النظام يشعل جبهة ريف دمشق

المعارضة تمطر أحياءها بالـ«هاون»

صورة وزعت أمس لمقاتل سوري يلتقط صورة لرفيقه على ساحل السمرا في اللاذقية قرب بلدة كسب (رويترز)
صورة وزعت أمس لمقاتل سوري يلتقط صورة لرفيقه على ساحل السمرا في اللاذقية قرب بلدة كسب (رويترز)
TT

النظام يشعل جبهة ريف دمشق

صورة وزعت أمس لمقاتل سوري يلتقط صورة لرفيقه على ساحل السمرا في اللاذقية قرب بلدة كسب (رويترز)
صورة وزعت أمس لمقاتل سوري يلتقط صورة لرفيقه على ساحل السمرا في اللاذقية قرب بلدة كسب (رويترز)

أكدت مصادر المعارضة في العاصمة السورية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن المحاور الملاصقة للغوطة الشرقية الملاصقة لدمشق «شهدت تصعيدا غير مسبوق»، حيث «اشتعلت جبهات القتال في المنطقة الممتدة من محور جوبر إلى المليحة»، فيما انتقل القتال إلى ساحة العباسيين في العاصمة السورية، ما دفع بالمعارضة إلى الرد بإطلاق قذائف «المورتر» باتجاه أحياء في العاصمة، أسفرت عن مقتل ستة مدنيين وسقوط عشرات الجرحى.
وفي سياق معركة الساحل، أفاد ناشطون باندلاع اشتباكات بالرشاشات الثقيلة في صفوف ميليشيات «الشبيحة» وقوات النظام على جبهة النقارين في مدينة حلب، بعد رفض الشبيحة أوامر بالانتقال إلى جبهة الساحل وترك نقاطهم في النقارين.
وفي دمشق، تجدد قصف فصائل المعارضة لمواقع نفوذ النظام السوري، أمس، بقذائف الهاون التي سقطت في أحياء جرمانا والمزة 86 وأوتوستراد حرستا ومشفى الشرطة وبرزة بريف دمشق، إضافة إلى صالة الفيحاء الرياضية، كما أصيب 24 شخصا على الأقل بجروح.
وقال عضو مجلس الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الحكومية «أشعلت جبهات القتال في ريف دمشق الملاصقة لحدود العاصمة مع الغوطة الشرقية»، حيث «حاولت اقتحام أحياء جوبر في العاصمة، والمليحة وعين ترما في ريفها»، وهي المنطقة المحاذية للعاصمة السورية من جهة الشرق، في محاولة لتأمين شرق العاصمة، ووضع حد لقذائف الهاون التي تسقط في أحيائها. في موازاة ذلك، حاولت القوات النظامية اقتحام دوما في أقصى شمال الغوطة الشرقية، «لكن مقاتلي المعارضة صدوا الهجوم، ما أسفر عن سقوط ستة قتلى على الأقل».
وإثر التصعيد، قال الداراني إن منطقة العباسيين في العاصمة السورية «شهدت اشتباكات غير مسبوقة، هي الأعنف منذ أشهر، بدت امتدادا للقتال في حي جوبر الذي تحاول القوات النظامية السيطرة عليه منذ خمسة أيام»، وهو الحي الوحيد الذي تسيطر عليه المعارضة في العاصمة السورية، نظرا لتداخله مع مناطق في ريف دمشق، وأهمها زملكا وعين ترما وعربين.
وأكد الداراني أن الاشتباكات في العباسيين بدأت مساء أول من أمس، وهدأت عند منتصف الليل، قبل أن تتجدد صباح أمس، مشيرا إلى أن النظام «لم يعلن عنها خوفا من ردود فعل ضد السكان، علما بأن صدى الاشتباكات يتردد في أنحاء العاصمة السورية». ولفت إلى أن القتال «يأتي في سياق تصاعدي»، في حين «حقق مقاتلو المعارضة تقدما على محور العباسيين، ما دفع بالقوات النظامية إلى فتح نيرانه الثقيلة باتجاه مناطق واسعة في الغوطة الشرقية»، فيما رد مقاتلو المعارضة بإطلاق قذائف المورتر على أحياء سكنية في العاصمة السورية.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية «سانا» بمقتل ستة أشخاص وإصابة 24 آخرين بجروح، نتيجة سقوط قذائف هاون في عدة أحياء في دمشق. وقالت الوكالة: «لحقت أضرار مادية بالممتلكات جراء اعتداءات إرهابية على مدينة جرمانا ضاحية وأوتوستراد حرستا ومشفى الشرطة بريف دمشق». وذكر مصدر في قيادة الشرطة أن عشر قذائف سقطت على أحياء الحمصي والنسيم والتربة ودوار البلدية القديم وفي محيط مشفيي الراضي والجراحي وفي ساحة السيوف بجرمانا.
كذلك، سقطت قذيفة هاون في دوار ضاحية حرستا وأدت إلى إصابة ثلاثة مدنيين، في حين قتل مدني وأصيب أربعة آخرون جراء القصف بقذائف هاون على حيي المزة وبرزة. وذكر مصدر في قيادة شرطة دمشق لـ«سانا» أن قذيفة هاون «سقطت على منزل بحي المزة 86 أدت إلى استشهاد مواطن وإلحاق أضرار مادية بالمكان، فيما سقطت قذيفة أخرى بالقرب من المدرسة الفرنسية، كما سقطت ثلاث قذائف هاون على حي برزة».
وقتل شخص وأصيب اثنان آخران جراء سقوط قذيفتي هاون «أطلقهما إرهابيون على صالة الفيحاء الرياضية»، كما قالت «سانا»، مشيرة إلى مقتل شخصين وإصابة سبعة آخرين «جراء استهداف موكب تشييع في قرية داما غرب مدينة السويداء بعدة قذائف هاون»، وهي منطقة تسكنها غالبية درزية.
وبعد إطلاق قذائف الهاون التي يعتقد أنها أطلقت من أحياء قريبة من مواقع سقوطها، تسيطر عليها المعارضة، أفادت مصادر المعارضة في اتصال مع «الشرق الأوسط» بسقوط صاروخ أطلقته القوات النظامية في حي شعبي مكتظ في بلدة كفر بطنا، خلف جوبر، أسفر عن سقوط 15 قتيلا على الأقل، ونحو 50 جريحا من المدنيين. وأشارت إلى سقوط صاروخين مشابهين في بساتين بلدة زبدين المحاذية لبلدة جرمانا، كما سقط صاروخ في سقبا في ريف دمشق.
وعلى جبهة المليحة المحاذية لجرمانا، تبنى «فيلق الرحمن» التابع للجيش السوري الحر قتل 25 عنصرا من القوات النظامية والمقاتلين إلى جانبها في المليحة. وقال المتحدث باسم «فيلق الرحمن» أبو عدي لـ«الشرق الأوسط»، إن المليحة «تعرضت اليوم (أمس) إلى 15 غارة جوية، تزامنت مع هجوم على ثلاثة محاور بدأ في الثامنة صباحا، في محاولة لاقتحامها من ناحية جرمانا»، موضحا أن الهجوم «انطلق من حواجز (النسيم) و(النور) و(المدرسة الداخلية) التي تقع بالقرب من إدارة الدفاع الجوي في جرمانا». وقال إن المقاتلين المعارضين «استطاعوا صد الحملة الشرسة على المليحة، حيث تمكنا من قتل 25 عنصرا من القوات النظامية والميليشيات التي تقاتل إلى جانبها».
في غضون ذلك، أفادت تقارير بأن مقاتلي المعارضة «تمكنوا من أسر 11 عنصرا من مقاتلي حزب الله في عملية محكمة بينهم شخصية هامة». ونقلت مواقع إلكترونية عن عضو المجلس الأعلى للجيش السوري الحر رامي دالاتي قوله: «إن الجيش الحر أسر مقاتلي الحزب الـ11»، من غير أن يقدم أي تفاصيل إضافية، كما لم يوضح طبيعة العملية التي حدثت وفي أي منطقة من سوريا، وقال إنه سيجري عرض العناصر لاحقا على الإعلام.
وأكد تلك التقارير الملازم أول إبراهيم قنزوعة، أحد قادة كتائب أنصار الشام في بلدة كسب بريف اللاذقية، لـ«أورينت نيوز»، مشيرا إلى «نجاح الثوار في أسر 11 عنصرا من حزب الله اللبناني».
وتزامنت هذه الأنباء مع معلومات عن أسر 11 جنديا نظاميا في المليحة، وذكرت «أورينت نيوز» أن «الجيش الحر أسر 11 عنصرا للنظام ضمن الاشتباكات في البلدة»، رغم أن مصادر المعارضة في المليحة نفت لـ«الشرق الأوسط» امتلاكها أي معلومات عن عملية أسر في نطاق عملها.
إلى ذلك، تواصل التصعيد على جبهة ريف اللاذقية وسط معلومات عن أن القوات النظامية تدفع بالمزيد من التعزيزات إلى المنطقة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتنفيذ الطيران الحربي النظامي خمس غارات جوية على مناطق في جبل التركمان وسط اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات غير سورية و«المقاومة السورية لتحرير لواء إسكندرون» من جهة، ومقاتلين من جبهة النصرة وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى في منطقة كسب وقرية النبعين ومنطقة قسطل معاف ومحيط المرصد 45، وترافقت الاشتباكات مع قصف القوات النظامية مناطق على الشريط الحدودي مع تركيا، فيما دارت اشتباكات عنيفة في منطقة بيت خضور قرب خربة سولاس.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.