «الشرق الأوسط»، أن «أبناء مصر نسيج واحد، وأنه على طرفي أي مشاجرة تحكيم لغة العقل والاحتكام إلى القانون، وعدم منح فرصة لبعض النفوس المغرضة التي تحاول بث الفرقة وإشعال الفتنة الطائفية بين أبناء الوطن الواحد». وقالت القيادات إن «بيت العائلة يعرب دائما عن ثقته الكاملة بأن جميع الجهات المسؤولة سوف تقوم بإعمال شؤونها على الوجه الأكمل ومحاسبة المسؤولين».
و«بيت العائلة المصرية» هو هيئة وطنية مستقلة تعمل على نشر ثقافة التعايش السلمي والمحبة في المجتمع المصري، وتم تدشينه عقب حادث تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية مطلع عام 2011.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.