الحكومة المصرية تحاول وقف ارتفاع الأسعار الناتج عن خططها للإصلاح

أجلت تخفيض قيمة الجنيه.. وحجمت الضرائب الجديدة.. والتضخم فوق 14 %

90 % من السلع الغذائية والنقل وخدمات التعليم - باستثناء الدولية - معفاة من الضرائب (رويترز)
90 % من السلع الغذائية والنقل وخدمات التعليم - باستثناء الدولية - معفاة من الضرائب (رويترز)
TT

الحكومة المصرية تحاول وقف ارتفاع الأسعار الناتج عن خططها للإصلاح

90 % من السلع الغذائية والنقل وخدمات التعليم - باستثناء الدولية - معفاة من الضرائب (رويترز)
90 % من السلع الغذائية والنقل وخدمات التعليم - باستثناء الدولية - معفاة من الضرائب (رويترز)

لا تكاد تخلو الصحف اليومية الصادرة في القاهرة من أخبار وتقارير عن ارتفاع الأسعار الحالي والمرتقب، حيث تجاوزت معدلات التضخم السنوية حاجز الـ14 في المائة، في حين وجدت الحكومة المصرية نفسها بين ناري ارتفاع الأسعار، وضرورة الإسراع في قرارات الإصلاح الاقتصادي الصعبة.
وشدد رئيس الوزراء شريف إسماعيل على أن ضبط الأسواق وتوفير السلع الأساسية والحفاظ على الأسعار أهداف لا تحيد عنها الحكومة، نافيا ما تردد عن موجة غلاء قادمة، في تصريحات صحافية أول من أمس.
وتقترب الحكومة من تطبيق ضريبة القيمة المضافة، التي تم تعديلها أكثر من مرة من حيث سعر الضريبة والسلع والخدمات المعفاة منها.
ويشتكي مواطنون من ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ويشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارا على ضرورة توفير السلع للمواطنين بأسعار مناسبة في الأسواق ومنافذ البيع.
وقررت الحكومة تخفيض الأثر التضخمي لقانون القيمة المضافة، من 3.5 في المائة في مشروع القانون السابق إلى 1.3 في المائة فقط في مشروع القانون الجديد الذي يُعرض الآن على البرلمان المصري بغرض إقراره. وفسر أحمد كوجك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، في مؤتمر صحافي، أول من أمس، هذا الخفض المتوقع في الأثر التضخمي للضريبة بأنه ناتج عن تقليص نسبة الضريبة على بعض السلع والخدمات وإعفاء سلع أخرى في مشروع القانون الحالي مقارنة بالنسخة السابقة له.
وقال كوجك: «على سبيل المثال تم إعفاء القطاع الصحي بالكامل من الضريبة، على عكس النسخة السابقة من مشروع القانون».
وقال عمرو الجارحي، وزير المالية، إن 90 في المائة من السلع الغذائية والنقل وخدمات التعليم «باستثناء الدولية» معفاة، وأضاف أن أفقر 10٪ من المواطنين سيعانون من ارتفاع في الأسعار بنحو 0.5 في المائة فقط، لترتفع هذه النسبة إلى ما بين 1٪ إلى 1.25 في المائة لأفقر 40 في المائة، ويرتفع المعدل إلى 2.3 في المائة للشريحة الأغنى من السكان: «كلما تستهلك أكثر ستدفع ضريبة أكثر»، كما قال الجارحي.
وأشار الوزير إلى أن سعر ضريبة القيمة المضافة عالميا يتراوح بين 18 و20 في المائة، «نريد أن نكون قريبين من هذه المعدلات، لهذا اقترحنا 14 في المائة كمتوسط في مصر إلى جانب الإعفاءات التي تشمل مجموعة كبيرة من السلع، مقارنة بمتوسط معدل الضريبة في قانون ضريبة المبيعات البالغ 10 في المائة».
وقال عمرو المنير، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية: «لا بد من توضيح مقدار الزيادة على كل السلع، وما هي السلع المفترض زيادتها، حتى لا يستغل البعض الظروف، ولا بد أن تقوم الجهات الرقابية بدورها أيضا». ووفقا لوزير المالية، لم يتم تحديد الزيادة في الضريبة على السجائر والتبغ حتى الآن، «لسه بنتناقش مع الشركات، دورنا أن نوازن التأثير على كل أطراف المعادلة».
وأثارت مناقشة مشروع القانون الجديد للضرائب المخاوف من أثره على ميزانيات المواطنين المثقلة بالأعباء في ظل الأزمة التي يمر بها الاقتصاد، وأدرجت الحكومة هدف التحول من ضريبة المبيعات إلى ضريبة القيمة المضافة في الموازنتين السابقتين، 2014 - 2015 و2015 – 2016، إلا أن التطبيق كان يتم تأجيله، فيما يرجعه محللون إلى التخوف من الآثار الاجتماعية والسياسية المترتبة على ارتفاع مستويات الأسعار المتوقع بعد تطبيق تلك الضريبة.
وكانت الحكومة أعلنت بعد سنوات قليلة من التطبيق الكامل للضريبة على المبيعات في العام المالي 2001 – 2002، أنها بصدد دراسة تحويل هذه الضريبة إلى ضريبة على القيمة المضافة، وقد تجدد الحديث بعد فترة وجيزة من قيام ثورة يناير 2011 عن وجوب الانتقال إلى نظام الضريبة على القيمة المضافة باعتبارها باب مهم لزيادة الإيرادات العامة.
وتعتبر «القيمة المضافة» ضريبة غير المباشرة، لأنها لا تُجبى مباشرة من المستهلك، لكنها تُدفع مجزأة على مراحل، على عكس ضريبة المبيعات التي تحصل مرة واحدة كنسبة أو مبلغ مالي محدد محسوب على القيمة النهائية للمنتج.
وتُفرض ضريبة القيمة المضافة على السلعة في مختلف مراحل إنتاجها وتداولها خلال انتقالها من المنتج إلى المستهلك، ويدفع المكلف بها في كل مرحلة ضريبة على القيمة التي تضيفها تلك المرحلة للقيمة النهائية للسلعة أو الخدمة، وتنعكس الزيادة في النهاية على سعر بيع السلعة أو تأدية الخدمة للمستهلك النهائي، والذي يكون فعليا هو المتحمل لتلك الضريبة بشكل غير مباشر.
وتُفرض ضريبة القيمة المضافة على جميع السلع والخدمات، سواء كانت محلية الصنع أم مستوردة، ولا يعفى منها إلا ما استثنى بنص خاص في القانون، ويشمل مشروع القانون المحال إلى مجلس النواب لمناقشته إعفاءات لعدد كبير من السلع، كما هو الحال في قانون ضريبة المبيعات المطبق حاليا، مثل ألبان الأطفال ومنتجات صناعة الألبان، والخبز بجميع أنواعه، ومنتجات المطاحن، والحيوانات والطيور الحية أو المذبوحة الطازجة أو المبردة أو المجمدة، والأسماك، والمنتجات الزراعية التي تباع بحالتها الطبيعية.
ورغم اتجاه عدد كبير من بلاد العالم لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وضغط المؤسسات المالية الدولية على مصر للإسراع في تبنيها باعتبارها إحدى الأدوات التي توفر لها إيرادات تقلل من العجز المالي الذي تعانيه، فإن النقد الأساسي الذي يوجه للتوسع في هذه الضريبة، وفي الضرائب على الاستهلاك بشكل عام، هو أن عبئها يقع على الأقل دخلا.
وتقول ورقة بحثية صادرة عن معهد التخطيط القومي بعنوان «الانتقال من الضريبة العامة على المبيعات إلى الضريبة على القيمة المضافة في مصر»، إنه من المعروف أن ميل الفرد للاستهلاك يتجه للانخفاض مع ارتفاع مستوى دخله: «بمعنى أن الأقل دخلاً ينفقون على الاستهلاك نسبة أكبر من دخولهم بالقياس إلى الأعلى دخلاً»، لذلك يقع عبء ضريبة القيمة المضافة كنسبة من الدخل بدرجة أكبر على أصحاب الدخول المنخفضة.
بينما يُنظر إلى الضرائب على الدخل، وخاصة التصاعدية منها، على أنها أدوات لإعادة توزيع الدخل في المجتمع، وبالتالي فالتوسع فيها يحقق درجة أكبر من العدالة الاجتماعية.
من ناحية أخرى أبقى البنك المركزي على سعر الصرف الرسمي للدولار عند 8.78 جنيه، أول من أمس الثلاثاء، في ثاني عطاء لبيع العملة الصعبة للبنوك، بعد انتهاء إجازة عيد الفطر، وهذا رغم الضغوط الكبيرة الدافعة لتخفيض الجنيه، فمصر تعاني من نقص شديد في العملة الأجنبية، ووصل سعر الدولار في السوق الموازية إلى 11.65 جنيه.
وكانت توقعات تشير إلى خفض وشيك في قيمة الجنيه، بعد تصريحات أدلى بها محافظ البنك المركزي طارق عامر قبل نحو أسبوعين، تحمل إشارة إلى تبنيه سياسة صرف أكثر مرونة قد تنعكس في صورة خفض جديد لقيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة.
وخفض البنك المركزي الجنيه بنحو 14 في المائة في مارس (آذار) الماضي في محاولة للقضاء على السوق السوداء للدولار، التي ازدهرت ونمت وسط نقص شديد في العملة الأجنبية أضر بالأنشطة التجارية والاستثمار، ولكن هذا الخفض تسبب في نقص عدد كبير من السلع بالإضافة إلى موجة تضخم عالية.
وقال عامر، قبل أسبوعين، إن محاولات المركزي السابقة للحفاظ على قيمة الجنيه في مواجهة الدولار كانت خطأ كبيرا، «مصر حصلت على قروض ومساعدات وودائع بنحو 22.5 مليار دولار منذ ثورة يناير، أغلبها ضاع بسبب استهداف سعر الصرف».. وفقا لعامر.
واعتبر محافظ المركزي أن سياسة الحفاظ على قيمة الجنيه لا تعكس قوته الحقيقية في مواجهة الدولار، وتعتبر دعما لاستهلاك المواطنين للمنتجات المستوردة، وأنها «خطأ فادح».
وأضاف: «شخصيا لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة».
وكان محافظ البنك المركزي السابق، هشام رامز، قد بدأ في تطبيق سياسة للتخفيض المتدرج للجنيه مقابل الدولار، منذ نهاية 2012، وذلك بتحديد سعر العملة الأميركية من خلال طرحها في مزادات للبنوك، لكن السوق السوداء كانت ترفع سعر الدولار بأكثر من الزيادات التي كان يمررها المركزي للسوق الرسمي.
واعتبر عامر أن تحرير سعر الصرف له جوانب إيجابية على الاقتصاد، «حيث يرفع تنافسية المنتج المصري ويزيد قدرته على النفاذ للأسواق الخارجية، وبالتالي زيادة الصادرات وتقليل الاستيراد».
ورغم هذه القناعات فإن الجهاز المصرفي ما زال يؤخر رفع أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه حتى الآن، واستبدل ذلك بتقييد محدود لتداول الدولار، حيث خفضت عدة بنوك عاملة في مصر «مجددا» حدود سحب العملة الأجنبية، سواء نقدا أو على بطاقات الخصم والائتمان للمسافرين، مع تزايد أزمة نقص العملة الصعبة في البلاد.
وتعاني مصر نقصا حادا في مواردها من العملة الصعبة وسط تراجع إيرادات السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقال طارق عامر وقتها إن المركزي أصدر توجيهات للبنوك للانتباه لبعض التجار الذين أساءوا استخدام كروت الخصم المباشر في الخارج للمضاربة في العملة، وأضاف أنه «حدث تلاعب كبير من قبل بعض عملاء البنوك خلال الفترة الأخيرة، حيث استخدموا بطاقات (الدين) في الخارج للحصول على مبالغ كبيرة من الدولارات وصلت إلى عدة مليارات».
من ناحية أخرى تحاول وزارة التموين والتجارة الداخلية السيطرة على الأسعار عن طريق طرح الكثير من السلع «مُخفضة السعر» في منافذها المنتشرة على مستوى الجمهورية.
كما قامت الحكومة بتخفيض سعر توريد الغاز لبعض المصانع، للتأثير على الأسعار، وكانت النتيجة انخفاض الحد الأقصى لأسعار الحديد بمقدار 100 جنيه لخمس شركات في مطلع الشهر الحالي، فيما استمر ثبات أسعار باقي الشركات خلال شهر يوليو (تموز) الحالي، والحديد سلعة استراتيجية تحظى بوزن مهم في سلة استهلاك المصريين، الذين يعتمدون على العقارات كمخزن مهم للقيمة.
ورغم كل هذه الإجراءات فإن استمرار الأسعار في الارتفاع يبقى الاحتمال الأكبر في الحالة المصرية مع اضطرار الحكومة للاستمرار في خطط الإصلاح الاقتصادي.



«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
TT

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)
رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

علا التصفيق في قاعة الجلسة العامة لمؤتمر «كوب 29»، في باكو، بعد إعلان الاتفاق على تمويل عالمي جديد بقيمة 300 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول الأكثر فقراً على التعامل مع آثار تغيُّر المناخ، رغم انتقادات الدول النامية التي رأت أنه غير كافٍ. وأشاد الرئيس الأميركي جو بايدن بالاتفاق «التاريخي» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهِّداً بأن تواصل بلاده عملها، رغم موقف خلفه، دونالد ترمب، المشكك في تغيّر المناخ.

وعندما قرعت مطرقة رئيس مؤتمر المناخ، مختار باباييف، للاتفاق الجديد، امتلأت القاعة بالتصفيق. وقام بعض المندوبين بتحية الاتفاق وقوفاً في قاعة الجلسة العامة لمؤتمر «كوب 29».

رئيس مؤتمر «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية (أ.ب)

الاتفاق الذي جاء بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة يهدف إلى توفير قوة دافعة للجهود الدولية الرامية إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في عام من المتوقَّع أن يكون الأكثر حرارة على الإطلاق. ومن شأنه توفير 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035، مما يعزِّز التزام الدول الغنية السابق بتوفير 100 مليار دولار سنوياً لتمويل المناخ بحلول عام 2020. وسوف تذهب هذه المبالغ إلى البلدان النامية التي تحتاج إلى الأموال اللازمة للتكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري في المستقبل، ودفع ثمن الأضرار الناجمة عن الطقس المتطرف الناتج عن تغيُّر المناخ.

الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

ورغم أن هذا المبلغ لا يقترب من المبلغ الكامل الذي طالبت به البلدان النامية (1.3 تريليون دولار)، فإنه يعادل 3 أمثال قيمة صفقة قيمتها 100 مليار دولار سنوياً من عام 2009، التي شارفت على الانتهاء.

ودعا الاتفاق الدول غير المتقدِّمة إلى تقديم مساهمات مالية لكن على أساس «طوعي»، وفق النص.

كذلك، يتضمن الاتفاق أمراً جديداً؛ إذ أصبح يمكن الآن احتساب التمويل المناخي الذي تساهم فيه البلدان غير المتقدمة عبر بنوك التنمية متعددة الأطراف، ضمن هدف الـ300 مليار دولار، وهو أمر لقي ترحيباً من الأوروبيين.

ضوء أخضر لائتمانات الكربون

توصَّلت الدول إلى اتفاق نهائي بشأن القواعد العامة لإطلاق أسواق تجارة الكربون، وذلك بعد ما يقرب من عقد من الزمان على اقتراحها لأول مرة. وسيسمح الاتفاق للدول والشركات بتداول أرصدة خفض انبعاثات الكربون لتعويض آثار الكربون.

وقال كيفن كونراد، رئيس وفد مجموعة من البلدان ذات الغابات الكثيفة، بما في ذلك بوليفيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية: «يمكن للأسواق المنظمة بشكل صحيح أن تصبح قوة من أجل الخير، وتبدأ في عكس إخفاقات السوق التي تسبب الدمار البيئي والجوي».

وقد أثارت ولادة السوق هتافات وتصفيقاً حاراً من قِبَل مفاوضي الأمم المتحدة في الجلسة الأولى من الجلسة العامة الأخيرة.

وستتمكن الدول والشركات من تداول الأرصدة التي من المفترَض أن تمثل طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون الذي تم توفيره أو إزالته من الغلاف الجوي، وذلك بموجب آليات تخضع لرقابة فضفاضة من قبل الأمم المتحدة ومصمَّمة لتجنب الحساب المزدوج لخفض الانبعاثات.

وجعل البلد المضيف أذربيجان من مسألة تجارة انبعاثات الكربون أولوية؛ حيث ضغطت بنجاح في اليوم الأول من القمة التي استمرَّت أسبوعين من أجل أن تتبنى الدول عنصراً أولياً من عناصر السوق العالمية.

ويضع الاتفاق الأساس لقمة المناخ العام المقبل، التي ستُعقَد في غابات الأمازون المطيرة في البرازيل؛ حيث من المفترض أن ترسم البلدان خريطة العقد المقبل من العمل المناخي.

صفقة في الاتجاه الصحيح

وقال بعض الوفود إن هذه الصفقة تسير في الاتجاه الصحيح، مع الأمل في تدفق المزيد من الأموال في المستقبل.

وأشاد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، بالنتيجة باعتبارها بوليصة تأمين للإنسانية رغم المفاوضات الشاقة.

وقال: «كانت رحلة صعبة، لكننا توصلنا إلى اتفاق. وسوف يعمل هذا الاتفاق على استمرار نمو طفرة الطاقة النظيفة وحماية مليارات الأرواح. ولكن مثل أي بوليصة تأمين، فإنها لن تنجح إلا إذا تم دفع الأقساط بالكامل وفي الوقت المحدد».

الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل مصفقاً (أ.ب)

كما أشاد المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ، فوبكه هوكسترا، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح، وأنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من ناحيته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الاتفاق يشكل «أساساً» يمكن البناء عليه. وقال في بيان: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً من أجل التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء عليه».

ورحَّب وزير الطاقة البريطاني، إد ميليباند، بدوره في الاتفاق، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ»، وقال: «ليس هذا كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

أما وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية، أنييس بانييه روناشيه، فقد أعربت عن أسفها لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

«المجموعة العربية»

أما ممثل السعودية (متحدثاً نيابة عن المجموعة العربية) توفيق البراء، فقال: «ترى (المجموعة العربية) أننا بحاجة إلى مزيد من التأكيد على المبادئ الأساسية في جهود التخفيف، كجزء من عملنا في إطار اتفاقية باريس واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ».

أضاف: «تشمل هذه المبادئ المساواة والمسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، فضلاً عن الإصرار على أهمية أن تقود الدول النامية هذه الجهود على الصعيد العالمي». وتابع: «يتضمن هذا أيضاً الاعتراف بالمسارات المختلفة التي تعكس الظروف والقدرات المختلفة لكل دولة، فضلاً عن أهمية احترام سيادة كل دولة، وكذلك الطموح في المساهمات المحدَّدة على المستوى الوطني، التي تشكل المحور والعمود الفقري لـ(اتفاقية باريس)، لأنها تعكس طموحات وتطلعات وظروف كل دولة... نحن بحاجة إلى تمكين البلدان من تحديد مساراتها الخاصة».

وختم قائلاً: «يجب علينا أيضاً أن ندرك أن حلاً واحداً لا يمكن أن يحل جميع التحديات المختلفة التي نواجهها بشكل جماعي أثناء تقدمنا في رحلة التنمية الخاصة بنا».

بايدن: الاتفاق تاريخي

وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، اتفاق «كوب 29» بأنه «نتيجة تاريخية أخرى»، مضيفاً أنه لا يمكن لأي أحد عكس التحول الجاري إلى الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة. وقال، في بيان أصدره الأحد، إن الاتفاق يُعدّ «هدفاً طموحاً» في مجال تمويل المناخ. وأضاف أن هذا الاتفاق سيساعد في جمع مستويات مختلفة من التمويل، وخلق أسواق للسيارات الكهربائية الأميركية ومنتجات أخرى صديقة للمناخ. وفي إشارة غير مباشرة إلى الرئيس المنتخَب دونالد ترمب، الذي تعهَّد بزيادة التنقيب عن النفط بمجرد توليه المنصب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، قال بايدن: «بينما قد يسعى البعض إلى إنكار أو تأجيل ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم، فإنه لا أحد يمكنه عكسها - لا أحد».

الدول النامية تنتقد

في المقابل، أثار الاتفاق حالة من الإحباط لدى الدول النامية المستفيدة منه، ووصفته بأنه غير كافٍ على الإطلاق؛ فقد أعرب رئيس مفاوضي المجموعة الأفريقية، علي محمد، عن أسفه على الالتزام المالي «الضعيف جداً والمتأخر جداً» في هذا الاتفاق، وقال إن «الالتزام بحشد مزيد من التمويل بحلول عام 2035 ضعيف جداً ومتأخر جداً وغامض جداً لناحية تنفيذه».

وأضاف: «نغادر باكو، ونحن نعلم أننا أحرزنا تقدماً في بعض المجالات، ولكن ما حققناه بعيد عما كنا نأمله».

أحد الحضور يتفاعل خلال الجلسة العامة الختامية (أ.ب)

كما قال إيفانز نجيوا من ملاوي (الذي يرأس مجموعات البلدان الأقل نمواً) إن الاتفاق بشأن تمويل المناخ في باكو «ليس طموحاً بما فيه الكفاية». وأضاف في الجلسة العامة: «هذا الهدف ليس ما كنا نأمله بعد سنوات من المناقشات».

وقالت ممثلة الوفد الهندي شاندني راينا في الجلسة الختامية للقمة بعد دقائق من التوقيع على الاتفاق: «يؤسفني أن أقول إن هذه الوثيقة ليست أكثر من مجرد خداع بصري. وفي رأينا لن تعالج ضخامة التحدي الذي نواجهه جميعاً».

تشارك شاندني راينا من الهند في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (رويترز)

وكان من المقرَّر أن تنتهي مفاوضات «كوب 29» يوم الجمعة، لكنها استغرقت وقتاً إضافياً حيث كافح ممثلو ما يقرب من 200 دولة للتوصل إلى توافق في الآراء.

وانقطعت المحادثات، يوم السبت، حيث انسحبت بعض البلدان النامية والدول الجزرية في إحباط. وقالت تينا ستيغ، مبعوثة المناخ في جزر مارشال: «نغادر بجزء صغير من التمويل الذي تحتاج إليه البلدان المعرضة لتغير المناخ بشكل عاجل. إنه ليس كافياً على الإطلاق، لكنه بداية».